جمال خاشقجي
جمال خاشقجي
كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية

لكل زمان دولة ورجال … وسياسة خارجية

السبت ٣١ يناير ٢٠١٥

تتغير سياسات الدول بتغيّر قادتها أو تغيّر الظروف أو دخول سياستها في طريق مسدود. كل هذا حصل للسياسة الخارجية السعودية، وبالتالي فإن من المنطق توقع تغيّر ما على تلك الجبهة، ولكن أين وكيف ومتى؟ الطريق المسدود في الشرق العربي المتداعي لم تدخله السياسة السعودية وحدها، بل دخلته معها السياسة الخارجية الأميركية، لذلك يبدو الحديث عن خلافات بين البلدين في تناول أحداث المنطقة غير ذي جدوى، ولكننا لم نرَ أو نسمع بخلافات يوم الثلثاء الماضي، عندما وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الرياض على رأس وفد عالي المستوى لم يقتصر على أعضاء من حكومته، وإنما جمع أصدقاء السعودية وأعداءه من الجمهوريين في مهمة استثنائية وهي تقديم واجب العزاء بالملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وتجديد العلاقة الاستراتيجية الحميمة في عهد ملك البلاد الجديد سلمان بن عبدالعزيز، فعقد جلسة عمل مطولة مع أركان القيادة السعودية الجديدة والتي جمعت لأول مرة ثلاثة أجيال: جيل التأسيس (الملك)، وجيل المرحلة الانتقالية (ولي العهد الأمير مقرن)، وجيل المستقبل (ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف). من الواضح أن أوباما والعالم معه يتعامل مع السعودية كثابت في عالم يتغير بل ينهار، ولكن هذه هي الحقيقة الوحيدة المتفق عليها، وتصبح ضبابية تماماً عندما يطرح السؤال: كيف نوقف انهيار الشرق العربي؟. لا بد من أن هذا السؤال كان حاضراً…

حديث لم ينشر مع الراحل عبدالله بن عبدالعزيز

السبت ٢٤ يناير ٢٠١٥

المملكة العربية السعودية بخير، مر الربيع العربي فمضى من حولها، شعرت به، أحست بهبوبه ورأت سخونته من حولها، ولكنها بحاجة إلى إصلاح، يعزز قوتها ويثبت استقرارها، والملك سلمان بن عبدالعزيز قادر على ذلك بحكم خبرته العريضة والعميقة في الحكم منذ أكثر من نصف قرن، وميزة أخرى اختص بها، أنه أكثر أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود شبهاً به في الحديث والهيئة، ومن أعرفهم به من خلال عنايته بتاريخه وتراثه، فهو المؤسس لدارة الملك عبدالعزيز المعنية بذلك. عبدالعزيز آل سعود، رجل الإصلاح الأول في جزيرة العرب بعد قرون من تجاهل التاريخ لها. ابن وفيٌّ لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية، ولكن فهمه لها لم يمنعه من الانفتاح على الحداثة والعالم. ابنه سلمان يعرف ذلك وفعله، ولكن هناك ميزة ثالثة ومهمة تجعل مهمة الملك الصعبة أسهل، وهي أن سلفه الراحل الملك عبدالله فتح باباً واسعاً للإصلاح، هذه الكلمة التي كانت قبل عقد من الزمان «حساسة» غير مستحبة، فسرتها بيروقراطية متكلسة أنها اعتراف بوجود أخطاء. الملك الراحل كان شجاعاً أن يقول لتلك البيروقراطية ومن خلال الإعلام، نعم هناك قصور وأخطاء تستوجب الإصلاح. كان الملك الراحل يمارس مع شعبه والبيروقراطية السعودية العتيقة ورجال الفكر والدين، سياسة متدرجة، تارة في دفعهم للإصلاح، وأحياناً أخرى «صادمة»، وذلك منذ أن كان ولياً للعهد وحتى قبل أشهر قليلة…

التستر و«داعش» وتوفيق الربيعة!

