حمد الكعبي
حمد الكعبي
رئيس تحرير صحيفة الاتحاد

الفاعلية الألمانية

الأربعاء ١٢ يونيو ٢٠١٩

في 19 سبتمبر 2016، دهس إرهابي كان يقود شاحنة عشرات المتسوقين في سوق عيد الميلاد في مدينة برلين، فقتل 12 شخصاً، وجرح كثيرين، في جريمة، تبناها تنظيم «داعش»، وشكّلت صدمة كبيرة للدولة الاتحادية، التي كانت من أوائل دول القارة الأوروبية ترحيباً باللاجئين السوريين، مثلما ظلت طوال العقود الماضية الأكثر دعماً وتعاطفاً مع قضايا العرب، والمنطقة عموماً. اليوم، يزور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان النصب التذكاري لضحايا هجوم برلين، في خطوة تتجاوز الأبعاد الرمزية والبروتوكولية، إلى موقف إماراتي ثابت من الإرهاب ومراجعه الفكرية، وأذرعه، وبيئاته وحواضنه الثقافية والاجتماعية، وإلى رسائل سياسية، تدعو المجتمع الدولي إلى الاقتراب أكثر فأكثر من فهم منطقتنا، ومنطلقات الصراع فيها، وكيف عبثت تنظيمات ودول متطرفة بالإقليم، ولا تزال ترسل الإرهابيين لإطلاق الصواريخ، وتفخيخ السفن. ألمانيا الاتحادية تستقبل سموه للمرة السادسة، منذ العام 2006، ثم ثلاث زيارات للمستشارة أنجيلا ميركل إلى الإمارات، وبين البلدين أطر وقنوات كثيرة للتعاون السياسي والاقتصادي واتفاقيات علمية وشراكات تجارية، وتعتبر الإمارات مقراً إقليمياً لعشرات الشركات الألمانية، وتتطلع الدولتان إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى أكثر من 48 مليار درهم في 2017. ومن المعروف عن السياسة الخارجية الألمانية أنها تولي اهتماماً استثنائياً بعلاقتها مع الدول العقلانية المعتدلة، ويعتبر ذلك أساساً للعلاقات الاقتصادية، ويتيح مزيداً من الثقة المتبادلة، التي تمنح أفضلية…

قمتان لاختبار تماسك العرب

الخميس ٣٠ مايو ٢٠١٩

مهما كان سقف التوقعات منخفضاً في الشارع العربي إزاء التئام القمم، إلا أن انعقادها على نحو عادي أو استثنائي، يظل مصلحة عربية، وإن حققت أدنى الطموحات في لقاء القادة، وإصدار بيان ختامي، يؤكد في النهاية أن ثمة منظومة مؤسسية للعمل العربي المشترك، وعلى من يريد أن يكون جزءاً منها أن يراجع مواقفه واصطفافاته في الإقليم، خصوصاً على وقع التصعيد العسكري، واستعراضات القوة والهيمنة في المنطقة. قمتان طارئتان، عربية وخليجية، دعا خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، لانعقادهما في مكة المكرمة اليوم، وهما لا تنشدان المستحيل، حين تضعان الدول العربية أمام استحقاق مواجهة التهديدات والأطماع الإيرانية في محاولات الهيمنة على القرار والأرض والمياه في المنطقة، والانفراد بتقرير مصائر دول، تحتل مقاعد في الجامعة العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية. إيران هي إيران، مرشدها الأعلى يتحدث عن لجان ثورية، تتابع قضايا المسلمين في العالم، بكل ما ينطوي عليه ذلك من استعلاء وأوهام، وهو يعني خريطة مذهبية، يحلم برسم حدودها وألوانها، فيما وزير خارجية طهران يجول في آسيا، محاولاً إقناع قادتها بأن الأزمة إيرانية-أميركية فقط، ولا تتعلق بالتهديد المباشر لدول عربية، والتدخل في شؤونها، ولا بإرسال الإرهابيين للاعتداء على السفن في المياه الإقليمية، ولا بتهريب الصواريخ إلى الحوثي، لاختبار مداها في السعودية، حيث أقدس بقاع الأرض، وحيث مكة المكرمة؛ المركز الروحي للمسلمين…

«أزمة إدارة»..!

