عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

عاداتهم في الكتابة

السبت ١٤ ديسمبر ٢٠١٩

من أشكال التلصص على الكاتب محاولة النبش في تفاصيل اللحظات التي تسبق أو ترافق ولادة أو إنتاج النص أو الكتابة، فكيف يكتب؟ أي مكان وزمان يختار؟ هل يكتب منعزلاً أم وسط الناس؟ هل ينتابه قلق ما قبل الولادة أم يأتيه الإلهام طائعاً مختاراً ؟ هل يسمع الموسيقى أم يحبذ الصمت حتى لا تتفلت الفكرة، أم بإمكانه الكتابة وسط الحشود: في المقهى مثلاً، أو في قطار المساء المغادر إلى مقر إقامته، أو في المطار وهو يناظر الإعلان عن رحلته؟ وكيف يقبض على الفكرة: أثناء السباحة أم المشي الطويل أم وهو يغطس لساعات في مغطس الحمام؟ علمتني الكتابة اليومية أن أكتب تحت كل الظروف: فلا استسلم لتقلبات المناخ، ولا يزعجني ضجيج المسافرين في محطات القطارات والمطارات، كما أن بإمكاني أن أكتب في المقهى وأنا أتناول الغداء مع صديقاتي! الأمر له صلة بعلاقتنا بالكتابة، بمرونة أجسادنا وأذهاننا، بمدى التزامنا ورهافة لياقتنا الأدبية، حضور الفكرة وثراء القاموس اللغوي الذي يسعفك متى شئت، وكم مضى عليك وأنت تحرث حقول الكتابة طيلة الوقت.. أليس عليه أن يكون خصباً بما فيه الكفاية بعد هذا العمر؟ يذكر في هذا السياق، أن عميدة الرواية البوليسية أغاثا كريستي كانت تأتيها أفضل الأفكار في الحمام كما قالت، فكانت تجلس في البانيو ساعات طويلة حتى تجد القصة الملائمة، وتضيف:«لا أستطيع وضع التصاميم…

حين نسافر..

الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠١٩

السفر نعمة كبرى، وكل الذين سافروا يعرفون المعنى الحقيقي لهذه النعمة، يعرفون أنك حين تسمع عن عجائب الدنيا، وعن قصور تشبه تلك القصور التي جاء ذكرها في حكايات ألف ليلة وليلة، وأنك حين تقرأ عن طبيعة المجتمعات وأخلاق الناس في المجتمعات البعيدة سيختلف الأمر تماماً عما ستراه حين تسافر إليهم وتشاهد بعينيك وتشعر بعظمة حضاراتهم بجميع حواسك. السفر كحاسة سادسة تهبنا إياها الحياة لتتسع مدارات الرؤية وآفاق المعرفة وأسرار الحواس الخفية. وحين تسافر تختلف رؤيتك للأمور لأنك ترى وتلمس وتتفاعل، تغني في الشارع مع فرق الموسيقى، وتقف مشدوهاً أمام القصور والشواهد، وتتعجب من قدرات الإنسان الهائلة وهو يطوع قوى الطبيعة ويبني الحضارات، فتتعلم كيف تقدر ذلك كله وتنحني له احتراماً. ساعتها يكون لك مطلق الخيار في أن تحب أو تكره، أو تتخذ الموقف الذي تراه مناسباً، دون توجيه أيديولوجي أو سياسي من أحد ما. في طفولتنا، حين وقعت بين أيدينا كتب كثيرة، لعبت دورها في إفساد مفاهيمنا أحياناً، وحشونا بالأكاذيب أحياناً أخرى، تلك الأكاذيب التي لم تصححها سوى القراءة الصحيحة والسفر، فقد كتب أحد أصحاب تلك الكتب يقول: «لقد سافرت للغرب فوجدته مليئاً بالفجور والتفسخ الأخلاقي، وأن لا عائلة ولا قيم هناك»، كتب ذلك بعد زيارة قام بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية كما قال، ولقد صدَّقه الناس وآمنوا بما قال…

المكتبة الجديدة!