السبت ١٧ يناير ٢٠١٥

في السعودية، أضحى وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة الأكثر شعبية بين الوزراء، بعدما نشط في متابعة «الحال السائبة» للتجار، فأغلق متاجر كبرى تتلاعب بأسعار التخفيضات، وقبل ذلك أجبرهم على القبول بحق المواطن في إرجاع ما اشتراه، نجح أخيراً في توحيد نظام «الأفياش الكهربائية»، في المملكة بعد حيرة نصف قرن بين 3 أنظمة، الآن يخوض معركة مع مطوري العقار الذين يبيعون وحدات على الخريطة قبل استيفاء التراخيص اللازمة، ما أوقع كثيراً من المواطنين في مشكلات بعجز القضاء عن حلها بعد إفلاس التاجر أو اختفائه. إنجازات تبدو للمراقب البعيد بسيطة، غير جذرية، ولكنها مهمة لدى المواطن، ما يؤكد أن «أكل العيش» أهم لدى المواطن من قضايا «الهوية الثقافية» أو «تحري جذور الإرهاب» أو «حجاب المرأة»، التي نشغل بها المواطن نحن معشر الكتاب والفقهاء والخبراء ونفرضها عليهم، بينما كل ما يريده المواطن هو سكن مناسب ووظيفة لائقة، وأسعار معتدلة، وتعليم وصحة. ثم إذا كانت هذه الإنجازات بسيطة، فلماذا عجز عنها وزراء سابقون؟ بل ووزارات أخرى يفترض أن تشارك وزارة التجارة في هذه المهمات، ناقد آخر يقول، إن الوزير يقوم بما يفترض أن تقوم به هيئة حماية المستهلك، نعم هذا صحيح، فلماذا لم تقم بذلك الهيئة؟ ولكن يبدو أن الوزير الشاب ورّط نفسه في مواجهة كبرى، عندما أعلن أن وزارته ستطبق وبصرامة نظام مكافحة…

متى سينتصر «داعش» ؟ عندما نفكر مثله

السبت ١٠ يناير ٢٠١٥

لماذا استهدف «داعش» الأسبوع الماضي مركزاً حدودياً نائياً بين السعودية والعراق؟ الإجابة بسيطة، لأنه لم يستطع أن يضرب في قلب الرياض، ولو استطاع لفعل. عملية معبر «سهيل» بعرعر السعودية سهلة، جاء الإرهابيون من العراق حيث دولتهم المزعومة، يخطّطون ويتآمرون ويتدربون فيها، إذ إن السلاح والمتفجرات فائضة عن الحاجة، ولو حاولوا القيام بعملية مماثلة في الرياض لاحتاجوا إلى تهريب هذه الأسلحة وتخزينها في بيوت آمنة، يلجأ إليها شبابهم العريقون في الإرهاب والمجندون الجدد، يخشون من المباحث أن تنجح في زرع أحد عناصرها بينهم، أو أن يتحدث شاب غرّ لوالدته أو ابن عمه عمّا يفعل، فيكشف عن خليتهم وسلاحهم، ويضيع جهدهم، وكل ما بنوه طوال أعوام سبقت إعلانهم «الجهاد في جزيرة العرب» في آذار (مارس) 2003 ضاع خلال أقل من عامين. نجح الأمن في قتل واعتقال أفضل عناصرهم، بعضهم حوكموا وآخرون يحاكمون، مئات منهم بين السجن وإصلاحيات المناصحة، نجحت وزارة الداخلية في مهمتها وباتت يدها العليا عليهم، حتى عندما لجأوا إلى اليمن لم يجدوها كما تمنوا، لا تصلح لإطلاق جهاد يعودون به إلى جزيرة العرب، هم مطاردون هناك أيضاً، والآن مشغولون بصراع مع الحوثيين. ما يعتقدونه «الدولة الإسلامية» ما بين العراق وسورية باتت مساحة حرة وآمنة لهم، تجدد فيها أمل «القاعدة» أو «داعش» السعودية أو غلاة السلفية، وكلها أسماء للشيء نفسه، بأن…

