ميرزا الخويلدي
ميرزا الخويلدي
كاتب وصحفي سعودي

محمد بن سلمان: طموحٌ يعانق عنان السماء

الخميس ٢٢ يونيو ٢٠١٧

«في حال كان الشعب السعودي مقتنعا، فعنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات»... بهذه العزيمة لخّص الأمير محمد بن سلمان، رؤيته الطموح لمستقبل السعودية؛ حيث تُوظف جميع الطاقات، بعزيمة وتحدٍّ للدفع نحو المستقبل، لا شيء سوى المستقبل. يلخص الأمير الشاب، الذي يمثل تطلعات أكثر من 70 في المائة من سكان بلاده، أن الإصلاح لا سقف له ما دام يتجه نحو البناء والتقدم. في حديثه لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، (نشرته الثلاثاء 18 أبريل/نيسان الماضي) قال الأمير محمد بن سلمان، الذي عُين أمس وليا للعهد، إن «الشرط الأساسي والجوهري للإصلاح هو رغبة الشعب في التغيير»، مضيفاً: «الأمر الأكثر إثارة للقلق هو إذا ما كان الشعب السعودي غير مقتنع، وفي حال كان الشعب السعودي مقتنعاً، فعنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات». تصف مجلة «فورين أفيرز» الأميركية خطة الإصلاح التي يقودها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، بأنها «أكبر عملية إصلاح للدولة والمجتمع السعودي»، وتنقل عنه قناعته بالقدرة على إقناع كثير من الممانعين لخطوات الإصلاح مهما كانت جريئة عبر التواصل والحوار. القفزة الإصلاحية الأولى، كانت بلورة «رؤية السعودية 2030»، التي تهدف إلى الحد من اعتماد اقتصاد المملكة على النفط، مع تحفيز الصناعات التحويلية وقطاعات التعدين والخدمات وتنمية قطاع الترفيه. تحفيز الاقتصاد لكي يتحرر من هيمنة المصدر الوحيد وهو النفط، يأتي ضمن الرؤية إصلاحية أشمل تسعى…

الفن لمواجهة التطرف

الأربعاء ١١ يناير ٢٠١٧

عرف العراق أول آلة موسيقية في الحضارة الإنسانية، لكن في إحدى حالات الانحطاط قبل ألف عام، لاحق المتطرفون آلات الموسيقى فدمروها. لم تكن المعركة بين الحلال والحرام كما يشاع؛ بل كانت من أجل الهيمنة على الناس والاستحواذ على خياراتهم! نحتاج إلى قراءة بانورامية للمشهد السياسي والاجتماعي لبغداد؛ حاضرة الدولة الإسلامية، عشية تسلم الخليفة الراضي مقاليد الحكم هناك. في عام 322 للهجرة، أي ما يقارب 934 للميلاد، كانت الدولة العباسية في حالة تمزق وانحلال سياسي، مع انشقاق أقاليمها وقيام دويلات في أطرافها. شهدت البلاد حركات يمكن اليوم تصنيفها بأنها «إرهابية»، كالقرامطة، وشهدت حركات تطرف فكري بعضها ادعى الألوهية، وفي تلك الفترة، خصوصًا في السنة الأخيرة لحكم الراضي، شهدت بغداد ما يشبه الفيضان، «غرقت بغداد غرقًا عظيمًا، حتى بلغت زيادة الماء تسع عشرة ذراعًا وغرق الناس والبهائم، وانهدمت الدور...». وسط هذا المشهد، فوجئ الناس بحركة تطرف من نوع خاص، قام بعض المتدينين بمهاجمة مجالس الترفيه واللهو حتى صاروا، كما يقول ابن الأثير في «الكامل»: «إِنْ وَجَدُوا مُغَنِّيَةً ضَرَبُوهَا وَكَسَرُوا آلَةَ الْغِنَاءِ»، و«منعوا مَشي الرِّجَال مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ سَأَلُوا (الرجل) عَنِ الَّذِي مَعَهُ، فَأَخْبَرَهُمْ، وَإِلا ضَرَبُوهُ وَحَمَلُوهُ إلى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْفَاحِشَةِ... فَأَرْهَجُوا بَغْدَاذَ». لم يرضخ الخليفة الراضي لهذا السلوك، بل اصطدم بهم، وأجبرهم على الانكفاء لفترة. لم تكن…

«التلوث الفكري»!

الأربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠١٦

يقول شيخنا سعيد بن مصلح السريحي، الكاتب والناقد الحصيف، إن «الكتاب الفاسد، أشدّ خطرًا من الطعام الفاسد»، فالثاني يفسد بعض البدن، لبعض الوقت، بينما يفسد الأول الفكر والذوق وحتى البيئة. يشير السريحي في نقاش ثقافي، إلى قضية استسهال الكتابة، التي أسفرت عن إنتاج آلاف الكتب خاوية المضمون، وفاقدة لأدنى شروط الصناعة، فهذا السيل الهائل من المؤلفات التي تسوقها المطابع كل عام، لمؤلفين مغمورين كل شروطهم أنهم قادرون على دس حفنة من الأموال في جيوب الناشرين، ليصبحوا بعدها مؤلفين وأهل أدب وفكر ورأي. يذهلك أن تجد عشرات الكتب التي يتسلق أصحابها أعمدة الأدب، وهي لا تحتوي على مضمون فني أو أدبي!. ثمة جرأة حقيقية على اقتحام هذا النادي، من دون امتلاك أدوات الصناعة. ولعل الأدب - «رواية وشعرًا» - هو الطريق الأسهل لولوج عالم الشهرة والمال، وهما مفسدتان عظيمتان للإبداع الأدبي. فالعام الماضي فقط كان هناك أكثر من 1500 رواية عربية تسابقت لحصد الجوائز المالية السخية، ومثلها مسابقات الشعر والشعراء. وكانت نتيجة هذا «التلوث الفكري» الذي نعاني منه اليوم كتبًا براقة وزاهية الألوان، ولكنها فارغة المحتوى ورديئة المضمون، وهو تلوث يصيب الفكر الإنساني كما يصيب البيئة؛ إذا علمنا أن رواية أو ديوان شعر أو كتابًا تتم طباعة أربعة آلاف نسخة منه يؤدي إلى تدمير 17 شجرة عمر معمرة. تصيب أول ما…

«خيارات صعبة» يا عرب !

السبت ٠٩ أغسطس ٢٠١٤

قبل 12 عاما (في 28 يوليو/ تموز 2002) كتبت في هذه الصحيفة مقالا يستعرض كتاب المؤلف الفرنسي تيري ميسان الذي صدر باللغة العربية في طبعتين: «الخديعة المرعبة»، و«الخدعة الرهيبة»، يجزم فيه الكاتب أن الاعتداء الإرهابي الذي جرى في نيويورك وواشنطن في 11 من سبتمبر (أيلول) 2001، مجرد «مسرحية دموية» جرت صياغتها بعناية لتعطي الولايات المتحدة الذريعة الكاملة للاستفراد بالعالم تحت ذريعة محاربة الإرهاب، والبحث عن عدو جديد بعد زوال الخطر السوفياتي. هذا الكتاب لقي رواجا في العالم العربي منقطع النظير، ووجدت نفسي بعد نشر القصة أجيب على أسئلة واستفسارات من قراء من مختلف العالم العربي، يسألونني: أين يجدون هذا الكتاب؟! في الوقت الذي كان فيه النقاد الأوروبيون يسخرون من قصة المؤلف، ورفضت طباعة كتابه دور نشر محترمة. في العالم العربي هناك من يعشق هذه القصص، وينفخ في رمادها، ويطير مع دخانها في الفضاء، وهو يعلم أنها مجرد أساطير لا قيمة لها. أخيرا، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي قصة مشابهة، لم يكلف أحد نفسه عناء التحقق منها، أعني كتاب «خيارات صعبة» لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، فقد احتفت به عشرات المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وكأنه فتح مبين؛ حيث نسب للوزيرة الأميركية قولها: «إن الإدارة الأميركية هي من قامت بتأسيس تنظيم (داعش)، بهدف تقسيم منطقة الشرق الأوسط»، وأن السيدة كلينتون…