إلى متى الصمت على التبجح التركي؟

الثلاثاء ٢٥ أغسطس ٢٠٢٠

في عام 2014 كتب الزميل جاسر الجاسر في صحيفة الحياة عموداً يدعو فيه إلى حظر سفر مواطنيه السعوديين إلى تركيا، وكتبنا في الوقت نفسه مقالاً نطالب كل دول الخليج باتخاذ مثل هذه الخطوة طالما أن تركيا صارت معبراً لأبناء بعض الدول العربية ممن يريدون عبور الحدود التركية السورية إلى داخل سوريا للالتحاق بوحوش القرن 21 من تنظيمي داعش والنصرة، خصوصاً وأن تلك الحدود يمكن اجتيازها بسهولة عبر دفع الرشاوى بالدولار الأمريكي. غير أنه مذاك وإلى اليوم جرت مياه كثيرة تستدعي وقفة خليجية حازمة تجاه سياسات النظام القائم في أنقرة بقيادة حزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الإخوانية الفاقعة، وزعيمه الطامح لقيادة العالم الإسلامي وإعادة الخلافة العثمانية المنقرضة. فتركيا أردوغان لم تعد دولة صديقة ذات نوايا طيبة تجاهنا. بل العكس هو الصحيح، فنواياها الخبيثة ماثلة في تدخلاتها في الشأنين العراقي والسوري، وفي إرسال المرتزقة والأسلحة إلى ليبيا لزعزعة أمنها واستقرارها والاستيلاء على نفطها، وفي احتضانها للعناصر الهاربة من جماعة الإخوان الإرهابية. وفي خطابها التحريضي ضد مصر والذي بلغ مبلغاً هستيرياً تمثل في وصف أردوغان للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بـ«الطاغية» من فوق منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، ناهيك عن تحدي أنقرة لشرعية النظام المصري باحتضانها لاجتماع عقد في إسطنبول قبل سنوات وانبثق عنه ما يسمى بـ «المجلس الثوري المصري». وقبل كل هذا دعم…

اليابان تبتعد عن تركيا

الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٨

في الأخبار: إن اليابان تراجعت عن تنفيذ مشروع محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية لصالح تركيا، وذلك بسبب تضاعف كلفته جراء الانخفاض الحاد في سعر الليرة التركية، التي فقدت نحو 40% من قيمتها مقابل الدولار. والمعروف أن المشروع الذي كان مقرراً أن ينفذه كونسورتيوم بقيادة شركة ميتسوبيشي اليابانية للصناعات الثقيلة ارتفعت تكلفته إلى 44 مليار دولار، ما يصعب على المنفذ الرئيس (ميتسوبيشي) الاستمرار فيه. وعلى الرغم من حرص طوكيو على إظهار قدرة شركاتها العملاقة على التواجد في المشاريع الخارجية الكبرى فإنها لم تجد مفراً من الانسحاب للأسباب المذكورة، ولم تنجح مزاعم الرئيس التركي أردوغان حول متانة اقتصاد بلاده في ثني اليابانيين عن قرارهم. إذا ما أضفنا إلى هذا الخبر، تعثر وصول البلدين لاتفاقية حول التجارة الحرة ــ خصوصاً أن أنقرة يساورها قلق شديد من تأثير اتفاقية الشراكة الاقتصادية المبرمة بين اليابان والاتحاد الأوروبي التي من المفترض دخولها حيز التنفيذ في وقت مبكر من العام المقبل. علما بأن هذا الاتفاق سيسمح بدخول المنتوجات اليابانية إلى تركيا من دون رسوم من خلال دول الاتحاد الأوروبي، ما سيحرم أنقرة من ملايين الدولارات ــ لأمكننا القول إن علاقات البلدين تمر في مرحلة ضمور من بعد سنوات من النمو. ففي أوج الحرب العراقيةــ الإيرانية حينما كان صدام حسين يهدد بإسقاط أي طائرة حربية أو مدنية، كان…

