حسين شبكشي
حسين شبكشي
اعلاميّ ورجل اعمال سعوديّ وعضو مجلس ادارة شركة شبكشي للتّنميّة والتّجارة وعضو مجلس ادارة مؤسّسة عُكاظ للصّحافة والنّشر

الرأسمالية المطلقة!

الثلاثاء ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٠

هل هناك ما يمكن أن نسميه ونطلق عليه وصف «الفساد المطلق للرأسمالية»؟ بعض الأحداث الأخيرة في عالم الأعمال تفتح المجال وبقوة غير مسبوقة لطرح هذه النوعية من الأسئلة ومحاولة الإجابة عنها بموضوعية واستقلالية تامة. هناك «تنمر» تشريعي ضد عدد غير بسيط من الشركات الجديدة العملاقة، التي تعمل في مجالات الاقتصاد الرقمي الجديد المتنوعة. ففي الغرب عموماً وفي الولايات المتحدة تحديداً، هناك شعور بالقلق والخوف والشك والريبة لا يمكن تجاهله جراء الزيادة الواضحة في «التأثير والهيمنة» على صناعة توجهات الرأي العام، وخطورة ذلك الأمر في الدول الديمقراطية. فالشركات التقنية الكبرى، هي التي صنعت «إعلاماً موازياً» سُمي بالإعلام الرقمي الجديد، وأثرت بشكل ملحوظ وكبير على توجهات الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جاءت بباراك أوباما (أول من فطن لأهميتها مع الناخبين من جيل الألفية واستغلها انتخابياً بشكل مؤثر وفعال)، ومن بعده دونالد ترمب وداعميه خلال انتخابات 2016، التي فاجأت نتائجها الجميع. المشكلة في التأثير المتزايد لهذه الشركات على الرأي العام ليس بالصورة البريئة الموضوعية، فهذه الشركات لها أهداف ومصالح تسعى لتعزيزها وحمايتها عن طريق ضمانة استمرارية تشريعات سياسية معينة. بمعنى آخر، ما كانت تمارسه الشركات الكبرى قديماً لحماية مصالحها عن طريق وسطاء محترفين يقبضون أتعاب نظير خدماتهم تحت مسمى قوى الضغط ليقنعوا المشرعين الدستوريين بوجهات نظرهم، أصبح اليوم يمارس بشكل مباشر على الرأي العام…

سلالة جديدة وأسئلة صعبة!

الثلاثاء ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٠

مع كتابة هذه السطور، كانت ردود الفعل الكبيرة من مختلف وشتى دول العالم تتسارع، والإجراءات الاحترازية المشددة تعود مجدداً للتعامل مع السلالة الجديدة المحورة والمتطورة من جائحة كوفيد – 19، التي انتشرت بشكل عنيف ومدمر وسريع للغاية في المملكة المتحدة. وأدى هذا الانتشار إلى أن تغلق المملكة المتحدة على نفسها عن العالم، ليقوم العالم بإجراءات مشددة أدَّت إلى عزل نفسه عنها بداية من الدول الأوروبية نفسها، وكأن «بريكست» أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يصبح أكثر شراسة وأشد وحشية. ظهر المسؤولون البريطانيون على وسائل الإعلام المختلفة ليتواصلوا مع الشعب لأجل إبلاغهم عن وضع الصحة العامة في بلادهم، وكانوا فزعين ومرتبكين، وبدلاً من أن يبثوا الطمأنينة في الشعب البريطاني وبالتالي في العالم، أثاروا الفزع والخوف والهلع والقلق والشك والريبة. وحتماً كانت الإجراءات المتتالية من دول أخرى حول العالم للتعامل مع الوضع البريطاني، الذي كان بحسب وصف وزير الصحة البريطاني نفسه - الذي قال إنَّ «الوضع قد خرج عن السيطرة» - سبباً في زيادة الارتباك والحيرة من المجهول القادم، وخصوصاً أن حالة التفاؤل والنشوى الإيجابية جراء البدء في إجراءات تلقي اللقاح الذي طال انتظاره لوقت طويل جداً قد سادت الأجواء. المعلومات الأولية الخاصة بالسلالة الجديدة المحورة والمتطورة من جائحة كوفيد – 19، محدودة للغاية، ولكن لعل أهم ما ظهر منها حتى الآن…

حلم عودة العراق!