السبت ١٢ أكتوبر ٢٠١٩

منذ أن نقلت كتبي إلى الطابق الأرضي، وصممت مكتبة جميلة وضخمة، تتسع لكل تلك الأرانب الملونة والثرثارة التي تملأ الطابق العلوي من البيت، وأسئلة الكبار والصغار في العائلة لا تكف عن التناسل.. سألت الصغيرة التي تحمل اسمي: هذه مكتبة حائط جديدة أليس كذلك؟ أتمنى أن تكون لي مكتبة مثلها! انتفضت أمها على وقع الأمنية: لا أريد مكتبات في بيتي، هل تريدين كتباً؟، تعالي هنا واقرئي كما تشائين، لا ينقصني مزيد من أعمال التنظيف! نظرت الصغيرة إلى وجه والدتها الغاضب، وبهدوء ملائكي متحدٍ ومستسلم معاً، أجابت: لا أقصد بيتنا الآن، أقصد بيتي عندما أكبر، لقد كانت كمن سكب برميل ثلج على رأس والدتها، وابتسمت في أعماقي، منتصرة للصغيرة طبعاً! يقول أخي: هل قرأت كل هذه الكتب؟ يسأل الآخر: متى ستقرئين كل هذه الكتب؟ يسأل ثالث: بكم اشتريت هذه الكتب؟ ويضيف: كيف رتبت مكتبتك؟ أجبت كما ترى! تقول شقيقتي: شكل المكتبة جميل وظريف، تقول جارتي: المكتبة متناسقة مع ديكور المكان، تقول الخادمة: لقد أضيف عبء جديد على التزاماتي في هذا المنزل. أما والدتي، فبقدر حبها لكتبي، فقد قالت: لن نجد مكاناً يتسع لنا نحن والكتب!! وفكرت كيف أفسر عبارتها؟ هل تثني على اهتمامي بالكتب، أم أنها تتذمر منها بشكل بدا لي لطيفاً جداً؟ قبل عصر المكتبة الجديدة، كتبت عنها، عندما كنت لكثرتها…

ما الذي لا يقوله الكتّاب؟

الإثنين ٠٧ أكتوبر ٢٠١٩

ينتبه الكتّاب إلى أنهم يكتبون كل يوم، وأحياناً طيلة اليوم عن كل شيء، عن السياسة، الانتخابات، الفساد، الحروب، رحلات الفضاء، تعثر برامج التعليم.. لكنهم لا يكتبون عن تفاصيلهم الصغيرة وربما التافهة، ربما يظنون أنها لن تهمّ أحداً من القراء، وقد يكونون مخطئين جداً، فالعالم هذه الأيام يميل للأخبار التافهة أكثر من أي شيء آخر، أو قد يظنون أنهم مطالبون بأن يفصحوا عن أفكارهم في السياسة والثقافة والحياة، بينما في الحقيقة لا أحد يهتم بما يفكرون فيه وبما يعتقدون!! لكن لماذا لا يكتبون عن تفاصيل أيامهم المملة مثلاً أو الجميلة أو البائسة أياً ما كانت، عن السأم الذي يعانونه، عن الأوهام والأحلام، عن الأشخاص الممتلئين بعقد النقص، والذين يتسلقون كتف العالم كل لحظة، عن مغامراتهم المدهشة على بساطتها، عن كسلهم وأنانيتهم وعصبيتهم، عن عدم اهتمامهم بسحر الترتيب الياباني، وتبرّمهم من الرسميات، وعن مغادرتهم لأية حفلة من منتصفها، وأحياناً قبل أن تبدأ، لأنهم لا يطيقون عبارات الادعاء ووجود الأدعياء الذين يسدّون مسامات الوقت!! ذات يوم وصل الحال بالكاتب البريطاني الشهير جورج أورويل أن ضاق ذرعاً بكل ما يحيط به في محيطه العائلي الأرستقراطي: التعالي على الآخرين، التظاهر بغير الحقيقة، فهجر عالمه وانضم لهؤلاء، عاش عيشتهم، وجاع مثلهم، ودخل السجن معهم، وكتب تلك التجربة في كتاب له بعنوان «متشرداً في باريس ولندن»، مستخدماً…

ثقافة تويتر!

الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠١٩

ليس صحيحاً تماماً ما يقال من أن كبار الكتّاب والنقاد ينظرون إلى مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر، فيسبوك.. إلخ) بنوع من التعالي، وأنهم يتجنبون استعمالها! وفي ظني، أن هؤلاء النقاد والمفكرين على الرغم من جديتهم وصرامتهم في التعامل مع الوقت ومع عموم ما حولهم، يتبعون المنهج العلمي في التعرف إلى مستجدات محيطهم وتحولاته المستمرة، وهذا يتطلب ملاحظة الظواهر الطارئة، وتحليلها وتفكيكها إلى عناصرها الأولية، ما يجعلهم جزءاً منها، جزءاً مراقباً ومجرباً، وليس متعالياً ولا منسحباً لأي سبب! عادةً ما يحدث ذلك في كل مكان، كما في كل زمان، الأحوال لا تبقى على حالها، آفة الحياة الركود، وسنة نواميس الكون التغيير، وأن الثورة التقنية في وسائل الاتصال ووسائط التواصل ليست بالأمر الذي يمكن الإشاحة بوجوهنا عنه واعتباره «لعب مراهقين»، هذه ثورة مفصلية في التاريخ الإنساني للحضارة، وعليها تغيرت أنماط الاقتصادات وأنظمة الدول، وتأثرت أشكال وطبيعة العلاقات الإنسانية، إذن فقد أصبحت ثقافة مضافة لكل مظاهر الثقافات الإنسانية، لا مجرد كتابات على تويتر وفيسبوك وصور على إنستغرام ومقاطع على اليوتيوب! في الحقيقة، إن أزمة الإنسان في الواقع العربي أزمة قديمة ومتأصلة في جذور الفكر الديني كما في التقاليد السياسية والاجتماعية، أزمته مع مفهوم الحرية وكيفية التعامل معها بمسؤولية، بالتوازي مع كل الاعتبارات الأخرى، لذلك جاء كتاب الدكتور عبدالله الغذامي «ثقافة تويتر: حرية التعبير أو…

الإمارات.. هكذا صنعت مجدها!

السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠١٩

لا شيء يمكن أن يصف تلك الثقة الهائلة في حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عصر البارحة، وهو يتحدث مع رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري من داخل محطة الفضاء الدولية، الثقة ذاتها التي أخذت بيد هزاع ليكون ضمن طاقم رواد فضاء ينتمون إلى دول ذات كعب عالٍ في مجال أبحاث وريادة الفضاء كالولايات المتحدة وروسيا، بهذه الثقة نفسها وعد الشيخ محمد المنصوري وشباب وشعب الإمارات بأن رحلتهم الآتية ستكون للمريخ بإذن الله! لا نعجب من ثقة بو راشد، ولا من طموحاته اللامحدودة، ولا من هذه الرغبة في كسر أي حواجز تحول دون الإمارات وتحقيق المستحيل، لا نعجب لكننا نتأمل تلك اللحظة بكثير من الفرح، الفرح الذي غدا وطني الطابع وكونياً بامتياز، وهنا علينا أن لا نمرّ أمام لحظة دخول المنصوري المركبة الفضائية بصحبة الرواد الدوليين، فهذا الشاب ينتمي إلى دولة خليجية تُصنّف ضمن دول العالم الثالث، حديثة التكوين والنشأة، وكانت منذ نحو أربعين عاماً لا تمتلك جامعة وطنية على أرضها.. ومع ذلك... مع ذلك، فهذه الدولة نفسها هي التي وقفت كلها مع العالم تنظر إلى أحد أبنائها وهو يقول: «توكلنا على الله»، ويستعد للانطلاق إلى محطة الأبحاث الدولية يوم الأربعاء (25-9-2019)، بعد 48 عاماً من إعلان قيام دولته، دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة المؤسس وصاحب الأحلام العريضة المغفور له…

