محمد الرميحي
محمد الرميحي
محمد غانم الرميحي، أستاذ في علم الاجتماع في جامعة الكويت

لا تعتمدوا على الولايات المتحدة ولكن جاملوها!

السبت ١٣ ديسمبر ٢٠١٤

سوف أترك مقالي اليوم لشخص آخر هو البروفسور إيمانويل والرشتاين، وهو أستاذ أميركي يشغل منصب كبير الباحثين في جامعة يل الأميركية الشهيرة، وله كتابات معمقة في العلاقات الدولية، وخصوصا كتابه الموسوعي «النظام العالمي الحديث». السيد والرشتاين ألقى محاضرة مفردة في نهاية اليوم الثاني من أعمال ندوة «مجلس التعاون الخليجي: السياسة والاقتصاد في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية»، وقد نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، وحضرها جمع وافر من المهتمين والمختصين والرسميين، وانتهت قبل يوم واحد من انعقاد القمة الخامسة والثلاثين لمجلس التعاون الخليجي في الدوحة. ما سوف أعرضه هو الأفكار العامة للمحاضرة، التي قد أتفق مع بعضها وقد أختلف مع البعض الآخر، إلا أن عرض تلك الأفكار في هذه المرحلة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط من الأهمية بمكان. العنوان الذي اختاره المحاضر هو «تراجع الولايات المتحدة على الصعيد العالمي»، قال: «هذا التراجع ليس بجديد، فقد بدأ منذ 4 عقود». وحتى نعرف ماذا يعني بالقوة العالمية المهيمنة، فإن تعريفها في رأيه، أنها القوة التي تنشغل بـ95 في المائة من مشكلات العالم، 95 في المائة من الوقت. هذا التعريف - كما قال - ينطبق على الولايات المتحدة بين عامي 1945 و1970، كانت الولايات المتحدة في هذا الوقت غنية اقتصاديا، وقوية عسكريا، فكانت قوة مهيمنة على مسطح واسع من العالم، صحيح…

الخليج.. خرافات الأبعدين ويقين الأقربين

السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠١٤

كان السؤال الأكثر تداولا طوال العام الماضي في الخليج هو: هل ينفرط عقد مجلس التعاون الخليجي جراء ما يشهد من خلافات؟ وما الخيارات المتاحة أمام دوله في حال انفراطه؟ وما مستقبله في حال تدارك الانفراط، إن تم الوصول إلى حلول وسطى؟ كاتب هذه السطور كان على شبه يقين أنه في النهاية لا بد من الوصول إلى وفاق، ليس بسبب عاطفي، ولكن بسبب موضوعي، حيث إن مصادر التهديد للأمن والاستقرار والتنمية في الخليج واحدة، وإن انفراط «السبحة» له نتائج كارثية على الجميع ولا رابح فيه، ويعرض أمن المنطقة لتداعيات خطيرة، ويفتح في نفس الوقت شهية الآخرين لاختراق مصالح هذه الدول وأمنها، واحدة تلو الأخرى، بعد استنزافها ووهنها. كان ذلك رأي الأقربين، أما الأبعدون، فكان لهم رأي آخر، مراهنة على تفاقم الخلاف ولا تخلو تلك المراهنة من تمنٍ شرير، وتضخيم الفوارق وتجاهل الجوامع. الأخبار القادمة وسط الأسبوع الماضي من الرياض، خسَّرت مراهنة الأبعدين، وتم ما كان يأمل أهل البيت الخليجي أن يتم، طُويت صفحة الخلاف، وانتهت فترة التوتر المرهق. وأرسلت تلك الأخبار تنهيدة ارتياح في صدور أهل البيت جميعا؛ لأن المخاوف كانت ضخمة وحقيقية، وثبت فشل توقع الأبعدين في فهم حقيقة أن هناك رجال دولة في هذه المنطقة يستطيعون أن يمدوا أبصارهم لا إلى مخاطر الحاضر فقط، بل إلى آمال المستقبل. كما…

