سعود كابلي
سعود كابلي
كاتب سعودي

دعونا نزور القدس

الإثنين ٠٣ أغسطس ٢٠١٥

جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ دعوته لقيام العرب بزيارة القدس، مؤكدا أن ذلك لا يعني تطبيعا مع الاحتلال، ولاقت دعوته هذه، إضافة إلى الزيارات التي قام بها عدد من الشخصيات أبرزهم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني، الكثير من الهجوم والانتقاد، وهو ما يحتاج إلى التفنيد، إذ إن مهاجمة الفكرة من منطلق شعاراتي وعاطفي إنما يمثل مجرد امتداد للصراع الخطابي والظاهرة الصوتية التي انتهجها العرب ضد إسرائيل منذ تأسيسها، وامتدادا لسياسة أثبتت فشلها على مدى العقود الماضية، فالهدف الاستراتيجي من المقاطعة لم يعد واضحا ونتائجه اليوم ليست مجدية. استراتيجية التعامل مع القضية الفلسطينية يجب أن تتطور مع الوقت، فالمقاطعة لا يجب أن تكون هدفا في حد ذاتها وإنما آلية من آليات المقاومة. تحدث الصحفي السعودي أحمد عدنان عن هذه المسألة في عدد من مقالاته، إذ أشار إلى أن "سياسة مقاطعة القدس والأراضي الفلسطينية بذريعة الاحتلال، المجربة خلال عقود مضت، لم تثمر إلا مزيدا من الإضعاف للقضية الفلسطينية، وفتحت الطريق سهلا أمام مشروع تهويد القدس وسلب قيمتها الإنسانية وهويتها الحضارية، وقطعت كل خيوط التواصل الإنساني والحضاري والمعنوي والثقافي مع الأراضي الفلسطينية وأهلها". إن إحدى النتائج السلبية الواضحة من المقاطعة هي حجم هوة الانفصال الإنساني التي باتت موجودة اليوم بين العرب وأشقائهم في فلسطين،…

خرافة زيادة الشعب السعودي

السبت ١١ يوليو ٢٠١٥

يشير البعض لمسألة الزيادة السكانية المطردة ويربطها بكثير من مشاكلنا الحالية مثل البطالة وتكدس المدن، بل ويشير البعض لأهمية فرض سياسات تحديد النسل للتحكم في هذه الزيادة السكانية السريعة. واقع الأمر أننا في المملكة لا نزال إلى اليوم دون استراتيجية سكانية واضحة تبين إذا ما كانت الدولة بحاجة حقا لاتباع سياسات تحديد النسل أو أنها بحاجة لسياسة تحفز النمو السكاني. على مدى تاريخها لم تشهد المملكة سوى 5 عمليات إحصاء سكاني في الأعوام التالية (1962، 1974، 1992، 2004، 2010). وطبقا للباحثة فرانسواز دو بلاير Francoise de Bel-Air كان الإحصاء الأول (1962) ناقصا ولا يعتد به كونه لم يغط كافة أنحاء المملكة أو مناطقها السكانية. أما الإحصاء الثاني (1974) ورغم كونه أول إحصاء سكاني شامل في تاريخ المملكة إلا أن نسبة تغطيته ودقة معلوماته اعتبرت ضعيفة. أما الإحصاء الثالث (1992) فمن الواضح مما تبين من الإحصائيات اللاحقة أن أرقامه ونسبة الزيادة السكانية فيه تم تضخيمها. أما الإحصاء الرابع (2004) فيبدو أنه اعتمد تخفيض نسبة السكان غير السعوديين (خاصة مع ارتفاع نسبة غير النظاميين) وذلك لعدم إظهار حجم غير السعوديين من مجموع السكان. وأخيرا فيما يتعلق بالإحصاء الخامس والأخير (2010) فإنه ورغم مضي 5 سنوات عليه فإن نتائجه النهائية لم تنشر إلى اليوم بشكل رسمي. شهدت المملكة خلال فترة السبعينات والثمانينات طفرة…

