ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

النوم على حجر أو وبر

السبت ٢٢ يناير ٢٠٢٢

لذة وضع الرأس من التعب تختلف من شخص لآخر، تذكرت قول صديق إنه يمكن أن ينام على صخرة حينما يكون منهكاً تعباً، وتذكرت حال صديق آخر، كان لا يسافر إلا مع مخدته، يقول لا يأتيني النوم إلا عليها، ولا يهنأ لي أن أضع رأسي إلا في مكان آمن أعرفه، تجده من مطار إلى آخر، وهو «يشالي» بتلك المخدة، يحملها مثلما يحمل رضيعاً، وإن وضعها في الحقيبة أخذت نصفها، أما حالي فهو بين.. بين الصديقين، مع فلسفات ناقصة في قراءة المكان، بحيث يمكن أن أنام على الطَّوى، جوعاً، وأركب في «ركشا» إن تعذرت وسيلة النقل، ولكن لا بد من فندق عالي المستوى لكي أنام قرير العين، وإلا سيظهر لي ذلك الوسواس الخناس، لأني سأبحث عن قصص لهذا الشرشف الرخيص، والذي ما زال يرخص يوماً عن يوم، وتلك المخدة الرخوة، والتي تبدو بائسة حينها، وأتحسس مرتبة السرير إذا ما كان هناك أي بلل أو رطوبة منسية، والغرفة إن لم تكن تلمع من النظافة، يكون إبليس قد سبقني إليها. لكن السفر إلى المدن الموغلة في التاريخ، والتي نسيها الناس في غمرة المعاصر، وما برحت تدق بوابة الذاكرة الجماعية عند أناس مخلصين للحكايات، وسرديات المساء مثلي، هي مدن تختلف، ولا تحب أن تتنازل، فتلزمك لأنك تحبها أن تتخلى عن متطلباتك المرفهة، ولو كان جيبك…

جدران الخوف

السبت ١٥ يناير ٢٠٢٢

قليلة تلك الجدران التي تكون صديقة للإنسان، ولا يستشعر منها الرهبة والتحفز، وأقلها عدم الارتياح، حتى جدران غرفنا أحياناً نتوجس منها، وتجعلنا نضيق بها، وبأسقفها الواطئة، وشبابيكها شبه المغلقة دوماً. ــ جدران المدرسة، كنا نضيق منها صغاراً، ونتمرد على سورها ذلك الجدار المانع، ونحاول تخطيه في غفلة من الجميع، هروباً باتجاه فضاء مفتوح، لا ندري عنه. ــ جدران المنزل، حين تمنعنا تلك الجدران من الخروج واللعب ولقاء الأصدقاء واكتشاف العوالم التي خارج أسواره. ــ جدران مباني العمل، تشعرنا منذ أن ندخلها وقبل أن ندخلها أحياناً بضيق فردي، ضيق بمن فيها، ضيق بوتيرة العمل، خاصة ذاك الذي نحن مجبرون عليه، لأنه مصدر الرزق الوحيد، ربما ضيق من ذلك المدير الذي يريد أن يفرض سيطرته في مكان وهمي وليس دائماً له، فارضاً جواً من الخشية، وعدم الارتياح، وانعدام روح الصداقة والزمالة، وسعي النميمة والغيبة والحسد، سعي أفعى خرافية تربت وكبرت في ذلك المكان، واستأنست بجدرانه. ــ جدران البنوك، لا توحي للكثيرين بمزيد من الثقة، والطمأنينة، تشعر ببرودتها المفتعلة، ورائحة المراباة الملتصقة بها، وأنها لن تكون لك سنداً في المعضلات، وأنها كثيرة الغمط لحقك، تشعر براحة ذلك اليوم الذي لا تجبر فيه على الدخول، ورؤية جدران البنوك الصامتة عمداً، وكأنها صُبّت أمام وجهك. ــ جدران المطارات فيها شيء من الخوف والتوتر، ربما مرجعه…