بلفقيه.. أدار ظهره للعبث اليمني.. ورحل

الجمعة ٠٥ يناير ٢٠١٨

اخترق صوته القوي مسامعي لأول مرة وأنا في سن الثانية عشرة. وقتها كانت الاسطوانات البلاستيكية الرخيصة يونانية المنشأ انتشرت في الأسواق، وكان جار حضرمي لنا يديرها طوال ساعات النهار في مقهاه الشعبي، وهو يدندن بمتعة اغنية كانت صاخبة قد ظهرت للتو اسمها «شلنا يابو الجناحين طائر». ولما كنا وقتذاك واقعين تحت سطوة الأغاني المصرية العاطفية فقد استفزني صاحب المقهى الحضرمي بعمله فذهبت له شاكيًا من تلك الأغنية الغريبة ومطالبًا إياه استبدالها بإحدى اغاني عبدالحليم حافظ الذي كنا نعشقه بجنون. رفض الحضرمي، بطبيعة الحال، طلبي، بل ونهرني قائلاً: «إنت بعدك صغير، ولا تفهم في الفن الأصيل». مرت بعد ذلك سنوات لاحظنا خلالها انتشار تلك الأغنية عبر الأثير مع انتشار صورة صاحبها على واجهة محلات بيع الأسطوانات. وأثناء تلك الفترة أيضا زاد وعينا، وتطورت ذائقتنا الفنية، واكتشفنا أن للفن والموسيقى أبوابا أخرى غير الباب المصري لنطرقه ونتمتع بمخزونه. ثم جاءت سنة 1968 الذي حاز فيها صاحب تلك الأغنية الصاخبة على جائزة الاسطوانة الذهبية المقدمة من شركة إنتاج يونانية. أما المفارقة فقد كانت أقتسامه الجائزة مع مطربنا المحبوب حليم لبيعه أكثر من أربعة ملايين نسخة من إلبوم «متى أنا شوفك يا كامل وصوفك». وقتها فقط عرفنا أنه «مافيش حد أحسن من حد» وأن أبوبكر سالم بلفقيه في قامة حليم فنياً وإنْ جاء كل…

الشاعر المتمرد على الصمت المنافق

السبت ٠٤ نوفمبر ٢٠١٧

تلتقيه فتشعر بجاذبية نحوه.. تحاول أن تبقيه معك كي تستفيد من مخزونه الثقافي وتجاربه الغزيرة فيهرب منك دون أن تشعر.. يغيب عنك مددًا طويلة ثم تراه أمامك فجأة.. تسعى لمعرفة ما يدور في ذهنه من أحلام فلا يمنحك فرصة. رجل صريح كحد السيف، لذا وصفوه بالشاعر المتمرد على الصمت المنافق. إنسان ساحر في حديثه ونتاجه الفكري كسحر بلاده الطيبة. شاعر استثنائي من بلد فضل أن يكون استثنائيًا ضمن منظومته الإقليمية. شخصية عاشقة للترحال والاختلاط بالثقافات والشعوب لذا وصفوه بالشاعر الذي لا يستكين ولا يستقر. ذلك هو الشاعر والكاتب العماني المعروف «سيف بن ناصر بن عيسى الرحبي» الذي انطلق من مسقط رأسه في قرية «سرور» بولاية سمائل الداخلية، حيث أبصر النور سنة 1956، ليجوب العالم دارسًا تارة، وباحثًا عن عمل تارة أخرى، وموظفًا تارة ثالثة، وسائحًا تارة رابعة، وباحثًا عن الحب والجمال والفن تارة خامسة، وبوهيميا يعيش على هامش الحياة تارة سادسة. التقيته للمرة الأولى في بيروت السبعينات. كان اللقاء في مقهى «الويمبي» بشارع الحمرا الأثير، الذي اعتدت وزملاء الدراسة العمانيين أن نتناول فيه القهوة يوميًا. وكان الزمن وقتها هو زمن الانكسارات الذي يحاول التقاط أنفاسه من خلال التمنطق بشعارات اليسار القومي والماركسي وخطاب الكفاح المسلح وعبادة طواطم ورموز بعينها. وقتها كان الرحبي مثلنا ومثل الكثيرين من جيل السبعينات لجهة التماهي…

السويدي.. فارس الدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٢٩ سبتمبر ٢٠١٧