شكوك متبادلة

السبت ١٥ نوفمبر ٢٠١٤

نما الشك الأميركي تجاه الحليف العربي، منذ عام 2001 عندما تم الإجهاز على أكبر مبنى في نيويورك، واستهدف الهجوم أيضا البيت الأبيض، ومقر الوزارة الأكبر في الولايات المتحدة (البنتاغون)، واختفت لساعات قيادات أقوى دولة في التاريخ الحديث من جراء تلك المفاجأة المذهلة. لقد ظهر (مارد) خفي قد شق طريقه من اللاشيء، لم تستطع كل استخبارات البلد الكبير أن تتوقعه، أو حتى تتصور حدوثه، وتصاعد ذلك الشك في السنوات اللاحقة بترجمته إلى سياسات تقبلها بعضنا بصدر رحب، وقد كتب في هذا الأمر المجلدات، وجرى فيه حبر كثير، وما زال، لتفسير ما حدث على أوجه مختلفة، وفرز أيضا سياسات ما زالت آثارها على الأرض ونتائجها تظهر تباعا. قابل ذلك الشك الأميركي تجاه العرب (المسلمين) شك أخرى معاكس نما بعد أحداث 2011؛ فقد أنتج (الربيع العربي) شكا عربيا (مسلما) نما بسرعة، مقتنعا بأن كل ما حدث في (ربيع العرب) هو من تخطيط وترتيب وحث أجهزة الولايات المتحدة، وهذا التدبير هو الذي أطاح بأنظمة (الجملوكيات) وفي طريقها للإطاحة بالباقي! من تبنى النظريتين لا يقصر عن الحصول على (شواهد) واضحة تؤكد رؤيته، فيما قيل أو كتب أو حتى اتخذ من سياسات، لتأكيد وجهة نظره تلك. ما يفكر فيه الأميركان ذلك خاص بهم، صح أو خطأ، ما يهمني مناقشته هو التصاعد في الشك، وتصور ليس دقيقا…

العالم يعود تدريجيا إلى رشده!

السبت ١٨ أكتوبر ٢٠١٤

بالتصويت الذي حاز الأغلبية وتم الأسبوع الماضي في مجلس العموم البريطاني حول الاعتراف بدولة فلسطينية، حتى وإن كان غير ملزم للحكومة البريطانية، فهو علامة على بدء الإفاقة الدولية، قبل ذلك رئيس حكومة السويد أيضا اعترف بأن هناك ضرورة لقيام الدولة الفلسطينية. بدء الإفاقة هو العودة إلى فهم جذور معظم مشكلات الشرق الأوسط خلال، على الأقل، نصف قرن حتى الآن. إنها فلسطين. لا يجادل عاقل أن فلسطين وما جرى لها هو جرح غائر في الضمير العربي، حملته أجيال متعاقبة، مع شيء من التعاطف خارج هذا الجسم. إلا أن الجسم العربي هو الذي أصابه الضرر الأكبر، وأصابته حُمى اعتقد بعدها أن الشفاء منها هو اتباع كل صوت يصرخ (فلسطين) هو صوت صادق، وجدير بأن يُتبع، ودفع هذا الجسم الأثمان الباهظة لاتباع ما أكثره سراب وأقله قيمة، وما زال يفعل حتى الآن. حكومات عربية عديدة أخذت الراية الفلسطينية وسارت فيها، من أجل أن تُوغل في قمع شعبها، وكان الشعار هو الدفاع عن فلسطين ومقاومة المحتل، في الطريق حرمت أولا شعبها من أي نسائم للحرية، كما استنزفت موارده، واسترقت رجاله، وأصبح من يخالفها هو (موالٍ لإسرائيل) معادٍ (للقضية)، فاضطرت شرائح واسعة من هذه الشعوب إلى القبول بالاضطهاد والحرمان، وتوسيع السجون، على حساب توسيع المشافي. ودخلت قوى تسمي نفسها (ثورية) تارة وأخرى (مقاومة) على الخط،…

القول الفصل.. في ما بين «داعش» و«حزب الله» من وصل!