رحيل «عصفور» النور

الثلاثاء ٠٤ يناير ٢٠٢٢

لم يرد عام 2021 أن يودع أيامنا التي كانت في غالبها قاسية وموجعة فيه على الكثير، من دون أن تخطف روزنامته ورقتها الأخيرة بنبأ وفاة الكاتب والناقد والمفكر التنويري، ووزير الثقافة المصري د. «جابر عصفور» عن عمر لم يكمل السابعة والسبعين، قضاها بين أروقة الجامعات العربية والأجنبية معيداً، وقضى شطرها الأكبر باحثاً وناقداً ومجدداً، وما سمح به وقته القصير المتبقي وكيلاً لوزارة الثقافة، ثم وزيراً، ورئيساً للمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، حيث قام بمهمة جميلة خدم بها الثقافة العربية من خلال مكتبة الأسرة وإصداراتها المتنوعة، والتي كانت في متناول المواطن الفقير، والترجمات المختلفة من اللغات الأجنبية إلى العربية، من خلال المجلس القومي للترجمة. «جابر عصفور» لا يمكننا القول عنه إلا أنه خسارة للثقافة العربية الجديدة، وإنه كشخص كان يجسد مشروعاً ثقافياً عربياً تنويرياً متكاملاً، وهذا أمر قلما تجده في الشخصيات الثقافية العامة، مثلما تجده في «جابر عصفور» وأمثاله؛ «طه حسين وثروت عكاشه وعبدالوهاب المسيري وجمال حمدان وأدونيس والجابري» باختلاف الاهتمامات وتنوع المجالات، ووفق الظروف الموضوعية. ولد د. «جابر عصفور» في مدينة المحلّة الكبرى بمحافظة الغربية، نال ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب في جامعة القاهرة عام 1965، وأكمل دراساته العليا فيها الماجستير (1969) والدكتوراه (1973)، عمل أستاذاً في جامعة «استكهولم» في السويد، وجامعتي «وسكونسن وهارفارد» في الولايات المتّحدة. له اكثر…

كيف يترجم الإخلاص والوفاء؟

الثلاثاء ٢٨ ديسمبر ٢٠٢١

بعض الأحداث تكون آتية من مكان قصيّ، ولا تخصك من قريب ولا بعيد، لكنها تظل تعذبك بالأسئلة التي تقف خلفها، لأن الإنسان أحياناً لا يعرف أقاصي الإخلاص، ومدى عمقه، وما هو سقفه، أقول هذا، بعد أن قرأت قبل مدة طويلة لا أتذكرها، ولكن أتذكر الواقعة التي بقيت راسخة في الرأس عن إعدام نائب رئيس الوزراء في كوريا الشمالية، والإعدام في كوريا الشمالية ليس بخبر، خاصة أن الأخبار التي تظهر للعالم من هناك، إما متأخرة نتيجة السور الحديدي، أو لعدم وجود إعلام غير حكومي أو إعلام معارضة، وإمّا أحياناً هي أخبار مفبركة على الطريقة الأمريكية التي لا تعرف كيف تتعامل مع هذه الشوكة المزعجة في خاصرة سياساتها الخاسرة، وإمّا هي حقيقية، وواقعية توجع البعيد، ولا تعني شيئاً للقريب في كوريا الشمالية، لأن «بيونج يانج» تعيش الرعب وتصدره للعالم لكيلا يقترب أحد منها. إعدام نائب رئيس الوزراء، أو قائد الجيش أو عضو في الحكومة والحزب قد لا يكون أمراً جديداً على كوريا الشمالية، لكنه أحزنني شخصياً، ولا أزيد عليكم إذا ما قلت لكم: إنه يلّح عليّ باستمرار للكتابة عنه، لأنه لا يستحق تلك الخاتمة لرجل أخلص وبعمق منذ نعومة أظفاره، خاصة وأن الكل في كوريا الشمالية لابد وأن يكون مخلصاً للغاية، إما ولاءً أو خوفاً. في كوريا الشمالية أن تصل لنائب رئيس…

