مناهل ثابت
مناهل ثابت
خبيرة الاقتصاد المعرفي وأول امرأة عربية تدخل موسوعة العباقرة ممثلة عن قارة آسيا

مجتمعات الميتافيرس!

الأحد ٢٧ فبراير ٢٠٢٢

في عام 1992، استحدث الكاتب الأمريكي نيل ستيفنسون، مفهوم «الميتافيرس» للمرة الأولى، في روايته «سنو كراش»، وتدور أحداث الرواية، حول دخول الشخصيات عالم «ميتافيرس» في صورة «أفاتار». وهو شبيه افتراضي للشخصية. ثم تم تطوير استخدام المصطلح مع الزمن، وقد كانت استخداماتها الأولى في منصات العالم الافتراضي، كمنصة سكند لايف Scand life عام 2003. أما الأفاتار، فقد تم ابتكاره من قبل تشيب مورنينغستار (Chip Morningstar)، وجوزيف روميرو (Joseph Romero)، في عام 1985، عند قيامهم بتصميم لعبة (Habitat)، وهي لعبة متعددة اللاعبين على شبكة الإنترنت. ثم أخذ المؤلفون في شركة دي سي كومكس الأمريكية، في استخدام مصطلح «ميتافيرس»، اعتباراً من عام 2019، للإشارة إلى نسخة مركزية من الواقع تؤثر في الإصدارات الأخرى في الخطوط الزمنية البديلة. واستغل هذا المصطلح لأغراض تطوير وتضخيم العلاقات العامة لمختلف التقنيات والمشاريع من نفس النوع، نظراً لأن العديد من الألعاب الجماعية عبر الإنترنت، تشترك في الميزات مع الميتافيرس، ولكنها توفر الوصول فقط إلى الحالات غير الدائمة، التي يشاركها ما يصل إلى عشرات اللاعبين، فقد تم استخدام مفهوم الألعاب الافتراضية متعددة الأكوان، لتمييزها عن الميتافيرس. لا تشير «ميتافيرس» بالمعنى الأوسع إلى العوالم الافتراضية فحسب، بل قد تشير إلى الإنترنت ككل، أو ما بعد الإنترنت، بما في ذلك النطاق الكامل للواقع المعزز. في ميتافيرس، بوسع الأفاتار تجاوز عالم الواقع…

إعادة الضبط

الجمعة ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٠

نحن لا نلجأ عادةً إلى أن نعيد الضبط، إلا عندما تخذلنا الأشياء التي تمسكنا بها ثم أولتنا ظهرها، فيكون إعادة الضبط، هنا، حلاً بديلاً لانهيارنا، أو عندما نجد بدائل أفضل لما بين أيدينا. إعادة الضبط The Grate Reset تعني المواكبة والتكيّف والتأقلم مع المعطيات الجديدة، وإعادة صياغة العالم لأدواته وتحديث وإعادة تأهيل مهارات الأفراد، بما يتوافق مع الشكل الجديد لمنظومة الأعمال كافة. وقد يقال كان من المفترض أن نطوِّع التكنولوجيا في خدمة ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا، لكن ما يحدث الآن، بسبب إجباري فرضته جائحة «كورونا»، وبتحوّلات بطيئة سبقتها أيضاً هي تحولات عصر المعرفة، هو أننا نسير في اتجاه تطويع كل شيء من أجل التواؤم مع التكنولوجيا، تماماً كما فعل النفط ذات يوم عندما صب الحضارة الإنسانية في قالبه وفرض عليها التأقلم مع معطياته. لقد فرضت مظاهر التكنولوجيا إعادة الضبط لكل شيء، والذي يفرض التأقلم والاستيعاب للآليات الجديدة التي انتهت إليها منظومة الأعمال، وإعادة تشكيل وصياغة لهوية المهن والوظائف، وبعد أزمة «كورونا» زادت عملية التسويغ لمفاهيم جاءت بها مظاهر التكنولوجيا، لكن بدون أن يكون لها استيعاب في المجتمعات في بداية الأمر أو استساغة، ومن ذلك نمط العمل عن بُعد والتعليم عن بُعد. بدأت الحاجة الملحة لإعادة الضبط بالتزامن مع بدايات أزمة «كورونا»، وأعتبرها أزمة لإنتاج التحوّل وتسريع عملية إعادة الضبط أكثر من…