السبت ١١ أكتوبر ٢٠١٤

سوف يعتبر البعض هذا العنوان مستفزا، وأنا أؤكد أن الغرض ليس الاستفزاز، كما قد يعتبره البعض مثيرا للبهجة، ولم أكتب لأثير بهجة أحد. أؤكد أن المحاولة هي جلاء الغامض، احتراما للعقول العربية وإثارة لنقاش جاد، يعيدنا إلى سكة العقل، بعيدا عن الأدلجة والتسليع الطائفي. أؤكد أن ليس كل السنة «داعش»، وليس كل الشيعة «حزب الله»، تلك خرافة آن لنا أن نتطهر منها، يقيني أن دائرة «داعش» ودائرة «حزب الله» متطابقة إلى حد كبير، الفروقات في الهوامش فقط. مؤيدو هذا الفريق أو ذاك لا يستطيعون رؤية التطابق، حيث إن الكائن لا يستطيع أن يبصر وهو مغمض العينين، والانغماس في الأدلجة هو ضرب على كل الأفئدة وليس على العينين فقط. إذا كان ثمة اختلاف فهو اختلاف في الدرجة وفي التوقيت، أما باقي العناصر فهي هنا وهناك واحدة تقريبا. كلا الفصيلين له منبت سياسي، مبني على توظيف ديني، كلاهما ينتمي إلى جماعة مغلقة ومن لون واحد، ماضوية التفكير. وليس إلى مجتمع مفتوح تعددي ومستقبلي، كلاهما يفرض على أتباعه مفردات ومفاهيم يدغمها في شبكة التفكير العام على أنها مطلقة. كلاهما يعتمد ميكانيكية مرتدة، قوامها الترغيب والتخويف، على أفراد داخل الجماعة وخارجها، وكلاهما يتبنى خطابا ظاهريا معاديا للغرب! الحجج التي أستند إليها في التداخل كثيرة، أنتقي من بينها تسعا، هي الآتي: أولا: الاثنان (ولن أكرر،…

عيدكم مبارك.. العيد القادم في دمشق!

السبت ٠٤ أكتوبر ٢٠١٤

قد لا أكون صاحب بلورة سحرية تنظر إلى القادم من الأحداث وتتعرف على نتائجها النهائية، إلا أن هناك هاجسا يراودني، أن حملة حرب الحلفاء الجدد العسكرية على تنظيم داعش والإرهاب، التي تحصنت، جزئيا على الأقل، بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، هو بداية النهاية في دمشق، فلن تسكت نيران الحملة وأزيز طائراتها إلا بتغير جذري، وحقيقي في دمشق. قد يرى البعض غير ذلك، فهناك من يرى من المحللين أن الحرب النشطة هذه الأيام على الإرهاب، قد تفسح المجال للنظام السوري للتنفس، ويذهب نصراء النظام السوري ومتحدثوه في وسائل الإعلام للقول: ألم نقل لكم من البداية إن الإرهاب هو ما نحارب! قال ذلك وليد المعلم، الوزير السوري، بملء فيه على منبر الأمم المتحدة الأسبوع الماضي (تقف بلادي إلى جانب الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، بشرط أن يحافظ على حياة المدنيين)!! قد ينخدع البعض بذلك القول، ولكن ليس الجميع من فقد عقله، نعم قد يتمدد نفوذ دمشق في المرحلة الأولى من الحملة إلى أراض لم تكن تستطيع أن تدخلها قواته، هذا محتمل، إلا أنه مؤقت، قد يستمر لفترة قصيرة، ولكن لن يبقى طويلا. في سير الأحداث السياسية، تظهر المفاجآت، يقول المعلم في الخطاب نفسه: (الأحداث فاجأت الكثير من الدول، ولكن لم تفاجئنا). وهو محق، لأن الدهشة فقدت منذ زمن من أجندة نظام…

تبتغونها عوجا في صنعاء.. خذوها واشبعوا!