في مساء يوم 13 سبتمبر 2017 احتضت البحرين علمًا من أعلام دولة الامارات الشقيقة ورائدًا من رواد الفكر المستنير في الخليج العربي ووجها أعطى ولا زال يعطي دون كلل، على الرغم من الإرهاق والمسؤوليات وأحمال السنين وأحزان المشهد العربي المحبطة. في هذه المناسبة التي جمعت لفيفًا من الوزراء والدبلوماسيين والأكاديميين ورجال الصحافة والمال والأعمال، والتي خصصت لتدشين آخر مؤلفاته، كتاب «لا تستسلم، خلاصة تجاربي» كان لي شرف إلقاء كلمة موجزة عن حياة وفكر شخصيتنا لهذا الاسبوع وهو سعادة المفكر الدكتور جمال سند السويدي، فقلت ضمن أشياء أخرى: إن ما يدعونا للافتخار بالرجل ليس مؤهلاته العلمية والاكاديمية فقط، ولا المناصب الرسمية العديدة التي تقلدها منذ حصوله على درجة الماجستيرعام 1985 ثم درجة الدكتوراه عام 1990 من جامعة ويسكونسن الامريكية (وهي جامعة عريقة تأسست سنة 1848 وحصل 19 من خريجيها على جائزة نوبل)، وإنما أيضا عمله الدؤوب في إثراء المكتبة العربية والخليجية بالعديد من الأعمال من تلك التي سدت فراغًا ولبت حاجات الباحثين وأغنت الفضاء المعرفي في الخليج والوطن العربي. واستطردت قائلاً: «إن من يطالع مؤلفات الدكتور السويدي يجد فيها فكرًا مستنيرًا رصينًا ورؤية عقلانية، ونهجًا أكاديميًا سلسًا، معطوفًا على قدرة فائقة على استشراف المستقبل وتحليل الحاضر بمشرط الجراح الماهر الذي لا يترك خلفه شيئًا إلا وقد أعطاه نصيبه من الاهتمام الكافي…

موضي العبيدي.. خنساء الكويت

الجمعة ٢٨ يوليو ٢٠١٧

شهدت الكويت في القرن التاسع عشر الميلادي أولى شاعراتها، بل ربما أولى شاعرات الخليج على الإطلاق، وهي موضي بنت عبدالعزيز العبيدي، التي لقبت بـ «خنساء الكويت» بسبب مسحة الحزن والألم التي سيطرت على حياتها وجلّ قصائدها جراء فقدها اثنين من أبنائها كما سنفصل لاحقاً. غير أن الكثيرين داخل منطقة الخليج وخارجها لم يسمعوا بها، وإن سمعوا بها فإنهم لا يعرفون الكثير عنها؛ لأن سيرتها وإرثها الثقافي لم يوثق بصورة شاملة وصحيحة، ناهيك عن وجود تضارب في المعلومات المتوافرة حولها، هذا التضارب الذي يـُعزى بصفة رئيسة إلى لامبالاة الناس بالتدوين والتوثيق في الحقبة الزمنية التي عاشت فيها الشاعرة بسبب جهل وأمية السواد الأعظم منهم آنذاك. هناك الكثير من المعلومات الخاصة بشاعرتنا دونت بصيغة التقدير أو الترجيح. فعن تاريخ ميلادها مثلاً قيل أنه طالما قتل ولدها الأول محمد العويش في معركة الصريف التي وقعت في عام 1901، فإن عمرها كان وقتذاك أربعين سنة، وبالتالي فإن تاريخ ميلادها هو سنة 1860 أو قبلها أو بعدها بقليل، أي أنها ممن عشن في عهد الشيخ مبارك الكبير. وتكرر هذا في موضوع الاهتداء إلى والدها في ظل وجود أكثر من شاعر يحمل اسم عبدالعزيز ضمن عائلة آل عبيدي الكويتية الكبيرة، فقيل طالما أن عبدالعزيز بن محمد العبيدي عاش في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، فإن اسمه…

باعشن.. اسم تجاري عريق ارتبط بـ «الشاي»

