سلطان البازعي
سلطان البازعي
رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للثقافة

كيف تواجه نظاماً يحكم بـ «تفويض إلهي»؟

الثلاثاء ٠٩ يناير ٢٠١٨

إيران تتقلب على صفيح ساخن منذ أكثر من أسبوع حتى الآن، وهي ليست الثورة الشعبية الأولى منذ نجاح انقلاب 1979، الذي قاده الخميني من مقره الفرنسي في نوفيل لو شاتو، وهي لن تكون الأخيرة، إن نجح نظام الملالي في قمعها وإخمادها، ذلك أن الأسباب، التي قامت من أجلها هذه الثورة ذات عمق موضوعي يصل إلى الجذور، التي قام نظام ولاية الفقيه على أساسها، ويقول أحد المحللين الإيرانيين إن هذه الثورة تختلف عن الثورة الخضراء، التي قامت عام 2009، بأن الأولى قامت لأسباب سياسية تتعلق بالانتخابات في الصراع بين من يسمون الإصلاحيين والمحافظين، أما هذه المرة فإن الناس خرجوا لأسباب معيشية كانت شرارتها عملية نصب قامت بها البنوك الإيرانية للاستيلاء على مدخرات البسطاء، ووقودها سياسة تصدير الثورة، التي صرفت مقدرات الشعب الإيراني في حروب عبثية للتوسع والهيمنة في المنطقة، فلم يفهم الإيرانيون كيف يمكن أن يتبجح حسن نصرالله في لبنان بأن راتبه ورواتب مقاتلي حزبه وتسليحهم يأتي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بينما يعانون هم من ضيق العيش. حين نزل الخميني على سلم طائرة «آر فرانس» التي أقلته إلى طهران متكئاً على ذراع أحد أفراد طاقم الطائرة الفرنسيين، سارع معاونوه إلى التبشير ببدء انطلاق عملية فرض حاكمية القانون الإلهي في العالم عبر تصدير الثورة. ولم يضيع الخميني وقتاً في ذلك فبدأ بالأقربين،…

مرة أخرى.. السينما قادمة، ولكن من سيمول الفيلم السعودي؟

الإثنين ٠١ يناير ٢٠١٨

منذ أن دخلت عالم «تويتر» ألزمت نفسي بمسألة مهمة أراحتني من كثير من الصداع، وهي ألا أدخل في نقاش جدلي لا طائل من ورائه، وألا أرد على أصحاب المعرفات المجهولة والأسماء المستعارة ولا على أصحاب الآراء المتشنجة والشتائم، وقد شبهت أصحاب الأسماء المستعارة بالذين يجلسون متلثمين في مجلس رجال، و«تويتر» هو أقرب إلى الشارع أو الساحة العامة منه إلى مجلس الرجال، تقول فيه شيئاً فيمر بك من يبتسم بوجهك ويربت على كتفك موافقاً، وآخر يقف معك قليلاً ليسمع ما تقول، وقد يدعوك أحدهم إلى فنجان قهوة ليحاورك بتحضر، ولكنك لا تسلم بالضرورة من بعض من يعبس أو يصرخ بوجهك أو يشتمك أو يصنفك ويخرجك من الملة لأنه لا يتفق معك، وهذه الفئة الأخيرة هم من الملثمين غالباً. هذا يحدث معي كثيراً، وقد يحدث مع كثير منكم، الفرق هذه المرة هو أن التعليقات لم تكن عن رأي قيل في تغريدة موجزة عابرة، وإنما عن مقالة في موضوع جدلي نشر هنا الأسبوع الماضي عن موقف بعض المحتسبين والعلماء والدعاة من السينما، وأن هذا الموقف يتقوقع في إطار مبدأ سد الذرائع، فيكتفي بالنظر إلى السلبيات المحتملة من دون أن يستشرف المكاسب المتوقعة، واستشهدت في المقالة بمناصحة مباشرة من أحد الإخوة المحتسبين وبرأي معلن للشيخ الفاضل صالح المغامسي (الحقيقة أن رأي الشيخ كان في…

