علي أبوالريش
علي أبوالريش
روائي وشاعر وإعلامي إماراتي

شموس المثل

الجمعة ٠٥ أغسطس ٢٠١٦

بلغة تحلق مثل أجنحة الطير، تحدق مثل عيون الصقر، تهذب الكلمات مثل جديلة منسابة على خصر ومتن تشذب العبارة مثل موجة تهدهد أطراف السواحل، تسكب الجملة تلو الجملة مثل جدول يختال من بين أزهار وأشجار، هكذا يسبك الدكتور حماد الخاطري النعيمي لغته في شفافية مثل أهداب حسناء جبلية، مثل خيوط الشمس تفرز خد الأرض فترشف من معينها المعنى والمغزى. كتاب «شموس المثل في أشعار آل زعل» يرصد الكاتب والباحث نتاج إبداعي جميل شاع على الألسن واتسع في قلوب العشاق من دنفوا بالكلمة المبدعة، واستلبتهم العبارة الدالة، في هذا الكتاب يقف الدكتور حماد على شعر ثلاثة فرسان من فرسان الشعر في الظفرة، في بادية أبوظبي، وهم «سعيد وزعل وأحمد» أبناء سيف بن زعل آل سلطان الفلاحي، ويقول الباحث نزولاً عند رغبة العديد من محبي قصائد آل زعل الذين سبق أن نشرت أشعارهم في كتاب «أعذب الألفاظ من ذاكرة الحفاظ» في أن يكون لهم ديوان مستقل شرعت من جديد بالعمل في هذا الإصدار الخاص بالأخوة أبناء سيف بن زعل الفلاحي بشكل مختلف حيث عمدت إلى شرح مفردات الألفاظ والتعريف بهؤلاء الشعراء الذين كانوا نجوماً في الفضاء الشعري الإماراتي في هذا الجزء العزيز من أرض العرب. هذا الكتاب وعاء من ذهب المعرفة ومعطف من صدف شتاء، يدنو ما قد يغيب عن الذاكرة إن…

التربية الأخلاقية

الإثنين ٠١ أغسطس ٢٠١٦

نحتاج إلى الدين كحاجتنا إلى الماء والهواء، نحتاج إلى تراثنا كحاجة الطير إلى الجناح والتغريد، نحتاج إلى قيمنا النبيلة، كحاجة الأشجار إلى ضوء الشمس، نحتاج إلى المبادئ القويمة، لتقويم وتقييم مسار مراكب السفر باتجاه الآخر.. نحتاج إلى كل هذا لأننا أمة بنت خيالها على سقوف لا تخر وأفنية من فضاءات الله لا تنحسر.. نحتاج إلى التربية الأخلاقية، لأنها الكتاب المفتوح والمشروح والمنقوح، لأجل عالم لا تشوبه شائبة كره، ولا تخيبه خائبة حقد.. نحتاج إلى ذلك كله لأننا أمة من نسل صحراء متعافية من الضبابية، ومن غبار المراحل وسعار السواحل.. ويأتي توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بإطلاق مادة التربية الأخلاقية في وقته وزمنه، والعالم يفور بفقاعات النار والعار والانهيار، عالم أصبح على حافة الخوف والرعب من شبكات عدوانية بغيضة رضيضة، أبت إلا أن تكون عقبة كأداء في وجه النور لتنشر ظلاماً دامساً، عابساً، بائساً، يائساً.. وأطفالنا وشبابنا الذين يشاهدون يومياً كل هذا النزيف الدموي، في العالم، وكل هذه الألسنة المتصاعدة من النيران، يحتاجون إلى حرز يحصنهم من فيروسات الموت، يحتاجون إلى استنهاض روح قيمنا الإنسانية العالية وتثبيتها في الصحائف والكتب وجعلها أنشودة صباحية، يقرأ تفاصيلها أبناؤنا، ويرتلون عبرها نفائسها وجواهرها.. الإمارات تتكئ على جبال من القيم الإسلامية والإنسانية، يستطيع…