الثلاثاء ٢٨ مايو ٢٠١٩

الإدارة العامة أكثر الأنظمة الحكومية عرضة للانتقاد، وأحياناً السخط في العالم العربي، فالنتائج تشير غالباً إلى سطوة المركزية، وشيوع الممارسات القديمة في التعامل مع الموارد البشرية، وزيادة الترهل والبطالة المقنعة، والأسوأ يكمن في تجاوز القوانين، وانتشار الفساد الإداري. ومع أن الثورة الصناعية الرابعة، فتحت آفاقاً كبيرة أمام تحديث إداري عام في الإدارة وفلسفتها ومناهجها، إلا أن مستوى الرضى الشعبي عن كفاءة الإدارة العامة عربياً، لم يتغير عن العقود الماضية، فليس المهم أن نستخدم الكمبيوتر والهاتف والتطبيقات الرقمية الجديدة في العمل الحكومي، إذا لم نكن قادرين على استيعاب التكنولوجيا، بوصفها أداة تطوير وحداثة. لدينا في بعض الدول العربية أشكال وممارسات إدارية موروثة من عصور وجود العثمانيين والبريطانيين والفرنسيين في منطقتنا، وهي وإنْ أصبحت تاريخاً مستقراً في الأرشيف بالنسبة لهم، إلا أن بعضها لا يزال مطبقاً في أكثر من بلد عربي، ما يستدعي وضع تحديث النظام الإداري العربي في رأس أولويات العمل العربي المشترك، فإنْ لم ننجح سياسياً في بناء تكتل إقليمي عربي، تحت مظلة الجامعة العربية، فلا أقل من أن نصنع أكثر من فارق في بلورة أنظمة إدارية قادرة على التكيف مع القرن الحادي والعشرين. صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أطلق قبل أيام «جائزة التميز الحكومي العربية»، بالتعاون بين حكومة الإمارات والمنظمة العربية للتنمية الإدارية في جامعة الدول…

رهانات إيران

الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠١٩

الواضح، أن إيران لا تتعلم من التجارب والأزمات، ولا تزال تقرأ تحولات المشهد الدولي والإقليمي، كما لو أنها تعيش في تسعينات القرن الماضي، فكلما اندلعت أزمة استدعت مخزونها الإنشائي، ضد «الاستكبار الأميركي»، والدعاء على الولايات المتحدة بالموت والهلاك، وفِي الخفاء ممارسة أكثر أنواع «التقية» السياسية انكشافاً وسطحية. أميركا تعزز حضورها العسكري في محيط إيران، ورئيسها يتحدث بأكثر اللهجات السياسية قوة وحزماً وتهديداً. ومع ذلك لا ترى طهران في قاذفات «بي 52» ولا في حاملة الطائرات «يو أس أس أبراهام لينكولن»، ولا في الظاهرة الترامبية التي تجتاح العالم، أكثر من «حرب نفسية» و«مناورة سياسية»، ولا تزال تراهن على موقفي روسيا وأوروبا في شأن تديره الولايات المتحدة، بنفوذها التاريخي الواسع في العالم، والآن برئيسها، القادر على خلط الأوراق كلها في الإقليم، لمجرد تغريدة على حسابه في «تويتر»، دون أن يأبه لما يقوله خصومه الديمقراطيون في الكونجرس، المنشغلون اليوم بالبحث عن منافس له في انتخابات 2020. الرهانات الإيرانية تداعت عملياً في السنوات الأخيرة، فثمة حدود في السياسة الدولية وفِي تقاطع المصالح، لا تتجاوزها روسيا وأوروبا، وتفضلان إزاءها تجنب أية مواجهة اقتصادية أو سياسية مع الولايات المتحدة، فلديها رئيس لم يتردد عن مناوشة الصين، العملاق العالمي الجديد، فرفع قبل أشهر قليلة، الرسوم الجمركية على السلع الواردة منها، بنحو 200 مليار دولار، وهدد بالمزيد، وهو…

