جميل الذيابي
جميل الذيابي
كاتب وصحفي سعودي

للصبر حدود – السعودية تنتفض

الجمعة ٢٧ مارس ٢٠١٥

قبل نحو شهر كتبت مقالة بعنوان: «السعودية والأزمة اليمنية»، مطالباً بضرورة التدخل الخليجي - العربي في اليمن، بعد أن أفسد الحوثيون والرئيس السابق علي عبدالله صالح المبادرة الخليجية، والحوار الوطني، عبر التآمر والدسائس والمراوغة، مستخدمين فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة. وليل أمس، قادت السعودية تحالفاً إقليمياً ضخماً لمواجهة الغطرسة الحوثية، بعد أن تضخمت، وأصبحت لا ترى غيرها في اليمن، متجاهلة كل المكوّنات اليمنية، ومستخدمة الأسلحة والقوة الجبرية، والنهب والتعذيب والسجون، وارتكاب الجرائم، واختطاف اليمن وإذلال أهله. العمل العسكري الذي تقوم به دول التحالف السعودي - الخليجي - العربي، هو جزء من تحالف إقليمي - دولي يتوافق مع الشرعية والمعطيات الدولية، وهو بالتأكيد ليس موجهاً ضد اليمنيين، بل لإنقاذ اليمن واستعادته، ورفض منطق القوة والغطرسة والاستقواء الذي يستخدمه الحوثي، وخصوصاً بعد أن كشف عن نيات للاعتداء مجدداً على الحدود السعودية، كما أنه يرسل رسالة قوية إلى حليفته إيران، مفادها الكف عن اللعب بالنار في كل أرض عربية من الآن فصاعداً. ومنذ أن أعلنت ساعة الصفر وبدء عمليات «عاصفة الحزم» تغيّرت المعادلة في اليمن وفق التحالف الدولي الواسع، فعلاقة اليمن بدول الخليج حتمية بحكم الروابط التاريخية والجغرافية. وما دعا المملكة إلى القيام بضربات استباقية لدحر الحوثي، ومن يحركه، ومن يموله، ومن يجيشه، ويغريه ويسيطر على قراره، أنها تعلم أن استمرار الفشل في…

عندما يتحدث سلمان

الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥

جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمس بعد مرور 46 يوماً على توليه حكم المملكة العربية السعودية، في مضامين واضحة ومباشرة، وموجّهة إلى المواطنين الذين خاطبهم حيناً بالمواطنين والمواطنات، وتارة بـ«إخواني وأخواتي»، وهي صيغ للتعبير عن التساوي، وإن كان ملكاً عليهم، وأحياناً بـ«أبنائي وبناتي» في نبرة أبوية. وركّزت الكلمة على القضايا ذات الأولوية والأهمية في ما يتعلق بالسياستين الداخلية والخارجية. ويمكنني أن أوجز ما تضمنته الكلمة حول الشؤون الداخلية في ما يأتي: 1. التأكيد على أن العدالة حق للجميع، وأن الأمر يتطلب إتاحة الفرصة للمواطنين لتحقيق تطلعاتهم المشروعة. 2. عدم التفريق بين مواطن وآخر، أو منطقة وأخرى، وتوجيه أمراء المناطق باستقبال المواطنين، ورفع أفكارهم ومقترحاتهم، وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم والتيسير عليهم، والتشديد على محاسبة المقصرين، وأنه لن يقبل أي تهاون في خدمة المواطن «الذي هو محور اهتمامه». 3. رفض التصنيفات المسمومة الضارة بالوحدة الوطنية، والجالبة للفرقة، انطلاقاً من أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات. 4. دعوة الإعلام إلى أن يكون وسيلة للتآلف، لا الإثارة وإذكاء الفرقة. 5. تقديره لدور المواطن السعودي واستشعاره المسؤولية، ووقوفه سداً منيعاً أمام الحاقدين والطامعين، فالأمن مسؤولية الجميع. 6. ذكر بوضوح أن ما تمر به أسواق البترول ستكون له تأثيراته في الداخل، لكن الحكومة ستسعى إلى الحد منها. 7. تأكيد العزم على…

السعودية وأزمة اليمن (2)