لن تهدأ إيران ولن تهتدي

الجمعة ٢٩ يوليو ٢٠١٦

قلنا: ربما تفهم إيران الرسالة، ربما يقنع زعماؤها أن العالم تغير، وأن التفكير بعقلية الماضي صار من الماضي، وأنه لو عادت عادٌ وثمود ستعود الإمبراطوريات المدفونة في ركام التاريخ. قلنا: ربما يحسن الإيرانيون التصرف ولو مرة واحدة في تاريخهم، ويقلعوا عن أساليب العصابات والقرصنة.. ولكن لا جدوى «فلكل امرئ من دهره ما تعود»، وهؤلاء تمرسوا على تصديق الأوهام التاريخية، والقفز على الحقائق بحبال من الهواء، وتميزوا بباطنية فجة، يقولون ما لا يفعلون، فمن يسمع تصريحات بعض المسؤولين لديهم يشعر أن العالم بخير، وأن إيران ليست إيران التي عرفناها وألفناها وقاسينا ما قاسينا من تدخلاتها في شؤون الغير وممارسة دور «شيخ الغفر». الآن دخول الزوارق الإيرانية في المنطقة المقسومة ما بين السعودية والكويت لا يفسر إلا شيئاً واحداً، ألا وهو أن هذه الدولة الشوفينية لن تكل ولن تمل عن بسط أجنحة الشر، ولن تكف عن إيذاء الآخرين وإقلاقهم.. وأعتقد أن الزوارق العسكرية الإيرانية لم تذهب إلى هذه المنطقة «المغمورة» للنزهة، أو ذهبت خطأ لصيد السمك، فلدى إيران بحار وأنهار تكفيها لو أنها تجشمت الحلم الجميل، ولكن على ما يبدو أن حلم «المرزبان» الذي احتلت اليمن خيله في عهد سيف بن ذي يزن لم يزل حياً يحك جلد القادة الإيرانيين، ويقض مضاجعهم، ويدفعهم دفعاً لأن يعيدوا الكرة والكرة مرات ومرات على أي…

حرفة الإرهاب وحرقة الصيف

الثلاثاء ٢٦ يوليو ٢٠١٦

عندما يقتل الإنسان نفسه بعد أن يقتل الآخرين، يجب أن نتوقف ونضع علامة استفهام بحجم الدماء الزكية التي سالت، وحجم الأرواح البريئة التي أزهقت.. فالقاتل في سن الثامنة عشرة من العمر، من أصل إيراني ويحمل الجنسية الألمانية، ومن فكيه العريضين وخديه الغليظين لا يظهر أنه كان يعاني جوعاً أو عطشاً، بل كان مترفاً، إذاً ما الذي دفعه لارتكاب مثل هذه الجريمة النكراء بوحشية، لا تمارسها الضواري.. أوروبا بلدان متفوقة في العلوم النفسية والاجتماعية، وفيها برز فرويد، وأدلر، ويونج عباقرة علم النفس، إذاً لابد وأن تطلق أوروبا بأكملها، حملة واسعة النطاق، لدراسة هذه الظاهرة العنيفة التي تعبر عن حقد وكراهية، ولكن لماذا؟ لا تدري، هذا ما ستكشفه الدراسة النفسية فيما لو تحمل بها.. ما خفف من قلقنا أن هذه المرة، لم ينعت المجرم بالعربي، بل هو إيراني، وهذا يجعلنا نصر أيضاً على أن الموقف الإرهابي أصبح ظاهرة واسعة الحدقة، مفتوحة الشهية، إلى أي شيء يؤدي إلى الموت، الموت فحسب.. وهناك سؤال يطرح نفسه حيال هذه النكبة العالمية، وهو أن القاتل لم يزل مراهقاً، صغير السن.. ونتحدث هنا عن السلاح، من أين جاء به وكيف احتفظ به، ومن رخصه له، وهل في ألمانيا السلاح متاح في كل مكان، بحيث لا مانع يمنع من اقتنائه؟. وإذا كان الأمر كذلك، فإن حشرة الإرهاب سوف…

