محمد النغيمش
محمد النغيمش
كاتب متخصص في الإدارة

لجان التحقيق الإدارية

الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠١٤

كم من موظف راح ضحية قرار تعسفي بفصله أو نقله أو حرمانه من ترقية لسنوات عدة، ليس لسبب سوى أنه لم ينل حقه في تشكيل لجنة تحقيق إدارية للنظر في قضيته بعدالة. في عالم الإدارة، يتم اللجوء إلى لجان التحقيق الرسمية (أو غير الرسمية) لضمان عدالة القرار المتخذ بحق الموظفين المخالفين. وجرى العرف أن تُشكَل لجان التحقيق داخل العمل عندما يرتكب الموظف مخالفة جسيمة يعاقب عليها القانون أو اللوائح الداخلية؛ كأن يطعن أحد في الذمة المالية لزميل آخر أو يتهمه بالتحرش أو التزوير أو التدليس وغيره. كل منا معرّض لأن يجد نفسه يوما ما ماثلا أمام لجان التحقيق الإدارية؛ إما متهما - لا قدر الله، وإما عضوا وإما شاهدا. ومن هذا المنطلق، من حق القارئ أن يعرف متى وكيف تتشكل لجان التحقيق الإدارية في العمل وما آلية عملها. أولى بديهيات تشكيل لجان التحقيق، ألا يكون أحد أعضائها ممن تتعارض مصالحه مع نتائج التحقيق حتى لا يكون هو الخصم والحكم. كما يتوقع من اللجان أن تدون أقوال المتخاصمين والشهود وتستعين بأي رأي فني يؤكد أو ينفي صحة الادعاءات المطروحة. فقد يستغل أحد المتخاصمين خبرته الفنية، مثلا، فيوهم أعضاء اللجنة باستحالة إرساله بريدا إلكترونيا بهذه الطريقة أو التوقيت فيأتي الفنيون برأي مغاير. وإذا كان استمرار الموظف أو المسؤول المتهم على رأس عمله…

«أكرمنا بسكوتك»!

الخميس ١١ سبتمبر ٢٠١٤

المصطلح الشائع «أكرمنا بسكوتك» يطلقه البعض على سبيل الدعابة المبطنة بالامتعاض من كلام المتحدث. ويبدو أننا في عصر أصبحنا فيه بحاجة ماسة إلى استخدام هذا المصطلح القاسي على البعض لا سيما أولئك المتطفلين الذين يدلون بدلوهم في موضوعات حساسة، وليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل فيدفعون السامعين وربما كبار المسؤولين إلى قرارات مصيرية في الاتجاه الخاطئ. ومن يحتاج أن يكرمنا بسكوته ذلك المثبط الذي يهبط من معنويات المنتجين الفاعلين في عملهم ومجتمعهم ولا يريد أن يغرس غرسا نافعا. فالمثبط لا يطول عنقود العنب فيصفه بأنه حامض ليحرم غيره من بلوغه. ويجب أن يكرمنا بسكوته من لا يتورع عن توجيه سهام النقد يمنة ويسرة، وينسى أنه لو اشتغل بعيوبه لأفنى عمره ولم يصل إلى عتبة الكمال. وليت المجادل يكرمنا بسكوته، حينما يصر على خوض جدال عقيم فيزيد الطين بلة أو يجادل في أمر لا يفقه فيه شيئا فيفسد متعة الإصغاء إلى الآراء السديدة. والمشكلة ليست دائماً في الطرف الآخر، بل بتعاملنا معه، فنحن مثلا نخطئ حينما نجادل الأحمق «فيخطئ الناس في التفريق بيننا». ولذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حينما قال: «أرى الرجل فيعجبني فإذا تحدث سقط من عيني». فكم من متحدث متسرع كشف بتفاهة طرحه ستر عيوبه. فالسكوت ستر للجاهل وفرصة لتعلم شيء جديد. ولذا أعجبني رد شاعرة…