السبت ١٤ فبراير ٢٠١٥

أختلف مع من يعتقد أن اليمنيين سيقاومون الحوثي، فلو كانوا قادرين على المواجهة وحماية اليمن من الانفجار الكبير، لما تردّدوا لحظة واحدة، إذ تكتظ مخازن منازلهم بالأسلحة، ولا تنقصهم «الحكمة اليمانية»، لكنهم بعد أربع سنوات من الاحتجاجات الشعبية والنزاع الداخلي، و«مكر» علي عبدالله صالح، ودموية الحوثي وإرهاب «القاعدة»، باتوا لا يكترثون بمن يحكمهم! الحقيقة التي يجب ألا تغيب عن اليمنيين، قبل جيرانهم الخليجيين، أن يمناً جديداً يتشكل، وقوة جديدة تسيطر عليه، والداعم لها والمؤثر فيها لا علاقة له بدول مجلس التعاون. على أهل اليمن إدراك أن بلادهم مُقبلة على سنوات من الضياع والدمار والصراع القبلي والمناطقي والفئوي والجهوي (إذا لم)، وسيبقى اليمن لعقود في مهب الريح، والقوي المترع بالسلاح هو الحاكم الذي سيفرض نفسه على الخريطة بالقوة الجبرية، وأبرز هؤلاء «الحوثي»! عبدالملك الحوثي «زعيم» اليمن الجديد يراه الحوثيون حامي العرين، وعين كل اليمنيين ومحارب الفاسدين، ونصير الفقراء والمظلومين، فيما يراه الآخرون الظالم والباطش والعصابة المجرمة! من المخيّبات، اكتظاظ دول الخليج بمئات التجار الكبار من اليمنيين وبالآلاف من الموسرين، لكنهم «يبخلون» على دعم بلادهم في أحلك الظروف وفي مرحلة صعبة! السؤال: ما هو موقف المملكة اللاعب التاريخي والاستراتيجي في الساحة اليمنيّة؟ هل ستتعامل مع الحوثي مستقبلاً؟ وما حجم انزعاجها من السيطرة الحوثية؟ للسعودية في اليمن ثلاثة أعداء: جماعة الحوثي، وتنظيم «القاعدة»…

مبروك لـ«الحوثي»!(1)

الثلاثاء ١٠ فبراير ٢٠١٥

يبدو واضحاً أن ثمة ثلاثة أسباب رئيسة لانقلاب الحوثيين على الدستور والحوار في اليمن. يتصدرها ضعف أداء الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي، وتنسحب على ذلك التدخلات الإيرانية التي تريد لطهران أن تمسك بخاصرة أكبر وأقوى دول المنطقة الخليجية والعربية وهي السعودية. وتأتي في المقام الثاني هشاشة المبادرة الخليجية، وعدم قيام سفراء دول الخليج في صنعاء بمتابعة تنفيذها بدقة، على رغم أنها أزاحت كبرى العقبات - حتى ذلك الوقت - وهي تشبث الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالسلطة. والسبب الثالث ضعف إرادة المجتمع الدولي، ممثلاً في الأمم المتحدة والجامعة العربية.. حتى التهم الحوثيون اليمن لقمة سائغة، لتصبح كل الخيارات الكارثية مفتوحة: انفصال، تفتت، حرب أهلية، معاقل أكثر قوة للإرهاب. هل يمكن القول «مبروك» للحوثيين اعتلاء السلطة في اليمن بالقوة والغصب؟ تمكُّن الحوثيين جاء بسبب صمودهم وجلدهم وقوة شكيمتهم ودخولهم إلى أرض المعركة، وهم مصممون على تحقيق هدفهم والقضاء على خصومهم، مطبقين مقولة: «المحارب لا يعود أدراجه طالما قرر تحقيق هدفه مهما كانت شدة الظروف والخصوم والأعداء»! تأسست الحركة الحوثية عام 1992، وحضرت بقوة في المشهد اليمني من صعدة عام 2004، أي قبل 10 سنوات فقط! وهي حركة سياسية دينية مسلحة، ترتكب الجرائم وترفع شعار «الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود الذين يوجد بعضهم اليوم في اليمن». تسبب الصراع معهم حتى…

تجاهل الحقيقة.. واختلاق الأكاذيب!