الانفتاح على روسيا والتموضع السعودي نحو الشرق

الثلاثاء ٣٠ يونيو ٢٠١٥

نشرت مجلة أمريكان إنترست في 4 يناير 2015 مقالا بعنوان "القوى السبع العظمى" The Seven Great Powers، قامت فيه بوضع قائمة لأكبر سبع قوى عظمى في العالم، وكانت المفاجأة اختيار المجلة للسعودية ضمن القائمة (رقم 7 خلف الولايات المتحدة، ألمانيا، الصين، اليابان، روسيا، الهند على التوالي). ويعد مثل هذا الاختيار أمرا لافتا، خاصة أنها مجلة رصينة نجحت في استكتاب عدد لا بأس به من كبار المفكرين والمحللين، وإن كانت مجلة تنحو في خطها التحريري نحو آراء التيار المحافظ واليميني بشكل واضح. المجلة في معرض شرحها لهذا الاختيار بررت بالقول: إن القوى العظمى تظهر من خلال الإنجازات، فهناك دول في العالم أكبر مساحة وأكثر كثافة سكانيا وأقوى عسكريا ومتقدمة تقنيا عن السعودية، لكنها لا تملك قدرة المملكة على تغيير موازين القوة الجيوسياسية في محيطها أو التأثير على الاقتصاد العالمي، بنفس الشكل الذي قامت به المملكة. ويعلل المقال بأن السعودية صدمت العالم عام 2013 بدعمها لثورة 30 يونيو في مصر ونجاحها منفردة في تغيير دفة التوجه الغربي نحو الوضع المصري في حينها، ثم في عام 2014 فاجأت السعودية العالم مرة أخرى بهندستها السياسية والاقتصادية عقب انخفاض أسعار النفط العالمي، ولأن تقوم دولة بهاتين المسألتين في غضون عامين مع ما لحق الأمر من تبعات جيوسياسية يجعل المملكة بلا شك لاعبا ذا ثقل على…

أهم وزارة سعودية في الوقت الراهن

الإثنين ١٨ مايو ٢٠١٥

بعيدا عن جملة التحديات الأمنية والسياسية التي نواجهها اليوم قد لا يكون من المبالغة اعتبار وزارة التعليم في المملكة أهم وزارة إذا قيس الأمر من جهة أهميتها الاستراتيجية لحاضر ومستقبل الدولة. وزارة التعليم وبالأخص بعد ضم شقيها: التعليم العالي والتربية والتعليم تعد أكبر وزارة في المملكة من جهة حجم العاملين، إذ يعمل بها حوالي 50% من موظفي الدولة البالغ عددهم ما يقارب المليون موظف، وتؤثر في مستقبل حوالي 5 ملايين طالب في المدارس و 1.3 مليون طالب في الجامعات، عدا ما يتجاوز 150 ألف طالب مبتعث، كما أن قطاع التعليم استأثر بحوالي 25% من ميزانية الدولة على مدى الفترة من 2004 إلى 2014، وهو ما يوازي ميزانيات بعض الدول العربية كاملة. تحدي تطوير التعليم ليس يسيرا سواء من الناحية الإدارية أو الفنية في وزارة تشهد من جهة تضخم وتشعب بيروقراطيتها بشكل كبير، ومن جهة أخرى التجاذبات الأيديولوجية التي تعاني منها كونها في قلب الاختلاف المجتمعي المتمثل في تباين الرؤى بين أطياف المجتمع الرئيسة. شهد قطاع التعليم كثيرا من الخطوات خلال الأعوام الماضية سواء مشروع الابتعاث أو مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام أو مشروع إنشاء شركة تطوير التعليم وغيرها من المشاريع، على أن كل تلك المبادرات لم تتعلق بتطوير الوزارة نفسها، وتعد خطوة الملك سلمان بضم الوزارتين في وزارة واحدة…