يوم المرأة الإماراتية

الأحد ٢٤ يوليو ٢٠١٦

الاحتفال بيوم المرأة الإماراتية هو احتفال بالأم والأخت والزوجة، احتفال بالمرأة التي أنجبت وربّت ورعت وحمت وعنيت بالبواسل والفطاحل، والرجال الأفذاذ الجهابذة.. هذه المرأة التي تبوأت مسؤوليات، وتخلقت بالتزامات وطنية جعلتها الحصن الحصين والحضن الأمين، والغصن الرصين. المرأة الإماراتية في الحياة شجرة وارفة ثمراتها نجوم رصّعت سماء المجد باللألأة، وأغصانها خيوط حرير حاكت قماشة الأمنيات، ونسجت ثوب الآمال، ولونت معطف الطموحات، بلون البهاء والصفاء، والوفاء والانتماء والولاء لوطن وقيادة، وزخرفت قميص المبادئ بخطوط وخيوط الثوابت والضوابط، فأصبح الإنسان الإماراتي، الرجل الإماراتي، يخرج من كنف المرأة، إلى سقف الوطن، حاملاً رسالته، مؤمناً، محتسباً لله تعالى ووطنه، لا يزلّ ولا يكلّ ولا يخلّ ولا يضلّ، لأنه تشبع من حليب التعاليم السامية، ونظرات الود الشافية. هذه هي المرأة الإماراتية، هذه أيقونة وسيمفونية، هذه الساقية والنبع، وهي الحرف والنزف والعزف والكتف والغرف، هي الأقلام والصحف. هذه المرأة الإماراتية، في الزمان كتاب، وفي المكان عذوبة العطاء والخضاب، هذه المرأة الإماراتية جناح الطير، وعشب الخير، هي الفرض والنافلة، هي العِرض والنوايا المتأصلة، هي النقطة والفصلة، هي الجملة الاسمية والفعلية، هي القبيلة والقافلة، هي النهر والبحر، هي السحر والسهر، هي الفجر والبدر، هي الأصالة والقدر، هي الأوراق والجذر، هذه المرأة الإماراتية التي دعت أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة…

تداول مُسيء

الجمعة ٢٢ يوليو ٢٠١٦

لا أدري ما السعادة التي يحس بها أولئك الذين ينشرون مشاهد الحوادث المفزعة، وأي قلب هذا الذي يجد المتعة في مقاطع فيها من الدماء والأجساد الممزقة ما يقشعر له البدن؟! حقيقة هذه ظاهرة تستحق الدراسة والبحث، لأنه ما من إنسان طبيعي يمكن أن يفتح كاميرا هاتفه لأجل أن يصور منظراً ينزع الروح من البدن، ثم يبدأ في نشر هذا المنظر أو هذه الصورة ليطلعها على الناس أجمعين. سلوك سيئ يخبر عن شخص هو مشروع إنسان عدواني كاره، وقد خلف ضميره في البيت، وذهب إلى الشارع خالي الوفاض بلا وازع ولا منازع ولا دافع غير الرغبة في التسلي بمصائب الآخرين واللهو والعبث بمآسيهم.. سلوك يندى له الجبين ولا يمت بصلة إلى قيم وعادات وتقاليد ودين مجتمعنا الذي تربى أهله وناسه على الحب والتعاطف والتآلف، هذه خصال جديدة اقتحمت ديارنا، وشوهت ضمائر أجيالنا وجمدت مشاعر البعض منا حتى صاروا أخشاباً مسندة وضلوعاً تخفي بين نسيجها قلوباً من طين وأخرى من عجين، سلوك مخيف وسخيف عندما تجد شخصاً ما يشرح كيف استطاع اقتحام حرمة ميت، والتقط الصورة، وعلق عليها أيضاً معتبراً ذلك شيئاً من النجاح والتفوق والامتياز والسبق. ولو فكر هذا الشخص مرة واحدة بعقل وضمير وتخيل أن الحدث الذي التقط له الصورة يخصه هو أو أحد أقاربه، أمه أو أبوه، ماذا سيكون…