أدوارنا في فريق العمل

الجمعة ٠٥ سبتمبر ٢٠١٤

عكف باحث بريطاني على دراسة أدوار أعضاء فرق العمل لمدة 9 أعوام في دراسة علمية شهيرة ليحاول معرفة ما الذي يجعل فريق العمل Team فعالا أكثر من غيره. فتوصل إلى نتائج عدة أبرزها أن الفريق الفعال هو الذي يقوم أعضاؤه بأدوار أشمل. إذا اكتشف الدكتور ميريديث بلبن أن الناس يقومون بتسعة أدوار رئيسة قسمها إلى 3 فئات: الأولى «المفكرون». وتضم هذه الفئة دور «المفكر» أو «الزارع» «plant» وهو ذلك الذي يمتاز بخياله الواسع وبالإبداع وبمهارة توليد الأفكار ولذا فإن مقدرته على حل المشكلات المستعصية أكبر. وتضم هذه الفئة أيضا «المراقب/المقيم» وهو الرزين الذي يفكر بطريقة عقلانية واستراتيجية ويحسن وزن الخيارات المطروحة أمامه لانتقاء الأفضل. والدور الثالث في هذه الفئة «الأخصائيون» الذين يعملون عادة بمفردهم ولديهم دأب عال dedication ويقدمون المعلومة الفنية الدقيقة لفريق العمل مثل المحلل المالي. أما الفئة الثانية من الأدوار فيطلق عليها «الاجتماعيون» ومن الأدوار التي تنضوي تحتها «العضو العامل» teamworker وهو من يتحلى بالدبلوماسية بالتعامل مع الآخرين ويحسن الاستماع إليهم ويسعى للتنسيق مع زملائه بدلا من الصدام. وهناك أيضا «الباحثون عن المصادر» وهم المتحمسون الذين يبنون علاقات ويبحثون عن الفرص المناسبة ولديهم مقدرة جيدة على التواصل. والدور الأخير هو «المنسق» وهو شخص ناضج وواثق ويكتشف المواهب ويوضح الأهداف المرسومة ويحسن التفويض الفعال. أما الفئة الثالثة والأخيرة من…

عقدة الهروب من المشكلة

الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠١٤

هناك نوع من الناس يتفادى مواجهة المشكلة، إما عمدا أو من دون أن يشعر. وسبب ذلك يعود إلى مشكلات عائلية أو تجارب سابقة، بحسب خبيرة إدارة الخلافات د.سوزان رينز في كتابها «إدارة الخلافات». فهذه الفئة من الناس التي تتفادى أو بالأحرى تهرب من مواجهة المشكلة هي أحد أنواع متعددة من السلوكيات التي تدرس في علم إدارة الخلافات، والتي منها المواجهة والتوافق والتعاون والتضحية وغيرها. ما يهمنا هنا أولئك الذين يهربون من المشكلات التي تعترضهم لاعتقادهم أن الوقت كفيل بحلها. وهذه النظرة قاصرة، لأن الهروب من مواجهة المشكلة ليس بالضرورة حلا لها، فبعض المشكلات مثل كرة الثلج إن لم نتصد لها كبرت وصارت تداعيات تجاهلها أكبر. غير أن بعض المشكلات تبدو صغيرة، ومن المرجح أنها سرعان ما ستزول، حينها يصبح أمر تجنب مواجهتها خيارا بديهيا، إلا إذا كان المسؤول يريد اقتناص فرصة توبيخ المتسببين بها حتى لا يتكرر الخطأ. وفي بعض الأحيان يتعمد بعض المسؤولين عدم تجاهل المشكلة إذا كانت مثلا من الأخطاء التي إن اعتاد عليها الموظفون أوجدت حولهم بيئة من الفوضى كسوء تعاملهم مع الزملاء أو فظاظة التعامل مع المراجعين والعملاء. فهذا النوع من المشكلات إذا تم غض الطرف عنه فإنه قد تتفشى بسببه في المنظومة حالة من التسيب. أما مشكلة الذي يتجنبون المواجهة فتكمن في أنهم يتخيلون أنه…

لغتنا الملغومة!