الخميس ٠٥ فبراير ٢٠١٥

بعد زيارة الرئيس الأميركي أوباما للرياض، بدأت الصحافة الأميركية والبريطانية تحديداً في البحث عما يعيب السعودية، حتى ولو «فبركة»، إذ وجّهت الصحف الغربية انتقادات جمة لأوباما، بدعوى أن السعودية لا تستحق زيارة رئاسية، إذ إنها تطبق عقوبة الإعدام (للعلم حوالى 33 ولاية أميركية تنفذ حكم الإعدام إلى جانب الحكومة والجيش الأميركي)، وأن سجلها الخاص بحقوق الإنسان تشوبه شوائب. والحقيقة أن السعودية لم تزعم يوماً أنها تمنح الحقوق كاملة غير منقوصة. ولما تمت الزيارة بالطريقة التي رأى أوباما أن السعودية وملكها الراحل عبدالله بن عبدالعزيز وقائدها الجديد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يستحقونها بذلك الوفد الأميركي الأضخم في تاريخ البيت الأبيض، لم تجد الصحف المناهضة للمملكة سبباً للانتقاد سوى «فبركة» قصة خيالية تتعلق بالسيدة الأولى ميشيل أوباما. وزعمت صحف أن الأميركية الأولى قصدت أن تتحدى التقاليد السعودية بعدم ارتدائها غطاء على رأسها! وزعمت أخرى أن الملك سلمان لم يهتم بالسيدة الأولى! وادعت صحف أن السيدة أوباما أصيبت بالإحراج لأن بعض المسؤولين السعوديين لم يصافحوها! واعتبرت صحف أخرى أن زوجة الرئيس الأميركي وجّهت بمظهرها في الرياض رسالة احتجاج على أوضاع المرأة السعودية! وكتبت صحيفة «نيويورك بوست»، وهذه مؤيدة لإسرائيل، بعد الزيارة مباشرة خبراً بعنوان «العاهل السعودي الجديد يحيي أوباما ويتجاهل السيدة الأولى»، وتحت العنوان مباشرة نشرت صورة يبدو فيها الملك…

عهد جديد.. ووزراء شباب!

السبت ٣١ يناير ٢٠١٥

الإثنين الماضي 26 يناير اخترنا عنواناً رئيساً للصفحة الأولى من هذه الصحيفة من كلمتين فقط «عهد جديد». ولم تمرّ أكثر من 72 ساعة إلا وأعلن خادم الحرمين الشريفين 34 قراراً ملكياً، ما بين تعديلات وزارية كبيرة، وحزمة قرارات اقتصادية واجتماعية تشجيعية للمواطنين. ليل الخميس، تسمّر السعوديون أمام شاشات قنواتهم التلفزيونية لمشاهدة الأوامر الملكية التي جاءت سريعة ومحفّزة، بعد مضي أسبوع واحد على تسلّم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم في بلاده. تُعد قرارات «ليل الخميس»، من أكبر التشكيلات والتعديلات الوزارية في السعودية. ولا شك في أن إعادة تشكيل مجلس الوزراء هو أمر طبيعي ومنتظر من الملك نحو تحقيق رؤيته في إدارة شؤون الدولة، كما فعل من قبله ملوك المملكة السابقون، رحمهم الله، وكما تفعل أية حكومة جديدة في دولة أخرى. كان الأسبوع السعودي حافلاً بالتعازي في وفاة الفقيد والراحل الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكذلك بالتهاني للقيادة الجديدة: الملك سلمان، وولي عهده الأمير مقرن، وولي ولي عهده الأمير الشاب محمد بن نايف، وبزيارات زعماء وقادة ومسؤولين، من بينها زيارة الرئيس الأميركي بوفد كبير من النخب والشخصيات السياسية المؤثرة في بلاده، ثم جاءت قرارات ليل الخميس بعد نحو أسبوع من انتقال السلطة بكل سلاسة، وتولى للمرة الأولى أحد أحفاد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء…

