علي عبيد
علي عبيد
كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة

وسيلة العقلاء لتفادي جموح المجانين

الإثنين ١٩ ديسمبر ٢٠١٦

نحن لا نعرف المستقبل، لكننا نحاول أن نستشرفه، وهذا هو ما حاول أن يفعله المنتدى الاستراتيجي العربي، الذي نظمه المكتب التنفيذي لحكومة دبي يوم الأربعاء الماضي، وهو ما لمسه كل من حضر جلساته أو تابعها عن بعد. وقد عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن أهمية استشراف المستقبل حين قال: «إن التحولات السياسية والاقتصادية العالمية المتسارعة تحتم على العالم العربي الاستعداد بشكل جيد للمستقبل، وإن الريادة العالمية لا تكون إلا للدول السباقة بتبني أدوات الاستشراف المستقبلي». لذلك كان المنتدى سباقاً حين بادر إلى إطلاق برنامج لتطوير مستشرفي المستقبل العرب في المجالين السياسي والاقتصادي، فأعلن معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، في الكلمة الافتتاحية، أن المنتدى سيعمل مع مجموعة من الخبراء والمراكز الدولية المعتمدة لتطوير نخبة من الشباب العربي المتخصصين، ليكونوا نواة لعلم الاستشراف الاقتصادي والسياسي، بهدف خلق مجموعة من المتخصصين في استشراف المستقبل السياسي والاقتصادي في العالم العربي، كي يكونوا عوناً لصنّاع القرار في دولهم، لرسم صورة أوضح لمستقبل المنطقة، بما يدعم اتخاذ القرار الاستباقي والصحيح. لماذا يجب أن نستشرف المستقبل؟ هذا سؤال تكمن إجابته فيما نشاهده حالياً من أحداث في منطقتنا العربية، ما يضع المسؤولية على القيادات التي لم تُولِ أهمية لاستشراف المستقبل عندما…

كفّوا عن التدخل في شؤون إيران !

الإثنين ١٢ ديسمبر ٢٠١٦

كثيرة هي تعريفات السياسة، بعضها إيجابي يصب في صالح هذا المصطلح، وينحو إلى الذكاء والحنكة في إدارة شؤون البلاد والتعامل مع الأحداث، وبعضها الآخر سلبي، ينحو بها نحو الخداع والمراوغة وتزييف الحقائق. ويبدو أن هذا الجانب فقط هو ما يطبقه المسؤولون الإيرانيون من السياسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بجيرانهم على الضفة الأخرى من الخليج العربي، فيسعون إلى قلب الحقائق، وتحويل الحق إلى باطل، والباطل إلى حق، محاولين إقناع العالم أنهم حملان وديعة، وأن جيرانهم ذئاب ووحوش مفترسة، تريد أن تفتك بهم، وتنتزع منهم حقهم، وتفتت وحدة أرضهم، وتزعزع أمنهم واستقرارهم. آخر التصريحات الغريبة التي صدرت عن المسؤولين الإيرانيين، هو ما خرج به علينا المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية «بهرام قاسمي» الأسبوع الماضي، معلقاً على البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي السابعة والثلاثين، التي عُقدِت في العاصمة البحرينية المنامة يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وطالبت في بيانها الختامي إيران بتغيير سياستها في المنطقة، مستنكرة تدخلاتها في شؤون دولها، ومطالبة إياها بإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث؛ طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى. فما أن صدر البيان حتى خرج علينا «قاسمي» بتصريح غريب، يطالب فيه دول الخليج بالكف عن التدخل في الشؤون الإيرانية، بدل توجيه الاتهامات الباطلة، على حد قوله، مؤكداً أن الجزر الثلاث جزء لا يتجزأ من التراب الإيراني، وأن تكرار المزاعم التي تفتقر…