السبت ٢٧ سبتمبر ٢٠١٤

الاحتفاء بما حدث في اليمن إيجابا، أو البكاء على ما حدث سلبا، كلٌ قَبل أوانه، من احتفى ومن بكى، لا يعرف اليمن حق المعرفة، وقد تسرع في قراءة الأحداث. ما حدث في اليمن ليس نهاية المطاف، أصوات من طهران تستبشر بـ«سقوط العاصمة الرابعة» في حضن الجمهورية الإسلامية، ونواح من جهة أخرى بالسذاجة السياسية أو حتى بالتقصير أو الخيانة، بعض الأصوات اليمنية قالت إن ما حدث هو «ثورة مضادة»، الخطأ الأكبر تكييف الأحداث في اليمن على قاعدة «مذهبية»، ما حدث ويحدث هو سياسي بامتياز. أتوقف قليلا لنقل عبارة سطرها السيد هنري كسنجر في مذكراته، لها علاقة بما نتحدث عنه، تقول: «الحاضر، وإن كان لا يمكن أن يحل محل الماضي، أو يكرره، إلا أنه لا بد أن يحمل وجهة الشبه معه، وكذلك الحال مع المستقبل»، ورغم أن العبارة تتحدث عن تسلسل أحداث أوروبا في قرن مضى، فإنها عبارة مفتاحية، تنطبق على أحداث اليمن، ولا ينبئك عن اليمن غير من خبره. أعود إلى ما كتبه المرحوم غازي القصيبي في كتاب «حياة في الإدارة»، وكان شاهد عيان، فقد كان العضو الفني والقانوني للجنة السلام التي قرر الملك فيصل والرئيس عبد الناصر، رحمهما الله، أن يشكلاها من قبل الطرفين، لوضع حد لـ«المشكلة اليمنية المستعصية» عام 1965 التي كانت عالقة لسنوت، وحصدت من أرواح المصريين واليمنيين…

وهن القوة!

السبت ٢٠ سبتمبر ٢٠١٤

أعرف أن بعض الكُتاب العرب يميلون إلى لوم الولايات المتحدة، حتى على ضياع بقرة في جرود الجزائر (مثلا)، إلا أنني أميل لمناقشة الواقع، ولا أدعي بداية أن ما أراه هو «الحقيقة» المطلقة، فالحقائق الاجتماعية - السياسية غالبا نسبية. فمن اجتماع جدة في صدر هذه الشهر (سبتمبر/ أيلول، 2014)، إلى اجتماع باريس في الأسبوع الثاني منه، مرورا بالجولة المكوكية للسيد جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة، بكل من أنقرة وبغداد والقاهرة، يبدو أن هناك «حركة» ما باتجاه احتواء الداء المتفشي الذي اسمه «الإرهاب»، لكن المتوجس يرى أن هناك فرقا بين «الحركة» و«وهم الحركة»، فقد اندلع تلاسن على الأرض بين القيادة في طهران والخارجية الأميركية، حول ما إذا كانت الدبلوماسية الأميركية قد طلبت (أو لم تطلب) مساعدة طهران في جهود القضاء على «داعش»! القيادة الأميركية استجابت للقول الإيراني بـ«لعم»، أي نعم طلبنا ولا لم نطلب في الوقت نفسه. للمراقب، هذا الرأي - بجانب أمور أخرى - يؤكد «وهم الحركة» لا جديتها، خاصة أن القوة الإيرانية الآن موجودة على أرض العراق وتحارب!.. وما التلاسن إلا للاستهلاك. السؤال الأهم: هل «استدارت» الإدارة الأوبامية، بعد كل التجارب السابقة، خاصة التي واجهت بها الولايات المتحدة «عواصف الربيع العربي»، والتي كانت في مجملها عدم قدرة أو قل عجزا عن توجيه الأحداث، عدا عن التأثير فيها؟ وهل هذه…

كيف يتجنب الخليجيون المشي نياما!

