مشاري الذايدي
مشاري الذايدي
صحفي وكاتب سعودي

هل يمكن الصلح مع سلطة قطر؟

الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٨

في كلمته بمنتدى الدوحة الأخير، طلب أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، من الآخرين «عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية». مجدداً التأكيد على أن «الحوار هو الذي يكسر الهوة بين الفرقاء مهما اشتدت الخلافات». كلام جميل، ولكنه مخالف لواقع السياسات القطرية الحالية، حتى في شكل ومضمون المنتدى الأخير نفسه هذا الذي افتتحه الأمير تميم، تحت عنوان: «صنع السياسات في عالم متداخل». في فندق الشيراتون بالدوحة. أمس الأحد، كان وزير خارجية تركيا، وأحد ألسنة الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان، الحداد، السيد مولود جاويش أوغلو، يشنّ هجوماً حاداً على دولتي السعودية والإمارات بوجه خاص، ويتولى المرافعة عن السياسات القطرية المثيرة للقلاقل والفتن بديارنا. كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف هو الآخر يشتم السعودية والإمارات من على منبر الدوحة، وكان ضيفاً نشطاً يوزع الابتسامات، مع زميليه وزير الخارجية التركي والقطري، بأيدٍ مشبوكة وثغور مفترّة عن حبور وسرور! من دعم كل الأصوات الشاتمة للسعودية، قبل أزمة خاشقجي بسنين؟ من يدعم الفضائيات الهاربة في تركيا، مثل «مكملين» و«الشرق» وغيرهما، التي احترفت بث الأراجيف والأخبار السامّة عن السعودية والإمارات ومصر، مصر خاصة، قبل أزمة خاشقجي بسنين؟ من سلّط قنوات «الجزيرة» وحسابات مذيعيها الأشاوس لشتم السعودية قيادة ودولة وشعباً وسياسات وتاريخاً؟ من انغمس في الحضن الإيراني في اللحظة التي تنهال فيها…

هكذا تكلم محمد بن راشد!

الإثنين ٢٦ نوفمبر ٢٠١٨

عندما يأتي الرأي من صاحب تجربة من أجمل تجارب الحكم الرشيد في العصر الحديث للعرب، يكون الإصغاء لازماً. هذا هو الإحساس الذي يغمرك وأنت تقرأ الخلاصات التي قدّمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صانع معجزة دبي وملهم دولة الإمارات والعرب قاطبة. الشيخ محمد في حوار أجراه الزميل رئيس التحرير غسان شربل بهذه الصحيفة، تأمل وقلّب النظر الفسيح، وتحدث بلسان عربي فصيح، عن الداء والدواء، في عيادة المرض العربي المقيم. سألته الصحيفة: هل يمكن أن يتطور الشرق الأوسط ويجذب الاستثمارات مع ديمومة هذه النزاعات المدمرة في ربوعه؟ فأجاب أحد من خبر هذه النزاعات منذ عقود، وقال: «التوتر في منطقتنا ليس جديداً، يكاد يكون حالة مستمرة منذ أربعين عاماً». هذا وصف صادق، لكنه يضيف له بعين رجل التنمية ورجل الدولة في آن: «ثم إن المستثمرين يعرفون أن للدول ذاكرة قوية تحفظ، وأن الاستثمار المجزي يتسم بالاستمرارية، وقراراته لا تستند فقط إلى معطيات لحظة توتر، أو حدث عابر». والإشارة هنا واضحة للتفريق بين جماعة: اضرب واهرب، أو نهّازي الفرص، وبين المستثمر الاستراتيجي الدائم، والدولة، تفرق بين هذا وذاك، ولديها عقل واعٍ وذاكرة غنية يقظة! يعني كيف يتوقع مثلاً أن يكون تصرف «الدولة» السعودية مع من قفز عن المركب، مركب الرؤية، عند أول حدث «عابر» كما وصفه الشيخ محمد بن راشد. ثم إن…

رسالة السعودية: كفى يعني كفى!