يكبُر الطفل ويتحقق الحلم

الإثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١٦

يذهب كل صباح إلى مدرسته، يلعب قليلاً مع أقرانه بانتظار جرس المدرسة، يُقرع الجرس فيقف في طابور الصباح. لم يكن يومها ثمة علم يقف هو وزملاؤه لتحيته، ولم يكن ثمة سلام وطني، ولا نشيد يرددونه كل صباح. يذهب بعد الطابور إلى صفه ليجلس خلف طاولته، يخرج كتبه ودفاتره. على الدفاتر صورة لأمير الكويت الراحل، الشيخ عبدالله السالم الصباح، رحمه الله، وعلى الكتب شعار دولة الكويت وعلمها. يسأل عن معنى دولة وشعار وعلم. لم يكن وقتها يعرف معنى أن يكون للإنسان دولة وشعار وعلم، فقد كانت هذه الأشياء على وشك أن تتخلق في عقله، بينما كان ثمة دولة تتخلق على الأرض التي كان يعيش عليها. كان يسمع والده ورفاقه، وهم خارجون من المسجد في أعقاب كل صلاة، يتحدثون عن شيخ تولى الحكم حديثاً في إمارة أبوظبي المجاورة لإمارته دبي. وكان السفر إلى أبوظبي وقتها يستغرق أكثر من نصف يوم، عبر الرمال التي لا تقطعها سوى السيارات ذات الدفع الرباعي، حيث لم تكن ثمة طرق مرصوفة ولا شوارع ممهدة. كان الناس يتحدثون عن هذا الشيخ الكريم بحب وشغف، وكانوا يقولون إنه يسعى لتأسيس دولة من الإمارات المتناثرة على ضفاف الخليج العربي وبحر عمان، تلك التي تجمع بين سكانها أواصر دم وقربى، وتوشك أن تخرج من مرحلة الاحتلال البريطاني لأراضيها. يحاول الطفل الصغير…

وفاة قائد شرطة

الإثنين ٢٨ نوفمبر ٢٠١٦

«عندما يتوفى قائد الشرطة، ويحزن الشعب بهذه الطريقة، فاعلم تماماً أنك تعيش في بلاد يسودها الأمان والعدل، ويحكمها القانون». عبارة تداولها الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة الماضي، عندما فجعنا بوفاة الفريق خميس مطر المزينة، رحمه الله، فوقع الخبر على أبناء دولة الإمارات والمقيمين فيها كالصاعقة، وعم البلاد الحزن، وتناقل الجميع مآثر الفقيد، واستذكروا ما قدمه من خدمات ستبقى خالدة في ذاكرة الوطن، بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، ووُري جثمانه الثرى. صورة قادة الشرطة في الخيال الإنساني، والعربي على وجه الخصوص، عادة ما ترتبط في أذهان العامة بالبطش والظلم. نلمس هذا في كتب التراث والروايات التي تفننت في وصف ممارسات الشرطة، والأساليب التي يستخدمونها في التعامل مع البشر. ومن أمثلة ذلك قصة «دليلة والزيبق» الشهيرة، التي تدور أحداثها بين مصر وبغداد، وتحكي قصة فساد كبيرة، يشترك فيها كل أطراف السلطة، ابتداءً من الحاكم وانتهاءً بالعسكر والعسس، فالكل في دائرة الفساد مشترك، حيث يقوم الوالي بوضع المقدم «سنقر الكلبي» مسؤولاً عن حفظ الأمن، تجنباً لفساده وسرقته. فيجعله على رأس جهاز الشرطة ليضمن أنه لن يسرق إلا بإشرافه وتحت رعايته، حتى يأتي «علي الزيبق» ليخلص الناس من الظلم والطغيان، وينتقم لوالده الشريف المقدم «حسن رأس الغول»، الذي تعاون المقدم «الكلبي» والمحتالة «دليلة» كي يتخلصا منه. هذه الصورة النمطية التي رسخت…

الإمارات عاصمة العالم

الإثنين ٢١ نوفمبر ٢٠١٦

عام 1990 أقيم في مدينة «أسوان» بجمهورية مصر العربية احتفال تاريخي لإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة، دُعي إليه عدد من زعماء العالم، كان من بينهم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكان لي شرف حضور هذا الحدث التاريخي المهم، ضمن الوفد الإعلامي الرسمي المرافق له رحمه الله، وما زالت تفاصيل ذلك الحفل حاضرة أمامي حتى اليوم. حيث تبرع وقتها بمبلغ 20 مليون دولار، مساهمة من دولة الإمارات العربية في إحياء هذه المكتبة العريقة التي تختلف الروايات حول من شيدها، لكنها تتفق على أنها كانت كبرى مكتبات عصرها، وأنها قد تعرضت للعديد من الحرائق، كان آخرها في زمن الإمبراطور الروماني «يوليوس قيصر» عام 48 قبل الميلاد، وفق أغلب الروايات، حتى تم إعادة إحيائها من جديد في العصر الحديث، وجرى افتتاحها عام 2002، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة «اليونسكو». الشاهد في هذا الحدث هو أن مساهمة المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في إحياء مكتبة الإسكندرية ترك انطباعاً جيداً لدى الجميع، وأكد أن قادة دولة الإمارات العربية المتحدة، كانوا ومازالوا داعمين للمكتبات، لأنها حاويات العلم والفكر والثقافة التي لا يمكن أن تقوم حضارة في الكون إلا بدعمها والاهتمام بها، لأن الكتب هي مصادر الثقافة…