رحيل ملك صارم وشجاع

السبت ٢٤ يناير ٢٠١٥

رحم الله القائد والملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.. لقد عاشت المملكة في عهد الراحل، الممتدة فترة حكمه من آب (أغسطس) ٢٠٠٥ حتى ليل أمس ٢٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥، طفرات اقتصادية واجتماعية وتعليمية، وظلت ذات مواقف سياسية ثابتة، لا تهتز ولا تتغيّر، على رغم كثرة تحديات وضغوطات وأزمات المنطقة، التي ما زالت تتواصل لتشكّل إرثاً وحملاً ثقيلاً على الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي فتحت له القلوب، وبايعه مواطنوه محبة وثقة بحسن إدارته كرجل كان دوره لصيقاً بالملوك السابقين ومستشاراً لهم وشخصية مؤثرة داخل الدولة وخارجها. وبالعودة إلى الراحل، كان الملك عبدالله علامة فارقة في تاريخ بلاده وفي التاريخ العربي، وخلال فترة حكمه جعل للمملكة علاقات دولية صادقة ومميزة وصامدة في وجه أية محاولات لاستغلال الظروف الإقليمية للمس بها أو بأمن دول الخليج أو الدول العربية، حفاظاً على المصير الواحد والتعاون البنّاء والعيش المشترك، ولما يحقق الأمن والسلام، مع رفضه الكامل لأي صغوطات من أي تيارات وأحزاب مؤدلجة تسعى إلى تحقيق مصالحها الضيقة من دون الاكتراث بالآخرين أو الشركاء في الوطن. كان الراحل السعودي الكبير صاحب حكمة ورؤية واحدة وشخصية تاريخية بامتياز، وكان يعمل حتى قبيل أن توافيه المنية على تنفيذ رؤية استراتيجية متكاملة لبلاده ولأمته، للوصول إلى آفاق أرحب أكثر أمناً واستقراراً، لبناء كيان قوي متماسك يعود بالخير…

ما أكثر «الدواعش» بيننا.. والحل (….) !

الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤

يا له من مشهد مخيف بحمرة الدماء القانية التي تصبغه في كل بقعة من العالم، مثل شريط سينمائي من أفلام الرعب تتعدد صوره مثلما تتعدد ضحاياه. في أستراليا مسلم ذو سوابق جنائية يقتحم مقهى في سيدني ويحتجز زبائنه رهائن لمدة 16 ساعة، ثم يقتل منهم اثنين ويصيب آخرين ويبث الخوف في المدينة. في بيشاور تذبح «طالبان باكستان» أكثر من 100 طالب ومعلم داخل قاعات مدرستهم. عشرات القتلى في العراق بيد الجهاديين والمتطرفين. «داعش» يعدم 150 امرأة في الفلوجة ويقتل10 أطفال بعد تهجير عائلاتهم.تفجيرات وأشلاء بشرية في سورية تمزّقها بنادق متطرفي «داعش» و«النصرة» وقوات «نظام الأسد» والعالم يفشل في حمايتهم. إرهاب «بوكوحرام» في نيجيريا، وآخرها خطف 191 امرأة وطفل وقتل 35 شخصاً بهجوم على قرية غومسوري النائية. وفي الصومال تنفّذ جماعة «الشباب الإسلامي» أعمالاً إرهابية وآخرها ذبح 22 راكباً في باص. في اليمن، انتحاري من عناصر «القاعدة» يفجّر حزامه الناسف قرب باص تلميذات مدرسة ابتدائية، فيقتل 20 تلميذة. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2013 انتحاريو «القاعدة» يقتحمون مستشفى العرضي العسكري ويقتلون 56 طبيباً وممرضاً ومراجعاً ويصيبون 176 شخصاً. وفي السعودية، «داعشيون» يقتلون 9 مواطنين ويجرحون 19 شخصاً في قرية الدالوة بالأحساء (شرق المملكة). وفي قرية تابت في دارفور (غرب السودان) جنود الحكومة «الإسلامية» يقتحمون المنازل ويغتصبون 200 امرأة. من لا يموت بأسلحة…

قمة الدوحة بين «الغُمَة» و«الهِمَة»!

