طارق الحميد
طارق الحميد
كاتب سعودي

الدور على الإسلام السياسي الشيعي

الأحد ١٧ أكتوبر ٢٠٢١

في رسالة مباشرة، وبلا مواربة، قال الشيخ عبد الله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي، وفي مؤتمر مع نظيريه الأميركي والإسرائيلي، إنه لا نريد «حزب الله» جديداً على الحدود السعودية من ناحية اليمن. وهذه هي الرسالة الصحيحة الواضحة التي يجب أن تصل للولايات المتحدة والغرب، بأنه لا نريد «حزب الله» جديداً، ولا نقبل بـ«حزب الله» الإرهابي في لبنان، أو العراق، ولا في أي مكان، وأبسط دليل على خطورة وجود أمثال «حزب الله» هو ما حدث، ويحدث بلبنان. لا نريد «حزب الله» جديداً، أو القديم، لأن وجوده يعني تدمير الدولة العربية، وزعزعة استقرار المنطقة، وتأجيج الطائفية فيها، وامتداداً للوجود والنفوذ الإيراني المخرب الذي نراه من العراق إلى لبنان، ومن اليمن إلى سوريا. ما سمي زوراً سلاح المقاومة ثبت أنه لا يُستخدم إلا لمواجهة المواطنين، وأبسط مثال لبنان الذي رُوع وكاد ينجرف إلى حرب أهلية الخميس الماضي بسبب سلاح «حزب الله» و«حركة أمل»، وهذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها سلاح الحزب للبنانيين. والأمر نفسه حدث في سوريا، حيث استخدم سلاح المقاومة الكذابة لقمع المدنيين وقتلهم، وحدث ذلك في العراق، ويحدث باليمن من قِبل الحوثيين الوجه الآخر لـ«حزب الله»، ونتيجة كل ذلك هي زعزعة الاستقرار، وتدمير الدول من داخلها. «حزب الله»، ومَن على شاكلته، ليست لديهم علاقة بالنمو والازدهار والرخاء، ولا احترام الأنظمة…

من لبنان إلى أفغانستان!

الأحد ١٠ أكتوبر ٢٠٢١

لا يمكن فهم بعض الأخبار إلا عندما ننظر إليها كصورة متكاملة، ولو تباعدت الجغرافيا، واختلفت القضايا. واليوم نحن أمام خبرين في يوم واحد طارت بهما وكالات الأنباء كأخبار عاجلة، تلخص مسيرة العبث بقضايا أشغلتنا مطولاً. الخبر الأول أن «شبكة كهرباء لبنان توقفت تماماً عن العمل» ظهر أمس (السبت)، و«من المستبعد أن تعمل حتى نهار الاثنين المقبل، أو لأيام عدة»، وأن هناك محاولات للاستعانة بمخزون الجيش من زيت الوقود، لكن ذلك لن يحدث قريباً. والخبر الثاني هو لقاء وزير خارجية «طالبان» مع وفد أميركي في الدوحة، أمس (السبت) أيضاً، حيث طالب الوفد الأفغاني الولايات المتحدة برفع الحظر عن احتياطي البنك المركزي. وإعلان مسؤول «طالبان» أن واشنطن ستقدم لقاحات مضادة لفيروس «كورونا» للأفغان، وأن وفد «طالبان» ركز في اجتماعه مع الأميركيين على المساعدات الإنسانية، ومناقشة «فتح صفحة جديدة» بين البلدين. حسناً، في الخبر الأول نحن أمام دولة كانت ذات يوم مصدر إشعاع حتى تدخلت بها إيران، وأصبحت فيها ميليشيا «حزب الله» التي باتت فوق الدولة، وتمارس كل الأعمال الإجرامية والإرهابية، ليس في لبنان وحده. جرائم وإرهاب «حزب الله» ليسا في لبنان وحده، حيث تدمير الدولة والاغتيالات، بل وصلت إلى العراق، واليمن، وسوريا، وأفريقيا، وأميركا الجنوبية، حيث الإرهاب والاتجار بالمخدرات. والنتيجة المحصلة لكل هذا الخراب الإيراني في لبنان على يد «حزب الله» أن…

أفغانستان وإيران… الخطأ الصحيح!