سمات عصر ما بعد «كورونا»

السبت ١٢ ديسمبر ٢٠٢٠

ثمة عشر سمات رئيسية سيمتاز بها عصر ما بعد «كورونا»، ويمكن قراءتها بوضوح من خلال الإلمام بتجربة ما قبل عصر «كورونا»، ومنذ بدايات عصر المعرفة، وما سبقه أيضاً، ومن خلال معرفة الحاضر، ويمكن تحديدها على النحو التالي: السمة الأولى: سمة النظام السائد، وحيث إن الأنظمة نوعان: أنظمة قائمة بذاتها، وأنظمة تتكامل مع غيرها، والنظام الذي سيغلب على طبيعة الأشياء عموماً في عصر ما بعد «كورونا» ينتمي إلى النوع الثاني تبعاً لما تفرضه طبيعة النظام الذي ستعمل به جميع الصناعات، وقبل ذلك فإن النظام الكوني ينتمي إلى النوع الثاني، وقد خاضت البشرية في تجربتها الابتكارية منذ ظهور الكهرباء تجربة الاختراعات القائمة على التماثلية ولها نظام قائم بذاته، ثم في الوقت الراهن، ومنذ بدايات عصر المعرفة، بدأت المنتجات الصناعية والاختراعات تأخذ منحى الأنظمة التي تتكامل مع غيرها، وهو ما سيتجسد بوضوح في عصر ما بعد «كورونا»، كأنظمة البيوت الذكية المرتبطة بشبكات إنترنت الأشياء وغيرها كثير من الصناعات، أي أن العصر بدأ يفهم طبيعة الكون ويتصرف في سياقاتها، ويتماشى مع أنظمتها، وهو ما يوجب على الإنسان اجتماعياً إدراك ذلك، فالنظام البشري يفرض التكامل مع الآخر، أي أن الجميع سواسية لهم حقوق وعليهم واجبات، وفي سياق أعم يتكامل النظام البشري مع النظام الحيواني والنباتي، وهذه الممالك الثلاث تتكامل مع البيئة والمناخ ومعطيات النظام الكوني.…

محو الأمية التكنولوجية!

الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٨

تميز بعض الأدبيات الحديثة في علم الاقتصاد، في سياق البحث عن جدوى محو الأمية عن طريق الوصول إلى شخص متعلم في الأسرة، بين «الأميين القريبين» و«الأمية المعزولة». تشير الأولى إلى شخص أمي يعيش في أسرة مع أدباء، والأخير إلى أمي يعيش في أسرة من جميع الأميين. وكانت المعضلة التي واجهت علماء الاقتصاد عموماً انطلاقاً من تلك الأدبيات أن العديد من الناس في الدول الفقيرة ليسوا مجرد أميين بل أميين منعزلين. انعكس ذلك بجلاء في تعريف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لمحو الأمية من أنها «القدرة على تحديد وفهم وتفسير وإنشاء وإخراج وحساب، باستخدام المواد المطبوعة والمكتوبة المرتبطة بسياقات مختلفة. ينطوي محو الأمية على استمرارية التعلم في تمكين الأفراد لتحقيق أهدافهم، لتطوير معارفهم وإمكاناتهم، والمشاركة الكاملة في مجتمعهم والمجتمع الأوسع». وقد جادل البعض منذ الثمانينات من القرن الماضي، بأن معرفة القراءة والكتابة هي أيديولوجية، مما يعني أن معرفة القراءة والكتابة موجودة دائمًا في سياق، جنبًا إلى جنب مع القيم المرتبطة بهذا السياق. ومنذ 1990، دار جدل آخر حول ضرورة توسيع معنى الأمية وما يعنيه محو الأمية خصوصا بعد مجيء الإنترنت واتساع رقعة استخدامه في العالم، وقد أكد البعض أن تعريف محو الأمية ينبغي أن يتضمن القدرة على استخدام أدوات مثل متصفحات الويب، معالجة النصوص برامج، والرسائل النصية. وقد سميت…