الثلاثاء ٠٩ ديسمبر ٢٠١٤

بعد مخاض عسير، تنعقد في الدوحة اليوم القمة الخليجية. تنعقد بعد خلاف خليجي كاد يطيح بمكتسبات 35 عاماً من التماسك والتعاون والعمل الخليجي تحت منظومة واحدة اسمها مجلس التعاون، منذ أن تأسست في أيار (مايو) عام 1981. تنعقد قمة الدوحة في ظل ظروف إقليمية حرجة. تنعقد والاضطرابات السياسية تطوق خصر الخليج، وتموج في العالم العربي، ومفاوضات إيرانية – غربية قائمة حول برنامجها النووي، وروائح الصفقة تلوح في الأفق على مرأى ومسمع من دول المجلس، وبمسعى من عضو في المجلس هو سلطنة عُمان. تنعقد قمة الدوحة والأوضاع في اليمن سيئة، وتزداد سوءاً بعد ترنح المبادرة الخليجية، وسطوة الحوثي، و«ثعلبة» صالح! تنعقد والأوضاع في مصر غير مستقرة، وفي سورية «جهنمية»، وفي العراق مقلقة، وفي ليبيا خطرة. تنعقد وجماعات العنف والتطرف تجز الرؤوس، وتُفجّر وتُكفّر وتنتشر وتتمدد، وتهدد كل دول المنطقة بلا استثناء. 35 عاماً والنتائج الخليجية الداخلية «تراوح مكانها»، بل يراها البعض «صفرية». نتائج القمم الخليجية الماضية ليست سيئة دائماً، لكنها لم تُبعد الأخطار عن دول المجلس، وإنما كانت تُخدّر الأزمات بعقاقير موضعية وقتية. لم تستطع دول الخليج على رغم مرور ثلاثة عقود ونصف العقد، خلق منظومة متكاملة متجانسة قوية قادرة على التصدي للمهددات والمحافظة على المكتسبات، على رغم أنها الكتلة العربية الوحيدة الصامدة حتى اليوم. لم تكرس دول المجلس بين شعوبها…

الأحساء.. «حضن الحياة»

الأربعاء ٠٥ نوفمبر ٢٠١٤

الأحساء واحة نخيل متسامحة، تحيط بها الرمال من جهاتها الأربع، وكأنها بهذا التكوين صنعت حضناً للحياة وسط الموت الصحراوي، بحسب ما يعرفها «ويكيبيديا»، وما يقوله أهلها عنها. إنها مدينة التسامح والتعايش التي تختار الحياة على الموت. إنها مدينة العيون المتدفقة بماء الحياة. ما حدث ليل أمس في قرية الدالوة في محافظة الأحساء (شرق السعودية) جريمة فظيعة شنيعة مؤسفة، توجب على أبناء المملكة من كل الشرائح والطوائف والمذاهب التلاحم والتعاون والتكاتف، لدحر المجرمين والمتربصين والمغرضين والمزايدين، الذين يسعون إلى زعزعة استقرار بلادهم، وخرق سفينة وطنهم وأمنه ونسيجه الاجتماعي والثقافي. كما يجب علينا جميعاً العض بالنواجذ على الوحدة الوطنية، ونبذ كل ما يثير الفتن والبغضاء، والابتعاد عن الحزبية والطائفية والنعرات الجاهلية، التي تفرّق ولا تجمع، وجعلت بلداناً حولنا في أوضاع أمنية مأسوية، وأهلها ما بين لاجئين ونازحين أو متقاتلين متحاربين. يتوجب على كل شرائح الوطن استشعار المسؤولية التاريخية، فالإرهاب أخطبوطي، يسعى لتفكيك المجتمع وإثارة الأحقاد بين مكوناته، وأن يشارك الناس بفاعلية لصون الوطن، ويكونوا شركاء في الحفاظ على أمنه، في مقابل تحمل الدولة لمسؤولياتها نحو محاسبة كل محرّض ومهيّج ومبرّر، ممن يحاولون التعبئة والتحشيد، سواء على المنابر التعليمية والدينية أم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأغلبهم من التكفيريين أو المؤدلجين أو من جماعات الإسلام السياسي أو من الرعاع المفتونين بهم وبسلوكياتهم الإجرامية. كما…

جدار الماء (سؤال الموت!)