التوطين.. أين الخلل؟

الثلاثاء ١٧ سبتمبر ٢٠١٩

سألت أحد المديرين الإماراتيين؛ لماذا يميلون في الشركة التي يعمل فيها إلى توظيف الأجانب (من كل الجنسيات)، بينما الأولى توظيف شباب الوطن، ليس مِنَّةً أو تَفَضُّلاً أو تباهياً أمام المسؤولين، ولكن لأن هذا التوظيف حقٌّ بديهي لا يحتاج إلى نقاش، وهو ما يحصل في كل الشركات حول العالم، طالما وجد المواطن المؤهل لهذه الوظيفة؟ أجابني باختصار: الوظيفة في الشركات الكبيرة تحتاج إلى مؤهلات شخصية وعلمية وخبرات متنوعة إضافة للشغف، وامتلاك حسِّ التنافس وعدم الشكوى أياً كانت قسوة ظروف العمل، وهذه للأسف لا تتوافر في الكثير من شبابنا!. لم يتوقف الحديث بيننا، فقد ظنّ المدير أنه سدَّ عليَّ الطريق بِردّه القاطع، مفترضاً أن عليَّ أن أقتنع بأن كل هؤلاء الشباب الإماراتيين الذين يتخرجون كل عام في مختلف الجامعات والكليات، من داخل الإمارات أو من خارجها، لا يمتلكون المؤهلات التي تحدث عنها، فما ذكره من مؤهلات لا يعد تعجيزياً، أو أنه خاص بالأجنبي القادم من خلف البحار!. المسألة هي أن مسؤولي التوظيف لا يثقون بشباب الوطن، أو أن هناك لوبيات توظيف داخل بعض المؤسسات لصالح جنسيات محددة، وهذا قمَّة الاستخفاف بمصلحة الدولة!. أعرف شخصياً أن أحد المصارف الوطنية في الدولة، عيَّن شاباً من جنسية عربية في منصب مهم، ودون حتى أن تطأ قدماه أرض الإمارات وصله عرض العمل المغري جداً في بلده،…

حدث في ذلك العام..

الخميس ٢٩ أغسطس ٢٠١٩

أعتبر نفسي مشدودة إلى تتبع الأحداث التاريخية والسياسية، وحتى تلك الأحداث الاجتماعية التي تؤرخ ويشار إليها بالسنوات، هذا الولع بالتاريخ والتواريخ، أجد جذوره في دراستي للعلوم السياسية أولاً، وفي مادة التاريخ التي قمت بتدريسها لسنوات عدة، لكنني أجد في رواية الديستوبيا الشهيرة «1984» لجورج أورويل، بداية حقيقية لشغفي بالأعمال الأدبية والأفلام السينمائية والوثائقيات، التي تتخذ من التاريخ والأحداث منطلقاً لفهم ما جرى وما يجري عبر الزمن بترابطاته وعلائقه الممتدة والمتشعبة والغامضة!هنا سأستعرض عدداً من هذه الأعمال: فيلم «1994»: يحكي تلك الأحداث الدموية التي عاشتها المكسيك، إثر اغتيال الزعيم الثوري كولوسيو موريتا، ذي الـ44 عاماً، والذي كان أول مرشح رئاسي يتم اغتياله وسط أنصاره في تجمع انتخابي ضخم، عندما أخرج القاتل مسدسه وصوبه باتجاه رأس الزعيم ومن مسافة سنتيمترات قليلة، فكما يظهر في وثائقيات الفيلم، أنه في الثالث والعشرين من شهر مارس من عام 1994، وبينما كان كولوسيو يطلق وعوده بمستقبل أفضل للمكسيك ويحيي جماهيره، أقدم القاتل ويدعى ماريو مارتينيز على إطلاق النار على رأسه، ما أدى لوفاته مباشرة وفي أقل من خمس دقائق. الفيلم الآخر هو «1922»: هذا الفيلم مأخوذ من قصة قصيرة للكاتب ستيفن كينغ بالعنوان نفسه، تحكي عن قيام مزارع أمريكي بقتل زوجته بشكل بشع، بالاشتراك مع ابنه المراهق، كان ذلك في العام 1922، الإثارة ليست في الجريمة…