الأربعاء ١٥ سبتمبر ٢٠٢١

مع عودة «طالبان» للحكم دون طلقة رصاصة واحدة، حيث تم الانسحاب الأميركي من أفغانستان بجرّة قلم، وفق الاتفاق الذي تم في قطر، باتت لـ«طالبان» حدود متاخمة من شرق إيران ولمسافة قرابة 950 كلم. وطوال الأعوام العشرين الماضية نعمت إيران بسنين، وليس شهر عسل، عبر تلك الحدود الإيرانية - الأفغانية حيث شكّل الاحتلال الأميركي لأفغانستان تأميناً للحدود الأفغانية الإيرانية، كما نعمت إيران بنفس الأمر على الحدود العراقية - الإيرانية. وطوال الأعوام العشرين الماضية والولايات المتحدة تحدّ إيران من الشرق حيث أفغانستان، وتحدّها أيضاً من الغرب حيث العراق بحدود 1458 كلم، وكانت إيران المستفيد الوحيد، لكن اليوم انقلبت الطاولة. من الشرق لإيران عادت «طالبان»، كما أسلفنا من دون طلقة رصاصة، وبالتالي الآن هناك الأوضاع المأساوية في أفغانستان التي من شأنها الضغط على إيران من ناحية اللاجئين، وهناك الخلاف العَقَدي، وغيره. صحيح أنه ليس في السياسة قواعد تواصُل على أُسس عَقَدية، لكن العلاقة بين «طالبان» وإيران تحاط بخلافات حقيقية، وقد تتصاعد، ولتتضح الصورة فإن القصة هنا ليست «طالبان» فحسب، بل إن أي فوضى في أفغانستان من شأنها بث القلق في إيران. حسناً، ماذا لو انسحب الأميركيون من العراق؟ مَن يضمن ما الذي سيخلّفه ذلك الانسحاب؟ ومَن يضمن الطريقة التي ستنسحب بها القوات الأميركية؟ ومَن سيضمن ما الذي سيحدث بعد ذلك هناك؟ هل تهتز…

وماذا عنا نحن؟

الأحد ٠٥ سبتمبر ٢٠٢١

على أثر الانسحاب الأميركي من أفغانستان وما خلفه من فوضى، بدأت أوروبا تتباحث أمرها العسكري والأمني والسياسي، وذلك بعد القرار الأميركي الأحادي، ووصل التفكير الأوروبي إلى خلق قوات تدخل سريع. كما حدد الاتحاد الأوروبي خمسة شروط للتعامل مع «طالبان»، ما يظهر موقفاً سياسياً أوروبياً مستقلاً عن الموقف الأميركي. والسؤال الآن: ماذا عنا نحن في المنطقة، دول مجلس التعاون، والاعتدال العربي، أي مصر؟ صحيح صدرت مواقف لمعظم دول المنطقة تجاه أحداث أفغانستان، لكن بعد عودة «طالبان» إلى الحكم، إضافة لما لدينا من عبث إيراني يتطلب مواقف موحدة، وبتنسيق... هل ستعترف دول المنطقة، وتحديداً دول الاعتدال العربي، بـ«طالبان»؟ هل هناك شروط محددة؟ وماذا عن التنسيق الأمني تجاه عودة الإرهاب المحتمل، والترويج للتطرف؟ أعرف أن بعض أهم دول الاعتدال تحركت من اللحظة الأولى بشكل جاد للتقصي والبحث والاستعداد، لكن عودة «طالبان»، وما تعنيه، تتطلب تنسيقاً خليجياً - عربياً مشتركاً، وأسساً واضحة معلنة لمعرفة كيفية التعامل مع مرحلة قد تكون مكررة لمرحلة أفغانستان السابقة، وأسوأ بسبب تطور وسائل التواصل، وغيرها من العوامل. نعم لدينا في مجلس التعاون قوات «درع الجزيرة»، التي أثبتت موقفاً لا ينسى في الربيع العربي بالوقوف مع مملكة البحرين، لكن الجميع يعلم أن مجلس التعاون أصابه ما أصابه خلال المرحلة الماضية، والآن الأجواء الخليجية أفضل مما كانت ليكون التنسيق أكبر وأشمل.…