الأربعاء ٢٩ أكتوبر ٢٠١٤

الكاتب المتألق والزميل المشاغب جاسر الجاسر حرّضني على كتابة هذه المقالة بعد مقالته المُعنوّنة بـ«قاتل الله الأصدقاء»، تحدث فيها عن كيف تحوّل أصدقاؤه وزملاؤه إلى كتّاب كوارث، إذ يقول في مقالته إن جميلاً لا يستفزه للكتابة سوى وقوع حرب أو حدوث تفجيرات. خلال الفترة الماضية يسألني أصدقاء وقراء كرام عن أسباب عدم الكتابة إلّا في الملمات. وعندما زرت ناشر هذه الصحيفة الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز في مكتبه بالرياض أخيراً سألني: «لماذا لا أراك تكتب في الفترة الأخيرة؟»، وعلى رغم التطورات الإقليمية، وتسارع الأحداث، وتشابك المواقف الدولية، وظهور «دواعش» في الداخل كما في الخارج، حقاً لم أجد إجابة «كاملة الدسم»، ولا كلمات كاملة الدسم أيضاً تعبّر عن حال القهر الإنساني من وضع «مأسوي» يرى فيه المجتمع الدولي المذابح والمجازر الجماعية بحق نساء وأطفال أبرياء ويصمت، حتى اختلطت العبارات بـ«العبرات» على صفحات سوداء في تاريخ البشرية. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حذّر قبل فترة قليلة الأسرة الدولية بقوله: «سيشهد التاريخ على هذا الصمت العالمي». للأسف، تجلس أمام شاشة الكومبيوتر تتأمل الأرقام والحروف، ويطل وجه صفحة «دموية» تتجدد كل دقيقة. تحاول أن تكتب، فتتسلل الكلمات والأرقام من بين أصابعك وأنت في «غيبوبة». تحاول القبض على تلك الحروف الهاربة مع سبق الإصرار، فتجدها متلبسة صفة «الموت»، وكل القبيلة الأبجدية تلبس…

ملخص المكالمة السرية بين الحوثي والبغدادي!

الثلاثاء ٠٧ أكتوبر ٢٠١٤

لستُ هنا إلاّ «مختلساً» لمكالمة هاتفية «افتراضية» بين زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي وزعيم «داعش» أبوبكر البغدادي جرت بينهما بمناسبة عيد الأضحى. ملخص ما دار بينهما أدناه. الحوثي: ألو الأخ البغدادي، معاك عبدالملك الحوثي إمام المسلمين. البغدادي: هلو - وياك أبوبكر البغدادي خليفة المسلمين. من وين تحچي (من أين تحكي)؟ الحوثي: عيد مبارك يا أخي.. «أدق لك» من اليمن مخزن الرجال الذين أقاموا دين الله في كل البقاع شرقاً وغرباً. البغدادي: «هسه» أنت متصل تبارك بالعيد ولا «اشبيك» (ماذا بك). تعرف من أنا. أنا الخليفة أبو بكر- ما تقوليا أبوبكر عندّك حساسية من اسمي. يسترجع البغدادي التاريخ ويواصل حديثه للحوثي بـ«لغة فصحى» أنت تحدثني الآن، وأنا في أرض الجهاد في بلاد الرافدين وعاصمة العباسيين وخلفاء المسلمين وقلبي على اليمن. سنقتل كل الكفرة الفجرة، ونحرر ديار المسلمين عاجلاً غير آجل. الحوثي: وقفْ يا أبوبكر لا تقول قلبك على اليمن، ثم أقول قلبي على العراق. خليك خليفة للمسلمين، وأنا إمام المسلمين، وتعمل دولة الخلافة ونعمل دولة الإمامة، جنوبها وشرقها لنا، وشمالها وغربها لكم. البغدادي: أنت «كلاوجي»، الأمة المسلمة لا تقبل بك - نحن أحفاد الصحابة- والسنة يكفِّرون الحوثي. وأنتم (رافضة). الحوثي: لا عاد تقول «رافضي» أقول لك «ناصبي»، وإحنا من سلالة أهل البيت، نكفِّر من لا يتَّبع ملَّتنا أيضاً.. وأنت من الخوارج وأمريكا…