الخطة «ج»: تنحوا جانباً أيها «الإخوان»… لتمر الديموقراطية

السبت ٢٧ ديسمبر ٢٠١٤

ماذا يريد الإخوان المسلمون، أن يحكموا أم أن تسود الديموقراطية التي تدعهم يعيشون وتدع غيرهم يعيش؟ الإجابة عن هذا السؤال ستحدد خطوتهم التالية بعد أسبوع حافل بأحداث مفصلية من الدوحة حتى تونس. أمامهم الحقائق التالية، أن شرارة الربيع العربي قدحت في لحظة تاريخية مناسبة لم يخطط لها أحد وإنما سنن إلهية، ثم مضت وتركت البشر يرتبون أمرهم بعدها، فمن أحسن التصرف فله ومن أساء فعليه، ولن يستطيع أحد أن يرتب لها من جديد، أو يبدأ دورة ثانية تعوضه عما فاته. الحقيقة الثانية، أن النظام العربي القديم ومن حوله طائفة معتبرة في كل دولة عربية تتوجس خيفة من التغيّرات الجذرية التي حركتها موجة الربيع، وهي مستعدة أن تقاوم بشراسة هذا التغيير أو الإسلام السياسي المتداخلين، بقوة صناديق الانتخاب، وقد عبّرت عن ذلك مرتين في استحقاقين انتخابيين حقيقيين، الأول الانتخابات المصرية عام 2012 التي فاز فيها الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بنسبة ضئيلة، ولكن «عشيرته» من الإخوان رأوا نصرهم فقط، واعتبروه شرعية مطلقة. ولم يروا أن هناك نصفاً آخر، رفضوا التغيير، وقبلوا بالنظام القديم ممثلاً في اللواء محمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، تكرر الأمر نفسه في تونس الأسبوع الماضي بفوز الرئيس الباجي قائد السبسي، وهو لا يقل تمثيلاً عن النظام العتيق وليس القديم فقط، فهو وزير…

أبو بكر الصديق في مواجهة الفكر المتطرف

السبت ١٣ ديسمبر ٢٠١٤

كيف يجيز شاب سعودي نشأ متقلباً في علوم الدين، الغدر بمقيم مسيحي مستأمَن لا يعرفه ولا يعرف ما يفعل في بلاده؟ يقتله فقط لأنه أوروبي أشقر على غير دين الإسلام! لا بد أنه سمع عن قول العلماء بحرمة استهداف المستأمَنين، حتى أولئك العلماء الذين عجزوا عن مصالحة «النص» بالسيرة وواقع الحضارة الإسلامية المتسامح، ولا يزالون يفتون ببغض الكفار فيقولون: «لا تحبوهم في قلوبكم ولكن لا تعتدوا عليهم»، فهم على رغم تعصبهم المقيت لا يجيزون ذلك، إنهم يكتفون بالقول: «اكرهه ولكن لا تقتله». منطق عجيب ومن أسباب الغلو ويستحق المواجهة الفكرية، ولكن يبدو أن المواجهة الأمنية مع ذاك الشاب وأمثاله، المستعدين لقتل إنسان مسالم لمجرد أنه غير مسلم وأشقر اللون، ادعاء واهم. حملت معي هذا السؤال وأنا أتابع شريط «أنصار الدولة الإسلامية» وهم يتفاخرون باستهدافهم قبل أسابيع مواطناً دنماركياً على الطريق السريع خارج الرياض، ويقولون إن هذا «أول الغيث» والقادم أكثر، أي «إننا سنقتل ونعتدي على مزيد من الغربيين إن غفت عنا أنظار الأمن السعودي»، الذي لن يفعل بالتأكيد، إذ بحث عنهم حتى اعتقل ثلاثة منهم أول من أمس. قبل أن أجد الإجابة، صدمتنا حادثة أخرى تحمل سؤالاً مماثلاً: كيف أجازت تلك المسلمة الإماراتية المنقبة لنفسها أن تحمل سكيناً حادة وتمضي بها إلى سوق تجارية في أبوظبي، نظرت حولها فرأت سيدة…