نحن في الفضاء

الخميس ٢١ يوليو ٢٠١٦

بداية الخطوات خطوة، وبداية الأفكار فكرة، وهكذا تنمو الأشجار من بذرة، وتتسع الأنهار من قطرة، والأشياء لا تلبس سندسها إلا من سحابات ممطرة، الإمارات عانقت الفضاء، وارتدت حلل الرخاء على أيدي أبنائها البررة النجباء فتجلت بلادنا في الحلم، واقعاً يخطو خطوات الليوث الأنقياء، وسارت قوافل الخير تبغي الفضاء، تبغي اكتشاف ما لم تصله عين. وعندما يعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن أن حجم قطاع الفضاء في الدولة يبلغ 20 مليار درهم، ويعمل عليه فريق نسبة التوطين فيه 100%، هذا يعني أن الهدف واضح والرؤية صريحة، والإرادة قوية، والتصميم راسخ، بأن الإنسان الإماراتي هو الساق والمساق، هو عين الرضى والأشواق، هو القصيدة العصماء، معلقة على جدار الآفاق، فلا نطاق ولا انعتاق من هذا الصرح المصرح به غريزة وهوية ومبادئ لا يمكن أن تكون إلا لأجل الإنسان ولأجل رقيه وتقدمه وتطوره وضوئه وعذوبة مائه وصفاء فضائه. حيث سموه يطلق أجنحة الطير كي يغرد ويسرد ويكد ويجد بلا حد أو سد، ويمضي بالقدرات إلى ما لا نهاية، ولا نهاية لطموحات الإمارات وأبنائها، لأنهم من الصحراء أخذوا الاتساع، ومن البحر نالوا حق المشاع ومن الجبال ارتقوا عوالم بلا ارتفاع ولا قاع هي اللانهائية في الجموح والطموح، هي اللا سقوف في…

شكراً للذي وهب

الجمعة ١٥ يوليو ٢٠١٦

الآن عندما تسير في الشارع أو المحال التجارية أو في أي مكان من الإمارات تشعر بالفخر وأنت ترى شباباً يرفلون بهامات الرجال وقامات الأبطال، يذكرونك بالأفذاذ السالفين الذين مضوا والذين مخروا عباب البحار وحفروا هضاب القفار باحثين عن لقمة العيش الشريفة، ونعمة الخير المنيفة.. الآن تجد شبابا من الإمارات أدوا الخدمة الوطنية يضربون الأرض بأقدام جسوره وينظرون إلى العلا بعيون فخورة يشع منها بريق الرجولة ويفاعة الرجال الجهابذة، لماذا؟ لأنهم تعلموا من العسكرية الضبط والربط والنظام واحترام القيم الإماراتية الأصيلة.. لأنهم تعلموا من العسكرية كيف يكون الإنسان إنساناً عندما يحافظ على أديم الأرض ويحفظ الود مع الشارع والناس في ملبسه ومشيته وسلوكه وحديثه مع الآخرين. نقول شكراً لمن وهب جيل شبابنا هذه النعمة، وشكراً له لأنه وضع حداً للامبالاة وقطع دابر الأفكار الهامشية، اليوم كل شبابنا الذين انخرطوا في مضمار الصدق والإخلاص يجدون أنفسهم أمام مسؤولية وطنية كبرى، وأمام التزام أخلاقي لا مناص منه، وأمام حقوق اجتماعية يجب مراعاتها والانتباه لها والاهتمام بها، لأنها واجبات يفرضها الواجب الوطني، وترسخها القيم الإماراتية، وتضع لبناتها الأساسية موائد الإرث العريق.. في الخدمة الوطنية تعلم الشباب كيف تكون الحياة، وكيف يطرح الإنسان نفسه أمام الآخرين من دون تزييف أو تحريف ومن دون مساحيق تجميل لا تزين وإنما تحيل الإنسان إلى مسخ. قانون الخدمة الوطنية…

