علاء جراد
علاء جراد
الرئيس التنفيذي لمؤسسة المستثمرين في الموارد البشرية بالإمارات ورئيس المجلس الاستشاري لجامعة سالفورد البريطانية

معضلة الخبرة

الإثنين ٢٢ أكتوبر ٢٠١٨

يبذل الكثير من طلاب الجامعات مجهوداً حقيقياً في اكتساب العلم، والالتزام بحضور دروسهم، وتسليم المشروعات والأبحاث المكلفين بها في موعدها، بانتظار اليوم الموعود ليتخرّجوا في الجامعة، ويلتحقوا بوظيفة أحلامهم، أو يبدأوا مشروعاً خاصاً بهم، ولكن للأسف يصطدمون بالواقع، وهو غياب الخبرة، وهي متطلب أساسي للالتحاق بأية وظيفة، فقط القليل من الشركات - وأغلبها شركات عالمية - تقدم برامج لتعيين الخريجين، ولكن لا يسهل الالتحاق بتلك الشركات، خصوصاً إذا لم يكن الطالب من أبناء البلد الذي يدرس فيه، وقد تؤدي معضلة الخبرة إلى عزوف الطالب عن تخصصه، وقبول أي مهنة في أي مجال لمجرد أن يجد «لقمة العيش»، وهنا تكون البداية الهزيلة لحياة وظيفية كئيبة لا يتمتع فيها الإنسان بعمله، لأنه ليس العمل الذي سعى من أجله أو تمنّاه. في كثير من الدول التي تغلبت على هذه المعضلة يتم تقديم برامج للتدريب الداخلي الخاص بطلاب ما قبل التخرج، فإذا كانت مدة الدراسة أربع سنوات مثلاً يتوقف الطالب بعد السنة الثالثة للعمل لمدة من 6 - 9 أشهر في وظيفة وبدوام كامل في مجال تخصصه بإحدى الشركات أو المصانع، يتم خلالها تقديم التدريب العملي له، وإسناد مهام عمل حقيقية يتعلم فيها الطالب الالتزام والمهنية، ويعرف قيمة الوقت وقيمة المال أيضاً، وبعد انتهاء التدريب يعود الطالب لاستكمال عامه الأخير بالجامعة. وقد رأيتُ وتعاملتُ…

اختبار «المارشملو»

الإثنين ١٠ سبتمبر ٢٠١٨

تزخر ذاكرة البحث العلمي بالتجارب التي أرست أسس الكثير من النظريات، وساعدت الإنسان على سبر أغوار ذاته، وفهم ما الذي يحركه ويحفزه، وقد استغرق العلماء والباحثون عقوداً كثيرة ليساعدونا على اكتشاف أنفسنا، حتى نستطيع العيش بصورة أفضل، فنرتقي ونكون كما أراد لنا خالقنا، فنعمر الأرض، ونبني مجتمعات تقوم على الأخلاق والقيم والعلم. بالطبع ليس هذا ما يحدث، ولايزال العالم لم يقترب من المثالية، بل تزداد الهوة كل يوم بين الإنسان ونفسه، وبين الإنسان وأخيه الإنسان، وبين الإنسان وبيئته التي جعلها الله سكناً ومستقراً له إلى حين، بل تزداد الهوة بينه وبين خالقه، والسبب الرئيس هو انشغال الإنسان بالملذات الدنيوية قصيرة الأجل، الزائفة، وإهماله لروحه، فلم يعد يغذّيها، وبعد عن الالتزام بتعاليم خالقه فأصبح تائهاً حيراناً، لا يدري ما الحكمة من وجوده، وما قيمته الحقيقية، ونسي أن الله فضّله على سائر المخلوقات. «لو أن الإنسان استطاع التحكّم في ذاته وصبر، فلابد أن يحظى بما يتمنّى في النهاية». إن الانضباط أساس النجاح والقدرة على التحكّم في النفس، والتغلب على الشهوات هو الطريق لهذا النجاح المستدام. من التجارب البسيطة جداً، التي لها قيمة علمية رائدة، تجربة قام بها العالم «والتر ميشيل» من جامعة «ستانفورد» في أوائل السبعينات. وتتلخص التجربة في وضع طفل وحيداً في غرفة وأمامه قطعة كبيرة من «المارشملو»، وتخييره بأن يأكل…