البيعة للإمارات.. فقط

الأحد ١٩ مايو ٢٠١٩

لكل دولة دستور وعلم وقيادة، وثوابت وطنية ومصالح أساسية، والخروج على أي منها، ليس معارضة سياسية، بقدر ما هو خروج عن البلاد نفسها، واصطفاف ضدها، لمصلحة غايات شخصية أو تنظيمية، أو سوى ذلك، مما يرقى إلى الخيانة الوطنية أحياناً. لا غموض في واقعنا الإماراتي من هذه الناحية. لدينا بلاد توشك أن تبلغ نصف قرن من الاتحاد والتنمية والرفاه، وقيادة محل ثناء العالم اتزاناً وعقلانية وحكمة، و«بيتنا متوحد» تحت علمنا، ولا نعاني من ارتباك الرؤية في خياراتنا. نحن مع بلادنا وقيادتنا دائماً، ولا نقبل بأوهام التنظيمات العنيفة، ولا بما تبيعه من أكاذيب، ولا بأي بيعة، إلا بيعة خالصة للدولة، ورئيسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. وأن يعود المواطن عبدالرحمن بن صبيح السويدي، المدان في قضية التنظيم السري «الإخواني» إلى ثوابت الإمارات، فذلك صواب مطلوب، وإن تأخر، ويكشف مجدداً سوء المخطط الذي سعى «الإخوان» إلى تنفيذه قبل أعوام ضد أمن الإمارات واستقرارها وشرعية قيادتها، كما يؤكد عدالة القضاء الإماراتي في استخلاصه وحكمه على أفراد التنظيم السري، الذين حاولوا نقل الفوضى إلى بلد راسخ في التنمية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون. السويدي، الذي عفا عنه رئيس الدولة، نقض بيعته لـ«الإخوان»، وخرج من التنظيم، بعدما تبينت له شرور وأخطار ما كان يدبره للإمارات، حينما استغل المتطرفون صعود خطابهم في سنوات «الربيع» المؤلمة،…

جيل «الثورة الرابعة» يفضل الإمارات

الأربعاء ٠١ مايو ٢٠١٩

9 من أصل 10 مشاركين في استطلاع «أصداء بي. سي. دبليو السنوي الحادي عشر لرأي الشباب العربي» يعتبرون الإمارات دولة حليفة لبلدانهم، أي بنسبة 93% من عينة الدراسة البالغة 3300 شاب وشابة، تتراوح أعمارهم بين 19 و24 عاماً، وينتمون إلى 15 دولة في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا. وللعام الثامن على التوالي، لا تزال الإمارات في مقدمة البلدان التي يتطلع الشباب العربي إلى العيش والعمل فيها، ويريد لبلدانه أن تقتدي بها، وهو يفضل الإقامة فيها على الولايات المتحدة وكندا ودول أخرى، في تطابق مستمر مع استطلاعات دولية وعربية، خلصت إلى النتيجة نفسها. نعرف ما فعلنا طوال العقود الماضية حتى نكون أرضاً لأحلام الشباب العربي، والشريحة العمرية المستطلَعة عاشت السنوات الأخيرة، بكل خيباتها وانكساراتها. شاهدت كيف وجّهت دول في المنطقة مقدراتها البشرية والاقتصادية نحو افتعال الأزمات وتمويل الإرهاب ودعمه، وكيف وضعت دول أخرى أولويات التنمية في خدمة مخططات ومشروعات، لا تتصل بحياة الناس ومستقبلهم، واختبر الشباب في بلدانهم أكثر من محنة، في أسواق البطالة والإحباط والتطرف. في المقابل، راقب الشباب العربي النهضة الشاملة في بلادنا. وقرأوا قصص نجاح لشباب مثلهم، استفادوا من مناخات الأمان والاستقرار والتنمية، فتهيأت أمامهم الفرص لمشروعات صغيرة ومتوسطة، أتاحتها البيئة الاستثمارية المنفتحة على المواهب والإبداع، والتنافسية العالية في سوق الوظائف، مع مزيد من التشجيع والتسهيلات المقدمة من الدولة،…

الحذر واجب..