البورصة المعرفية

الإثنين ٣٠ أبريل ٢٠١٨

يقصد بالبورصة المعرفية أو تبادل المعرفة بشكلٍ عام اتباع منهج منتظم لتبادل المعرفة الضمنية - المعرفة التي يكتسبها الناس من خلال خبراتهم في العمل ونجاحاتهم وتحدياتهم في جميع أنحاء العالم. وبشكل خاص فإن البورصة المعرفية أو تبادل المعرفة، هي الناتج الرئيسي للبحوث الأكاديمية. تلك المعرفة وتلك الأفكار تنتقل بين مصدر المعرفة والمستخدمين المحتملين لتلك المعرفة، ويحدث ذلك من خلال تدريب الباحثين في الدراسات العليا الذين يقومون لاحقاً بتطبيق تلك المعرفة في القطاع العام أو الخاص، أو من خلال المشاركة المباشرة بين الأكاديميين والقطاع العام / الخاص من خلال الأبحاث التعاونية أو التعاقدية، أو من خلال استغلال الملكية الفكرية من خلال إنشاء الشركات الناشئة، أو بطرق أخرى كثيرة. والعنصر الرئيسي المشترك في العملية هو تبادل المعلومات والخبرات مع الشركات والمجتمع و / أو الاقتصاد. ويتمثل الهدف الرئيسي للبورصات المعرفية في ربط الممارسين (في أي مجال أو تخصص) ببعضهم البعض حتى يتمكنوا من مناقشة عملهم والتعلم من بعضهم البعض - وتحقيق تحسينات في النتائج. وتقاسم المعرفة، وخاصة المعرفة التجريبية، هو عنصر أساسي في الابتكار. بمعنى أن تبادل المعرفة أمر ضروري لتحقيق التعلم المستمر من التجربة وتطبيق هذا التعلم لتحسين عملنا. لتحقيق هذه الأهداف، فإن تبادل المعارف يستفيد من أدوات وأساليب محددة. ويشمل ذلك أدوات لتعزيز التبادل الشخصي (وجهاً لوجه). كما أنها تشمل…

التعدين المعرفي

الإثنين ١٩ فبراير ٢٠١٨

أدى الاستخدام الواسع لتطبيقات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتوجهات الحثيثة نحو اقتصاد المعرفة عموماً إلى إنشاء مستودعات بيانات واسعة النطاق، وهذه المستودعات الضخمة للبيانات ستسهم إسهاماً كبيراً في اتخاذ القرارات في المستقبل، حيث يتم تطبيق آليات اكتشاف المعرفة المناسبة لاستخراج المعلومات الخفية من تلك البيانات، والتي يمكن أن تكون مفيدة ويشترط في ذلك العثور على أنماط واتجاهات مفيدة خفية وإنتاج ملاحظات جديدة من البيانات. ومن البديهي أن الكمية الهائلة من البيانات المتاحة في صناعة المعلومات، ستظل بلا فائدة حتى يتم تحويلها إلى معلومات مفيدة، وهو ما أطلق عليه لاحقاً تعدين المعرفة، وهذه التقنية تؤكد أن الهدف العام هو استخراج الأنماط والمعرفة من كميات كبيرة من البيانات، وليس تعدين من البيانات نفسها. الجذور الأولى لمصطلح التعدين المعرفي كانت في الستينات، وتم استخدامه من قبل الاقتصادي مايكل لوفيل في مقالة له منشورة في مراجعة الدراسات الاقتصادية 1983. ثم تجلى المصطلح بوضوح أكبر عام 1990 في مجتمع قاعدة البيانات، بدلالات إيجابية، وفي المجتمع الأكاديمي، بدأت المحافل الرئيسية للبحوث في مجال التعدين المعرفي عام 1995 عندما تأسس المؤتمر الدولي الأول لتعدين البيانات واكتشاف المعرفة (كد-95) في مونتريال، ثم أطلقت بعد عام من المؤتمر مجلة استخراج البيانات واكتشاف المعرفة (التعدين المعرفي). وفي وقت لاحق صارت هذه المجلة الأولى في هذا المجال. بعد تطور تقنية التعدين المعرفي…

