عبدالرحمن اللاحم
عبدالرحمن اللاحم
كاتب سعودي

قطر تختار المجهول

الإثنين ٠٣ يوليو ٢٠١٧

دائماً مرضى العظمة الزائفة يعميهم جنونها عن قراءة اللحظة السياسية قراءة سليمة، فتأتي قراراتهم متأخرة جداً بعد أن تتهاوى عروشهم على رؤوسهم، فيأتي تفاعلهم بعد انتهاء اللعبة عندما تنقشع عن أعينهم غمة التكبر والتجبر، وللأسف العواصف لا تجرفهم وحدهم وإنما تجرف شعوبهم الذين لا حول لهم ولا قوة ولا يد لهم في شيء سوى أنهم ضحية لحاكم أهوج قرر أن يصارع الكبار فذهب مع الريح، ذلك ما حصل مع النظام القطري الغاشم المتكبر المتجبر كما صنع الطغاة من قبله، فصدام حسين أيام غزو الكويت أعماه الوهم بالعظمة فكانت بداية نهايته، وغيره الكثير من الطغاة الذين كانت نهايتهم مشابهة. النظام القطري أعلن رفضه للمطالب العربية الثلاثة عشر والتي منها التخلي عن دعم الإرهاب والإرهابيين والمنظمات الإرهابية في العالم وأن تنضم إلى الركب العالمي الذي تشكل لمواجهة الإرهاب، عجزت أن تتفهم أن العالم تغير ولم يعد العالم الذي تعرفه قبل قمم الرياض، وإنما عالمها القديم قد ولى حيث كانت تعبث بأمن الدول ومستقبل الشعوب بشاشاتها الفضائية ومرتزقتها القادمين من كل حدب وصوب، لم يبق من ذلك العالم سوى الخراب والجثث والدمار والتطرف والإرهاب، لم يستطع قادة الدوحة أن يستوعبوا التحالف الجديد بقيمه الجديدة الذي لا مكان فيه للمغامرات الطفولية، إلا أنها اختارت أن تكون منفردة في مكان قصي معزولة عن العالم واختارت…

نساء السادس من نوفمبر

الإثنين ٠٧ نوفمبر ٢٠١٦

وأنا أقرأ كتاب (السادس من نوفمبر.. المرأة وقيادة السيارة ١٩٩٠) للأستاذتين الجليلتين عائشة المانع وحصة آل الشيخ عاد بي الزمن إلى ربع قرن مضى وتحديدا إلى زاوية منعزلة من زوايا الجامع الكبير في بريدة حيث تحلقتُ مع مجموعة من أصدقائي الشباب، كانت أعمارنا في تلك الفترة لم تتجاوز التاسعة عشرة تنقص قليلا أو تزيد قليلا، وكنا قد ودعنا التعليم العام وبدأنا أولى خطواتنا في الجامعة التي كانت يومها تعج بالثورة المتلاطمة على أنغام قادة الصحوة الذين كانوا يتصدرون المشهد ويسرقون الأضواء بعد أن أعلنوا تمردهم بعد بداية حرب تحرير الكويت وما تبعه من أحداث سياسية في المنطقة. كنا ننتظر بداية محاضرة لأحد نجوم تلك الفترة وهو محاضر في كلية اللغة العربية اسمه سلمان بن فهد العودة وكانت بعنوان (عفوا.. لسنا أغبياء بدرجة كافية)، وجاءت تلك المحاضرة ضمن سلسلة كان يلقيها في الجامع ذاته بعد صلاة المغرب من كل يوم أحد، وفي انتظار المحاضرة كنا نقلب عدة منشورات كانت توزع بكثافة في مساجد بريدة وفي مدارسها وفي جامعة الإمام تحديدا في كلية الشريعة وأصول الدين، وكانت تلك المنشورات مليئة بالسباب والشتائم والقذف لمجموعة من السيدات قمن بقيادة سياراتهن في أحد أحياء الرياض وأنهن يردن (إسقاط) الحجاب وتغريب المجتمع وجملة من التهم التي صاغها مجاهيل لا أحد يعرفهم إلى اليوم، قاموا بإعداد…