الثلاثاء ١٥ ديسمبر ٢٠٢٠

قالوا قديماً إن حضارات مصر والشام والعراق، هي السجل التاريخي المدون لمهد الإنسانية. ومع الأسف تنشأ أجيال تلو الأجيال لن تعرف من الشام والعراق إلا الصورة السيئة لواقع مؤلم. والعراق صاحب التاريخ التليد والماضي المجيد، أرض بابل وسومر والعباسيين. مهد شريعة حمورابي البابلية، أول منظومة حقوقية منظمة عرفتها البشرية، مكونة من 282 مادة قانونية شكلها الملك حمورابي سادس ملوك بابل الذي حكم 42 عاماً بدءاً من عام 1792 قبل الميلاد، وهي أيضاً بلاد ملحمة غلغامش أحد أهم النصوص الأدبية التي عرفتها الإنسانية في التاريخ، وهي نتاج الحقبة السومرية المهمة. خرج من العراق العلماء، والحكام والفقهاء، وكان دوماً واحة التعايش والتسامح والتعددية، ومع الوقت تحول إلى أهم مصادر الأدب والفنون والفكر في العالم العربي بأكمله. ولكن منذ الانقلاب عام 1958 في العراق، وأحواله لم تعد تسر، وأصبح يدخل في دهاليز المجهول مع كل منظومة حكم. انقلب العراق على نفسه، وأصبح طارداً لعقوله الجبارة وقدراته الاستثنائية، وانقلب المجتمع على نفسه عبر الزمن، لتحصل الصراعات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، فيختفي الوجود اليهودي، ويتقهقر الوجود المسيحي، ويضمحل الوجود الصابئي والإيزيدي، ويتزعزع الاستقرار الكردي، ويزداد الشرخ بين السنة والشيعة. سلسلة دموية من التخوين ورفض الآخر باسم الكل ولصالح الكل. في ذبح العراق الممنهج لم يتبق بريء. انتهيت منذ مدة من قراءة كتاب ممتع بعنوان «آخر…

السادات مكرماً

الثلاثاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٨

أعلن منذ أيام غير كثيرة في العاصمة الأميركية أن مجلس الشيوخ الأميركي وافق بالإجماع على مشروع قانون جديد يكرم فيه الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات. ومشروع القانون الجديد يمنح الرئيس الراحل الميدالية الذهبية للكونغرس، وذلك تقديراً لإنجازاته التاريخية ومساهماته الشجاعة في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط. ووضح الإعلان أن التكريم يأتي تزامناً مع مرور مائة عام على ميلاد أنور السادات (في 20 ديسمبر «كانون الأول» 1918)، و40 عاماً على توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل (17 سبتمبر «أيلول» 1978). ويأتي هذا التكريم لرجل لا تزال سيرته تثير الجدل وسط العرب حتى اليوم. في إسرائيل نفسها هناك رأي نخبوي وشعبوي بأنه الرجل الوحيد الذي استطاع أن «يخدع» إسرائيل، فعل ذلك حرباً وسلاماً؛ حرباً في 1973، وسلاماً حينما استعاد كل الأراضي المصرية. وعرض أكثر من مرة على الحكومات العربية الدخول معه في مبادرة السلام، ولكنها لم تستجب له، وتحاول اليوم الحصول على القليل مما كان يعرضه وقتها. والمدهش أن الجماهير العربية المغيبة لا تزال ترفع صوراً تمجد نماذج مثل صدام حسين وحافظ الأسد ومعمر القذافي الذين شردوا شعوبهم وأضاعوا أراضيهم. أنور السادات كان ماهراً في اقتناص الفرص مع منافسيه من الحرس الناصري الذي لم يكن مقتنعاً بأنه أهل لمنصب الرئيس، ولكنه باغتهم. وكذلك فعل بحربه في 1973 ضد إسرائيل…

كورونا والشفافية!

الجمعة ٠٢ مايو ٢٠١٤

لعل أهم ما كان غائبا في موضوع مرض فيروس «كورونا» بالسعودية هو المعلومة الدقيقة؛ فالمعرفة قوة والعلم نور والجهل ظلام. إذا الإنسان تزود بالمعلومة ومن مصدرها (أيا كان شكل المعلومة طالما كانت صحيحة وسريعة) فسيسد الطريق ويفسد المجال تماما على كل من يرغب في استغلال الظرف لنشر الإشاعات والقصص المختلقة الكاذبة. ففي عالم الاتصالات وعلاقتها بالحكومات والشركات والمؤسسات أصبح الجاد والمحترم منهم يتبع ما يطلق عليه استراتيجية التواصل، سواء كان التواصل مع المواطن والمقيم أو مع الزبائن والعملاء والضيوف، كلها سواء، لأن الغاية منها استحداث نموذج جدي للتواصل يُحترم فيه المتلقي تماما ويتم تزويده بالأرقام والإحصاءات والبيانات المطلوبة التي تنقل الواقع (مهما كان مؤلما)، فالغاية ليست تجميل أو تزيين أمر مقلق فهذا لن يحقق سوى «طمأنة» قصيرة الأجل، ولكن التعامل بمصارحة وشفافية وإفصاح سيبني جسورا من الثقة الطويلة الأجل. ليس معيبا ولا خطأ أن يجيء على أي بلد وباء أو مرض ويموت الناس بسببه، فهذه مسألة تتعايش معها وتتعلم منها البشرية بعمر الزمان نفسه، ولكن العيب الذي لا يقبل الجدل ولا النقاش هو التقليل من الحادث والواقعة بسبب أن الإعلان عنها معيب لنا. في قواعد التواصل هناك شروط مطلوب تحقيقها وخصوصا فيما يتعلق بمسألة إدارة الأزمات، أولها الاعتراف والإقرار بوجود مشكلة وعدم نفيها واللامبالاة ممن يقول بوجود المشكلة، فإذا كان…