وما قيمة الاعتذار؟

الأربعاء ٢٥ أغسطس ٢٠٢١

نقلت وكالة «رويترز» عن رئيس مصلحة السجون الإيرانية أمس (الثلاثاء)، اعتذاره عن «الأحداث المريرة» في سجن «إيفين» بالعاصمة طهران، وذلك بعد بث لقطات مُصوَّرة لعمليات تعذيب واعتداء بالضرب على سجناء سرَّبها مخترقون عبر الإنترنت. وقال رئيس مصلحة السجون الإيرانية محمد مهدي حاج محمدي، في تغريدة نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية: «فيما يتعلق بصور سجن إيفين، أتحمل المسؤولية عن هذا السلوك غير المقبول، وأتعهد بالعمل على منع تكرار تلك الأحداث المريرة والتعامل بحسم مع المخطئين». وأضاف: «أعتذر إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى قائدنا العزيز -علي خامنئي- وإلى الأمة وإلى حراس السجن الشرفاء الذين لن يتم تجاهل جهودهم بسبب تلك الأخطاء». والطريف، بل المذهل، أن «رويترز» تقول: «كان ذلك اعترافاً نادراً بانتهاكات لحقوق الإنسان في إيران التي دأبت على رفض الانتقادات لسجلها في حقوق الإنسان ووصفها بأنها بلا أساس». ولا أعلم ما قيمة ندرة هذا الاعتراف، والوكالة، ومثلها الإعلام الغربي المنتشر في منطقتنا، يرون الاعتداءات الإيرانية بحق دولنا، وشعوبها، والناشطين فيها. ألم ترَ وسائل الإعلام الدولية حجم الاغتيالات، والاختطاف، بحق الناشطين العراقيين؟ ألا يرى الإعلام الغربي، والمنظمات الحقوقية، ما حدث ويحدث بحق السوريين في سوريا، أو ما يحدث في لبنان، من اغتيالات، وتدمير منهجي للمؤسسات والدولة ككل، بسبب التدخلات الإيرانية التي تدمر دول المنطقة، وتقمع مواطنيها؟ أولم تلحظ الوكالة، مثلاً، أن مدير…

الفوضى الأفغانية!

الأحد ٢٢ أغسطس ٢٠٢١

أسبوع مضى على سقوط كابل، وكل ما حولنا يظهر أننا أمام الفوضى الأفغانية، والحيرة التي لا تصيب طرفي الصراع الولايات المتحدة وحركة «طالبان» وحدهما، بل أيضاً العالم وبالطبع المجتمع الدولي ومنطقتنا. فيما يخص «طالبان»، مثلاً، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الحركة، لم تسمه، قوله إن «طالبان» تخطط لإعداد نموذج جديد للحكم لن يكون ديمقراطياً بالتعريف الغربي، لكنه «سيحمي حقوق الجميع»، مضيفاً أن «خبراء قانونيين ودينيين وخبراء في السياسة الخارجية في (طالبان) يهدفون إلى طرح إطار حكم جديد بالأسابيع القليلة المقبلة»، وهذا يعني أن «طالبان» لا تدري كيف تبلع اللقمة الكبيرة، حكم أفغانستان، أو أنها تحاول إقناع العالم بأنها باتت «معتدلة»، والتصديق بذلك يعد تسرعاً خطيراً. ماذا عن واشنطن؟ الأكيد أن وضعها أسوأ، مثلاً وجود التناقضات التي انطوى عليها خطاب الرئيس بايدن حول «طالبان» وأفغانستان، في ثلاث مرات ظهر فيها على التوالي. مثلاً، يقول الرئيس: «لم أرَ أي شك في مصداقيتنا من حلفائنا في جميع أنحاء العالم...». وعلق على ذلك مراسل «سكاي نيوز» البريطانية بواشنطن، مارك ستون، بتقرير له قائلاً: «الحقيقة أنه قاد جميع حلفائه إلى أزمة». مثال آخر، الرئيس بايدن يقول إن «القاعدة» «ذهبت» من أفغانستان، وناقضه بذلك البنتاغون، وقالت شبكة «سي إن إن» المنحازة لبايدن إن تصريحه عن «القاعدة» «زائف». دولياً، الحيرة والفوضى واضحة، مثلاً، ما هو مصير…

أخبار مدعي «الانتصار»!