إرهابكم لن يفرقنا … ولكن

السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠١٤

كان مانشيت صحيفة «الجزيرة» الصادرة من العاصمة السعودية الرياض الأربعاء الماضي رائعاً، إذ سطّر وبالخط الأحمر العريض «إرهابكم لن يفرقنا». رسالة مطمئنة، يحتاجها السعوديون وهم يرون جيرانهم من حولهم يتحاربون ويقتل بعضهم بعضاً وقد انقسموا طوائف وأحزاباً، ولكن، هل صحيح أنهم «لن يفرقوننا»؟ هل اختار العراقي الشيعي والسنّي هذه الحرب التي يعيشونها؟ هل لنا ان نتفكر كيف اشتعلت نار الطائفية في العراق ومن أشعلها؟ الطائفية والكراهية ليست اختيار عامة الشعوب، جُل الشعوب معتدلة وسطية، مثلهم مثل أهل الأحساء الذين صُدموا مساء الإثنين الماضي من أول وأخطر حادثة طائفية تجري في محافظتهم. المعتدون ليسوا من المنطقة، ولا يمثلون غالب السعوديين، إنهم فرقة تحمل كرهاً عميقاً نحو الشيعة، بل نحو «الآخر» عموماً بغض النظر عمّن يكون هذا الآخر. رؤيتهم للوطن والمجتمع لا تنسجم مع رأي الغالبية، ولو جرت انتخابات في السعودية لما فازوا بها، ولكنهم قادرون على جرّنا جميعاً إلى أتون الطائفية مثلما فعلوا في العراق، لماذا؟ لأننا مستعدون لذلك، لأننا لم نحصن أنفسنا من عدوى الطائفية عندما ألقوها علينا. اعتراف كهذا يرفض معظمنا الإقرار به، ولكنه الحقيقة، جولة سريعة في حِلَق العلم واستمع للطائفية والتحقير عندما يفتح موضوع الطوائف الأخرى، خصوصاً الشيعة، جولة أسرع في قنوات فضائية وستسمع قدراً أكبر من الكراهية بزعم الدفاع عن صحيح الدين، والكتب المدرسية، والفتاوى، والمقالات،…

كيف هي الحال في الموصل؟

السبت ٠١ نوفمبر ٢٠١٤

كيف يمكن أن يخرج «داعش» من الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية إيذاء، نحو مليوني عراقي؟ ألقي بهذا السؤال على أفضل المحللين السياسيين، وسيحتارون في الإجابة عنه، لعل من حسن حظ الموصل أنها ليست تحت رحمة نظام طائفي كالذي كان يقوده رئيس الوزراء «المعزول» نوري المالكي، وإلا كان مصيرها وأهلها مصير حلب وحمص وحماة نفسه، على يدي حليفه الطائفي بشار الأسد، فيدمرها على رؤوس أهلها ببراميل متفجرة وقصف أعمى وصواريخ «سكود». إنها تحت رحمة التحالف الدولي الذي وضع خطة طويلة الأمد، ولا نعرف، وربما هو لا يعرف كل تفاصيلها، ولكن نعرف أهم أركانها مراعاة خاطر سُنّة العراق لعلهم يتحالفون معه لاحقاً للقضاء على «داعش».  لقد تعرضت بعض أطراف الموصل لقصف طائرات التحالف، التي استهدفت أهدافاً لتنظيم الدولة «الإسلامية»، آخرها كان الإثنين الماضي عند بوابة الشام غرب المدينة، سقط فيها ستة مدنيين و»داعشي» واحد. مؤلم سقوط المدنيين الأبرياء، ولكن لا يقارن ذلك بما يفعل بشار تحت نظر التحالف في حلب كل يوم، وهذه واحدة من التناقضات الكثيرة في الحرب على «داعش».   تنظيم «الدولة الإسلامية» يريدنا أن نصدق أن «رعاياه» في الموصل بخير، بل لعله مؤمن بأنهم يرفلون في سعادة ورضا أن حلّت عليهم بركات «الخلافة» وأمنها وعزتها، من خلال ما بثّوه من أشرطة تسجل احتفالات عيد الأضحى هناك، ولكن هل هم كذلك؟…