كلنا.. كلنا نحب جميرا

الإثنين ١٤ نوفمبر ٢٠١٦

محظوظون هم أولئك الذين يولدون في أماكن تطل على بحار، ويعيشون طفولتهم على سواحلها. ومحظوظ أنا، لأنني واحد من هؤلاء، فقد وُلِدت ونشأت في «فريج» ارتبط اسمه باسم مهنة من مهن البحر؛ هو «فريج الضغاية»، الذي استمد اسمه من إحدى طرق صيد الأسماك، هي «الضغوة» التي تعني صيد الأسماك الصغيرة بشباك كبيرة، ذات فتحات ضيقة، يقوم بغمرها الصيادون في البحر حتى تمتلئ بالأسماك. وعشت طفولتي كلها على ساحل البحر، متنقلاً بين بحر «ديرة»، حيث كنا نسكن، وبحر «جميرا»، حيث تسكن شقيقتي الكبرى. ما بين بحر «ديرة» وبحر «جميرا» اللذين عشت على ساحليهما تكونت علاقة حميمة، حملت ذكرياتها معي عبر رحلة العمر، ولم تغادر تفاصيلها ذاكرتي حتى اليوم، لأن الذين يولدون على سواحل البحار تظل ذاكرتهم متقدة بها، يحملون ذكرياتها معهم حيثما رحلوا، تستقر في أعماقهم غنية بأحلى الصور، مثلما هي أعماق البحار غنية بالحياة والجمان والمرجان. وكانت هذه الذكريات أكثر حضوراً مساء يوم الأربعاء الماضي، عندما حضرت حفل تدشين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لقناة دبي المائية على شاطئ بحر جميرا، في أمسية جميلة، وأجواء احتفالية رائعة، استحضرت الماضي بكل ما فيه من عبق وذكريات مستقرة في الوجدان، لتمزجه مع الحاضر بكل ما فيه من ألق وجمال…

بوصلة البغدادي المختلة

الإثنين ٠٧ نوفمبر ٢٠١٦

تصورت للوهلة الأولى أن ثمة خللاً فنياً أصاب الجهاز الذي سجل عليه أبوبكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، خطابه الأخير الذي بثه بعد بدء معركة الموصل لاستعادة آخر وأكبر معاقل التنظيم في العراق، فقد ترك البغدادي القوى الأساسية التي تقاتل التنظيم داخل العراق وسوريا، وتلك التي تدعمها، ودعا مقاتليه إلى شن هجمات على المملكة العربية السعودية، واستهداف قوات الأمن ومسؤولي الحكومة، وأعضاء العائلة الحاكمة، ووسائل الإعلام، لمشاركتهم في الحرب على الإسلام والسنّة في العراق والشام، حسب تعبيره. كما دعا مناصريه إلى غزو تركيا، ونقل المعركة إليها، وإطلاق نار غضبهم على القوات التركية. إذا لم يكن ثمة خلل أصاب جهاز التسجيل، فمؤكد أن ثمة خللاً أصاب بوصلة البغدادي، ربما بسبب أجهزة التشويش التي تستخدمها القوات المنتشرة في المنطقة، فألحقها بعقله المختل، فقد كان متوقعاً أن يطلب البغدادي من مقاتليه مهاجمة إيران التي تحارب ميليشياتها التنظيم في العراق تحت اسم «الحشد الشعبي»، وتحاربه في سوريا تحت اسم «حزب الله». أو كان متوقعاً أن يطلب منها أن تتوجه لمحاربة إسرائيل التي تحتل فلسطين، كما تقتضي أدبيات الخطاب الديني الذي تعودنا سماعه من جماعات الإسلام السياسي لدغدغة مشاعر المسلمين واستدرار إعجابهم. هذا إذا كان منطلق البغدادي وتنظيمه هو الجهاد كما يدّعي، أما أن تكون السعودية وتركيا فهما هدفا تنظيم «داعش» في مرحلة ما بعد الموصل،…