الخميس ٣١ يوليو ٢٠١٤

هناك مصطلح شائع في أدبيات الحوار الإنجليزية، نمارسه في عالمنا العربي من دون أن نشعر، ونهدم به كثيرا من نقاشاتنا البناءة فضلا عن علاقتنا. هذا المصطلح هو Loaded Language، وأقرب تسمية له «اللغة الملغومة»! بمعنى أن نبطن حواراتنا بكلمات تجرح أو تحط من كرامة الآخرين. ومن هذه الطرق «السؤال الملغوم» الذي يبدو ظاهره بريئا وعفويا، غير أنه محاولة للتعريض بالآخرين أو إهانتهم أو الانتقام منهم، أو محاولة لفت أنظار السامعين إلى سلوك نراه شائنا في من نحاول الإساءة إليه. كأن يقول سياسي لخصمه مثلا: هل ما زلتم تضحكون على ناخبيكم بهذا الكلام المعسول؟ أو يقول مدير لمرؤوسه: إذن أنت وراء كل هذه المشكلة؟! أو يسأل شخص ما آخر يثير حنقه فيقول: هل ما زلت تضرب أطفالك؟ وهذه اللغة الملغومة قد تأتي على صيغة سؤال فيه نبرة افتراضية مزعومة تثير حفيظة المتلقي، خصوصا إذا لم تكن مبنية على أساس صحيح. وقد تأتي عبارات قاسية أو كلمات محددة تؤذي المتلقي. واستخدام اللغة الملغومة قد يعتبره البعض نوعا من التكتيك لإثارة المتلقي و«نرفزته»، لكنه في حقيقته سلاح ذو حدين، لأنه في بعض الأحيان يكون وسيلة العاجز عن مقارعة الحجة بالحجة، أو محاولة تدفع بالمتضرر للرد العنيف، ثم تنقلب طاولة الحوار البناء، ويفقد كل متابع رغبته في الاستماع، لأن كلا الطرفين انزلق إلى هاوية…

«ذاكرة اليد»!

الخميس ٢٤ يوليو ٢٠١٤

وأنا أقرأ دراسة حديثة عن الذاكرة والكتابة بالقلم، تذكرت ما قاله لي مبتكر الخريطة الذهنية الشهيرة توني بوزان في لقائي المطول معه بالكويت، حيث قال: «لليد ذاكرة». وكان يقصد أن استخدام القلم للتدوين أو للرسم يخزن في ذاكرتنا معلومات أكثر من استخدامنا للحاسوب أو للهواتف الذكية، ولديه دراسة علمية تؤكد ذلك. وهذا ما جعله يحث الناس دوما على رسم خرائطهم الذهنية يدويا قبل استخدام تطبيقه الإلكتروني. والأمر نفسه يتماشى مع الدراسة المهمة التي نشرتها «العربية.نت» عن صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية وأجراها أستاذ في علم النفس بجامعة كاليفورنيا، حيث أظهرت أن الطلبة الذين استخدموا القلم في تدوين «رؤوس أقلامهم» أو ملاحظاتهم، كانت مقدرتهم على تذكر المكتوب أكثر من أولئك الذين استخدموا وسائل الطباعة. ولم أستغرب هذا الأمر لأنني شخصيا كثيرا ما أستخدم القلم رغم ولعي بالطباعة منذ أن كانت لدي آلة طابعة أكتب بها موضوعاتي! وذلك لسبب بسيط، وهو أنني أجد في القلم تفاعلا أكبر للحواس، لا سيما في لحظات التخطيط أو وضع الأهداف اليومية، والاستمتاع بشطب المهام المنجزة واحدة تلو الأخرى على قصاصة صغيرة. كما أن الإنسان يحتاج أن يتذكر يوميا أهدافه الكبرى (الحياتية) بكتابتها مع مهام اليوم الصغرى حتى يستطيع تذكرها وتذكر أهدافه الشهرية والأسبوعية. وقد تبين في دراسة جامعة كاليفورنيا أن كتابة الطلبة بالقلم أسهمت في حفظ المعلومات في…