الأحد ١٤ أبريل ٢٠١٩

استوعبت الشعوب العربية الدرس جيداً. ولم يعد ممكناً خداعها بالأجندات المريبة، ولا بالتشكيك في مطالبها الاجتماعية الأساسية، ولا حتى بتخويفها بمصائر الآخرين. وهي حين تنشد الخبز والأمل، تسأل عن عقود من الإخفاق التنموي، وتريد الحد الأدنى من الحقوق المشروعة، وعلى مَن تعود على ركوب الأمواج في تحركات الشعوب العادلة، أن ينظر خلفه، ويرى أن البلدان نجت، أو تكاد، فيما هو يغرق وحده. السودان، بوعي شعبه، وبتجاربه الطويلة في التعامل مع الأزمات، سيعبر هذه المرحلة بالخيار الذي يراه مناسباً، وحوله على امتداد الخريطة العربية كثير من الدروس، وأقربها إليه في وادي النيل، حيث تسلق التطرّف وجماعاته على أكتاف الشباب، وأحلامهم، وسعى إلى تحويلها كوابيس من ظلم وظلام، قبل أن يستدرك المصريون الكارثة، ويتبينوا الزيف من الحقيقة، ويقرروا مصير بلادهم، على النحو الذي نراه الآن، من عودة مصر إلى دورها القيادي في العالم العربي. السودان في عهدة جيشها الوطني، والمؤسسة العسكرية والشارع متفقان على الانتقال إلى حقبة مدنية من الحكم. الأولوية للأمن الآن، ولقراءة ما يريده السودانيون من مستقبل، والبلاد تعيش حالياً توحداً وطنياً ملحوظاً، وهذا يعني أن المخاوف التي رافقت حركات الشعوب العربية في السنوات الماضية، في حدودها الدنيا، فالتطرف لا ينفذ إلا من الفوضى، أو من وضوح حاضناته الاجتماعية وجاهزيتها، أو من استغلال الممولين الجاهزين للخراب. الحذر السوداني المأمول يكمن…

صواب الإمارات.. والإرهاب في نيوزيلندا

الثلاثاء ٢٦ مارس ٢٠١٩

عندما كانت التنظيمات الإرهابية تفجر المساجد والكنائس في العالم العربي قبل سنوات، نبّه الخطاب الرسمي الإماراتي إلى أن المنطقة إزاء ظاهرة تطرف متفاقمة، مع علو موجة التشدد الديني، وتوقع أن التوحش المدفوع بالكراهية سيكون أكثر دموية ودماراً، كما أن الحلول العسكرية، على أهميتها وضرورتها، تظل غير كافية، ما لم يرافقها تجفيف ثقافي ممنهج للبيئات والحواضن الراعية للتطرف والإرهاب. كانت أعواماً صعبة، بعد العام 2011. «الإخوان المسلمون» انتهزوا «الربيع»، واعتبروا أن الظروف التي أدت إليه تمنحهم وكالة حصرية لتمثيل الشارع، ثم اتخذوا العنف والتآمر طريقين لأجندات بولاءات خارجية، وذلك قبل ظهور «داعش»، وإعلان دولتها في 2014، وما أعقب ذلك من جرائم ومشاهد همجية في الذبح والتفخيخ، وارتكاب الفظائع. الإمارات جزء أساسي وفاعل من الحرب الدولية على الإرهاب، لكنها خارج ذلك، ابتكرت مشروعها التنويري الخاص، وأدركت أن ظاهرة التطرف لا ترتبط بدين معين، بقدر تعبيرها عن واقع ثقافي معين، يسود فيه خطاب واحد، يحتكر صحيح الدين وصواب الإنسان، ويقصي كل اختلاف، والأسوأ من ذلك أنه نهج تكفيري، قائم على العنف المباشر، بعد الكراهية والإقصاء. مدّت الإمارات الجسور مع المراكز الروحية المعتدلة في العالم العربي، لا سيما الأزهر الشريف، وأسست مراكز بحثية وتنويرية لمواجهة التطرف، مثل «هداية» و«صواب» و«مجلس حكماء المسلمين»، وقررت أن المعركة الأساسية مع التطرف يجب أن تبدأ من الثقافة، بتنقيتها…