الإثنين ١٥ أكتوبر ٢٠١٨

الحملة المجنونة، وهذا أصدق وصف لها، ضد السعودية، خلال الأيام القليلة الماضية، تستوجب رداً صارماً من السعودية، وهكذا كان. من غير المعقول أن يتطابق وزراء خارجية في أوروبا أو أعضاء برلمانات محترمة، كما في أميركا، مع هراء قناة «الجزيرة» وشتائم مذيعيها. حتى حملات منابر اليسار الأميركي مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز»، ناهيك عن صحف اليسار البريطاني، كان من الممكن مواجهتها، إما عبر الإعلام نفسه، أو عبر القانون في حالات الرصد القانوني «لجرائم» إعلامية اقترفتها هذه المنابر، تحت عنوان قضية «اختفاء» الصحافي السعودي جمال خاشقجي، على الأرض التركية. اتهامات مجنونة، أملاها الحقد الأسود الذي يسيّر كتبة هذه التقارير، حتى من بعض وكالات الأنباء العالمية، التي يراسلها صحافي صاحب أجندة طائفية أو سياسية ضد السعودية... لو فتّشنا في خلفيات الكتبة للتقارير، خلف واجهات «إفرنجية». المثير للغضب السعودي هو ابتزاز الدولة التي تحتضن قبلة المسلمين، وهي حامية الحرمين الشريفين، وهي التي تقود اليوم توجّهاً إسلامياً للقضاء على جماعات التطرف وتشويه الدين وتوظيفه في سوق الإرهاب، وفي مقدمها جماعة «الإخوان المسلمين». ماذا يريد أعضاء كونغرس، أميركان، وغيرهم من ساسة الغرب من السعودية أن تفعل؟ أن تكفّ عن مواجهة «الإخوان المسلمين»؟ أن تتوقف عن عزمها على مواجهة خطاب التطرف وجماعات الفوضى «اليسارية» الداعمة لهم؟ هذا مستحيل. لذلك جاء الرد السعودي الواضح والحازم، في البيان الذي…

ترمب والسعودية: خطأ وردّ… وحلف باق!

الإثنين ٠٨ أكتوبر ٢٠١٨

لست أعلم لم اختار البعض من الإعلاميين العرب، وربما بعض السعوديين، التركيز في حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لوكالة «بلومبرغ» الأميركية على جزء من الحديث دون الآخر. الأمير محمد بن سلمان ردّ بوضوح على المستغرب من تعبيرات الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن السعودية والملك سلمان بن عبد العزيز. ردّ بحسم وحزم، وذكّر الناسين أو المتناسين بتاريخ السعودية الضارب في أعماق الزمن، منذ 1744م، قبل حتى إعلان الدستور الأميركي، كما وجّه رسالة بيّنة عن أن السعودية ليست كما يصورها بعض مخابيل العرب أو الغربيين دولة تنثر المال بسفه وثقافة «التزبيط والتربيط»، بل هي دولة لديها مؤسسات ومختبرات تنضج القرارات الكبرى، وما شراء السلاح، ومعرفة السلاح، وغير ذاك من سلع وخدمات وتكنولوجيا و«معرفة»، إلا نتاج دراسات وخلاصة خبرات، وليست أعطيات أو «شرهات» باللهجة المحلية، يسري ذلك على أميركا، وعلى غيرها. لكن المهم في حديث الأمير أنه وضع الخلاف في حجمه الطبيعي، وشدّد على أن العلاقة مع الولايات المتحدة «خصوصا» في عهد الرئيس ترمب، بالنسبة للسعودية، أمر ليس فيه مزاح أو مجال للفورات العاطفية. أقتطف لكم هذا الجواب عن أسئلة «بلومبرغ»، قال ولي العهد السعودي بخصوص العلاقة مع الرئيس ترمب: «أنا أحب العمل معه. أنا حقاً أحب العمل معه، ولقد حققنا الكثير في الشرق الأوسط، خصوصاً ضد التطرف والآيديولوجيات المتطرفة،…