إيران ومؤسستها الدينية

الخميس ٢٩ يناير ٢٠١٥

خلال المحاكمة الشهيرة لحجة الإسلام عبدالله نوري - وزير الداخلية الإيراني السابق وتلميذ الخميني - عام 1999 وقف نوري أمام القاضي حجة الإسلام محمد إبراهيم نكونام معترضا على اتهامه بالكذب ونشر معلومات خاطئة والعمل ضد الإسلام بالقول: "إذا كان ما يقوله "القاضي" صحيحا فأنا أعد رمزا للمؤسسة الدينية، وإذا كان ما يقوله خاطئا فهو أيضا رمز للمؤسسة الدينية" في إجابة كاشفة إلى حد كبير عن معضلة تحول رجال الدين إلى مؤسسة وتداخل عمل أي مؤسسة دينية بالسياسة كما هو الحال في إيران، فاختلاف العلماء الطبيعي - بل المطلوب مجتمعيا - يتحول تلقائيا إلى انعكاس سياسي يضعضع من أسس الدولة. معضلة إيران أن أيديولوجيتها قائمة على سيطرة رجال الدين فكريا على توجهات الدولة، لكن بعد مضي جيل من ثورة الخميني عام 1979 اختلف رجال الدين أنفسهم وهم أبناء الثورة حول تفسيرها وتفسير توجهاتها وحول مستقبل الدولة. لم يأت الخطر إلى إيران من خارجها كما كانت تظن دائما، بل من داخلها ومن أبناء ثورتها وفكرها. هذا الأمر سنة من سنن التاريخ التي لا فرار منها، فحكم رجال الدين لا يتسبب في نهاية المطاف إلا في إيقاع الضرر بالدين نفسه. لقد رأى عبدالله نوري أن إيران تواجه مشكلة داخلية حقيقية، وأن من يقف على رأس هذه المشكلة هم رجال الدين المحافظون من أبناء…

طريق الحرير الجديد

الثلاثاء ٠٩ سبتمبر ٢٠١٤

يشير العنوان أعلاه New Silk Road إلى المشروع الأميركي الجديد لأفغانستان ومنطقة آسيا الوسطى عشية الخروج المرتقب للقوات الأميركية من المنطقة نهاية هذا العام. أنفقت الولايات المتحدة على إعادة إعمار أفغانستان ما يقارب من 100 مليار دولار لتصبح أفغانستان صاحبة أكبر مشروع إعادة إعمار في العالم، حيث يتجاوز هذا الرقم (بحساب التضخم) ما أنفقته الولايات المتحدة على مشروع مارشال لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، لكن حتى الآن دون مستوى نتائج مشروع مارشال بكثير. يهدف مشروع "طريق الحرير الجديد" إلى إنشاء منطقة تجارة حيوية بين دول آسيا الوسطى وأفغانستان وجعل دول المنطقة أكثر اتصالا ببعضها interconnected من خلال إلغاء الحواجز الحدودية للتجارة trade barriers فيما بينها وتحفيز الأداء البيني لتلك الدول كمجموعة اقتصادية. هذا المشروع الذي يستدعي مسمى طريق التجارة الأهم والأشهر في العالم القديم الذي امتد من الصين إلى شرق أوروبا عبر العالم العربي يعتمد على مكونين رئيسيين: الأول: مادي، يعتمد على مشاريع تحسين البنية التحتية للنقل والاتصالات والطاقة في المنطقة بهدف ربط دول المنطقة بشبكة من وسائل الاتصال والمواصلات والطاقة اللازمة لأي مشاريع تنمية مستقبلية. الثاني: إجرائي، يعتمد على تطوير القوانين والأنظمة والممارسات التجارية التي ستسمح للبضائع والخدمات للانتقال بسلاسة وكفاءة بين دول المنطقة من جهة، وبينها وبين العالم من جهة أخرى. أورد بنك التنمية الآسيوي Asian…