الجمعة ٢٨ أبريل ٢٠١٧

ربما كان اسم هذه العائلة التجارية العريقة هو أكثر اسم يتردد على ألسنة الناس لارتباطه بالمشروب اليومي الأكثر شعبية في الخليج والجزيرة العربية، ألا وهو الشاي. غير أن الكثيرين، خارج الحجاز، قد لا يعرفون شيئا عن تاريخها وسيرة عميدها المؤسس وكفاحها الممتد عبر قرنين من الزمان. مثلما يجهلون أن الشاي من علامتي «الربيع» و«أبوجبل» مجرد سلعة واحدة ضمن عشرات السلع التي استحوذت العائلة على وكالاتها الحصرية في المملكة العربية السعودية مثل: «الجراك» المستخدم في الشيشة الحجازية، الكبريت ماركة الكورة، سمن عال العال ماركة البقرة، الصابون ماركة أبوعنزا، مكعبات السكر من ماركة النحلة، وغيرها. الحديث فيما يلي من أسطر هو عن سيرة الرجل العصامي «محمد صالح باعشن» عميد أسرة باعشن الكبيرة، وأحد كبار أعيان جدة وتجارها المرموقين منذ زمن الأتراك. جده هو عبدالله باعشن، الرجل الوقور صاحب العلم والمعرفة والدين، الذي هاجر، مثل غيره من أبناء حضرموت المعروفين بحب التنقل والترحال، من مسقط رأسه ومزارع والده في قرية رباط آل باعشن بوادي دوعن في حضرموت وهو في سن الـ10 متجها أولا إلى ميناء الليث ثم إلى ميناء جدة. في جدة استثمر الرجل ما وهبه الله من فطنة وحكمة ورجاحة عقل في العمل التجاري، مركزا جهوده على استيراد وبيع الحبوب والبهارات والمنسوجات القطنية، ثم ما لبث أن اتجه إلى القطاع العقاري فصار…

«سنغافورة السهول».. لماذا الإصلاح الآن؟

الثلاثاء ٢٨ مارس ٢٠١٧

يخلط الكثيرون من العوام ما بين جمهوريات آسيا الوسطى الاسلامية الخمس (أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان وقرقيزستان وكازاخستان)، بسبب تشابه أسمائها. لكن الحقيقة أن هذه الدول التي برزت ككيانات مستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي تختلف في درجات نموها وطبيعة أنظمتها السياسية الشمولية ومدى استقرارها ونوعية التحديات التي تواجهها. وتبدو جمهورية كازاخستان هي الأكبر مساحة والأكثر تميزا لجهة النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي. ولئن كان العامل الأول يُعزى إلى ثروات البلاد من النفط والغاز والمعادن والفحم معطوفا على ما ورثته من الاتحاد السوفيتي السابق في مجالات التصنيع والعلوم والكوادر الوطنية المدربة ونسبة المتعلمين (95% من السكان)، فإن العامل الثاني مرده القبضة الصارمة لنظام الرئيس «نور سلطان نزارباييف» الذي تولى الرئاسة في عام 1990 ثم أعيد انتخابه مذاك بأغلبية تجاوزت نسبة 90 بالمائة في جميع الانتخابات الرئاسية التالية. في الدوائر الغربية يوصف نزارباييف بالديكتاتور المتسلط الجامع لكل السلطات في يده، كما توصف أسرته وبطانته بالفاسدين، وينتقد نظامه لعدم شفافيته وقمعه للإعلام والاعلاميين. وإذا ما اعتمدنا هذه التوصيفات الغربية فهي تنطبق على كل زعماء وأنظمة جمهوريات آسيا الوسطى الأخرى، لكن ما يميز نزارباييف أنه سلك إلى حد ما مسلك المستبد العادل أو الديكتاتور الذي قد يقسو لكن بهدف حماية بلاده ومواطنيه من الفوضى والدمار، وقد يستفيد شخصيا من بعض ثروات البلاد، لكن يستثمر الكثير منها بالتزامن…