الوجبة القاتلة

الإثنين ٠٣ سبتمبر ٢٠١٨

عريس في شهر العسل لقي حتفه نتيجة تسمم غذائي، وفي فندق تتربع النجوم الخمس بمدخله، ومطاعم عالمية لا يصلح زيت القلي فيها للاستخدام الحيواني بحسب دراسة متخصصة، وخلال الشهر الماضي اكتشفت سلسلة من المطاعم العالمية الشهيرة وجود آثار «براز» بالسلطة في 3000 من مطاعمها. وبالولايات المتحدة الأميركية التي تأتي في مقدمة العالم الأول، يتسبب تلوث الغذاء في 75 مليون حالة مرضية منها 325 ألفاً يتم حجزها في المستشفيات ويتوفى منها 5000 سنوياً. بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الأمراض المنقولة بالأغذية تصيب 550 مليون شخص، ويتوقع 420 ألف وفاة سنوياً. ويتعرَّض الأطفال خصوصاً لمخاطر الأمراض المنقولة بالغذاء، فيصاب بسببها 220 مليون طفل، ويتوفى 96 ألف طفل كل عام. وغالباً ما ينجم المرض عن تناول اللحوم النيئة أو غير المطبوخة، والبيض، والمنتجات الطازجة ومنتجات الألبان الملوثة، فإذا كانت الدول المتقدمة تعاني هذه المعاناة على الرغم من وجود رقابة وأنظمة صارمة، فما بالنا بالوضع في العالم الثالث وفي عالمنا العربي! إن موضوع سلامة الغذاء من أهم القضايا، فهو يتعلق بحياة الإنسان، خصوصاً الأطفال، حيث تقل مناعتهم وتصعب قدرتهم على المقاومة، وحتى تتحسن وترتفع جودة الغذاء لابد من توافر منظومة رقابية، والكثير من التشريعات الفعالة التي يتم تطبيقها ومراقبة تطبيقها بشكل مستمر حتى تكون فعالة وتحقق الغرض منها. كما يحتاج التحسين رفع وعي الأطراف…

أنانية الأهل

الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٨

على الرغم من اهتمامي الأكبر بالكتابة في مجال إدارة الجودة والتعلّم، لكن كثيراً ما أجدني مشدوداً لقضايا اجتماعية تؤثر في حياتنا بالمجتمع العربي، نظراً لارتباطها بإرث ثقافي ثقيل يتوارثه الأبناء، ثم الأحفاد تلو الأحفاد. بطبيعة الحال فإن الغالبية العظمى من الآباء والأمهات يتمنون لأولادهم السعادة والنجاح في كل دروب حياتهم، وقد لا يحب الأخ أن يكون أخوه أفضل منه، لكن الأب والأم بكل تأكيد يتمنّون أن يكون أبناؤهم أفضل منهم، سواء في التعليم أو الجانب المادي أو أي جوانب أخرى. ولكن ودون أن يلاحظ الأهل فإنهم قد يكونون السبب المباشر في تعاسة وشقاء أبنائهم، على الرغم من حسن نواياهم، ولكن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي. يعتقد غالبية الأهل أنهم محقّون دائماً، وتترتب على ذلك قرارات كثيرة تؤثر في مستقبل أبنائهم سلبياً من منطلق أن الأهل يعرفون أكثر، وأنهم يرون ما لا يراه أبناؤهم، ولكن من أين اكتسب الأهل تجاربهم وخبراتهم؟ أليس من أهلهم؟ فهل تصلح طريقة ونمط حياة الأجداد، كما هي، منهاج حياة للأحفاد؟ ولا أعني بالطبع الثوابت والقيم كالاحترام وبرّ الوالدين والالتزام بتعاليم ديننا الوسطي، ولكن ما أقصده هنا التدخل في أمور شخصية ومصيرية للأبناء، كأن يفرض الأهل رأيهم في أن يلتحق الابن أو البنت بتخصص معيّن يعتقد الأهل أنه الأفضل، والحقيقة أن ذلك ليس لمصلحة الأبناء، بل هو…