“دعشنة” المنطقة

الأربعاء ١٨ يونيو ٢٠١٤

الزلزال السياسي الذي تشهده المنطقة بسبب ما يحدث في العراق يؤكد ما يذهب له بعض المحللين السياسيين من أن الحلقة الأهم في عقد المنطقة هي العراق، وأن ما يحدث في سورية سيكون انعكاسه الأكبر في العراق وليس لبنان كما كان يخشى البعض وركز عليه الإعلام العربي والعالمي. قد يكون سقوط الموصل (ثاني أكبر المدن العراقية) في يد "الدولة الإسلامية في العراق والشام" "داعش" مفاجأة لكن الوضع العراقي الملتهب على مدى السنتين الماضيتين كان يشير إلى إمكانية حدوث شيء من هذا القبيل، فمعدل التفجيرات الانتحارية ازداد ليصل إلى نفس معدلات فترة ما بين عامي 2006 و2008، كما أن مظاهرات السنة في الأنبار وغيرها من المناطق كانت تشير إلى تفاقم الاحتقان الطائفي. المؤشرات كانت تدل على أن العراق على وشك الانفجار بغض النظر عن الشكل الذي ستؤول إليه الأمور. خلال الأيام الماضية كتبت مئات التحليلات والتغطيات الإخبارية عما يحدث في العراق وجميعها يطرح المزيد من الأسئلة أكثر مما يوفر من إجابات. سقوط الموصل بهذه السرعة يثير الكثير من علامات التعجب، خاصة في ظل وجود شهادات ميدانية بأن الأوامر صدرت مبكرا للجنود للتخلي عن مواقعهم. الصحفي العراقي مشرق عباس ذكر في مقال له أن الموصل تضم فرقتين عسكريتين قوامهما 25 ألف جندي عدا الوحدات التابعة للشرطة، كما ذكر أن تقارير التصويت الخاص في…

إعادة العراق لواجهة الأولوية السياسية

الإثنين ٠٩ يونيو ٢٠١٤

ما تمخض عن نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة هو استمرار للوضع القائم هناك، ففي ظل توازن القوى وتعادل التجاذبات بين اللاعبين السياسيين الأساسيين ليس مأمولا أن يشهد العراق أي تغيير حقيقي، وعليه فمن المتوقع بشكل كبير أن ينجح رئيس الوزراء نوري المالكي في تأمين ولاية ثالثة له، ما يعني عمليا استمرار صيغة العلاقة السياسية الحالية ذاتها بين المملكة والعراق لأربع سنوات قادمة ما لم ننجح في اجتراح رؤية سياسية بديلة تجاه العراق خلال الفترة القادمة. العلاقة بين المملكة والعراق ليست في أفضل أحوالها، فالقيادة العراقية الحالية مرتمية في الحضن الإيراني بشكل يمنع من تطوير العلاقة في الاتجاه الصحيح، كما أن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي سبق له عدة مرات توجيه الاتهام للمملكة بمعاونة الإرهابيين في العراق والعمل على زعزعة استقراره، وهو اتهام لم ينجح في برهنته وإنما استخدمه لأغراض سياسية داخلية، تماما كموقفه من مظاهرات العرب السنة على مدار العام الماضي. إن سعي المالكي الحثيث للبقاء في السلطة جعله يفتح الباب لإيران بشكل غير مسبوق، خاصة وأن إيران التي نجحت خلال العقد الماضي في التغلغل في العراق كانت هي عراب ترشيح المالكي لولايته الثانية من خلال الضغط على التحالف الشيعي لتأييده عوضا عن إياد علاوي الذي حصلت قائمته على نسبة الأصوات الأعلى في انتخابات 2010. لكن المالكي وعلى مدى السنوات…