من قتل {الحرس الثوري} في الأحواز؟

الإثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٨

من الذي قتل وجرح العشرات في العرض العسكري للحرس الثوري الإيراني قبل أيام في إقليم الأحواز، في إيران؛ ذلك الإقليم العربي الثائر على سلطات طهران القمعية منذ سنوات. الهجوم - كما هو معلوم - كان صاعقاً، على الهواء، راح ضحيته زهاء 29 قتيلاً وعدد كبير من الجرحى. أعداء النظام الخميني الحاكم كثر ما شاء الله! داخلياً وخارجياً. لدينا منظمة «مجاهدين خلق»، أكبر شبكة حقيقية معارضة لإيران، ولدينا طبعاً المعارضة الأحوازية العربية بشتى الألوان، المعتمد الخيار العسكري والرافض له، المعتمد للاستقلال التام والرافض له المكتفي بصيغة تكفل مصالح وهوية الأحوازيين. منظمة النضال الأحوازية إحدى فصائل العمل الأحوازي التي تبنّت العملية، مثل «داعش» الغامض. طبعاً لدينا معارضة الداخل الإيراني من داخل الخيمة الجمهورية، أبناء الحركة الخضراء، وأخيراً وليس آخراً الأكراد، ونسجل هنا قصف مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني بالعراق بصواريخ إيرانية أخيراً. لماذا «داعش» مشكوك في مسؤوليتها عن العملية؟ لأن اتهام النظام الإيراني لها تشوبه شبهة الاستغلال السياسي لهجوم الأحواز، خصوصاً مع مسارعة وزير الخارجية «ظريف» للتلميح للسعودية ودول أخرى إقليمية، كما وصفها، وطبعاً أميركا، بالوقوف خلف الهجوم، من خلال «داعش»، وفي قول: «النضال» الأحوازية أو الأكراد ربما... المهم أنهم «عملاء» للرياض أو واشنطن أو أبوظبي، هكذا هي راوية النظام، خصوصاً تجاه الرياض التي خرج عنوان صحيفة «كيهان»، ورئيس تحريرها حسين شريعتمداري مستشار…

الصحافة الصحافة… المجد للصحافة

الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٨

لفت انتباهي صورة بل مجموعة صور لثلة من الصحافيات والصحافيين يركضون بحماس وسباق بعدما حضروا محاكمة بول مانافورت الرئيس السابق لحملة ترمب الانتخابية... يهرعون وكأنهم في ماراثون، والسبب هو تبليغ مؤسساتهم بالخبر ونشره، لأن الهواتف كانت محظورة داخل قاعة المحاكمة. هذه المناظر تفتح على سؤال قديم متجدد عن دور الصحافة «التقليدية» مقارنة بما يسمى صحافة الفرد على منصات السوشيال ميديا... من هزم من؟ يتبجح النشطاء على منصات «تويتر» و«فيسبوك» وأخواتهما بأنهم هم الأسرع و«الأرشق» في صيد الأخبار والسبق الصحافي بحثاً عن المزيد من المتابعين وتضخيماً وتسميناً للحساب، ومن ثم بيع هذا «الشحم» على المعلنين، بل على جهات حكومية وشبه حكومية. من هو أو ما هي جهة الخبر الموثوقة؟ فرد ما مهما بلغ من «الشطارة» أم مؤسسة إعلامية مسجلة يحكمها قانون وبها مجلس إدارة وجمعية عمومية ولها ربما أسهم في سوق المال؟ في تصريحات سابقة له قال إمبراطور الإعلام العالمي روبرت مردوخ إنه يجب على شركة «فيسبوك» التي تتحكم في نصيب الأسد من النشاط الإعلاني عبر الإنترنت إلى جانب «غوغل» أن تدفع رسوماً للناشرين إذا أرادت الترويج لأخبار موثوقة ودقيقة عبر المنصة الاجتماعية التابعة لها، وهذا في أعقاب إعلان الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك» مارك زوكربيرغ أنه سيعطي الأولوية لمقالات المؤسسات الإخبارية ومقاطع الفيديو على أساس استطلاعات المستخدمين حول موثوقية المواقع الإخبارية.…

بعد أوباما… هيلاري «الديجيتال»