تحيا تونس

السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤

غداً (الأحد)، تحتفل البقية المتبقية المؤمنة بالربيع العربي بيوم من أيامها التاريخية المصيرية المباركة، إنها الانتخابات التونسية التي بنجاحها تحصل تونس على شهادة النجاة من نفسها «الأمّارة بالسوء»، التي وسوست لها غير مرة أن الديموقراطية فتنة، والعهد القديم بعجره وبجره هو الاستقرار، ومن أعداء الربيع العربي المرعوبين من سنن التغيير، الذين ما فتئوا يحفرون لها الكمائن لتتعثر، بل الأفضل لهم أن تنتكس تماماً وتعود سيرتها الأولى منتظمة في عهود الاستبداد المملوكي العربي الذي استقر بيننا ألف عام ونيف حتى حسبنا أنه الأصل وأنه قدر الله وحكمته علينا، فانفجرت مسيرة التغيير علينا أجمعين من بلد مجهول لغالب العرب وسط تونس في كانون الأول (ديسمبر) 2010، فأصبح ذلك التاريخ ولادة جديدة لنا ومن سيدي بوزيد محجاً للمؤمنين بتلك اللحظة التاريخية ومقاصدها. نجاح الربيع العربي في تونس يؤكد أن ما حصل فيها قبل أربعة أعوام لم يكن حدثاً عارضاً وإنما حتمية تاريخية لا بد أن تنتصر لمن فَقُهَ علم التاريخ وسننه، من المؤمنين أنه السبيل الوحيد لإنقاذ العرب من مصيرهم المحتوم إذا ما بقيت اختياراتهم قاصرة على «داعش» أو الاستبداد. ما يحصل بجوار تونس، في ليبيا، ثم مصر فاليمن، وما هو أدهى وأمر في العراق وسورية، يؤكد أن المسار التونسي هو الصحيح، حيث الاحتكام للديموقراطية وأدواتها، ومن أبى فمصير بلاده الفتنة وانقسام المجتمع…

في اليمن… الوحدة ليست مكسباً والانفصال كذلك

السبت ١٨ أكتوبر ٢٠١٤

اتصل بي الصديق حمد العماري المشرف على مؤتمرات «مؤسسة الفكر العربي» يدعوني للمشاركة في مؤتمرهم القادم المزمع عقده أوائل كانون الاول (ديسمبر) المقبل بالصخيرات في المغرب، واختاروا له عنواناً مناسباً لآلام المرحلة «التكامل العربي بين حلم الوحدة وواقع التقسيم»، قلت له لو حضرت فسأقول إن «الوحدة ليست مكسباً والتقسيم ليس مغرماً»، أعجبته الفكرة فرد قائلاً: «عظيم، ستكون رأياً مختلفاً عن السائد». نعم، السائد بيننا أن «الوحدة العربية» هي التي ستحل كل مشكلاتنا، سنحرر بعدها فلسطين، ويحل الرخاء عندما يجتمع النفط والأراضي الخصبة والأيدي العاملة في بلد واحد كبير، ولكننا لن ننتبه أن هذه الثلاثة اجتمعت في العراق مثلاً ولم يتحقق الرخاء، وها هو يبحث عن السلامة من التقسيم، ولكننا بعناد نرفض الاعتراف بأن المشكلة في سوء الإدارة والاستبداد، اللذين جعلا الانفصال خياراً مفضلاً على الوحدة، فنتهم المؤامرة الأجنبية. المشكلة في «كيفية الحكم» فاتحاد بلدين عربيين تحت حكم غشوم ليس مشروع نهضة، وإنما توسعة لرقعة الحكم الغشوم، مثل وحدة مصر وسورية تحت حكم «الزعيم» الراحل جمال عبدالناصر عام 1958، استبدل فيها السوريون وبحماسة ورغبة شديدتين نظاماً ديموقراطياً دستورياً ورئيساً منتخباً بنظام شمولي أمني وزعيم ثوري «خالد». انهارت الوحدة ورحل عبدالناصر، أو بالأحرى رجله في دمشق عبدالحكيم عامر، وترك لهم (حتى الآن) النظام الشمولي الأمني والزعيم الخالد، فمن يريد وحدة كهذه؟ لبنان…