مبادئ ديمنج

الإثنين ٠٦ أغسطس ٢٠١٨

لم تحظَ نظرية في الإدارة الحديثة بالاهتمام الذي حظيت به نظرية إدوارد ديمنج، الأب الروحي لإدارة الجودة الشاملة، وقد ولد ديمنج عام 1900، وتوفي عام 1993، وهو مهندس أميركي حصل على الدكتوراه في الرياضيات والفيزياء، بجانب الكثير من درجات الدكتوراه الفخرية، والتكريم من جهات ومؤسسات عالمية، ومن إمبراطور اليابان، ويكفي أن أول جائزة للجودة في العالم أطلقت في اليابان حملت اسمه، وقد ذهب ديمنج إلى اليابان بعد الحرب العالمية، بعد تدمير اليابان، ليساعد المهندسين والعلماء على تبني المنهج الذي نادى به في الولايات المتحدة لأكثر من 20 عاماً دون مجيب، وعلى النقيض، فقد فتح له اليابانيون عقولهم وقلوبهم، وطبّقوا نظريته المشتملة على 14 مبدأً، تشكل منهجية متكاملة وخريطة طريق لتطبيق الجودة في أي منشأة، أياً كان نشاطها أو حجمها. وتركز مبادئ ديمنج الـ14 على الاهتمام بالعنصر البشري، لأنه جوهر وعمود العملية الإنتاجية في كل المؤسسات، ودون الاهتمام بالبشر فالنتيجة هي الفشل المؤكد. من ناحية أخرى، كان ديمنج من أوائل من ركزوا على الاهتمام بالتدريب، والاستمرار فيه طوال فترة عمل الموظف، خصوصاً التدريب أثناء العمل، وشدد على أهمية القيادة ودورها في صياغة رؤية ورسالة المنشأة، ورأى أن الإدارة العليا هي السبب في 95% من المشكلات في أي منشأة، وأن الحل دائماً وأبداً مسؤولية الإدارة العليا، وأنه حتى يتمكن الموظفون من تأدية…

كلير فوستر والخطاب الديني

الإثنين ١٨ يونيو ٢٠١٨

من التحديات الكبيرة التي تواجه العالم العربي، القدرة على تجديد الخطاب الديني ليواكب المستجدات المتسارعة، فكل يوم يأتي العلم بالجديد، وتُنشر اكتشافات لا حصر لها، لكن الخطاب الديني واللغة والمفردات التي يتكلم بها رجال الدين لم تواكب أبداً تلك التغيرات، ولم يرتق الخطاب الديني لفهم الجوانب المختلفة لكل العلوم، بل اكتفى باجترار ما تم توثيقه على يد المفسرين القدامى، حتى الذين حاولوا التجديد لم يأتوا بأي جديد فعلياً، بل ببعض الرتوش السطحية. مئات الآلاف بل الملايين في الدول الغربية وفي كثير من بقاع العالم، تواقون لفهم رسالة المولى، عز وجل، لكن لم ينجح أحد في مخاطبتهم باللغة التي يفهمونها، لغة العقل والمنطق والعلم، بدلاً من لغة التهديد والوعيد. في الفترة الماضية، طالعتنا مذيعة الـ«بي بي سي» السابقة، كلير فوريستر Clare Forestier ، بمجموعة من الحلقات المذاعة عبر الـ«يوتيوب»، تقدم فيها تفسيراً علمياً أكثر من رائع لآيات ومعجزات من القرآن الكريم، تشرح فيها قضايا علمية غاية في الدقة، شرحها القرآن منذ أكثر من 1450 عاماً، ثم اكتشفها العلماء منذ بضع سنوات، وقد شاهدت منذ أيام تفسير الآية رقم 35 من سورة النور: ﴿اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كأنَّهَا كوْكبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ…