منطق القوة

الخميس ١٤ يوليو ٢٠١٦

لا يبدو أن الحوثيين، يؤمنون بشيء اسمه السلام، ووئام الوطن، هؤلاء الذين جاؤوا من كهوف جبال الحقد والكراهية، هؤلاء الذين خرجوا من عباءة قم، ليضعوا اليمن في أحضان التعاسة، وسوق النخاسة، ويتاجروا بالأرض ومصير الناس، تحت ذرائع واهية، وحجج متداعية، ومبررات متعالية على الحقيقة، والحقيقة تقول إن الذين حاصروا، وشردوا، واستولوا بقوة السلام، على مفاصل الدولة وشرعيتها، لا يعرفون غير منطق القوة، لأن من يدفع هؤلاء إلى نيران المعارك، ما هو إلا أرنب جبان، اعتاد أن يجوب الخلجان عنوة، وخلف أستار الظلام، ليضرم الحريق، ويضرب طبول الوغى بغية إبقاء هذه الأمة تعيش أزماتها الداخلية ولا تلتفت إلى مستقبل ولا إلى مصير شعب، فاليوم أصبحت الشمس واضحة بعد أن انسحبت الغيوم إلى غير رجعة، وبعد أن كشف البحر عن مكنونه الخفي، فبات كل شيء يسفر عن عدوانية بغيضة لا تطفئها مشاورات ولا مداولات، ولا حوارات ولا اجتماعات، لأن الذي احتل العاصمة عصماء كان يريد الإقصاء، كان يريد الإلغاء، كان يريد رأس كل مواطن يمني، ليضعه حصى لقدور الهيمنة والسطو والسيطرة. فلا شرعية لشرعية مشبوهة، ومحاصصة مكروهة، وفرض الأمر الواقع لمسوغات مأسوفة.. اليمن لليمنيين، وليس إلى المقايضات، لإشباع غريزة الاستيلاء بالقوة، على حقوق الغير.. فلن يتجرأ الحوثيون لو لمسوا الحزم، من قوى دولية فاعلة، وكذلك من رأس الأمم المتحدة وإنما التجاهل، والتساهل،…

متى تنتشر الفوضى؟

السبت ٠٩ يوليو ٢٠١٦

متى تنتشر الفوضى وتنمو آفة الحقد وتكبر حدقة الكراهية؟ الإنسان بطبعه يسعى للتمحور حول الأنا الأعلى، بدءاً من المرحلة الطفولية؟ ويمثل الأب والأم الأنا الأعلى وانتهاء بالأشخاص الأكبر الذين ما إن يعوا الحياة، فيتبعون خطوات الشخصية الجامعة، والمؤلفة، والقادرة على جمع كريات الدم في الجسد الواحد.. وفي حالة المجتمعات، فإنه ما من مجتمع وعمت فيه الفوضى وكل أسباب الدمار والخراب، إلا ونجد الفراغ، وغياب المحور والجوهر، والإنسان الذي تدور حول فلكه الكواكب، ويعيش المجتمع أي مجتمع حياة الأمن والاستقرار والرخاء الاجتماعي والثراء الاقتصادي إلا عندما تتوفر لديه القيادة، التي تتمتع بعوامل الزعامة، والسير بأفراد المجتمع نحو شواطئ آمنة مطمئنة، تحقق الطموحات وتلبي التطلعات، وتنجز مشاريع الإنسان المستقبلية، وبدون تعثر أو تبعثر.. الإمارات اليوم أصبحت مركزاً اقتصادياً إقليمياً ودولياً، بفضل ما لديها من إمكانيات نجاح أي مشروع اقتصادي، وبحكم ما تتمتع به من مساحات واسعة من الحرية الاقتصادية وكذلك الاجتماعية، الأمر الذي يشجع كل من لديه رغبة في بسط نفوذ عطائه الاقتصادي على أرض بسطت يد الرحمة والمحبة والتسامح. الإمارات استقطبت العالم بالحب، وألفت بين أكثر من مائتي جنسية بوازع التسامح والتعاضد، هذه المبادئ السامية نمت وترعرعت وتفرعت وأينعت بفضل الانتماء، وبفضل السخاء العاطفي الذي ينثره أبناء الإمارات، بالتوازي والتساوي ما بين الحاكم والشعب. هذا النهر العظيم، هو الذي زرع الطريق…

المغالون مفتون فاشلون (2)