السبت ٠٦ سبتمبر ٢٠١٤

بين الأمل والألم، امتنعت كغيري كثيرين، من الخوض في الخلاف الخليجي بين قطر وكل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، ليس لأي سبب، أكثر من الرجاء مع النفس، أن يكون هذا الخلاف مؤقتا وعابرا وسريع الحل، وبين كل خبر وخبر، يأتي من اجتماعات وزراء الخارجية للدول، مجتمعين كمجلس تعاون، أو بين بعض أعضاء المجلس، يتوقع كثيرون أن يسمعوا أخبارا سارة، برأب الصدع، وعودة الأمور إلى مجاريها، ولكن الأخبار تأتي مرة ساخنة تبشر بانفراج، ومرة باردة تشير إلى استمرار الخلاف. لا يخفى على من يعيش في الخليج من المهتمين الأسباب الكامنة وراء ذلك الخلاف، وبعضها قديم تحت السطح، تفوق الآباء على سلبياته بالكثير من سعة الصدر ومن إيجابيات التعاون والمسيرة الواحدة، بل والمصير المشترك، إلا أن ظهور الخلاف على السطح قبل أشهر، جلب مواجع كثيرة. أول تلك المواجع أصبح من يعرف، ومن لا يعرف، يقوم بالتنظير في أسباب الخلاف، كما تعدى الخلاف، عندما طال، المواقع الرسمية إلى القطاع الشعبي، وكان هذا الضرر الأكبر في الموضوع، الذي قد يؤثر في النسيج الاجتماعي المتشابه والمتداخل، وتبرع كثيرون لأخذ موقف مع هذا الجانب أو ذاك، تزلفا أو جهلا. كثير من العقلاء تمنوا على الجميع عدم الخوض في الموضوع، وترك الأمور حتى تهدأ النفوس، وتتبين المصالح المشتركة الكبرى بين الأشقاء، إلا أن دخول ذلك النفر…

فوضى على السطح العربي

السبت ٣٠ أغسطس ٢٠١٤

يمثل المشهد العربي السياسي اليوم مجموعة من الأفراد صعدوا إلى سطح مرتفع من خلال تسلق سلّم عال، ولما قرروا النزول، كان واحدا ما قد أزال السُلم، والجميع الآن يبحث عن طريقة آمنة للنزول من هذا العلو الشاهق، والماء والزاد لديهم يتناقص، ولكن الطريق إلى الأرض والتمتع بالسلام، لا يبدو أنه ممكن.. الكل يركض هنا وهناك بحثا عن مخرج! والجميع في مأزق. خذ إيران، فهي بالتأكيد لا تريد أن تخسر العراق الكبير والغني بموارده وبشره وموقعه الاستراتيجي، ولكنها في مأزق مع تنامي وتوسع «داعش».. فهي ضد «التدخل الأجنبي في العراق» ومع «القضاء على (داعش)» في الوقت نفسه بأي طريقة. المأزق الإيراني هو أنها لا تستطيع أن تحتج على الوجود والتدخل الأميركي، كما أنها لا تستطيع علنا التدخل النشط لحرب «داعش»، كما أن الأخيرة لها امتدادات في سوريا التي تناصرها الإدارة الإيرانية، ولا تريد أن تكون حرب «داعش» رأس جسر للتدخل في سوريا، ويزداد المأزق الإيراني بدعم أكراد العراق، أصحاب الطموح الذي له صدى لدى جميع أكراد تركيا وسوريا وأيضا إيران! انظر إلى العراق، فالحكومة العراقية؛ المنتهية ولايتها والمقبلة، ترغب في القضاء على «داعش» أيضا، وليس أمامها إلا السماح للدول الكبرى بتسليح البيشمركة؛ القوة الكردية الضاربة، وأيضا السماح لتلك القوى الدولية بالتدخل العسكري النشط، وهذا يعني في جزء منه، حاجة الدول الكبرى…