أول سعودية تحصل على الدكتوراه في الزمن الصعب

الجمعة ٠٣ مارس ٢٠١٧

كثر الحديث مؤخرا عن المرأة السعودية ودورها في التحولات التي تشهدها بلادها، معطوفا على الاستشهاد في وسائل الإعلام بنماذج نسائية شابة استطاعت أن تخترق كل الحواجز والمعوقات وتجد لنفسها موقعا تحت الشمس لخدمة بلدها في تخصصات ومراكز ومسئوليات متنوعة. ومما لاشك فيه أن مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي سوف تضيف إليهن أعدادا جديدة من الفتيات الموهوبات. لكن الجل الأعظم من هؤلاء الفتيات وجدن الدروب معبدة أمامهن، بمعنى أنهن لم يعشن الزمن الصعب حينما كانت المرأة كائنا مستضعفا مغيبا لا رأي ولا حضور لها، وكان تعليمها من ضمن المحظورات الاجتماعية، دعك من أن ابتعاثها إلى الخارج كان ضربا من الخيال. وبالرغم من تلك الظروف القاسية والعوائق الاجتماعية وما كان يطلق وقتها من فتاوى دينية تحرم تعليم المرأة بدعوى أنه سبيل لإفساد المجتمع وأن مجرد خروجها من منزلها فسوق وانحلال، أو بحجة أن مصير المرأة هو الزواج والانجاب وبالتالي الجلوس في دارها لخدمة بعلها وأبنائها، فإن عددا قليلا منهن تملكن شجاعة كسر الحواجز والخروج من الشرنقة بدعم ومساندة من أسرهن التي آمنت بمبدأ أن قيمة الإنسان وسر نجاحه في الحياة يكمن في كلمة واحدة هي «العلم». وهكذا فإن مجتمعات شرق وغرب السعودية، بفضل انفتاحها النسبي وتلاقحها ثقافيا مع مجتمعات الهند ومصر والعراق وايمان عائلاتها بحق الفتاة في التعليم، شهدت عملية…

بعد 3 سنوات في قيادة الهند.. ماذا حقق «مودي»؟

الأحد ٢٦ فبراير ٢٠١٧

في حملته الانتخابية للظفر بقيادة الهند في عام 2014 أطلق «ناريندرا مودي» الكثير من الوعود، وعلى رأسها تحقيق قفزة اقتصادية وتنموية مشابهة لما حققه في ولاية كوجرات التي ظل رئيسًا لوزرائها لسنوات طويلة متواصلة. وما إن حقق حزبه (بهاراتيا جاناتا) نصرًا عظيمًا لم يسبقه إليه أي حزب آخر في تاريخ الهند المستقلة، بما في ذلك حزب المؤتمر الذي قاد حركة الاستقلال ومنح الهند معظم قادتها، حتى شمر عن سواعده لتنفيذ أجندته، مستغلاً امتلاكه لأغلبية برلمانية كاسحة (350 مقعدًا من أصل 543). وقتها تخوف الكثيرون، وخصوصًا علمانيي الهند ومسلميها، من مجيء مودي المتهم بعدم حماية مسلمي غوجرات في اصطدامات شهدتها الولاية بينهم وبين الهندوس في عام 2002، إلى السلطة على رأس حزب قومي هندوسي متشدد، فقالوا إنها نهاية الهند ونهاية نظامها العلماني التعددي. غير أن «مودي» كان يحمل في جعبته الكثير من المفاجآت، وكان مصرًا على دخول التاريخ كواحد من قادة الهند العظام، وبالتالي لم يكن في وارد التساهل مع المتشددين والعنصريين الكثر في صفوف حزبه، فقال عباراته المشهورة: «العلمانية كلمة يعرفها الناس بطرق مختلفة، أما بالنسبة لي فتعريفها بسيط جدًا: الهند أولاً». وسرعان ما عرف العالم ان هذا الرجل، الذي بدأ حياته العملية بائعًا للشاي في كشك على رصيف محطة القطارات، يهوى اتخاذ القرارات المفاجئة والصادمة، ويعتبرها «ضربة معلم» حتى…