الإثنين ٢٨ مايو ٢٠١٨

لم تتردد هيلاري كلينتون، المرشحة الرئاسية الأميركية الخاسرة أمام الرئيس الحالي دونالد ترمب، في إشهار رغبتها بأن تكون مديرة عامة لـ«فيسبوك»؛ أعظم منصات التفاعل والتواصل العالمية على الإنترنت. هيلاري قالت ذلك رداً على سؤال خلال استضافتها بجامعة «هارفارد» عن الشركة التي تحب أن ترأسها؛ قالت كلينتون: «(فيسبوك)، لأنها تملك التأثير الكبير جداً على تدفق المعلومات في كل العالم»؛ طبقاً لـ«فايننشيال تايمز». في وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت «نتفليكس»؛ أعظم منصة فرجة عالمية «ديجيتال»، عن اتفاقها فعلاً مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وزوجته ميشيل، على التعاون بينهما. «نتفليكس» قالت إن أوباما وزوجته ميشيل «أبرما اتفاقاً يستمر عدة سنوات مع الشركة». وأضافت أن الاتفاق على سلسلة «من النصوص المكتوبة وغير المكتوبة وأفلام وثائقية وتقارير». الإعلان عن الاتفاق بين الزوجين أوباما و«نتفليكس» تمّ قبل أشهر، وفي حينها ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن من أفكار البرامج المقترحة أن يدير أوباما «مناظرات» حول قضايا مثل الرعاية الصحية، والتغير المناخي، والهجرة، وجميعها قضايا طغت على السنوات الثماني التي قضاها في البيت الأبيض... حسب الصحيفة الأميركية الليبرالية، وأتباعه يقولون إنه سيقدم عروضاً «ملهمة» للنجاح. ما سيقال في «الشو» الأوبامي لن يكون بعيداً عن هذا الخبر الذي سبق نشره في «رويترز»، وهو أن أوباما كشف النقاب عن تصميمه مركزاً رئاسياً باسمه في «شيكاغو» يأمل في أن…

السعودية: التعلم والسرعة… و«الشيوخ أبخص!»

الإثنين ٠٧ مايو ٢٠١٨

كل أسبوع تقريباً نحن أمام خبر سعودي جديد، له علاقة بنحت صورة جديدة للإنسان، والحياة في هذه البلاد الشاسعة الغنية بتنوعها. كل من زار الرياض أو جدة وغيرهما من الجغرافيا السعودية، وتكون هذه أول زيارة له، أو تكون آخر زيارة له حصلت قبل عشر سنين أو أكثر، يتخلّق لديه الإعجاب، ويستوقفه هذا الإيقاع السريع في التغيير. مثلاً، أطلقت هيئة الترفيه السعودية، وهي نفسها كيان جديد في أسلوب عمل الدولة، برنامجها المثير للحماسة «جودة الحياة»، أو «اللايف ستايل» مشتملاً على عدد من المبادرات والأدوات التي تحسّن من جمالية الحياة اليومية للإنسان على الأرض السعودية، في الرياضة والثقافة وغيرهما من المجالات. لا وقت يضاع، ومن يرِد مواكبة الإيقاع السعودي فعليه اللحاق به والتكيف معه، وإلا فإن قانون التكيف والانتخاب الطبيعي والبقاء للأصلح، سيسري عليه. هل ممكن أن تحصل أخطاء أو تجري مراجعات لما تمّ، في الوقت نفسه الذي تهرول فيه البلاد نحو مروج المستقبل الخضراء؟ نعم، ولكن الجميل أن القيادة تعي ذلك تماماً، ففي اللقاء الذي أجرته مجلة «ذا أتلانتيك» الأميركية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، سأله الصحافي جيفري غولدبيرغ: «أشعر بالفضول حول شبابك، فهذه مهمة معقدة جداً بالنسبة لشاب». فأجابه الأمير: «إنني أؤمن بأن البشر يتعلمون حتى آخر يوم في حياتهم. وأي شخص يدّعي معرفة كل شيء لا…