إلى العالم الأول.. هذا «قائد» يعني ما يقول

الإثنين ٣٠ أكتوبر ٢٠١٧

مساء الثلثاء الماضي كنت مدعواً على العشاء عند صديق، بصحبة نخبة من رجال الأعمال والاقتصاديين ومسؤولين حكوميين وأعضاء في مجلس الشورى، وقلة من الإعلاميين أنا منهم، ولأن المضيف فرض علينا اتباع قواعد «تشاتام هاوس» منتدى الحوار اللندني الشهير، فسأستعرض بعض ما قيل في الحوار المنظم، الذي سبق العشاء، من دون ذكر أسماء المتحاورين، ومن قال ماذا؟ ومن الطبيعي أن يسيطر على الحديث الخبر العظيم، الذي أعلنه ولي العهد بعد ظهر اليوم نفسه، بإطلاق مشروع «نيوم» العملاق في منطقة تبوك، والمشروع عبارة عن إنشاء مدينة بحجم دولة صغيرة تقع على أحد أهم طرق التجارة العالمية، سيضخ فيها ما لا يقل عن 500 بليون دولار، لتكون حاضناً للاستثمار والابتكار والإنتاج في مجالات الطاقة والمياه والنقل والتقنية الحيوية والغذاء والصناعات المتقدمة والإعلام والترفيه والعلوم التقنية والرقمية، وبالجملة فإنه مشروع متجاوز لكل ما يطرح اليوم إلى صناعات المستقبل، حيث الذكاء الاصطناعي والروبوت وتقنية النانو وإنترنت الأشياء والنقل ذاتي الحركة، ويمتاز المشروع بأنه سيؤسس من الصفر، ليس لاستيعاب هذه التقنيات فحسب، بل وإنتاجها وتسويقها للعالم. ضيف اللقاء، وهو من رجال الأعمال العصاميين الذين بدؤوا من الصفر في ريادة الأعمال، في مجال الطباعة ثم صناعة البلاستيك، منذ أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي، أي قبل أن تكون هناك خطط للتنمية أو وزارة للصناعة، هذا الضيف…

من يتحدث باسم الحكومة؟

الجمعة ٠٦ أكتوبر ٢٠١٧

يروي وزير الإعلام الراحل الدكتور محمد عبده يماني ـ رحمه الله ـ عن ذكرياته حينما عين في منصبه الوزاري عام 1395هـ وحضر أول اجتماع لمجلس الوزراء، أنه فوجئ بمجموعة من الصحافيين يحاصرونه بعد الاجتماع لمعرفة ما ناقشه المجلس الذي كان برئاسة جلالة الملك خالد يرحمه الله، ولأنه لم يكن لديه تعليمات مسبقة بهذا الخصوص فقد أدلى بتصريح شامل لكل مناقشات المجلس مفتتحاً بذلك عهداً جديداً في علاقة الدولة بالإعلام، فقبل هذه الجلسة التاريخية كانت أخبار المجلس تقتصر على عبارة «ناقش المجلس الموضوعات المدرجة على جدول أعماله»، وعلى الرغم من حجم المفاجأة واللوم الذي تلقاه من زملائه ومن بعض المسؤولين فإن الوزير الراحل أكد أن هذا العمل لقي قبولاً من القيادة وأصبح عرفاً مستمراً حتى يومنا هذا أن ينتظر المواطنون في كل أسبوع تفاصيل تطول أو تقصر عن مناقشات وقرارات مجلس الوزراء، وأصبح هذا البيان محركاً رئيساً للحراك الاقتصادي خاصة وأن البلاد منذ ذلك الحين تعيش زخماً تنموياً هائلاً. نعرف في نظريات الاتصال أن الجمهور الداخلي يتفوق في الأهمية على الجمهور الخارجي حين تصميم الخطط الاتصالية للمنظمة، أي منظمة من شركة صغيرة إلى دولة، ذلك أن تنفيذ خطط واستراتيجيات البناء والتنمية تحتاج لمساندة الجمهور الداخلي الذي يجب أن يكون مقتنعاً بها ليكون قادراً على الدفاع عنها وحسن تنفيذها، والسر يكمن في…

القيمة المضافة.. في الإنسان وليست في الضريبة

الثلاثاء ٠٥ سبتمبر ٢٠١٧

لو كان لي من الأمر شيء في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لطلبت من وزير التعليم أن يعتمد «القيمة المضافة» منهجاً إلزامياً خاصة في المرحلة الابتدائية، حتى يبدأ أبناؤنا من سن مبكرة في التعرف على كيف يمكن أن يضيفوا لأنفسهم من القدرات خارج المنهج، وأن يتحول تفكيرهم من مجرد متلقين للمعرفة إلى باحثين عنها، وأن يتخرجوا بدرجة محركات للتنمية والإبداع.. لن أتحدث عن ضريبة القيمة المضافة، فلست خير من يتحدث عنها لا مدحاً ولا قدحاً، ولكني مثل كثير منكم سأتعامل معها كحقيقة من حقائق الحياة وأدفعها.. فليس لي خيار مثلكم، أليس كذلك؟ أتحدث هنا عن المبدأ الاقتصادي الذي يقول بأن السلع والخدمات ترتفع قيمتها بقدر ما يضاف إليها من تحويل وتشكيل. فالخشب في الغابة هو شجرة، فإذا قطعها الحطاب أصبحت سلعة ذات قيمة، والمعمل الذي يتولى تقطيع جذع الشجرة إلى قطع مسطحة مختلفة الأطوال والسماكات يضيف إليها قيمة أخرى إضافية، لكن النجار الذي يحول هذه القطع إلى منتج نهائي مثل الكراسي والطاولات بما يمتلك من مهارة النحت والصقل والصباغة فإنه يعطيها القيمة النهائية التي يدفع فيها المستهلك قيمة تفوق بأضعاف قيمة الجذع الذي قطعه الحطاب من الغابة. وفي مثال آخر فإن سعر برميل النفط الذي تستخرجه أرامكو السعودية وتنقله بالأنابيب إلى بطون الناقلات العملاقة، ليس هو السعر الذي يستحقه فيما لو…