الاسم الأشهر في الحركة المسرحية الكويتية

الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٧

لم تعرف الحركة الفنية والمسرحية في دولة الكويت، بل وأيضًا في منطقة الخليج، فنانًا ومؤلفًا وأديبًا ومخرجًا مسرحيًا مثله، لجهة تعدد مواهبه، وعشقه لعمله وتفانيه فيه، وحرصه على اكتشاف أصحاب المواهب الفنية ودعمهم والأخذ بيدهم، ورقي تعامله مع زملائه. فقد حفر المبدع الكويتي المعروف صقر الرشود اسمه في سجل الخالدين كأحد رواد المسرح الذي يعتبر أبو الفنون وأولها منذ زمن الإغريق والرومان. كما أنه يعتبر الجنس الأدبي الأحدث نسبيًا مقارنة بالشعر في المجتمعات العربية. لم يكن «صقر سلمان صقر سلمان الرشود الفضلي» مجرد اسم ضمن الأسماء الكويتية الكثيرة التي عشقت التمثيل والتأليف المسرحي منذ ستينات القرن العشرين أي حينما حصلت الكويت على استقلالها وبدأت الدولة بتنظيم إداراتها وتقديم الدعم والتشجيع لأبنائها المبدعين، وإنما كان شخصية مثقفة ذات تجربة فريدة في التنقل من مكان آخر، وبالتالي الاختلاط بمجتمعات وبيئات وثقافات مختلفة داخل منطقة الخليج وخارجها. ولد صقر في 11 حزيران/ ‏‏يونيو سنة 1941 في منطقة شرق بالكويت ابنًا لأسرة من الرشود الفضول التي قدمت من الشمال في منتصف القرن التاسع عشر وسكنت فريج الزهاميل وتصاهرت مع العديد من الأسر الكويتية المعروفة مثل الغنيم والروضان والدرباس، علمًا بأن هذه الأسرة تنحدر من الزهاميل من آل غزي من بني لام. نقول هذا تمييزًا لأسرته عن أسرة عريقة أخرى سكنت فريج العوازم في الحي…

عاشق المستحيلات في قمة الحكومات بدبي

الأحد ١٩ فبراير ٢٠١٧

استضافت القمة العالمية للحكومات التي عقدت جلساتها ما بين 12 - 14 فبراير بحضور نحو 4000 شخص من 139 بلدًا، والتي كان لي شرف المشاركة فيها بدعوة كريمة من المجلس التنفيذي لحكومة دبي، المليادير الكندي /‏ الامريكي من أصول جنوب أفريقية «إيلون ماسك Elon Musk» الذي تطلق عليه ألقاب كثيرة مثل «عاشق المستحيلات» و«الرجل الحديدي» و«الطامح لتحسين الكون وحل مشاكل المجتمعات البشرية»، و«مجنون الاختراع والابتكار» و«المهووس بالفضاء وكائناتها». الكثيرون سمعوا باسم هذا العبقري، الذي يذكرنا بنوابغ الغرب القدامى الذين وقفوا وراء مخترعات أو نظريات ساهمت في إسعاد سكان كوكب الأرض من أمثال إينشتاين، وفورد والأخوين رايت، وأديسون، وماركوني، وكاريير، وغيرهم. لكن هناك من لم يسمع به ولا يعرف أنه مهندس ومخترع ورجل أعمال، درس الفيزياء والاقتصاد وإدارة الأعمال في كندا والولايات المتحدة، وكان على وشك مواصلة دراسته في جامعة ستانفورد الأمريكية العريقة لنيل درجة الدكتوراه لكنه آثر أن يحقق طموحاته من خلال العمل في حقل الانترنت وعوالم الفضاء الخارجي والطاقة المتجددة، ليصبح خلال سنوات قليلة بفضل طموحه وذكائه وعبقريته وعدم اعترافه بالمستحيلات مؤسسًا ومديرًا تنفيذيًا لعدد من الشركات المعروفة على مستوى العالم (مثل شركة «باي بالPAYPAL» التي أوجدت خدمات الدفع عبر الانترنت وخدمة التبادل النقدي، وشركة «سبيس إكس Space X» التي تقوم بتصنيع المركبات الفضائية وصواريخ الفضاء وتزويدها بأحدث المعدات…