الحق في الترفيه

الإثنين ٢٩ أغسطس ٢٠١٦

حظيت فقرة (مسابقة الرضاعة) المقدمة ضمن المهرجان الترفيهي الصيفي في عرعر بجدل كبير وأصبحت الفقرة نفسها مثار ضحك وسخرية على حال الترفيه في المملكة الذي انحدر إلى هذا الدرك السحيق من السخف والسطحية، حتى افتقدنا معنى الترفية والسعادة وأصبحنا بحاجة إلى إعادة تعريفها من جديد، وكل ما حدث ويحدث كان بسبب هوس (الحرام) ومحاولة البحث عن حلول شرعية على حد زعم منظري دعاة البؤس والكآبة الذين حاربوا أنشطة الترفيه المعروفة التي ترتقي بالذائقة الإنسانية مثل الحفلات الموسيقية والفنية والسينمائية، وكانت البدائل مجموعة من الأنشطة السطحية والتي جعلتنا محل تندر، وكأننا عاجزون عن تقديم مجالات الفنون الراقية أو أن المجتمع أصبح عقيما لا يلد مبدعين قادرين على خلق مناشط تليق بنا وتنتمي إلى هذا العصر. كل ذلك الفشل الذريع كان بسبب أن صناعة الترفيه والمشرفين على المهرجانات الترفيهية الصيفية قد أمسك بتلابيبها بعض المحافظين الذين يحشرون رؤيتهم الشخصية ويعجنونها في المنتجات الترفيهية، فهو لديه مشكلة دينية مع الموسيقى والغناء، وبالتالي فإنه يجب أن تستبعد من أي فقرة من فقرات مهرجاناتهم ويستبدلها بشيلات منزوعة الموسيقى مليئة بالآهات التي تشوّه الحس الإنساني وتؤذي الأذن وتنكس الفطرة البشرية السليمة ومع ذلك يصر ذلك المحافظ على فرض رأيه وإرغام خلق الله بسماع تلك الأشياء لأنه منح شيئا من السلطة فيريد أن يفرض ذائقته الفنية على…

السيد الولي

الجمعة ١٢ أغسطس ٢٠١٦

كثير من العادات الاجتماعية وعبر عقود من الزمن تحولت من عادة إلى جزء أصيل من الدين وبني عليها أحكام فقهية ثم أصبحت من قواعد الشريعة؛ قطعية الدلالة قطعية الثبوت لا يمكن مناقشتها بأي شكل من الأشكال كما أن الاقتراب منها ومحاولة المساس بها أو التساؤل حولها سيجعلك تستحق وشاح (المحارب للدين) و(عميل الغرب) من الدرجة الأولى ولعل أبرز تلك العادات التي تحولت بقدرة قادر إلى مسلمات ما يسمى بالولاية على المرأة والتي بني عليها مجموعة من الأحكام المدنية التي سلبت من المرأة قدرتها على التحرك كإنسان راشد مكلف عن أعماله فلا يجوز لها السفر إلا بإذن السيد الولي ولا تلتحق بوظيفة إلا بإمضاء السيد الولي حتى التعليم لا يمكن أن تلتحق بمقاعده إلا بعد أن يأذن ولي المرأة وإن كان مزاجه متعكرا في ذلك الوقت فستمضي حياتها في ظلمة الجهل لأن وليها أراد ذلك، حتى أعضاؤها وجسدها مرتبط بالولي فلا يمكن أن تتعالج إلا بعد بصمة يمهرها السيد الولي على نموذج العلاج أو إجراء العملية، مع أن فكرة ولاية الرجل على المرأة لم تكن مطبقة بهذه الحدة في المملكة قبل عدة عقود من الزمن فهي غريبة عن النظام القانوني للمملكة، إلا أنها مع الزمن ترسخت حتى غدت بهذا الشكل الذي نراه والذي تعاني منه الكثير من السيدات كل يوم واللاتي…

الابتعاث إلى «داعش»

الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠١٣

قد يكون برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي من أكثر البرامج التنموية التي واجهت ممانعة وهجوما منظما من قبل جماعات الرفض الإسلامية ورموزها في البلد، حيث أصبح هدفا لحراب الحركيين عبر فضائياتهم وبياناتهم وخطبهم، وقاتلوا من أجل إيقاف قاطرته، إلا أن محاولاتهم – وكالعادة- باءت بالفشل، إلا أنه وفي مقابل ذلك الرفض نجد أن تلك الجماعات ذاتها تدعم برنامجا موازيا للابتعاث، لكنه ابتعاث من نوع آخر، وهو برنامج الابتعاث إلى (داعش) وإلى (جبهة النصرة) في سوريا، وتحتسب في حض وتحريض الشباب عليه، وتمجيد المبتعثين إلى ذلك البرنامج ونصبهم رموزا تسوقها للشباب، لزيادة النافرين إلى بلاد الشام، في رسالة لا تخطئها العين، مفادها؛ أن ليس لدينا مشكلة مع فكرة الابتعاث إلى الخارج، وإنما مشكلتنا مع جهة الابتعاث ، والعلوم التي يدرسها المبتعث، وما عدا ذلك من فزاعة الاختلاط والتغريب ما هو إلا تفاصيل لا تغير من حقيقة الأمر شيئا. الفرق بين البرنامجين؛ أن برنامج الملك عبدالله يبتعث الشباب من الجنسين لدراسة العلوم والمعارف التي يحتاجها الوطن في بناء تنميته، ويبني عقولا متفتحة على هذا العالم، بينما برنامج الابتعاث إلى (داعش) يهدف إلى تعليم الشباب – النافرين بأمر الله- تكنيك التكفير، وقطع الرؤوس، والتمثيل بالجثث، بإشراف مباشر من أساطين القاعدة ومتطرفيها في سوريا، وبالتالي فإنه من المنطقي أن تكون مخرجات هذا…