كيماوي دوما… وغضب ترمب

الإثنين ٠٩ أبريل ٢٠١٨

لم يمر يوم أو يومان، على الجدل الذي ثار حول موقف الرئيس الأميركي ترمب من الدور الأميركي بسوريا، وتفضيله الانسحاب وترك الآخرين، يهتمون بها، بعد إعلانه نصراً متعجلاً على داعش، حتى أعاد بشار الأسد، وخبراء إيران وربما غيرهم، ترمب بغضب إلى المشهد السوري. قصفت قوات بشار أهالي دوما بالغوطة، بالكيماوي، وهو ما صدم، وأحرج، المشاعر العالمية، والغريب أن هذه الجريمة تمت بعد استسلام الجماعات المسلحة بالغوطة، والشروع في اتفاق الخروج مع الروس، فلم هذا التبجح باستفزاز الأميركان، تحديدا الرئيس ترمب، الذي سبق له توبيخ سلفه، المرتخي، أوباما، في أضحوكة الخطوط الحمراء الأوبامية الوهمية تجاه كيماوي بشار؟ لم ينتظر الرئيس ترمب، ومن على منبره المفضل، أطلق موقفا أميركياً حادّاً، تعليقاً على جريمة الأسد وكفلائه، روسيا وإيران، فهدد النظام السوري بدفع ثمن باهظ لاستخدام السلاح الكيماوي في هجومه على دوما. وألقى باللوم على بوتين وإيران في دعمهما لبشار الأسد. ترمب ذكّرنا بميراث الآفل أوباما، الكارثي، تجاه سوريا، فقال في تغريدته هذه: «لو تجاوز الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ما اعتبره خطوطاً حمراء لأصبح الحيوان (بشار) الأسد من الماضي». توماس بوسرت مستشار البيت الأبيض للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، أجاب في مقابلة تلفزيونية عن إمكانية ضربة صاروخية على قوات الأسد ردا على جريمة دوما قال: «لا أستبعد شيئاً». أما فرنسا فدعت مجلس الأمن لعقد…

ترمب لمن يهمّه الأمر: لا لإيران!

الأربعاء ٢٤ يناير ٢٠١٨

«سنعزز تحالفاتنا القديمة وسنشكل أخرى جديدة». كانت هذه كلمات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) في مراسم تنصيبه. هذا المبدأ الحاكم في سياسة ترمب الدولية، هو المفتاح الذي ندخل به دهاليز السياسة الأميركية الحالية في الشرق الأوسط؛ موقفه الصلب من النفوذ الإيراني، موقفه الضاغط على الأوروبيين بخصوص مراجعة الاتفاق «السيئ» كما يصفه دوماً مع إيران بخصوص برنامجها النووي (5+1)، كما يلاحظ الجميع. ضمن هذا السياق أتت الخطوة الأميركية التي أعلن عنها وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، الاثنين الماضي، أن الولايات المتحدة تعتزم إرسال فريق دبلوماسي إلى أوروبا، والفريق سيبحث «كيف يتسنى لنا التعاون بصورة أكبر بشأن مواجهة الأنشطة الإيرانية التي لا علاقة لها بالبرنامج النووي»، من ذلك صادرات إيران من الأسلحة «إلى اليمن وأماكن أخرى». في هذا السياق أيضاً نفهم المقالة الكاشفة للباحث الأميركي جاي سولومون، الزميل الزائر بـ«زمالة سيغال» معهد واشنطن، ومؤلف «حروب إيران: ألعاب التجسس، معارك المصارف، والاتفاقات السرية التي أعادت تشكيل الشرق الأوسط». المقالة منشورة على شبكة «إم بي إن» الأميركية، وفيها تحدث سولومون بتوسع عن الضغط الأميركي على الدول التي لها علاقة بإيران في المنطقة، حتى لو كانت علاقة وساطة مع إيران أيام أوباما، حسب سولومون كانت سلطنة عمان هي مثال المقال. كما تحدث عن ازدياد الدعم اللوجيستي والاستخباري الذي تقدمه الولايات المتحدة…