قادة يقدّرون القراءة قادة يستحقون التقدير

الإثنين ٣١ أكتوبر ٢٠١٦

في الوقت الذي كانت العيون فيه ترصد معالم الفرح على وجوه الفائزين في حفل «تحدي القراءة العربي» الأسبوع الماضي، كانت عيناي ترصدان معالم الفرح على وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مطلق هذا المشروع غير المسبوق في التاريخ، الذي دفع ملايين الطلبة العرب، وغير العرب الناطقين باللغة العربية، إلى خوض غمار هذا التحدي ليربحوا جوائزه، فكان الرابح الأكبر هو الكتاب العربي الذي اتسعت قاعدة قرّائه، وكانت الرابحة الكبرى هي القراءة التي تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على إعادة الاعتبار إليها، وجعلها سلوكاً يومياً يمارسه الجميع، وأسلوب حياة للمجتمع كله. كانت معالم الفرح التي رأيتها على وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وفي عينيه، أضعاف تلك التي رآها الملايين على وجوه وفي عيون أولئك الصغار الذين كان لهم قصب السبق بين الذين شاركوا في هذا التحدي، مشكلين جيلاً فاق كل التوقعات، أثبت لنا أن الأمل كبير بمستقبل تصنعه الأجيال الجديدة، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي رد على الرسالة التي وجهها إليه الروائي العالمي «باولو كويلو» قائلاً إنه تأمل في رسالته وتجربته، وتأمل في الخلاصة التي توصل إليها بأن سر الحياة واكتشاف الذات يمران بطريقين لا ثالث لهما، هما القراءة وخوض غمار التجارب، بأن لنا تجربة ورسالة أحب أن يشاركه…

الخائنون لا مكان لهم بيننا

الإثنين ٢٤ أكتوبر ٢٠١٦

لم يصدمني كمُّ التهم التي وجهتها النيابة العامة إلى المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بقضية «حزب الأمة الإماراتي» فقط، وإنما صدمتني نوعية التهم الموجهة إليهم، وحجم الخيانة، التي يحملونها في أعماقهم، والمؤامرات التي كانوا وما زالوا يحيكونها لزعزعة أمن واستقرار دولة الإمارات، دونما سبب مفهوم، اللهم إلا سيطرة الفكر الإخواني على عقولهم، والأوهام التي تمتلئ بها هذه العقول الفارغة، والسعي إلى الانقلاب على السلطة، للوصول إلى سدة الحكم في الدولة، وهي أوهام لا تستند إلى منطق ولا واقع، ولا تتوفر لها الأرضية التي يمكن أن تمهد لها، ولا العوامل التي تساعد على تحقيقها، فشعب الإمارات المسلم متوحد، وملتف حول قيادته التي حققت له التقدم والرفاه، الذي يحلم به أي شعب، وقبل هذا كله الأمن والاستقرار اللذين تفتقدهما شعوب، وبلدان كثيرة في المنطقة وخارجها. في التفاصيل التي تم الكشف عنها أثناء نظر دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا للقضية، أن ما يُدعى «حزب الأمة الإماراتي» يتلقى دعماً مالياً ضخماً من دول عدة، وقد أنشأ قسماً إعلامياً يتمثل نشاطه في تمويل قنوات فضائية، تروج لما أُطلق عليه «مؤتمر الأمة في الخليج» بإبراز رموزهم وقياداتهم على هذه القنوات، والترويج لها، وهي ست قنوات؛ خمس منها تبث من تركيا، وواحدة من بريطانيا. كما وجهت النيابة العامة تُهماً كثيرة إلى المتهم الأول، منها التعاون…

مرشحان أحلاهما مر

الإثنين ١٧ أكتوبر ٢٠١٦

لفت أحد الأصدقاء انتباهي، الأسبوع الماضي، إلى أنني لم أكتب حتى الآن عن انتخابات الرئاسة الأميركية التي أصبحت على الأبواب، ولم يعد يفصلنا عنها سوى أسابيع ثلاثة، رغم أنها مادة خصبة للكتابة. قلت لصديقي الذي يتوسم في شخصي محللاً سياسياً لسْتُه: ربما لأنها المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الأميركية التي لا أتمنى أن يفوز فيها أحد، لأنها ستأتي لنا إما برئيس أرعن لا يمكن لأحد أن يتوقع ما سيصدر عنه من قرارات، خاصة عندما يذهب مستشاروه، الذين لم نعرف هويتهم بعد، ليخلدوا إلى النوم، ويكمل هو السهرة يفكر ماذا يفعل بالعالم الذي يرأس أكبر وأقوى دولة فيه، يتحكم بأزرار أسلحتها النووية التي يمكن أن تنطلق بكبسة زر منه، وأما أن تأتي لنا الانتخابات برئيسة مهزوزة وقلقة وغامضة، لا يعرف أحد كيف ستدير الدولة الأعظم في العالم بهذه الشخصية غير المقنعة. مرة أخرى أقول إن هذا ليس تحليلاً سياسياً، فهناك من هو أقدر مني على التحليل، فما ذكرته ليس إلا انطباعات شخصية، بعد متابعتي لمناظرتين تلفزيونيتين لمرشحي الرئاسة الأميركية، شاهدتهما ولم يقنعني أي من المرشحين أنه الرئيس الذي ينتظر العالم على يديه حلولاً لأزماته المستعصية، وهي أزمات أسهمت الولايات المتحدة الأميركية على مدى العقود الماضية في صنعها وتفاقمها، أو صبّ الزيت على نيرانها التي تشتعل اليوم في الكثير من مناطق العالم،…