الدوحة بين نموذجي سنغافورة وبيونغ يانغ

الثلاثاء ٢٩ أغسطس ٢٠١٧

كان بإمكان الدوحة أن تكون سنغافورة أو سول أخرى، وبميزات إضافية هي الوفرة المالية ومحدودية عدد السكان وتركيبتهم المتجانسة. المؤسف أن الدوحة اختارت أن تكون بيونغ يانغ أخرى في المنطقة لكن دون سكان ودون سلاح نووي. هل كان بإمكان دولة قطر أن تكون نموذجاً إيجابياً في المنطقة ومحرجاً لدولها؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال الافتراضي لا بد وأن أسرد لكم انطباعاتي عن زياراتي للدوحة خلال السنوات الماضية بدءاً من العام 1983هـ ثم في سنوات لاحقة لأسباب متعددة. كانت المناسبة القمة الرابعة لقادة دول مجلس التعاون، ومطار الدوحة الذي استقبلنا كان أكثر من متواضع، وفي العاصمة فندقان رئيسان هما فندق الخليج الذي استضاف الوفود الصحفية والإعلامية (مازال قائماً بمسمى آخر)، وفندق شيراتون الأكثر حداثة والذي استضاف القادة والوفود الرسمية واجتماعات القمة، أما الطريق الرابط بين الفندقين على امتداد الكورنيش كان من الواضح أنه رصف على عجل قبل القمة من اختلال بلاطات الرصيف في مواضع عدة، أما المدينة ذاتها فقد كانت مثل كثير من مدن الخليج الصغيرة ترقد وادعة على ضفاف الخليج دون كثير من الحراك، حتى أن أحد الصحافيين الأجانب قال بدعابة: إذا سئلتم أين تقع الدوحة فيمكنكم أن تقولوا بأنها بقرب الشيراتون. كان نشيد "خليجنا واحد" يصدح في كل مكان، والفنانون القطريون تسابقوا لإنتاج أعمال فنية تخلد المناسبة وتذيعها شاشة…

تجاوز الحائط الرابع يا سحيمي..!

السبت ٠٧ مايو ٢٠١٦

الصديق الكاتب محمد السحيمي ساخر من الطراز الأول، وأنا أحبه لشخصيته الساحرة حضورا ولكتابته الساخرة على الورق، ولأنني أحب الكتابة الساخرة وأعتبرها فنا رفيعا من فنون الكتابة الصحفية لا يجيده إلا الراسخون والمبدعون في فن الكتابة، وهم -مع رسامي الكاريكاتير- من تحجز لهم المساحات الأبرز في الصحف، لأن القراء يجدون فيما يخطون استراحة من الهموم التي تقذفها عليهم الصفحات الأولى وما تلاها من الصحف، ولأنهم -أي الكتاب- يجيدون مكافحة هذه الهموم بالسخرية منها. لكن السحيمي العزيز يصيبه أحيانا ما يصيب الساخرين على مر التاريخ، وهو ما يمكن أن ندعوه «متلازمة الحطيئة» عمهم الكبير الذي لم يجد أحدا يهجوه فهجا نفسه حين قال «أرى لي وجها قبح الله خلقه... إلخ»، وأعيذ صديقي السحيمي الباسم الوسيم من دمامة الحطيئة وقبحه قولا وفعلا. والعزيز السحيمي يصبح قمعيا، حينما يتحدث عن «القمعية» كما يحب أن يسمي جمعية الثقافة والفنون، فهو تارة يطالبها بأن تغدق الإنفاق على كل المسرحيين والكتاب وألا تتقشف، وتارة أخرى يقول إن دلو الجمعية فارغ. فإن كان يقصد أن الدلو فارغ من المال فقد ظلم الجمعية والعاملين بها، وإن كان قصد أن دلوها فارغ من المحتوى فقد ظلم مئات بل آلاف المبدعين الذين ملؤوا فروع الجمعية نشاطا رغم التقشف. والغريب أن مقال الصديق السحيمي نشر في هذه الصحيفة (3 مايو) بعد…