الجمعة ٠٨ يوليو ٢٠١٦

نقرأ الواقع الإنساني، ونشاهد هذا الانحراف في الزوايا الحادة، ونرى بعقولنا أن الدين الإسلامي الحنيف حرم من أداء وظيفته السامية على يد مغالين، متطرفين، طارفين، مرتجفين، حوّلوا مسار النهر الإسلامي إلى غابات موحشة واستطاعوا في غفلة من الزمن أن ينصبوا أنفسهم ولاة بعصي مكهربة، ونصبوا رموزاً لهم، باعتبارهم السقف الذي لا يرتقى، والسارية التي لا تطال، فصار اللغو وصار اللهو، وصار العبث في أعظم رسالة سماوية، نالتها البشرية، هؤلاء المغالون، إنما هم حالات عصابية ونرجسية فتاكة تسلقت وتسلكت وتوغلت في نسيج المجتمعات، وصبغت الدين الحنيف بصفة المداهنة والمراهنة والمداهمة والمفاقمة، ما جعل الفكر الإنساني يخوض معارك خاسرة وسط ساحات ملغمة بالفحشاء والمنكر لأن النرجسيين يريدون أن يلونوا الدين بلون وجدانهم الحالك، وأن يشكلوا القيم الإسلامية كما هي عقولهم المضطربة الخربة التي تعاني هوس الانقلاب على الحقائق.. فعندما يتخلى الإنسان عن عقله فإنه يركب زورقاً مثقوباً.. يغرَق ويُغرِق معه الآخرين، وتصبح الحياة مجرد سائل مائي بدرجة حرارة تفوق تحمل البشر.. فالعقل هو المقياس وهو المتراس. يقول ابن رشد «بالعقل نصل إلى العلم اليقين، وبالعلم نصل إلى طريق السعادة في هذه الحياة، وما غرض الحياة في هذه الدنيا سوى تغليب العقل على الحواس والأهواء والشهوات، ومتى استطاع الإنسان هذا الأمر الصعب، فقد أدرك السعادة أياً كان مذهبه ودينه»، ولكن المغالين ليسوا معنيين…

وماذا بعد؟

الأحد ٠٣ يوليو ٢٠١٦

لم نكد ننتهي من آثار جريمة حتى يفجر الإرهاب جريمة أخرى، ولكن في البحرين لم تعلن «داعش» كعادتها مسؤوليتها عن الجريمة، ولكن مهما حدث، فلن تقيد الجريمة ضد مجهول، لأن المجهول معلوم وواضح، وأن ما يتم التخطيط له ضد مملكة البحرين وشعبها الآمن، هو من فعل دولة، وتواطؤ من تشرنقوا في جوف طائفية بغيضة، والهدف هو إشاعة الذعر ونشر التوتر وبسط نفوذ الحقد والخوف في نفوس الناس، وللأسف الشديد أن أرباب التزمت والتعنت لم يستوعبوا درس من حولهم، ولم يستفيدوا من التجارب الفاشلة في أماكن كثيرة ومختلفة، ولا يزال هؤلاء يصرون عن نجاح مشاريعهم التفتيتية، ولا يزال هؤلاء يعتقدون أن بقتل الأبرياء يستطيعون أن يخضعوا الناس، وأن يقودوهم إلى حظائرهم المسيجة باللون الواحد، والمدهونة بمعجون سيء ورديء، لا يمكن أن تتقبله الأعين، ولا يمكن أن تتلاءم معه القلوب والعقول.. وعندما يشعر هؤلاء الطائفيون بهذا الانحطاط، فإنهم يمعنون أكثر في الحقد، ويتوغلون أكثر في تفريغ ما في جعبتهم، فينتمون أكثر للعنف، منسحبين تجاهه في غيظ وفيض.. وللأسف الشديد أنه وإلى حتى الآن، لم يولد عقل رشيد يكبح هذا الجموح المجنون، ولم يستطع الطائفيون أن يستخدموا العقل قبل اللجوء إلى أحزان التاريخ وبكائياته، لأنهم وللأسف ثبتوا على مرحلة من المراحل، بفعل التراكم، ولا تزال تتوالد أفكارهم من الوعاء الرث نفسه، وبالتالي ستظل…