الذين يتباكون على الأطلال

الإثنين ١٠ أكتوبر ٢٠١٦

«دولة الإمارات العربية المتحدة، تراهن على أبناء الوطن الأوفياء، خصوصاً أنتم في القوات المسلحة، الذين يقع على عاتقكم حماية وصون أرض الوطن وترابه، والمحافظة على مكتسباته الوطنية التي تحققت، وبإذن الله سنواصل العمل والجد والاجتهاد في سبيل وطننا الغالي». بهذه العبارة التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للمرشحين في الكليات العسكرية، الأسبوع الماضي، يكون سموه قد لخص فلسفة الحكم في دولة الإمارات العربية المتحدة. وهي فلسفة تقوم على شحذ همم أبناء الوطن للمضي قدماً في البناء، والمحافظة على المنجزات التي ضحى من أجلها الآباء والأجداد، وتعزيز هذه المنجزات بمواصلة العمل، رغم التحديات التي تواجه المنطقة، والأخطار التي تحيط بها، خاصة وهي تعيش مرحلة مفصلية ومضطربة وصعبة، هي امتداد لمرحلة امتدت 60 عاماً، غير أن الذي يحدث اليوم، هو أشدها صعوبة، كما قال سموه. الرسائل التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أثناء لقاء سموه بأبنائه المرشحين، تجيب عن الكثير من الأسئلة، وتضع النقاط على الحروف، وترد على أولئك الذين يتباكون على الأطلال، ويدّعون أنهم لا يعرفون الأسباب التي دفعت دولة الإمارات للانضمام إلى التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية لكبح جماح الأطماع الإيرانية، ومنع النظام الإيراني من مد نفوذه وبسط سيطرته على اليمن، من خلال…

لن نقول: لكم حجكم ولنا حجنا

الإثنين ١٩ سبتمبر ٢٠١٦

أدى المسلمون مناسك الحج هذا العام دون حوادث تذكر، الأمر الذي شكل رداً على كل الأكاذيب والافتراءات التي وجهت للمملكة العربية السعودية هذا العام، قبيل الحج، من الحاسدين والحاقدين الذين أرادوا التشكيك في قدرة المملكة على القيام بخدمة حجاج بيت الله الحرام. هذا ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة، في نهاية موسم الحج يوم الأربعاء الماضي، داعياً القادة والعلماء المسلمين لمحاربة الطائفية والتمزق المذهبي بين المسلمين. الحاقدون والحاسدون الذين قصدهم أمير منطقة مكة المكرمة، تصدّرهم المسؤولون الإيرانيون، وعلى رأسهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذين وجهوا انتقادات حادة للحكومة السعودية، متهمين إياها بالتقصير في خدمة الحجاج، وإنقاذ المصابين في حادث التدافع الذي وقع العام الماضي في منى، وذهب ضحيته زهاء 2300 حاج، بينهم 464 إيرانياً، حيث دعا المرشد الأعلى، العالم الإسلامي إلى إعادة النظر في الإدارة السعودية للحرمين الشريفين والحج، في محاولة لتسييس هذه الشعيرة، وهو ما رفضته السعودية، واعتبرته تدخلاً في شؤونها الداخلية، واستخداماً لهذه الفريضة في خدمة أهداف وشعارات سياسية، ليس لها أي علاقة بهذه الرحلة الإيمانية. غاب الإيرانيون عن مناسك الحج هذا العام، بقرار من السلطات الإيرانية، وذلك بعد رفض هذه السلطات، التوقيع على مذكرة التفاهم التي تقدمها المملكة كل عام، وتُوقِّع عليها عشرات الدول قبل موسم الحج، لتوضيح الإجراءات المطلوبة،…