أزمة إدارة الأزمة

الأحد ٠١ يونيو ٢٠١٤

كتبت في أغسطس ٢٠٠٩، بصحيفة الوطن مقالا بعنوان: "١١ سؤالا مهما تطرحه أنفلونزا الخنازير أمام الدولة"، تناولت فيه ما كان يبدو في حينها احتمالا لتفشي وباء فيروس أنفلونزا الخنازير في المملكة خاصة مع اقتراب كل من موسم الحج ودخول المدارس في ذلك الوقت، وكانت خطة وزارة الصحة آنذاك تتلخص في حجز ٤ ملايين جرعة من العقار المضاد للفيروس. وقتها كان التخوف من وصول الفيروس لمنطقتنا لا أكثر، أما اليوم فإن فيروس كورونا (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) لدينا وحصيلته الكبرى من الضحايا بيننا. ويعيد التاريخ نفسه لنجد أنفسنا أمام التحدي ذاته - بشكل أعنف - وأمام التخوف ذاته مع اقتراب موسم الحج وبوجود الأطفال في مدارسهم. مقالي في حينها حاول تجاوز اللحظة بالتركيز على مسألة إدارة الأزمات والتعامل معها لدينا، فنحن نفتقد وجود منظومة متكاملة لإدارة الأزمات، وما كان قائما في حينها مع فيروس أنفلونزا الخنازير يظل قائما اليوم مع فيروس كورونا، والأسئلة نفسها التي طرحت لا تزال قائمة. في عام ٢٠٠٩ حجزت وزارة الصحة ٤ ملايين جرعة، لكن السؤال: هل تملك وزارة الصحة البنية التحتية اللازمة للتعامل مع تفشي الوباء – لا قدر الله – واحتياجها لاستخدام مثل هذا العدد الهائل من الجرعات في دفعة قصيرة؟ إن ما نزال نفتقده في المملكة هو وجود جهة إدارية متخصصة ومخولة بإدارة الأزمات…

مواجهة «حزب الله» بخطوات التطويق السياسي

السبت ٢٦ أبريل ٢٠١٤

طرح الكاتب السعودي أحمد عدنان في مقاله «لا تنسوا حزب الله» («الحياة» 17/3/2014) فكرة استخدام الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب كمدخل لمواجهة الدور السلبي لحزب الله اللبناني في الوقت الراهن بالمنطقة، مقترحاً إصدار مجلس جامعة الدول العربية قراراً يعتبر «حزب الله» منظمة إرهابية، وموضحاً أن من شان القرار مقاطعة (أو عدم اعتراف) أي حكومة لبنانية تضم وزراء من «حزب الله»، بما يخدم في النهاية الدولة اللبنانية الوطنية ويقويها. ويضيف: «الدولة اللبنانية في حاجة إلى حافز عربي ودولي لتقوم بدورها وتبسط سيادتها عبر احتكار حق الإكراه المشروع واحتكار قراري السلم والحرب، وأعتقد أن عزل حزب الله هو السلاح الأمضى». مقال أحمد عدنان مبادرة مبتكرة وقوية، من خلال اللجوء إلى الآليات السياسية لاحتواء دور حزب الله السلبي، يجدر النظر إليها كونها تضع «حزب الله» وسلاحه ودوره في سورية، أو حتى داخل لبنان، تحت طائلة التحرك السياسي العقابي الفعال بدل خطابات إعلامية لا تمثل أكثر من جعجعة بلا طحن. ما تفتقده السياسة العربية هو السياسة، وأن تكون ساحة الصراع هي قاعات الاجتماعات والتحركات السياسية بدل شاشات التلفزيون التي ملئت صراخاً بلا نتيجة. منذ اندلاع الثورة السورية وتحركات حزب الله في المنطقة لا تصب إلا في إشعال مزيد من الفتنة الطائفية التي يدعي الحزب محاربتها، فتدخل الحزب القوي في سورية كان بمثابة الراية التي حشد…