لماذا نكتب؟

الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤

رغم الكم الهائل من النصوص العربية على الإنترنت فإن ذلك لا يشكل سوى 3 في المائة من المحتوى العالمي المدون فيه. والمفارقة أن العرب رغم أنهم يمثلون 5 في المائة من سكان المعمورة بعدد 360 مليون نسمة تقريبا (22 دولة)، إلا لغات أخرى لا ينطق بها سوى شعب واحد مثل اليابانية والألمانية قد تفوقتا على ما كتب بالنص العربي، مع أننا أكثر عددا منهم! ومما أثار استغرابي أنه حتى النص العربي بمجمله الذي نحاول أن ندعمه بكتاباتنا يمثل 75 في المائة منه مساهمة دولة واحدة وهي الأردن! فيما يتوزع الباقي على الدول العربية بحسب، تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات [1]. والسبب يعود إلى مساهمة الجامعات وغيرها من المؤسسات بطريقة ممنهجة أسهمت في نشر المعرفة على الإنترنت. ومن هذا المنطلق أطلق العاهل السعودي الملك عبد الله مبادرة رائدة لإثراء المحتوى العربي على الإنترنت من خلال التعاون مع الجهات العلمية المعنية، حيث ترجم نحو ألفي مقال مميز من الإنجليزية للعربية في مجالات عدة ليتم نشرها في موسوعة ويكيبيديا التي يقرأها ملايين الزوار. كما أطلقت المبادرة أيضا مشروعا آخر لترجمة مقالات مهمة إلى العربية وذلك من 12 لغة أجنبية. وأطلقت أيضا معجم الحاسوب التفاعلي. وتعد جميع هذه الإسهامات خطوات قيمة في هذا المجال. وما محاولات كاتب هذه السطور المتواضعة ولا آلاف الكتاب غيره إلا…

نوم الصائم وإنتاجيته

الخميس ٠٣ يوليو ٢٠١٤

أطلعني فريق بحثي على نتائج دراسة جديدة ستصدر بعد أيام عن إنتاجية الصائم في رمضان، وكانت المفارقة عكس الاعتقاد الشائع، وهو أن الموظف الصائم خامل وغير منتج ولا يؤدي عادة عمله على أكمل وجه. فقد توصلت الدراسة التي أجرتها شركة «موارد» في الكويت عبر فريقها البحثي إلى أن 40 في المائة من العرب المشاركين فيها قالوا إن إنتاجيتهم في رمضان لا تعتبر منخفضة مقارنة مع باقي الشهور. لكن خمس المشاركين (20 في المائة) يرون أن رمضان بالنسبة لهم شهر ذو إنتاجية أقل، ولم يتوصل الباقي إلى إجابة محددة. وقال 40 في المائة إنهم يستطيعون إتمام الأعمال الموكلة إليهم بالجودة المطلوبة أثناء الصيام، ولم يتفق معهم سوى 23.7 في المائة. أرى أن المشكلة ليست في الإنتاجية بقدر ما هي في الاستعداد لنهار رمضان، لا سيما أخذ قسط كاف من النوم وتناول الغذاء الصحي والسوائل المطلوبة. فالإنسان حتى يؤدي وظائفه الذهنية والبدنية بشكل جيد لا بد أن يأخذ قسطا كافيا من «مرحلة النوم العميق»، وهي التي تحدد مدى جودة النوم. وهذه المرحلة تبدأ بعد نحو 90 دقيقة من النوم والتي تتحرك فيها العينان بطريقة سريعة (REM). ويرتبط مدى قوة نوم الإنسان بمدى جودة «نومه العميق» والمريح بعيدا عن الضوضاء. ولا يختلف اثنان على أن الحد الأدنى من عدد ساعات النوم إذا كان…