هل ستفترس الآلة الإنسان؟

الإثنين ٢١ مايو ٢٠١٨

يخطط أحد البنوك بإنجلترا لأتمتة 80% من الوظائف والاستغناء عن 10 آلاف موظف بحلول عام 2020، مثال واحد من آلاف الأمثلة التي تعكس العصر الذي نعيشه وما سيكون عليه المستقبل، وقد قامت الكثير من الفنادق بالفعل بأتمتة 50% من عملياتها، ويحدث ذلك أيضاً في مجال الطب في ما يعرف بالطب الرقمي والطب الذاتي، ناهيك بالسيارات بدون سائق والروبوت المنزلي، كل ذلك في مجال الخدمات التي كان أهم ما يميزها حتى عهد قريب أنها الأكثر استيعاباً للموارد البشرية، واعتماداً على العنصر البشري، أما في الصناعات فقد باتت مصانع كاملة لا تحتاج لعمال وبدأت الثورة الصناعية الرابعة في السيطرة على كل شيء. لقد فرح البشر وهللوا للماكينة واستحسن الكثيرون الدور الذي باتت الروبوتات تلعبه، لكننا تناسينا الجوانب والآثار الاجتماعية لسيطرة الآلة، ماذا سيفعل الموظفون الـ10 آلاف الذين سيفقدون مصدر دخلهم خلال عامين ومئات الآلاف مثلهم في الكثير من دول العالم؟ ما هي الآثار المترتبة على ذلك؟ وهل هناك خطط لاستيعاب من يفقدون وظائفهم؟ نعم، لقد خلقت التكنولوجيا الكثير من الوظائف المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات وعلوم البيانات والبرمجة، لكن تلك شريحة واحدة من سوق العمل، فلا يمكن أن يعمل الجميع محللي بيانات ونظم معلومات وبرمجة، لا شك أن حل مشكلة البطالة هو حل للكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والأمنية، لكن ما يحدث فعلياً هو…

الجودة في المدارس

الإثنين ٢٦ فبراير ٢٠١٨

تناول مقال الأسبوع الماضي ركناً محورياً من أركان الجودة في التعليم، وهو المعلم، وترتكز جودة التعليم على جودة المعلم، وجودة المناهج الدراسية، وجودة البنية التحتية أو بيئة التعلم (المدرسة)، والحديث هنا عن التعليم المدرسي، أي لا يشمل التعليم العالي، حيث تختلف المعايير والمحاور في كل مجال، ولا يختلف أحد على أهمية التعليم، ودوره المحوري في اقتصادات الدول، بل إن قضية التعليم أصبحت قضية بقاء دول. لأن الدول التي لن تنهض بركب التعليم والتطوير قد تختفي من على الخريطة، أو في أحسن الأحوال ستظل موجودة ولكن هي أقرب إلى العدم منه إلى الوجود، وستكون دائماً في ذيل القائمة، وتصنّف دولاً فاشلة. تبدأ جودة التعليم بالتشريعات والقوانين اللازمة، وليس بمجرد النوايا الحسنة أو مبادرات فردية، وحتى تنجح عملية تطوير جودة التعليم، فهناك حاجة إلى وجود معايير شاملة، تغطي جميع جوانب العملية التعليمية بكل محاورها، فينبغي الاهتمام بتكوين المعلم، وتنمية مهاراته ومعارفه، وتوجيه اتجاهاته، وقبل ذلك ينبغي اختياره بعناية شديدة، وباستخدام أساليب علمية في الانتقاء والاستقطاب، واستبعاد من لا تؤهله سماته الشخصية للنجاح معلماً، كما لابد من اتباع نظام لتطوير الأداء المهني، مبنيّ على نظام نقاط يتطلب تدريباً وتطويراً مستمرين، ولا تُجدد رخصة التدريس إلا إذا استوفى المعلم الساعات التدريبية والتطويرية اللازمة، وبالنسبة للمحور الثاني، وهو المناهج، فقد تغيرت الأوضاع حالياً، بفضل تدفق…

