د. أماني فؤاد
د. أماني فؤاد
كاتبة مصرية

«حديث العرب» وحق الاختلاف

الثلاثاء ٢٨ يوليو ٢٠٢٠

فى الجمعة الماضية استضاف البرنامج الحوارى المميز «حديث العرب» بقناة «سكاى نيوز» المفكر والأنثروبولجى التونسى د. يوسف الصديق، ولقد استفاض الرجل يشرح رؤاه الخاصة التى تحدّث فيها حول عدد من القضايا حول «القرآن»، النص الأساسى الذى يُسير حياة الناس فى بلادنا، وذكر أننا كمسلمين، لم نقرأه بعد، ودعا كعادته فى ملتقياته كافة لقراءته مرات، بلا توقف، بطرق عقلانية، وهى ذات الدعوة التى ذكرها الله تعالى فى كتابه وكررها كثيرا. وقال المفكر إن تلك القراءة تتطلب إنسانا مؤهلا، قادرا على البحث. ثم تحدث عن قضايا شغلته فى القرآن مثل: فسخ الترتيب الذى نزلت به الآيات وإعادة ترتيبها بطريقة أخرى، ثم الفترات الزمنية التى مرت قبل التأليف فى قضايا: الناسخ والمنسوخ، وأسباب نزول الآيات. تحدث أيضا عن طريقة كتابة القرآن واختلافها عن النطق، وذكر تخريج «ابن خلدون» فى هذا الصدد، ثم قضايا التنقيط وما يمكن أن يكون قد حدث بها من اختلاط بعض المعانى. كما ذكر أن الصراع العقلى مع النص القرآنى هو اللائق به، وليس سجنه فى الترتيل والاكتفاء بهذا، كما صرّح بعدم اقتناعه بالخطاب الدينى المقدم فى المساجد وانطلاقه من العقلية السحرية، ودعا للنظر إلى الرسول (محمد) فى طبيعته الإنسانية لا المعجزة، وقضايا أخرى متعددة. ولقد لاحظت تدافع المعلقين على مقولات الباحث الذى اجتهد، لم يصبروا على الإلمام بفلسفة رؤية…

كراكيب عقل

الإثنين ١٨ مايو ٢٠٢٠

لماذا لا يخاف المصريون من «كورونا»!؟، هل لأن كل فرد منا يشعر بأنه بعيد عن الخطر بمفرده، وأن الفيروس خارج دائرته ولن يطاله، لا يصدق أن للكارثة يدًا ستقبض عليه في لحظة مباغتة، تصيبه بالاختناق وتعتصر حياته، لذا يتحركون بحرية وكأنه لا توجد مشكلة يمكن أن تطالهم، كأن هناك بالونا كبيرا يحوّط كل شخص، وعلى ضوء فرديته التي يتخيلها تلك يراوده الشعور بابتعاد الخطر عنه. لعقود نشأنا وفى ثقافتنا العميقة يتردد «أنا وبعدى الطوفان»، لا نعرف ثقافة الأثر الجمعى، وأن كل فرد منا معلق بالمنظومة البشرية التي يعيش في دائرتها، فكثيرا ما زرعت القوى الاستعمارية التي توالت على مصر، وكثير من حكامها ثقافة «فرق تسد»، فلقد أعلوا جميعهم الحس الفردى لدى الكثيرين بما يتضمنه من انتهازية، وافتقارٍ للرؤية التي تدرك علاقة الفرد بالجموع وحتميتها، أي علاقة الفرد بخارج محيط ذاته، نحن نفتقر للثقافة التي تشعر كل فرد بمسؤوليته عن المجموع، وأيضا مسؤولية الجموع عن الفرد. استفحل أيضا مفهوم «الفهلوة والعنترية» في طبيعة الشخصية المصرية لعقود، وهما ما لا يجعلانه يتصور أن هذا الفيروس الضئيل الذي لا يُرى بالعين المجردة يمكن أن يتمكّن منه فيقتله، فهو الذي بإمكانه أن يخدع الجميع، كأن هناك خللا في طريقة التفكير، واللاوعى بالعلاقة بين الأسباب والنتائج، وتفاوت مفاهيم القوة وأنواعها. هل لا يخاف المصريون من…