خميسيات

الخميس ٢٣ ديسمبر ٢٠٢١

مرات يأتيك شخص ويخسرك كل الذي دفعته على بهجة مسائك، وكأنه متسلط عليك أو مأمور أن يجلدك ويجلد وقتك، سارقاً من خصوصيتك وسكينة هدأتك، لا يريحك، ولا يربّحك فكرة، ولا يخليك تكسب حسنة، أقلها أنك ستسبه على تعكير تلك اللحظة، وسحبك من كل طاقتك الإيجابية، ووضعك في زاوية ضيقة اختارها لك، ساعتها لا تشعر إلا أنك يمكن أن تكثر من السب، متعمداً عدم الاستغفار عن ذنب وددت أن تفعله! - ما أصعب أن تلتقي بصديق في وظيفته، لا أنت تعرفه في تلك الوظيفة، ولا هو كان مرتاحاً في ربكته حين رآك مراجعاً، لم تفعل له شيئاً، ولا تريد منه أن يفعل لك شيئاً، فقط كنت تريده ألّا يعاملك غير مثل صديق! - مرات يشعر الإنسان بإجحاف من الآخرين، غير مقدرين ما يعمل، ولا متذكرين له أي فضل، ولا شاكرين فيفرح من الغنيمة بالإياب، ولا متعذرين فيصفح راضياً بالصيت عن الغنى، هو يرقى مبتغياً كلمة «ونِعمّ»، وهم لا يرونه إلا في كلمة «لا» النافية والناهية، وإن التقت العين بالعين أشعروه باليتم، أو كأنه «عاق في البحر ملحة»! - مرات أتساءل: كيف راحت المسبات القديمة مع ناسها الأولين، وغابت عن مفردات يومنا الجديد، مثل: «وعزراييل أو وعزراييل يأخذك، وضرس، ولقعة لقّعتك، ويعلك من هذا وأكثر، سيرة بن عرّوه، يعلك مثل عَقّة الحابول…

كلام مجمع تعال واتسمع

الأربعاء ١٥ ديسمبر ٢٠٢١

هناك جمل و«كليشهات» صحفية مسبقة الصنع، نتداولها ونسمعها ونقرأها بشكل يومي وفي مختلف المناسبات، قوالب وصبّات إسمنتية لا تتغير، ويمكن أن تصلح لكل مناسبة ومع كل الناس، مع بعض التغييرات الطفيفة، هناك بعض العبارات المكررة، والتي تثير الضحك فينا أو الشفقة أحياناً، وهي الجمل ذاتها التي تشعر أنها ليست من صنع أو قول الآخر أو من بنات أفكاره، إنما هي من «فبركات» الصحفيين أصحاب القوالب الجاهزة أو سد الفراغ بين السطور أو لزوم ما لا يلزم أو مثل تلك المناسبة «بَدّها هيك حكي» على رأي أخواننا الشوام. من بين هذه الجمل أو العبارات والتي استطعت أن أتذكرها على عجالة وقت العمود، وستدركون بأنفسكم كم مرة سمعتموها! وكم مرة ضقتم منها أو نفرتم منها أو ضحكتم منها: - الفنان الكبير.. سؤال.. لو لم تكن فناناً، فماذا كنت تحب أن تكون في الحياة؟ فيجيب الفنان الكبير أو يجيب الصحفي عنه بشكل أدق، بصراحة.. لو لم أكن فناناً.. لأردت أن أكون فناناً، لأن الفن يجري في عروقي. - لاعبنا الكبير.. لاحظنا تراجع مستواك المعروف والذي نعهده سواء مع ناديك أو مع المنتخب.. ترى ما هي أسباب هذا التراجع؟ وأسباب الأهداف الخمسة الملونة الأخيرة؟ فيجيب اللاعب أو الصحفي عنه، بالطبع.. أعترف أن مستواي تراجع هذه الأيام، وهذا راجع بالطبع لكثرة الإصابات التي تعرضت لها…

«هلا بالجمعة.. وين الخميس الونيس»