الاقتصاد في عصر اقتصاد المعرفة

الإثنين ٠١ يناير ٢٠١٨

يطلق على هذا العصر عصر المعرفة، وكان هذا نتيجة للتغيرات الجديدة التي شهدها العالم في شتى المجالات، وما أحدثته ثورة التكنولوجيا والمعلومات من تطور سريع على نطاق واسع، فأصبحت القدرة على الإنتاج والتقدم تعتمد على القدرة على الإبداع والابتكار، وتحويل المعلومات إلى معرفة، ثم تحويل هذه المعرفة إلى منتج متميز، وكما يبدو فإن الدور الذي أصبح للمعرفة في توليد الثروة وزيادتها وتراكمها من خلال الإسهام في تحسين الأداء، ورفع الإنتاجية، وتخفيض كلفة الإنتاج، قد أدى إلى ظهور اقتصاد المعرفة، الذي يتطور بسرعة، ومبادئه تتجذر وتتوسع في مواجهة الاقتصاد التقليدي. لكننا لا يمكن أن نفهم هذا الاقتصاد الذي يقوم على المعرفة إذا لم نكن نملك المعرفة التي يقوم عليها الاقتصاد، بمعنى أننا لن ندرك ما يرمى إليه باقتصاد المعرفة إلا بمعرفة سمات الاقتصاد التقليدي وهذا من خلال النظر في سمات الاقتصاد المعرفي، وهو ما لا يتبين إلا بلغة المقارنة، مع التركيز على أولوية الاقتصاد المعرفي بشكل رئيس في المقارنة. ويمكن حصر خصائص الاقتصاد المعرفي والاقتصاد التقليدي بسهولة من خلال النظر في سمات اقتصاد المعرفة، فنجد أولاً أنه اقتصاد الوفرة، إذ وبخلاف معظم المصادر التي تنضب بالاستخدام، بمعنى أنه لا يعاني من الندرة بالمعنى التحليلي القديم، بل له وفرة في الموارد التي يمكن استمرار زيادتها عبر الاستخدام المتزايد للمعرفة والمعلومات، كما يسمح…

استشراف مستقبل العملات الرقمية

الإثنين ٢٥ ديسمبر ٢٠١٧

في عام 1983 نشر أحد الباحثين ويدعى ديفيد تشوم ورقة بحثية أظهرت مفهوم المال الرقمي، الذي ظل موجوداً كفكرة من الناحية النظرية منذ ذلك التاريخ وحتى عام 1990، إذ أسس ديجيكاش في أمستردام شركة دفع إلكترونية، هدفت إلى تسويق أفكار بحث ديفيد تشوم. إذ ذلك وفي عام 1997، قدمت شركة كوكا كولا للعملاء خيار شراء منتجها من خلال آلات البيع باستخدام هواتفهم النقالة، وبحلول عام 1998، كانت باي بال قد ضربت السوق. ثم توالت أسماء أخرى لشركات عدة آخذة في الظهور في الوقت ذاته مثل البريد الإلكتروني، وبحلول عام 2008، ولد البيتكوين. أطلقت العملة الرقمية «البيتكوين» في عام 2009، وتضاعفت شعبيتها في فترة وجيزة وكانت طوال الوقت في انتقال من قوة إلى قوة، يتضح ذلك من قيمتها التي بدأت من $ 1 حتى وصلت إلى ما يربو على 16000 $، ولعل ملامح هذا الازدهار يظهر لك في بعض البلدان التي يمكنك أن تجد فيها أجهزة الصراف الآلي للبيتكوين، وكثير من التجارات على الإنترنت يمكنك شراء منتجاتها وخدماتها باستخدام العملة الرقمية. وفي عام 2011 أطلقت عملة لايت كوين LITECOIN وهي المرتبة الثانية بعد العملة الذهبية البيتكوين وتسمى لايت كوين بالعملة الفضية، وتم إنشاؤها من قبل خريج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومهندس جوجل السابق، تشارلي لي، وتمثل شبكة عالمية مفتوحة المصدر للدفع، ولا…