شراء القلق من سوق الأوهام

الأحد ٢٤ مارس ٢٠١٩

تفترض الدعاية القطرية أن حادثاً عرضياً سيقع في محطة براكة للطاقة النووية الإماراتية، وينجم عنه غبار مواد مشعة، يصل إلى الدوحة بين 5 إلى 13 ساعة، كما تفترض أن أي تسرب إشعاعي سيكون مدمراً للمياه في المنطقة التي تعتمد على إمدادات مياه التحلية. «حادث عرضي» و«تسرب إشعاعي» تخترعهما دعاية قطر عن محطة نووية قيد الإنشاء، في إطار مشروع الإمارات السلمي لاستخدام الطاقة النووية. ثم تتقدم بشكوى، بهذا المضمون المثير للسخرية والشفقة، إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. الدول التي تمتلك الحد الأدنى من تقدير ذاتها لا يمكن أن تلجأ إلى مثل هذا التزييف المكشوف، للتعبير عن غيظها وحقدها على المشروع الإماراتي التنموي والتنويري، الناهض باحترام في الإقليم والعالم، وهو قطعاً مشروع مضاد للتطرف والإرهاب واليأس. «براكة» لم تشغل رسمياً، ونتوقع ذلك العام المقبل، وذلك قبل الحديث عن خرافة قطر نفسها، أما مفاعلات «أراك» و«بوشهر» و«قم» و«أصفهان»، وغيرها من المحطات النووية الإيرانية التي تستخدم تكنولوجيا قديمة، فهي لا تحتمل حوادث عرضية، ولا تسرباً إشعاعياً، وذلك ليكون كذب الدعاية القطرية بائساً ومغرضاً وعديم حيلة، خصوصاً أنهم يعرفون أن الإمارات استقبلت عشر بعثات دولية متخصصة في السلامة النووية، وبنت مشروعها على تقنية الجيل الثالث، وفي أعلى المعايير العلمية الدولية لسلامة النشاط النووي. وقبل ذلك، فإن أبوظبي تستضيف مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا». ومما…

أولمبياد المشاعر..

الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٩

كثيرون لا يتخيلون أبعاد التنافسية الرياضية وأهميتها في عالم «أصحاب الهمم». وربما يعتبرون مستواها أقل، وشروطها أكثر تساهلاً، بالمقارنة مع المسابقات الخاصة بالرياضيين الذين لا يواجهون تحديات الإعاقة، ويخضعون للقوانين الدولية المعروفة لدى جمهور الألعاب المختلفة. الأولمبياد الخاص للألعاب العالمية- أبوظبي 2019، أظهر صوراً نادرة من التنافسية العالية، شاهدناها بوضوح في تفاصيل المسابقات على أرضية الملاعب. رأينا رياضيين مصابين بمتلازمة «داون» بتركيز عالٍ، لأجل النقاط والفوز، وبقدرات ومهارات، تتخطى فكرة الإعاقة إلى الاندماج مع حماسة الجماهير، والتجاوب معها بشغف وفرح. رأينا دموع فرح العائلات في المدرجات، وزهو اللاعبين على منصات التتويج. إنه أولمبياد المشاعر. فهذه المولدافية ألاخندرا (71 عاماً) التي ترأس وفد بلادها، ترى أن الحدث إنساني بالدرجة الأولى، ويتعلق بشريحة، تسعى إلى الاندماج الاجتماعي من خلال الإبداع الرياضي. وهذه والدة سبّاحنا الدولي عبدالله الشامسي تبكي فرحاً، عند بلوغه نقطة النهاية في سباق 50 متراً، وتتويجه بالميدالية الذهبية. المشاعر الوطنية أيضاً، واعتزاز الشعوب بأبطالها وبطلاتها وأعلامها، تداخلت مع المشهد العام في أبوظبي في عام التسامح، وفي تفاصيل كثيرة، رصدتها الكاميرات على المدرجات وفي الملاعب، فقد أمكننا أن نرى كيف احتفل جنوب السودان ببطلة شمال السودان الذهبية أروى صلاح بمسابقة رفعات القوة، وكيف التقى الوفدان بألوان قمصان مختلفة، وبمشاعر وطنية واحدة. في هذا السياق، كانت لافتة جداً مقارنة تيموثي شرايفر، رئيس…