عمّاذا يعتذر آية الله بايدن؟

السبت ١١ أكتوبر ٢٠١٤

اعتذار نائب الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية والإمارات وتركيا غير مهم. المهم هو ما قاله والذي يكشف أن رؤيتنا للحال السورية لا تزال مختلفة تماماً عن الرؤية الأميركية، والتي يمكن اختصارها كالتالي: السعودية وتركيا والإمارات ترى أن استمرار النظام السوري هو المشكلة ولا بد من إسقاطه بدعم الثورة السورية حتى ينتفي أحد أهم الأسباب المولدة لـ «داعش» موضوع التحالف الحالي، أما الأميركي فيرى غير ذلك، وغير ذلك يعني «بقاء النظام السوري»، بالتالي لا بد من إعادة النظر في تحالف جدة ضد «داعش» وتحديد أهدافه قبل الانسياق خلف رؤية أميركية قد تكون ضبابية إذا أحسنّا الظن أو أن لديها أجندة أخرى إن كان غير ذلك. الخلاف السعودي- الأميركي حول سورية قديم جداً، وعمره بعمر الثورة السورية التي أصبحت هي الأخرى «قديمة جداً»، فعمرها يقترب من أربعة أعوام، وبينما كانت السعودية تريد تدخلاً سريعاً منذ عامها الأول ينهيها ويرحم السوريين والمنطقة من ويلات الحرب، اتسمت السياسة الأميركية بالتلكؤ والاكتفاء بالتصريحات ورسم خطوط حمراء لا يحترمها رئيس النظام بشار الأسد، ثم التراجع في الدقائق الخمس الأخيرة، ما أغضب الرياض من واشنطن غير مرة، ولم يعد غضبها خافياً وإنما تسرب إلى الإعلام غير مرة، وكان أحد أسباب زيارة الرئيس الأميركي أوباما للرياض في آذار (مارس) الماضي، فهل ستفتح تصريحات بايدن الجراح السعودية الأميركية من…

الديموقراطية الليبرالية هي الحل لليمن ولغير اليمن

السبت ٠٤ أكتوبر ٢٠١٤

من الطبيعي أن يجتمع وزراء الداخلية الخليجيون في جدة الأربعاء الماضي لمناقشة الوضع في اليمن، فاليمن ساحتهم الخلفية، بل إنهم تأخروا في ذلك، وما حصل من تداعيات هناك هو نتيجة رفع اليد عن اليمن منذ أعوام، والاكتفاء بالمبادرة الخليجية الشهيرة من دون السهر على تفاصيل التفاصيل هناك. نتيجة الاجتماع بيان عام، يحذر إيران من التدخل، ويدعم الحكومة اليمنية المتداعية، ويشجب الاحتكام إلى السلاح، ولكنه لم يقدم وصفة سحرية لليمن. والحق أنه لا توجد وصفة سحرية لا لليمن ولا لغيره من الجمهوريات العربية غير «الديموقراطية»، ولكن لا أتوقع أن يقترح مجلس التعاون ولا حتى الجامعة العربية اقتراحاً محدداً كهذا، ذلك أن لمعظم الدول العربية مشكلات مع الديموقراطية ينبغي حسمهما من الساسة قبل المفكرين والنخب السياسية، الذين انهاروا مع حال الانهيار العامة التي أصابت عدداً كبيراً من الدول العربية، ولما يقدم أحد مشروعاً عربياً بديلاً غير الحرب والمواجهات الأمنية والمناشدات والشجب والتمنيات. دول الخليج تقول إنها «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التدخلات الخارجية الفئوية في اليمن»، والمقصود هنا واضح. إنها إيران، ولكن إيران لن تستقر في اليمن طولاً وعرضاً إلا باستقرار الأمر والحكم للحوثيين، ومنعهم من ذلك بتدخل مباشر يعني الحرب ولا أحد يريد الحرب، أو بدعم طرف آخر ضدهم، وهذا يعني حرباً أهلية في اليمن، وهذه ليست في مصلحة دول الخليج…