«بكرهك يا ميس»

الإثنين ١٩ فبراير ٢٠١٨

إن مهنة التدريس من أنبل وأرقى المهن، وذلك لما للمعلم من تأثير غير محدود في الطلاب، ويمكن أن يكون ذلك التأثير إيجابياً أو سلبياً، وفي كلتا الحالتين قد يمتد ذلك التأثير طوال العمر، لذلك لا عجب في وصف أمير الشعراء أحمد شوقي: «قف للمعلم وفِّه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا»، وحتى نرى الموضوع من جميع زواياه هل يتم إعداد المعلم بالقدر الكافي علمياً وسلوكياً ووجدانياً لكي يقوم بمهنة الرسل؟ هل كل من يمتهن التعليم جدير بتلك المهنة النبيلة بل والرسالة الإنسانية؟ بنظرة سريعة على متطلبات التدريس في أغلب المستويات التعليمية، خصوصاً المرحلة الابتدائية، لوحظ أن مجرد الحصول على بكالوريوس في التربية يكفي ليمتهن الخريج مهنة التدريس، وفي بعض الحالات القليلة يجب أن يجتاز المعلم دورة تدريبية، أو تدريباً عملياً، حتى يصبح مؤهلاً، لكنها معايير متواضعة جداً بالنظر إلى أهمية وتأثير هذه المهنة. • «بكرهك يا ميس، وعلطول بدعي عليكي يارب تموتي، ومش حتأسفلك». الكثير من المعلمين مجرد «موظفين»، أي إنها مجرد وظيفة تدرّ لهم دخلاً، والبعض يلتحق بتلك الوظيفة وهدفه الأساسي الدروس الخصوصية، التي تدرّ دخلاً عشرات أضعاف الراتب الوظيفي، وبالتالي لا يبذل المدرس مجهوداً في الصف، موفراً جهده وطاقته للدروس الخصوصية، وهنا يوجد تضارب مصالح واضح وصارخ، بل إن الموضوع يصبح موضوعاً أخلاقياً، ويدمر القيم لدى الطالب، فمعلمه…

لمحة عن مواصفة الأيزو 45001

الإثنين ١٥ يناير ٢٠١٨

تناول مقالي يوم 9 أكتوبر 2017 أهمية المواصفات في حياتنا وفي تسهيل التجارة بين الدول، ورفع جودة الحياة بصفة عامة، ويقترب عدد مواصفات الأيزو من 38 ألف مواصفة بخلاف المواصفات الصادرة عن جهات متخخصة مثل الاتحاد الدولي للاتصالات ومؤسسة المواصفات البريطانية BSI، ويعد مجال الصحة والسلامة المهنية من أهم المجالات التي تعنى بها المواصفات خاصة في المجالات المقننة مثل الطيران، وصناعة السيارات والمصانع وحقول النفط والغاز. ويتم العمل حثيثاً الآن لإطلاق المواصفة الجديدة كلياً ISO45001 التي ستحل محل المواصفة الحالية OHSAS 18001، وقد بدأ العمل في إعداد المواصفة الجديدة منذ عام 2014، ويتوقع أن تسهم في تحسين الجودة ورفع الوعي بالصحة والسلامة المهنية، فلماذا الاهتمام بهذا المجال؟ عندما يتعلق الأمر بحياة البشر وصحتهم فلابد أن يكون هناك اهتمام بالغ بهذا الشأن، فماذا أهم من حياة الإنسان وقد قال تعالى: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً» (المائدة 32). وبحسب منظمة العمل الدولية، هناك 7600 حالة وفاة يومياً بسبب إصابات العمل أو نتيجة أمراض ناتجة عن ظروف العمل. أي مليونين و780 ألف إنسان يفقدون حياتهم كل عام نتيجة إصابات العمل. وأعتقد أن العدد أكبر من ذلك بكثير، حيث لا تقوم جميع الدول بتوثيق أسباب الوفاة الفعلية، ولا تنشر إحصاءات دقيقة حول هذا الموضوع. ومن المتوقع أن تكون المواصفة الجديدة متكاملة إذ ستأخذ…