«الجحيم القطري».. وخلية «داعش»

الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٩

«معتقل في قطر: رحلة إلى نهاية الجحيم القطري»، كتاب جديد، صدر الأسبوع الماضي في باريس، لمؤلفه الفرنسي جان بيير مارونجو، وهو كان محكوماً بالسجن في الدوحة، على خلفية قضايا مالية، بعدما كان يدير شركة لمصلحة كفيله القطري. الكتاب، كما عرضته مجلة «لوبوان الفرنسية»، يكشف عمق العلاقة التنظيمية بين قطر وإرهاب «داعش». يروي مارونجو أن الدوحة اعتقلت 25 قطرياً تجندوا للذهاب إلى سوريا للقتال إلى جانب «داعش» في العام 2017، وسرعان ما اكتشف أن الأمر ليس سوى سيناريو استخباراتي تمثيلي، يمنح للصحافة الغربية قصة وهمية عن مكافحة الأمن القطري لـ«داعش»، في مرحلة تزايدت فيها الاتهامات الإعلامية لقطر بدعم التنظيم في سوريا، وإجراء اتصالات مع قياداته. وفقاً لمارونجو، فإن «معتقلي داعش المفترضين»، ليسوا سوى خلية تنظيمية، تدير السجن، وتبحث عن مجندين، فهم كانوا قادرين على مغادرة السجن، أو العودة إليه في أي لحظة، ويتزعمهم «أمير»، يُجبر السجناء المسلمين على إطالة لحاهم، ويمنع التدخين، والهواتف، ويفرض على غير المسلمين دفع الجزية، وكان على مارونجو أن يقدم للخلية قراءة للإعلام الغربي، وما يعرضه حول «داعش»، ثمناً لإعفائه من «رسوم الحماية» المفروضة على الأجانب، على أن يكتم كل ما شاهده من مظاهر حظوة الدواعش في السجن، تحت طائلة التهديد بالقتل. ما يعرضه الكتاب، لا يشكل مفاجأة لكثيرين، فالنظام القطري ارتبط علانية بعلاقات مع غالبية التنظيمات…

تحفيز التنمية الخضراء

الأربعاء ١٣ مارس ٢٠١٩

تاريخياً، لم تحل طبيعة المناخ، وقلة الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، دون عزم الإمارات على ابتكار الحلول في التنمية الزراعية، وكلنا يعرف أن خصائص التربة، ومكوناتها العضوية كانت تحدياً أساسياً، خاضه الشيخ زايد، رحمه الله، في ستينيات القرن الماضي، حتى انتشر الغطاء الأخضر في بلادنا، وأثبت خطأ كثير من الفرضيات عن استحالة الزراعة المستدامة في رمال الصحراء. كثير من أنواع الزراعات والأشجار والمحاصيل الموسمية، لم تكن تلائم بيئة الإمارات، قبل عقود، وبعضها يرتبط بمواسم مطرية ثابتة، وتربة غنية، وحرارة منخفضة، فكان أن ابتكرت الدولة أكثر من حل، يتلاءم مع خصائص المناخ، وشاهدنا إنتاجاً زراعياً محلياً في أسواقنا، لمحاصيل كان الحديث عنها ضرباً من الخيال، لارتباطها بظروف مناخية، غير موجودة في الإمارات. قفزة تنموية جديدة في هذا القطاع، نحو الاستفادة من التقنيات العلمية الحديثة في الاستدامة الزراعية، مع اعتماد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، منظومة من الحزم التحفيزية، بنحو مليار درهم، في مسعى لاستقطاب الشركات العالية والمحلية المتخصصة في التكنولوجيا الزراعية إلى أبوظبي، وهذا يعني أننا إزاء نمط زراعي جديد، يختص بالبيئات الصحراوية، التي نتشاركها مع كثير من دول العالم، ما يجعل أبوظبي مركزاً للابتكار الزراعي المتخصص. نصل إلى هذه المرحلة، بعدما اختبرنا حلولاً زراعية كثيرة، وأنشأنا صناديق استثمار في هذا القطاع، وحققت أبوظبي نجاحات لافتة في الزراعات المائية،…