الأربعاء ٠٨ ديسمبر ٢٠٢١

في رابع تعديل لنظام العمل والعطلات في الإمارات، تم اعتماد يومي السبت والأحد إجازة رسمية، والجمعة نصف دوام، وتثبيت صلاة الجمعة في تمام الساعة الواحدة والربع طوال العام، التعديل الأول كان عام 1971- 1999 باعتماد الجمعة عطلة رسمية، من 1999 - 2006 إضافة يوم الخميس إلى الجمعة كعطلة أسبوعية، من 2006 - 2021 تم استبدال الخميس، لتكون العطلة الأسبوعية الجمعة والسبت، ولأن الكثير من الناس لا يتذكرون أو لا يحبون أن يتذكروا ما يكرهون، ثارت ثائرة بعضهم باعتبار الجمعة يوماً مقدساً، وهو بمثابة عيد أسبوعي للمسلمين، وهو أفضل الأيام، وكأنه اعتمد منذ صدر الدولة الإسلامية الأولى، غير مدركين أن يوم الجمعة لم يعتمد كإجازة إلا في العصر الحديث من تاريخنا المعاصر، وظل طوال تلك السنين الغابرة يوماً للعمل كبقية الأيام، لكن لنخرج من حالة الجد، ونذهب باتجاه الفرح والضحك واللطف، وبشارة أن تكون إجازة العائلات يومين ونصف في الأسبوع لمزيد من الدفء العائلي، وكبح جماح الركض الأسبوعي، غير أن أول ضحايا هذا التغيير، هو يوم الخميس الونيس الذي كان يشتعل فسفوراً وشراراً، ومأكولات بحرية بعضها يلبط حيّاً، وكثير من الناس كان يضع كل بيضه في سلة واحدة ليوم الخميس، وكأن لا بهجة ولا مرح إلا ليلة خميس طرز بها نور القمر، والحقيقة أني أرى يوم الخميس كان مظلوماً عبر التاريخ،…

ذكرهم في الأرض وظلالهم في السماء

الثلاثاء ٣٠ نوفمبر ٢٠٢١

لقد فقدت الإمارات، وهي تؤدي واجبها بشرف وصدق وأخوة وتحضر، وتثبيت الأمن وإشاعة الأمان والاستقرار في مناطق كثيرة من الدول الصديقة والشقيقة، والتي لا يربطنا معها رابط غير تلك العلاقة الإنسانية التي حفظتها الأديان، وتواصى بها الأنبياء، وهي محمودة في السماء والأرض، وستفقد جراء سعيها للصالح الإنساني، ودفاعاً عن القيم والنُبل والمُثل العليا، وتنفيذاً لشعارها الدائم الجود دون مِنّة، الكثير من فلذات أكبادها الذين لا يساويهم مال دفعناه اتقاء رفع ظلم عن الآخرين، والعديد من الخدمات الشتى التي كان الأولى أن تسخر للوطن في الداخل، لكننا نمشي دائماً خلف نُبل ما تربينا عليه، وشرف ما نؤمن به، ولو ازدانت لوحة الكرامة كل يوم بشهيد. شهداؤنا.. وهم حق يجب أن نماري بهم، ونفخر، وإن بكتهم العين، فهم أكبر، وفي مكان أرحب، فالأوطان لها ضريبة، ومتطلبات الأوطان اختبار، وما يقدم من أجل ذلك أثمان للأجيال، وما تسطر كتب التاريخ، وما تتناقله الصدور عن معنى التضحية، ومعنى الواجب، ولزوم الشرف، لقد صاغ هؤلاء الشهداء، من دمائهم الطاهرة، أنشودة من غار، وتاجاً من ظفر، فهم لم يمروا على ديار يمنهم مرور تاجر جاء في رحلة الشتاء والصيف، ولم يمروا على ديار لبنانهم أو كويتهم أو صومالهم أو عراقهم أو أفغانستان أو كوسوفو أو البوسنة والهرسك مرور المغتنمين، فقد كانوا على سفر، وعيوناً باتت ساهرة…