استشراف لمستقبل الوظائف وأتمتتها

الإثنين ١١ ديسمبر ٢٠١٧

ثمة تطور هائل يتزايد كل يوم مع تطور التكنولوجيا واتساع رقعة الأتمتة، وثمة قلق وجدل واسع حول المستقبل الذي ينتظر وظائف البشر الاعتيادية مقابل ظهور ما ليس اعتيادياً، وهذا خلال العشر سنوات المقبلة وحتى 2030. ولعل القول إن الكثير من الوظائف التي يمتهنها البشر الآن ستتلاشى وتختفي هو قول صائب ومثير للتشاؤم عند الكثيرين، ولكنه بالمقابل بلوغ حضاري مشرق لدى آخرين. ويعبر عن ذلك فريمان دايسون بالقول: «التكنولوجيا هبة الله؛ هي ربما من أعظم هبات الله بعد هبة الحياة؛ هي أمّ الحضارات والفنون والعلوم.» وثمة ما يجعل الأمر وضده جيدين اقتصادياً؛ إذ إن التقدم التكنولوجي هو الذي يسمح لنا بمواصلة هذا التطور المذهل الذي نحن فيه، حيث العوائد سترتفع دائماً، وفي الوقت نفسه، الأسعار تنخفض، ويتواصل تحسن الحجم والنوعية؛ صحيح أن بعض الناس ينظرون إلى هذا ويتحدثون عن المادية السطحيّة. ولكن هذه طريقة خاطئة للنظر في الموضوع؛ لأن ما يحدث بالضبط هو الوفرة، التي تخدم بالضرورة النظام الاقتصادي، أما السبب الثاني فهو أنّ عصر الآلة الجديد وما إن يبدأ الرجال الآليون القيام بالوظائف، حتى تنتهي مشقة الأعمال التي تعودنا أن نقوم بها نحن البشر، وبالتالي نتحرّر من الكدح والكد ونتفرغ لما هو أهم، أي أننا نتجه إجبارياً، بالأتمتة، نحو اقتصاد يقوم على المعرفة. والأتمتة التي هي مصطلح مستحدث، يطلق على…

قراءة في فلسفة محمد بن راشد للابتكار

الإثنين ٢٠ نوفمبر ٢٠١٧

جديرٌ بنا قبل الحديث عن الابتكار ومحاولة قراءة المقال الشهير لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد «الحكومات بين الابتكار والاندثار» الاستهلال بقول سموه: «الحكومات المبتكرة هي حكومات جاذبة للمواهب، فعّالة في الأداء، متجددة في الأنظمة والسياسات والخدمات. الحكومات المبتكرة هي القاطرة الأساسية لنهضة الشعوب وتقدّم الدول وارتفاع شأنها. الحكومات المبتكرة تطلق طاقات الشعوب، وترفع من قيمة عقل الإنسان، وتحقق الحكمة الربانية في أن نكون خلفاء الله في أرضه». نتفق على أن لكل عصر سماته، ويمكن التأكيد أننا نعيش عصر الحاضنات الابتكارية بامتياز، فالمؤسسات الحكومية تحررت من مركزياتها، ولم تعد أولوياتها مقدسة تسبق مصالح الأفراد، بل إنها دخلت عالم المنافسة مع القطاع الخاص، وصارت مهمتها رعاية حاضنات الابتكار، كظاهرة حديثة في جميع أنحاء العالم، وصارت وظيفتها أقرب إلى مؤسسات إنتاج المعارف (مؤسسات تعتمد على البحوث) كالجامعات أو غيرها من مراكز التميز الحكومية، وتهدف إلى توجيه المعرفة المتولدة نحو تطبيق نتائج الابتكار، من أجل تحفيز الأنشطة الإقليمية للارتقاء بالنمو الاقتصادي الوطني. وهذا ذاته ما تؤكده المقالة، فيقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إن «سر تجدد الحياة وتطور الحضارة وتقدم البشرية هو في كلمة واحدة: الابتكار» إن التأمل بتمعن في هذه المقولة يكشف أن الابتكار يعدُّ، وفق كل المقاييس، مفتاحا للنجاح في المستقبل، في كافة المجالات التنموية، وعليه يتوجب على كل القطاعات…