“المافيا” التي تقتل اقتصادنا

الثلاثاء ٠٨ أبريل ٢٠١٤

ناقش المقال السابق موضوع برنامج التوازن الاقتصادي الذي اعتمدته المملكة في بداية الثمانينات في عقودها العسكرية، والذي كان له أبلغ الأثر في نقل وتوطين التقنية وإنشاء مصانع وشركات سعودية حققت نجاحات كبيرة سواء في توظيف السعوديين أو تطوير تقنيات متخصصة في مجالات متعددة (مقال: المسؤول والصندوق في الوطن بتاريخ 30/3/2014). برنامج التوازن الاقتصادي مثال صغير على أن الابتكار في مواجهة التحديات أو طرح الحلول ليس أمراً صعبا، وكل ما استلزمه البرنامج لتحقيق نجاحه هو وضع شرط قانوني في العقود مع الشركات الأجنبية يلزمها بإعادة استثمار 30-35% من قيمة عقودها مرة أخرى في المملكة. مثل برنامج التوازن الاقتصادي تملك الدولة برامج أخرى مبتكرة تصب لصالح الاقتصاد الوطني لكنها للأسف غير مفعلة، منها ما ذكره الدكتور عبدالرحمن الزامل – رئيس الغرفة التجارية الصناعية في الرياض – خلال حديثه مع صحيفة الشرق بتاريخ 9/2/2014 عن الأوامر السامية التي تلزم الأجهزة الحكومية بشراء المنتج الوطني في المشاريع الحكومية حتى لو كان فرق السعر 10% بينهما، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يطبق ولا تلتزم به أجهزة الدولة، وأنه في حال تطبيقه يمكن أن يتضاعف عدد المصانع السعودية من 6400 مصنع إلى 12 ألف مصنع باستثمارات تتجاوز ترليوني ريال وتوفير 100 ألف فرصة عمل. القانون وسيلة قوية لتوجيه التنمية الاقتصادية ودفعها ولا يتطلب الأمر أكثر…

ماذا يعني نجاح النموذج اليمني بالنسبة للمملكة؟

الثلاثاء ٢٥ فبراير ٢٠١٤

اختتم مؤتمر الحوار الوطني في اليمن بنجاح، بعد جهود مضنية على مدى العديد من الأشهر كان الضغط الخليجي فيها ـ وخاصة السعودي ـ على كافة الأطراف بمثابة صمام الأمان الذي عمل على إبقاء عملية الانتقال السياسي السلمي في اليمن على المسار الصحيح. خروج "وثيقة الحوار الوطني الشامل" هو دليل أن النموذج اليمني يظل حتى الآن أكثر نماذج الربيع العربي نجاحا. وبالمقارنة مع بقية دول الربيع العربي فإن اليمن هو الدولة الوحيدة التي لا تزال عملية الانتقال السياسي فيها محكومة بالتزام وإطار واضح المعالم يخضع لإشراف الدول الشهود على المبادرة الخليجية بما يحكم من ضمانات عدم انحراف العملية الانتقالية عن المسار. على العكس من دول الربيع الأخرى، نجح النموذج اليمني في الآتي: منع حربا يشنها النظام ضد شعبه كما في سورية، ومنع انهيار الدولة ونشوء ميليشيات تتحكم في مجريات الأمور كما في ليبيا، وساهم في إبقاء القوات المسلحـة اليمنية بعيدا عن اللعبة السياسية على العكس من مصر، وأخيرا نجح النموذج اليمني في منع ارتهـان العملية الانتقالية للأهواء والمصالح السياسية للأحزاب كما في تونس. فرغم النجاح النسبي للنموذج التونسي بإقرار الدستور الجديد مؤخرا، إلا أن الوضع في تونس لا يزال يشهد كثيرا من النار تحت الرماد، حيث إن نقاط الخلاف العميقة على الصعيد المجتمعي تم تأجيلها في واقع الأمر بدلا من مواجهتها،…