في معاني فلسفة الرزق

الإثنين ٢٢ نوفمبر ٢٠٢١

هل يعد الحظ جزءاً من فلسفة الرزق؟ إذا كنّا لا ندرك الكثير عن الرزق فإننا بالتالي لا نستطيع أن نعَرّف الحظ، ولا ما هو مكمن مصدره، هل هو من الغيب أم من لعبة الحياة؟ لذا تصعب التفرقة بينهما أحياناً، لأنهما يتداخلان ويشتركان في تقاطعات كثيرة، والرزق ليس بالضرورة هو المال الفائض عن الحاجة أو الأملاك والممتلكات، قد يكون الرزق أمراً يعده الكثيرون أنه من مستحقات حياتهم التي يعيشون، لكن هو في حقيقته الرزق بعينه، فالسعادة لا يمكن إلا أن تكون رزقاً وخيراً وفيراً، والصحة هي أجمل الأرزاق على الإطلاق، زينة الحياة الدنيا هم أرزاق مقسمة، لا يشعر بمرارة عدم وجودهم إلا من حرم من لذة طعم الأبناء، العلم لا يناله إلا المرزوقون أو المحظوظون، ويمكننا أن نعدد أنواع الأرزاق التي يمكن أن نتلقاها، ولا نتخيل حياتنا بدونها، لكنْ قليل منا الصبور الشكور، وجود صديق مخلص من نعم الرزق، العمل رزق بغض النظر عما نتقاضاه منه، لأن العمل يشعرك بقيمة وجودك، والعمل مصدر عيشك، وفرح بيتك، والعمل ضد الموت البطيء، لذا تجد في العمل كل الرزق وآفاق الخير، الاختيار رزق أيضاً، لأن معرفة الاختيار، ومسؤوليته لا يدركها إلا المصطفون الأخيار، كون الاختيار هو الميزة الوحيدة التي منحها الله للإنسان دون غيره من المخلوقات، غير أن معرفته تتطلب رزق الحكمة، ورزق المعرفة،…

الإمارات.. عهد ووعد بالأجمل

الأحد ١٤ نوفمبر ٢٠٢١

بين خبر فوز الإمارات باستضافة مؤتمر «Cop28» الذي يجمع رؤساء العالم لبحث شأن المناخ، وبين الحدث العالمي «إكسبو 2020 دبي»، وبين حدث اليوم معرض دبي للطيران، وغيرها قبلها وبعدها، تثبت الإمارات أنها جديرة بكل هذه الملتقيات والمؤتمرات التي ترعاها، والأحداث الاقتصادية الكبرى التي تدعو لها وتقيمها، والفعاليات الرياضية الكبرى التي تضعنا على خريطة السياحة الغنية والنخبوية، والتي يتابعها العالم، مثل فورمولا 1، والمعارض الدولية التي اتخذت من الإمارات مكاناً وأرضاً تقدم جديدها وحديثها من المبتكرات، وقفزات المستقبل في تخصصاتها، مثل معرض دبي للسيارات، ومعرض أيدكس، ومعرض دبي للطيران اليوم، ما هي إلا دليل واضح على تعافي الإمارات من تداعيات الجائحة المرضية، وإفرازاتها الاقتصادية الموجعة على كافة المرافق ومناحي الحياة الاجتماعية، وتصميمها الواضح على تجاوز أراجيف الآخرين من أعداء النجاح، والمغرضين لأسباب فيهم أو من أجلهم، لقد وعينا وآمنا بأن التفكير الذي يسبق الآخرين، لابد له من ضريبة، دفعناها لنتعلم، ولتزيدنا ثقة في النفس، وخير من يخبرك بتلك الثقة التي يجب ألا تفارق النفس، إن أردت النجاح، ونشدت التميز، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الذي يبث الطاقة الإيجابية في الجميع، ويمنحها للآخرين من حوله، يشعرك دوماً أن دبي تقوم من رمادها الذي أرادت الدعاية الإعلامية والإعلانية، ولأغراض اقتصادية وسياسية، أن…