ارتكاب الخطأ الفادح

الخميس ٢٦ يونيو ٢٠١٤

رغم أن القنبلة الذرية التي ألقاها طيار أميركي على هيروشيما اليابانية قد أوقفت الحرب العالمية الثانية، وأجبرت اليابان على الاستسلام، فإن الطيار نفسه يعترف بأن ذلك المشهد كان مروعا بحق. كيف لا وهو قد حصد بقنبلته وقنبلة ناغازاكي أرواح ما لا يقل عن 150 ألف شخص بريء، فضلا عن الأمراض التي ما زال يعاني منها اليابانيون إلى يومنا هذا. هذا القرار، أو ما أسميه بـ«الخطأ الفادح»، الذي أذهل العالم ما زال يثير مخاوفنا. وهذا الأمر هو الذي دفعني لعدم التردد في قبول دعوة لحضور ورشة عمل خاصة نظمتها منظمة «VCDNP» أمس في فيينا مع منظمة «أتوميك ريبورترز»، حيث تحاولان تنوير نحو 20 كاتبا ومراسلا صحافيا من الشرق الأوسط بخطورة إعادة كارثة هيروشيما وهي ليست ببعيدة عنا. فلو ألقيت، مثلا، قنبلة ذرية بحجم كرة قدم على دولة صغيرة كبلدي الكويت، لا سمح الله، فهي كفيلة بأن تبيد الشعب بأكمله في غضون دقائق. والأخطاء الفادحة ليست مرتبطة بالجرائم النووية فحسب، فهناك من يبيد شعبا بأكمله أو قرى عن بكرة أبيها في لحظة غضب ولا يجد رادعا، كما فعل صدام بالكيماوي الذي سحق به سكان حلبجة وخطيئة غزوه للكويت الذي قلب به موازين المنطقة ثم اتضح أنه كان قرارا فرديا أيده ثلة ممن حوله. وأباد هتلر وجنكيز خان شعوبا أخرى بالطريقة نفسها. ونظرا…

اليابان بعيون مترجم عربي

الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤

استمتعت وأنا أصغي إلى مترجم اللغة اليابانية، الشاب الكويتي بدر الفيلكاوي الذي كان يتحدث عبر التلفاز عن تجاربه في اليابان التي أقام فيها وحصل على الماجستير في لغتها وهو يحضر حاليا للدكتوراه. اتصلت به لأجري معه حوارا عفويا أنقله إلى القراء كشاهد عاش التجربة بعيدا عن الكتب ومصادر المعلومات التقليدية. يقول المترجم بدر إن من أكثر ما أثار إعجابه، فضيلة الاعتذار المقدسة عند هذا الشعب، فضلا عن روح الانضباط والعزيمة والإصرار على تحقيق الأهداف مهما كانت مشقتها. إذ تحدث عن غابة يابانية شهيرة «تعتبر قبلة المنتحرين وتقوم الشرطة اليابانية عادة بإرسال دوريات للبحث عن المنتحرين فيها». ذلك أن كثيرا من اليابانيين قد يقتلون أنفسهم ليعلنوا على الملأ اعتذارهم عما بدر منهم. وبالفعل أذكر أنني قرأت أكثر من خبر يشير إلى انتحار القياديين بطرق شنيعة اعترافا منهم بتحمل المسؤولية. ولو طبقنا مبدأ الانتحار الياباني كاعتذار في بلداننا العربية لربما زهقت أرواح ملايين الناس! ويصل الأمر في المواطنة اليابانية وحتى الياباني إلى حلق شعرها كاملا كنوع من تسجيل الاعتذار والندم. وتحدث الفيلكاوي عن روح الانضباط لدي اليابانيين، الذين جرى العرف عند كثير منهم إلى أن «يأتوا إلى مقر العمل قبل 30 دقيقة من ساعة بدء الدوام» الرسمي. ويعتبر الموظف الذي يأتي مع وقت بداية العمل بمثابة «موظف غير منتظم» على حد وصفه.…