هل انتهى المجتمع السوري؟

الإثنين ٢٢ يناير ٢٠١٨

هل يمكن أن يعود الوئام للسوريين بعد أن تخمد نار الحرب، بل الحروب التي تشتعل بجسد سوريا وروحها؟ هل يمكن تجاوز خنادق الكره وصدوع الحقد العميقة، بعد أكثر من 6 سنوات من أبشع حرب أهلية يشهدها العالم حالياً، وليس فقط العالم العربي؟ كيف يتعالى السني الحلبي والحمصي والحموي والإدلبي وأهالي مضايا والزبداني وجوبر ومخيم اليرموك وأسر حوران، من فظاعات قوات بشار وميليشيات نصر الله وحرس خامنئي، ومجرمي الحشد العراقي، وعجم الهزارة الأفغان؟ كيف يأمن العلويون، من الأهالي العاديين، بالساحل السوري وجبال الساحل وريف حمص من فظاعات «داعش» و«النصرة» وغيرهما؟ كيف يركن المسيحيون في وادي النصارى وحلب وحمص ودمشق بعد تفشي الثقافات المتطرفة السوداء؟ المجرم الأول بكل ما جرى، معلوم، وهو النظام الذي يحكم، لأنه هو المسؤول، بصفته قائد الدولة، عن صون السلم الاجتماعي واتحاد البلاد وردع الغزاة، لكن الذي فعله نظام بشار هو جلب العصابات الطائفية من كل مكان، وتسليم البلاد للغازي الإيراني والتدخل الروسي، وبذر سموم الفتنة الأهلية واستباحة الدماء والأموال والأعراض، والتسبب بتشريد ملايين السوريين بمنافي الأرض. لولاه، لما فقست بيضة داعش الشيطانية، ولما تبرعمت ورقة القاعدة الشوهاء على ياسمين الشام. لكن نرجع للسؤال الأول، هل يمكن لأهل سوريا أن يجتمعوا على كلمة سواء بعد كل هذا الهول؟ وعلى أي أرض؟ ربما هناك بقعة ضوء بعتمة الظلام، فقبل…

غروب حزب {الدعوة} العراقي

الإثنين ١٥ يناير ٢٠١٨

حزب الدعوة العراقي، الذي يحكم العراق منذ 2005 حتى اليوم، من خلال إبراهيم الجعفري، ثم نوري المالكي، ثم حيدر العبادي، يبدو اليوم أمام امتحان صعب بقرب الانتخابات البرلمانية العراقية الحاسمة، وموعدها الأولي 12 مايو (أيار) المقبل. العبادي أتى بديلاً للمالكي الذي احترقت صورته بعد فضيحة سقوط الموصل بيد «داعش»، ورائحة الفساد المالي والإداري التي أزكمت الأنوف. نجح العبادي بدعم عراقي وإقليمي ودولي في «ترميم» شيء من الضرر الذي أحدثته حقبة المالكي التي امتدت من 2006 إلى 2014. ومن أعظم خطايا العهد المالكي تكريس الاستقطاب الطائفي في العراق دون حجاب. «الدعوي» حيدر العبادي وعد بوحدة وطنية وثورة على الفساد والمحاصصة وهزيمة «داعش»... فهل وفّى بهذه الوعود؟ الرجل أعلن للعراقيين النصر على «داعش» بالعراق، مع أن فلول الجماعة الشيطانية ما زالت تنشط هنا وهناك، لكن لا ريب في أن العبادي قاد جهداً رائعاً للقضاء على عاصمة «داعش» بالعراق؛ الموصل. لكن يظلّ الوعد بالقضاء على الفساد، وتحسين الخدمات؛ الكهرباء خاصة، وصون القرار العراقي من التأثير الخارجي، خصوصاً الإيراني، وتمكين الدولة العراقية بالضد من منطق الميليشيا، والقضاء على المحاصصة الطائفية... وعداً بعيد المنال. العبادي عنون قائمته بـ«النصر»، والمالكي بـ«القانون»، لكن ما زال العراقيون على بعد مسافات ومفازات من الوصول لمياه الأمل وشطآن المستقبل. العبادي قال في بيان تشكيل قائمته، إنه شكل ائتلافاً «عابراً للطائفية»…