دروس الشهر

السبت ١٦ أغسطس ٢٠١٤

يقف المتابع حائرا أمام ما حدث ويحدث في غزة وحولها، هول التدمير والقتل مفزعة، وهول القصور السياسي مريع، إنه شهر القتل بامتياز، وشهر ضياع الفرص بامتياز أكثر. لا تستطيع كلمات مهما بلغت من بلاغة أن تناهز مستوى الألم الذي يعانيه أهل غزة، إنها مذبحة بكل المقاييس، من مات منهم لقي ربه، ولكن من بقي سوف يحمل ذلك الألم حتى توافيه المنية. حتى القطط إن «حُشرت في زاوية» فسوف تقاتل، فما بالك ببشر سُدت عليه الطرق والمعابر، وربما حتى الهواء، لو استطاع عدوهم أن يمنعه لفعل، سيقاتلون حتما، تلك حقائق لا يستطيع عاقل أن يتخطاها، ويقاتلون بما توفر حتى لو كان تأثيره في حده الأدنى. إلا أن الشيطان في التفاصيل، فالحديث «الإعلامي» عن نصر أرجو أن لا يتسرع أحد بالحديث عنه، أولا الثمن الذي دفع باهظ، والمقابل، إن تم، لا يساوى حتى جزءا يسيرا من ذلك الثمن الإنساني والمادي. دعونا ننظر إلى الأمر بشكل أكثر عقلانية وله علاقة بالواقع، هناك مساحة جرداء بين الشعارات وبين الواقع، علينا أن ننظر إلى تلك المساحة لعلنا نستطيع أن نحولها من جرداء إلى مُنبتة. أتوقف أمام مجموعة من الحقائق: أولا: إذا لم تصل الرسالة إلى قيادات «حماس والجهاد والفصائل» حتى الآن فلا بد من التنبيه إليها، والرسالة أن الوحدة الفلسطينية هي أمر لا يجوز لأحد…

جيش «تويتر» العربي.. جيش يهزم أهله

السبت ٠٩ أغسطس ٢٠١٤

هو جيش يسبح في فضاء ثقافي عربي يرغب في ترويج التزييف، وهو أحد الأسلحة الجديدة الفتاكة، «جيش تويتر»؛ يفتك بالمجتمعات ذات المناعة الثقافية الهشة، على رأسها نحن (العرب). سألت مرة أستاذة أميركية كانت تزور جامعة الكويت، هل في الولايات المتحدة من يستخدم وسائل الاتصال الاجتماعي بأسماء مستعارة؟ ردت أن ذلك هو القليل، لأن مستخدم تلك الوسائل يرغب أن يوصل رسالته للناس، والاسم المخفي لا يُعتنى بما يقول في مجتمع حر! على العكس من ذلك في فضائنا العربي، فإن الاسم المستعار في وسائل الاتصال هو الأكثر استخداما من الاسم الصريح، تلك ظاهرة اجتماعية بحد ذاتها تنبئ عن الكثير. إنها أولا تنبئ عن تدنٍّ في سقف الحريات، التي تجعل البعض يلجأ - للتعبير عن فكره - إلى اسم مستعار، يكتب فيه ما يشاء، ثم هي تنبئ أيضا عن هيمنة المجتمع والفكر الذكوري، فكثير من الجنس الآخر يختبئ، خوفا أو حياء، أو لأنه «تعود» على ذلك، يختبئ خلف اسم مستعار، بل يلجأ البعض من الشبان لاستخدام أسماء أو حتى صور الجنس الآخر! لي مع «تويتر» قصص لها معنى سياسي واجتماعي، فالبعض من المتابعين يحتج على وضعي روابط أو مقالات أو آراء صادرة من بعض من لا يوافقهم الرأي، ويحتج بأقوى الألفاظ وأكثرها خشونة، في ذلك مؤشر إلى ضيق بعضنا بالرأي الآخر، كما هو…