اللغة الغوغائية.. لماذا؟

الثلاثاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٩

جاء في كتاب «قصة عقل» لزكي نجيب محمود، أن «العربي بصفة عامة، أشدّ ميلاً، بحكم ثقافته، إلى العبارة المثيرة منه إلى العبارة المستندة إلى العقل»، فقد أثبت الواقع أن العرب بعيدون تماماً عن استخدام المنطق العقلاني في معظم مجالات الحياة وفنون التعاملات، وهم أكثر ميلاً لتوظيف لغة الوجدان والعاطفة في الآداب والثقافة والسياحة والإعلام والفكر والتعاملات الإنسانية عامة، ما يجعل ضوابط الإقناع والاقتناع والقبول والرفض، أموراً لا تحتكم لمنطق ثابت متفق عليه! يقول الكاتب في معرض دفاعه عن اللغة العقلانية: هناك فرق بين أن نقول (يقع الهرم الأكبر غرب النيل، ويبعد عنه 10 كيلومترات)، وبين القول (إن الهرم الأكبر يثير في النفس ذكريات مجد قديم يوحي بجلال الخلود)!! فالعبارة الأولى دقيقة واضحة، يمكن التثبت منها وتأييدها والاتفاق معها أو إثبات خطئها بعمليات معاينة دقيقة على أرض الواقع، أما الثانية فلا يمكن التأكد منها أو الاتفاق معها أو حتى الاقتناع بها، فهناك من ينظر إلى الهرم فلا يثير في نفسه لا جلالاً ولا مجداً ولا خلوداً، ما يجعل من التثبت والمراجعة أمراً غير مقبول أبداً، وهنا يقع البعض في أوهام اقتناعات لا أساس لها من الصحة تحت تأثير المزاج العاطفي العام! قد يصح استخدام لغة الوجدان والشعور والشحن العاطفي في الشعر والغزل مثلاً، وفي خطب الحماسة والمديح، لكنه لا يصح في…

الأسرار.. تاريخ آخر للمدينة!

الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٩

يصح أن توصف مدينة سان بطرسبورغ بأنها متحف ضخم تحت سماء مفتوحة على المدن والحضارات والشعوب، مدينة مترامية الأطراف، عاش فيها أباطرة وقياصرة وملوك اعتبروا في زمانهم من أغنى الناس على وجه الأرض، نظراً لتمدد إمبراطوريتهم وسيطرتهم على ثروات شعوب وبلدان بلا حصر، وهو ما يفسّر اليوم هذه الكنوز والمقتنيات الفخمة التي لا يمكن تخيّل مدى فخامتها وندرتها. إن هذه الكنوز والمقتنيات النادرة تعود لملوك وملكات وأمراء عائلة رومانوف، وهي كنوز تغطي كل مجالات الحياة؛ القصور، الحدائق، الثياب، المجوهرات الثمينة، أدوات الطعام المصنوعة من الذهب والفضة، اللوحات الفنية التي تعود لأهم وأشهر فناني أوروبا، الأثاث المذهب، والكثير مما لا يعد ولا يحصى. عندما أسسها الإمبراطور بطرس العظيم صاحب الإنجازات الكبيرة، أرادها أن تكون عاصمة للأباطرة، ومنفذاً على بحر البلطيق، وعنواناً ملائماً لثراء وعظمة آل رومانوف، إنها اليوم تتكئ على ذاك الماضي وتقتات من أسرار ذلك العهد، تلك الأسرار التي يأتي السياح من كل العالم بحثاً عنها واطلاعاً على عظمة ما تركه بُناتها. لقد كان الإمبراطور ألكسندر مثلاً، صاحب إنجازات لا تزال تُذكر في تاريخ روسيا، فقد بنى المدن والمصانع والجسور وشق القنوات وأرسل البعثات الدراسية وفعل بقية الأباطرة مثله، وها أنت تطوف بأرجاء المدينة فلا يذكر منجز ضخم وذو أثر إلا من آثار أولئك الملوك الذين ألغي عهدهم وقضي على…

