حنيف حسن القاسم
حنيف حسن القاسم
كاتب إماراتي

راشد بن سعيد.. مدرسة الحكمة في القيادة

السبت ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٣

في مسيرة الدول والأمم يبرز قادة استثنائيون، يتركون بصمات خالدة في أوطانهم وفي وجدان شعوبهم، ويظلون ملهمين للأجيال برؤيتهم النافذة، وحكمتهم العميقة، القيادية، ومبادئهم الإنسانية. وفي تاريخ وطننا العزيز يحتل القائدان الاستثنائيان زايد وراشد تلك المكانة العالية في ضمير هذا الشعب الوفي. نستحضر اليوم، السابع من أكتوبر ذكرى وفاة باني دبي الحديثة وصانع مجدها العظيم، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، والحديث عن هذه القامة القيادية دائماً يملؤه الفخر والاعتزاز بما أنجزه راشد وحققه لوطنه وأمته. إذا استحضرت راشداً ذكرت الرؤية والجدية والمتابعة والالتزام، وذكرت معه علو الهمة والمثابرة والعزيمة والإصرار، وذكرت الهيبة والحكمة والوقار.. صفات نادرة لا تتحقق إلا في عظماء القادة وحكمائهم. كان الشيخ راشد مشاركاً فاعلاً في القرار السياسي والاقتصادي أثناء حكم والده الشيخ سعيد بن مكتوم، رحمه الله، وقد كان حاضراً في المشهدين السياسي والاقتصادي منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وأدى دوراً مهماً في ترسيخ الأمن والاستقرار وتثبيت دعائم الحكم في تلك الفترة. وعندما تولى الحكم في عام 1958 لم يستسلم للوضع الذي وجد إمارته عليه، من محدودية الموارد المالية والبشرية، وضعف البنية الأساسية، وقلة الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، هذا على الصعيد المحلي، أما على الصعيد الإقليمي، كان هناك الاضطراب الأمني بسبب التيارات الفكرية والصراعات الأيديولوجية التي كانت تعصف بالمنطقة في خمسينيات القرن الماضي وستينياته.…

إنها مدرسة محمد بن زايد

الثلاثاء ١٧ مايو ٢٠٢٢

الداخل إلى قصر البحر العامر في أبوظبي يأسره عبق جميل، تُجلّله روح زايد الخير، طيّب الله ثراه. تستحضر أركانه وساحاته عن بانيه أجمل الذكريات. وكأن تلك المواقع تقول: هنا كان يجلس القائد المؤسس، وهنا كان يلتقي أبناءه وزواره، ومن هنا كانت تنطلق كلماته البسيطة في ألفاظها، العميقة في معانيها ودلالاتها. هنا ترسخت قيم القيادة ومفاهيمها ومبادئها. وهنا مدرسته التي تخرج فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، امتداداً لنهج القائد الخالد، يحمل صفات الأب القائد، في صورته ومعناه. وهنا كذلك، يُسطِّر التاريخ مجداً جديداً، اسمه محمد بن زايد. إن استحضرت زايداً، ذكرته، وإن رأيت محمداً، ذكرت زايداً. محمد بن زايد، مثال رائع، يؤكد على خصوصية العلاقة بين شعب الإمارات وقيادته، هو عشق متبادل، هو الولاء مع الحب المطلق. لا تجد في هذا الوصل رياء ولا خوفاً. وذلك سر محمد بن زايد ومكانته الفريدة في القلوب. يأسرك بقيمه الإنسانية وأخلاقه النبيلة. مجلسه يقدم دروساً بليغة في الألفة والتواضع. سيّد المجلس يدور بنفسه على ضيوفه وزواره لمصافحتهم، في مشهد إنساني مفعم بالحب والاحترام والمودة. يسأل كل فرد عن حاله وحال أسرته، ولا يستعجل في الانصراف عنه، رغم الحشد الهائل من مرتادي هذا المجلس. العلامة البارزة محياه ووجهه الكريم، سعادة غامرة وفرح بهذا الجمع الذي يحتشد للقائه كل أسبوع. أما الحضور في مجلسه،…

في ذكرى القائد الملهم راشد بن سعيد

الأحد ٠٧ أكتوبر ٢٠١٨

نستذكر في هذا اليوم، السابع من أكتوبر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه. وهذا العام صادف كذلك مرور 60 عاماً على توليه الحكم في إمارة دبي، حيث تم تنصيبه في الرابع من أكتوبر من عام 1958. وقد أحسنت هيئة الثقافة والفنون في دبي صنعاً، عندما أصدرت بهذه المناسبة، كتاباً توثيقياً بعنوان "راشد.. قائدٌ استشرف المستقبل". ومثل هذه الإصدارات، مهمة للغاية؛ لأنها توثّق مسيرة العظماء، والذين إذا ذُكروا، كان الشيخ راشد في مقدمتهم. كما أن في مثل هذه الكتب، توثيقاً لمسيرة القادة الكبار، وفيها من الدروس الملهمة الكثير. قصة الشيخ راشد، ملحمة رائعة، تتلخص في بناء وطن، وتشييد نهضة، أساسها رؤية استثنائية للقيادة والإدارة، ثم عزيمة قوية لتحقيق الرؤية، وإرادة صلبة لمواجهة التحدي وتحقيق الإنجاز. لم تعرف أعوام حكمه الممتدة من 1958 إلى 1990 تردداً في اتخاذ القرار السابق لعصره، وأخذ المخاطرة المحسوبة، بل كانت مسيرة رائعة، شهدت ملحمة أسطورية في البناء والتشييد والعمران، حافلة بالتحديات الجسام، والتي استطاع أن يحولها بعزيمته القوية، وجهوده الجبّارة، ومثابرته منقطعة النظير، إلى فرص واعدة، حققت للإمارة ولدولة الإمارات العربية المتحدة، على حد سواء، مكانة دولية، وسمعة راقية، يشهد لها العالم بأسره. وخلف كل إنجاز بدأه راشد في أواخر خمسينيات القرن الماضي وستينياته، وسبعينياته، قصة مثيرة، فمن تعميق خور دبي…