طريقة «فيفا» في اتخاذ القرار

الخميس ١٢ يونيو ٢٠١٤

لأول مرة في تاريخ مونديال كأس العالم، سيكون في مقدور حكام البطولة، التي تنطلق اليوم، معرفة ما إذا كانت كرة القدم قد دخلت المرمى من عدمه بالاستعانة بست كاميرا وعشرة هوائيات مخفاة زرعت عند خط المرمي، بحيث تنقل للحكم في غضون نصف ثانية إشارة، عبر سماعته، تؤكد له دخول الكرة خط المرمى من عدمه، وذلك بالاستعانة باللفافات النحاسية التي وضعت في كرة القدم الجديدة ليقرأها المجال المغناطيسي المحيط بالمرمى. ولجأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى هذا القرار بعد الخطأ الشهير؛ حينما لم يحتسب حكم المباراة هدفا صحيحا لإنجلترا على ألمانيا في مونديال 2010، وهي القضية التي تثير إحباطات ملايين المتابعين لكرة القدم حول العالم. وهذا القرار الذي لجأت إليه «الفيفا» جاء، فيما يبدو، بعد دراسة وتأن، حيث إنها «تدرجت» في تطبيقه في بطولات سابقة أقل مستوى لتدرس سلبياته، وها هي تطلقه اليوم رسميا ومطورا في أشهر بطولة بالعالم. وسمحت «فيفا» أيضا باستخدام الحكام «الرذاذ المتلاشي» الذي يرشه الحكم على أرضية المعلب ويختفي بعد دقيقة، لأن الهدف منه هو مكان وقوف اللاعبين أثناء الضربات الحرة. وكلنا يذكر أيضا قرارات «الفيفا» لتخفيف وزن كرة القدم ومحيطها، التي كانت في السابق ثقيلة مقارنة بالحالية، وذلك لسلامة رأس اللاعبين ولتمتعهم بنقلات وضربات أسرع وأجمل وأفضل. ودرست «الفيفا» أيضا تكبير حجم المرمى قليلا ليتمتع…

رأيك بي يتحكم في قراراتك

الخميس ٠٥ يونيو ٢٠١٤

قدم لنا عالم نفس شهير خلاصة دراسته، حينما توصل إلى أن ما نؤمن به تجاه الأفراد يحدد طبيعة قراراتنا تجاههم. وهي النظرية التي سميت (X) و(Y)، وقد انتشرت في أدبيات الإدارة، ومفادها أننا ننظر إلى الناس من منظورين، بحسب د. دوغلاس ماقريغر خريج جامعة هارفارد والمحاضر في معهد (MIT). المنظور الأول أن الإنسان بطبيعته لا يحب العمل، لذا فسيحاول بذل ما في وسعه لتجنبه. وعليه، فإن أصحاب هذه النزعة يتطلب أن نواجههم بأسلوب إداري حازم حتى ينفذوا أهداف المنظمة في بيئة رقابية جادة. ومن هذا المنطق، فإن هذه الفئة تفضل أن يجري توجيهها نحو عمل محدد حتى تتجنب تحمل وزر المسؤولية. أما النوع الثاني من البشر، فتصنفه النظرية على أنهم فئة من الناس سوف تبذل ما في وسعها للسيطرة على أدائها وضبطه بقدر الإمكان لتحقيق أهداف المنظمة، من دون الحاجة لرقابة خارجية أو تهديد ووعيد بعقوبات. وهؤلاء يرون أن جهدهم المبذول في العمل هو في حد ذاته له مردود جيد حينما يكون مرهونا بإنجاز يشار إليه بالبنان، وأن الإنسان بطبعه يقبل تحمل المسؤوليات، بل بالأحرى يسعى إليها بنفسه أحيانا، وأن مساهمات الأفراد الخلاقة لا حدود لها إذا ما توافرت لهم البيئة المناسبة. ولحسن الحظ، فإن واقع الحال يؤكد أن الإنسان فيه خصال هاتين الفئتين بدرجة أو بأخرى. وهذا ما يتفق…