عفواً.. اتحاد الصحفيين العرب

الثلاثاء ٢٣ يوليو ٢٠١٩

جاء في بيان صحفي «صادم» صدر صباح البارحة عن اتحاد الصحفيين العرب يفيد نصّه بأن: وكالات الأنباء تناقلت عن مصادر «إسرائيلية» (مجهولة كما دائماً) خبراً حول وصول وفد مكوّن من 6 صحفيين عرب في زيارة لإسرائيل تشمل مركز تخليد ذكرى الهولوكوست، والكنيست الإسرائيلي وغيرها! أما في التفاصيل التي لا أساس لها من الصحة فإن الوفد مكوّن من صحفيين ينتمون لكل من: الإمارات، البحرين، السعودية، العراق، وفيما وراء الكواليس فإن أحد الاتحادات الصحفية العربية قد مارست ضغطاً كبيراً على السيد مؤيد اللامي للإسراع في إصدار بيان عاجل بالإدانة، وقد صدر البيان بالفعل، دون أي تثبّت من الموضوع! وبطبيعة الحال، فإن جمعية الصحفيين الإماراتية قد أدانت البيان، وأنكرت أدنى صلة لها بكل ما جاء فيه، وناشدت الاتحاد العام أو أية جهة أخرى عدم الزجّ باسم الإمارات في هكذا أخبار أو مبادرات ملفقة وكاذبة وإحداث شق في العلاقات بين الصحفيين الإماراتيين والأخوة العرب، أو التشكيك في موقفهم الثابت من القضية الفلسطينية، الذي هو موقف ثابت في السياسة الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة. العجيب أيضاً أن الاتحاد عاد مع نهاية مساء البارحة لينفي كل ما جاء في بيانه الصباحي المرفوض جملةً وتفصيلاً، دون أن نعرف نحن كصحفيين إماراتيين لماذا تم إصدار بيان خطير كهذا، دون تثبت أو تيقن من قبل اتحاد يرأسه صحفيون كبار…

لا تصنعوا مزيداً من السفهاء!

السبت ٢٠ يوليو ٢٠١٩

على حسابه في تويتر، كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هذه التغريدة: «علمتني الحياة بأننا في زمن نحتاج فيه للكثير من العمل والقليل من الجدل، نحتاج حولنا مزيداً من الحكماء لا السفهاء». قد يصلح البعض لأن يرافقك في كل الأوقات، لكنك في تلك الأوقات التي تعلم تماماً أنها تتطلب الكثير من العمل والجدية فلن تفكر بغير الحكماء والجادين، أما «السفهاء» فلا يفكر بهم أحد إلا في تلك الأوقات المستقطعة بين زمنين، الأوقات التي تهدرها متعمداً لأنك تريد تخفيف ضغوطات الحياة عن نفسك.في أيامنا هذه راجت تجارة الثرثرة، وأصبح للثرثارين مكانة بارزة، يجلس أحدهم أمام كاميرا هاتفه ليتحدث في كل شيء، فيما يعلم وفيما لا يعلم، في تفاصيله الشخصية التافهة، وفي قضايا الساعة، في الهدايا التي تصله، أنواع الماكياج الذي تستخدمه إحداهن، العيادات التي تدعي أنها تتردد عليها، والكثير من التصرفات الغريبة وأحياناً المستهجنة والمرفوضة اجتماعياً!هؤلاء الأشخاص الذين صنعهم المجتمع، وأوصلهم لمرتبة المشاهير، الذين أصبحوا يشترطون مبالغ بمئات الآلاف لحضور مناسبة أو تغطية حدث، أصبحوا ينظرون إلى أنفسهم بنوع من الإجلال وللآخرين بكثير من الترفع، لِم لا وقد حوّلتهم الجماهير إلى ما يشبه الأيقونات المقدسة؟! وقد صدق الفيلسوف والروائي الإيطالي الشهير أمبيرتو إيكو حين انتقدهم قائلاً: «إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لكثير من الحمقى، ممن…