الملاحقون للناس ليل نهار

الأربعاء ٢٧ أكتوبر ٢٠٢١

لا أدري متى ستنتهي معاناة الكثير من الناس المحاصرين بالبائعين لبضائع ليست مطلوبة، والمروجين لأجهزة غير ضرورية، وسماسرة العقار من كل مكان، والذين لا أعرف من أين حصلوا على أرقام عباد، لا تقولون لي: «والله يجربون الأرقام بالصدفة»، مثل ما كانت أيام المغازلة النسائية القديمة حين تقول لك الواحدة: «والله بالصدفة جالسة أدق على رقم صديقتي، وطلعلي رقمك»، فيفزّ قلبك من مكانه، مُرَحِباً بها وبصديقتها، بصراحة.. أرقامنا مبيوعة مع «الداتا»، ولا يمكن أن يقنعني أحد بغير ذلك، لأن هناك شركات متنافسة تتصل بك الواحدة عقب الأخرى، وكل واحد من أولئك المكلفين بالاتصال أول ما يبادرك بالقول: «والله وجدنا رقمك مسجلاً ضمن قائمة المهتمين بمشروعنا العقاري، والذي عائده الاستثماري أكثر من 25 في المائة»، ومن هذا «الخريط» البارد، فإذا خجلت منه، وبدأت تكذب وهو يصدق كذبك الذي يعجبه، قائلاً له: «والله كان عندي اهتمام، لكن الآن ليست لدي رغبة أو اشتريت عقاراً»، فسيدخل معك في حوار ممل، وإن قلت، وتعللت له بأسباب يراها واهية، فسيطلب منك أن تعطيه ميزانيتك ليجد لك الشيء المناسب وفق ميزانيتك، وإن ألجمته برد صريح: «للأسف لم أسجل أي اهتمام، ولا أعرف شركتكم الموقرة، ورقمي لا أحد يعرفه غير زوجتي»، فسيعتذر بلباقة، وبعد سويعات ستتصل بك زميلته على أساس أنها لا تدري شيئاً عن حواركما، فإن أعجبتك،…

القابس والمقبس

الإثنين ١٨ أكتوبر ٢٠٢١

كنت أقلِّب جهاز التلفزيون الذي أحب دائماً أن استخدم ماركة واحدة منه في كل البيوت، لكي لا أتخربط في برمجته، وليكون فعلاً روتينياً لا معقداً، لذا أكره ما أكرهه أن يأتي أحد غريب ويعبث بجهاز التلفزيون، لأني قليل الحيلة مع أكثر من جهاز تحكم؛ واحد للتلفزيون، وواحد للمستقبل الهوائي، وواحد آخر لنظام مكبرات الصوت، يأتي الفني ويلخص لك الأمور، ويبرمج لك القنوات المفضلة، والقنوات ذات الاهتمام، وأخيراً القنوات العامة، لكن الشغّالة وهي تنظف البيت تخلع قابس التلفزيون من المقبس، وتضع محله قابس المكنسة الكهربائية استسهالاً، وهي لا تدري أنها غيّرت كل شيء ذلك اليوم، أو يأتي ضيف، ويظل يقلّب في تلك القنوات، بحثاً عن نشرة الأخبار، فيخطف على تلك البرمجة المنظمة، والتي لا تحتاج إلى عناء، فقط بأزرار قليلة ومعروفة، وفي دقائق إذا بك تتفرج على ذلك الصندوق الذي ينقل لك الدنيا، مسترخياً على كرسيك الوثير، لكن تلك الجلسة لا يعكرها سوى أن يأتي أحد ويعبث بأزرار تلفزيونك، وعليك إعادة برمجته من جديد، لعلها حالة يشترك فيها الكثير، وهي تشبه حالة أن يركب أحد سيارتك، وخاصة الحرمة، فتغير نظام مقعدك، وتلصقه في المقود، وحين تهم أنت بالركوب لابد وأن تسبَّ، وإذا ما تذكرت أنها فعلة الحرمة تسبُّ وتغضب وتحلف. المهم تلك المقدمة الطويلة هي للاستهلال والاستدراك، لأني كل مرة أتوقف…