إلا قليلاً منهم

الإثنين ١١ ديسمبر ٢٠١٧

يوماً بعد يوم تزداد حياتنا تعقيداً وتحديات لم يسبق لها مثيل لأسباب عدة أهمها البعد عن المولى عز وجل، وكذلك التراخي في الالتزام بالقيم الحقيقية التي كانت تجعل لحياتنا معنى وقيمة وأهمها الترابط الأسري والعطف والتراحم والعناية بالآخرين، لقد أغرق أغلبية الناس في المادية والاستهلاك، ولم يعد الكبير يحترم الصغير ولا الصغير يوقر الكبير، لم يعد أحد يهتم بالآخر ولو شاهد الإنسان شخصاً يغرق بدلاً من أن يهب لإنقاذه سيهتم أكثر بتصويره وهو يغرق، أو ينشر الواقعة «لايف» على وسائل «الدمار» الاجتماعي. لماذا الإغراق في الدنيا وملذاتها والبعد عن الله وعما يسعد الإنسان في الدنيا والآخرة، للأسف فالأغلبية تسير وراء التوجهات ونحو الهاوية، وقليل دائماً هم من يرون الصواب ويتمسكون به سواء في ما يتعلق بالدين أو القيم الاجتماعية، وهكذا الحال دائماً قليل هم الذين يقاومون الخطأ، وفي المقام الأول يقاومون أنفسهم فيتحملون المشقة واللوم والاستغراب والاستنكار ونكران الجميل، إن أبلغ من وصف هذه الحال هو العلامة والعالم الدكتور مصطفى محمود، رحمه الله تعالى، في تدبره للآية رقم 249 من سورة البقرة، التي جاء فيها: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ}. فيمكن الاعتبار بقصة طالوت في…

أنا من هناك.. أنا من هنا

الإثنين ٢٧ نوفمبر ٢٠١٧

بحسب موقع «إنترناشيونال لاونج»، تقدر نسبة المغتربين حول العالم بـ230 مليون نسمة، وأعتقد أن هذا الرقم قد يكون أكبر بكثير، حيث لا يتم إحصاء دقيق لكل المغتربين، ويعتبر هذا المجتمع خامس أكبر دولة افتراضية في العالم، ولاشك في أن هذا المجتمع يواجه العديد من التحديات، مثل عدم الإحساس بالأمان، أو عدم إجادة اللغة والمهارات اللازمة للانخراط في المجتمع، وكذلك تحديات اجتماعية كثيرة منها الحنين الدائم للوطن، ولكن المشكلة الأكبر والأعمق هي مشكلة الانتماء لدى أبناء المغتربين، خصوصاً في الدول التي تختلف في الدين والثقافة والقيم، مثل الدول الغربية. • «ليس من المنطقي الانعزال التام عن ثقافة البلد المضيف، كما لا يمكن التنازل عن الثقافة الأم، فكيف يمكن التغلب على هذا التحدي؟». هؤلاء الأبناء ينشؤون في بلد غير بلدهم، وفي ثقافة تختلف عن ثقافتهم الأم، ويحاول الأهل إكسابهم ثقافة بلدهم الأم. ولكن في المدرسة وفي البلد المضيف لديهم الثقافة المحلية. وهنا تظهر معضلة الانتماء، إلى أي ثقافة ينتمي الأبناء وأي أخلاق وقيم يتشربون، خصوصاً عندما تكون هناك اختلافات جذرية بين ثقافة البلد الأم والبلد المضيف؟ هل هناك حل لهذه المعضلة؟ فليس من المنطقي الانعزال التام عن ثقافة البلد المضيف، كما لا يمكن التنازل عن الثقافة الأم، فكيف يمكن التغلب على هذا التحدي، حتى لا يحدث صراع داخلي يؤدي إلى الضياع وفقدان…