الأربعاء ١١ أغسطس ٢٠٢١

بينما كان إسماعيل هنية يجلس في الصف الأول بمراسم تنصيب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والتي قدم فيها قادة الفصائل والميليشيات على ممثل الاتحاد الأوروبي، كانت «حماس» تتفاوض على تدبير صرف المنحة القطرية المالية بشروط إسرائيلية - أميركية. بعد أن احتفلت «حماس» بالنصر المزعوم بحرب غزة الأخيرة، نقلت صحيفتنا يوم السبت الماضي، 7 أغسطس (آب) الحالي، خبراً مفاده: «كشفت مصادر سياسية فلسطينية لصحيفة إسرائيلية أن (حماس) وافقت على مَخرج جديد لأزمة تحويل المساعدات القطرية إلى قطاع غزة، وذلك بأن تقوم إسرائيل والولايات المتحدة بمراجعة قوائم المستحقين والمصادقة عليها». ونقلت صحيفتنا: «وقال مراسل صحيفة (هآرتس)، جاكي خوري، الذي تحدث إلى مسؤول في (حماس)، إن التسليم بالتدخل الإسرائيلي الأميركي جاء أولاً لأنه سيحل مشكلة البنوك الفلسطينية التي تخشى أن تُتهم بتمويل الإرهاب، وثانياً لأن (حماس) معنية بإدخال المساعدات في أقرب وقت للتخفيف من الضائقة ومنع انفجار الغضب الفلسطيني». وملخص ما هو أعلاه أن «حماس» التي تدّعي الانتصار ليس بوسعها حتى توزيع أموال المنحة القطرية، والتي تمت مسبقاً بموافقة إسرائيلية، على المستحقين في قطاع غزة، وسيتم ذلك الآن بإشراف إسرائيلي - أميركي! وعليه فإن ما نحن إزاءه الآن هو أننا أمام طرف يدّعي الانتصار في معركة غزة الأخيرة، أي «حماس»، لكن ليس بمقدوره توزيع المنحة القطرية بنفسه داخل غزة، وهو ما كان يتم قبل…

إيران… والكذب!

الأربعاء ٠٤ أغسطس ٢٠٢١

يقول الرئيس الإيراني المنتهية ولايته حسن روحاني، إن بلاده «لم تقل أجزاء من الحقيقة» للشعب في بعض الأحيان خلال فترة ولايته التي استمرت ثماني سنوات، مضيفاً: «ما قلناه للناس لا يتعارض مع الواقع، لكننا لم نخبر الناس بجزء من الحقيقة... لأنني لم أجدها مفيدة، وكنت أخشى أن تضر بالوحدة الوطنية». وقال موجهاً كلامه إلى الإيرانيين: «إذا كان لدينا عيب نعتذر للناس، ونطلب منهم المغفرة والرحمة». معنى كلام روحاني هذا بلغة واضحة لا مواربة فيها أن حكومته دأبت على الكذب على المواطنين، وهذا شأن إيراني، والسؤال هنا هو عن الكذب الإيراني على المنطقة، والمجتمع الدولي! كم مرة كذبت إيران، فقط في فترة روحاني، وليس منذ الثورة الخمينية، على العراق، والسعودية، وكل دول الخليج، وعلى اليمن، ولبنان، والسوريين، وكم اقترفت من جرائم بحق المنطقة وشعوبها؟ كم مرة كذبت إيران على حلفائها الصين وروسيا؟ وكم مرة كذبت على الأوروبيين بالاتفاق النووي؟ وكم مرة كذبت على الأميركيين، وإن كان بعلمهم، رضاءً أو سذاجة؟ كم كذبت إيران بكل مرة تقول فيها إنها مستعدة للحوار مع جيرانها؟ وكم مرة كذبت وهي تردد أن أمن المنطقة يجب أن يكون بتفاهم دولها فقط، ولا شأن للغرب بذلك ثم تفاوض الغرب، ومنذ زمان أوباما، لتقنع الأميركيين بضرورة أن يكون لها دور في منطقتنا؟ كم كذبت، وتكذب، إيران عندما تقول…

«حسينية البيت الأبيض»

الأحد ٢٥ يوليو ٢٠٢١

يبدو أن لكل رئيس أميركي راغب في التقارب مع إيران ملامح ثورة إيرانية داخلية. حدث ذلك إبان الثورة الخضراء التي قرر الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، تجاهلها، والآن هناك ملامح ثورة الأحواز، وهي أكبر وأعقد من أزمة مياه. ومن الواضح أن الإدارة الأميركية الحالية لا تتعاطى مع الأحواز بجدية، رغم التقارير المؤكدة عن ممارسة العنف المفرط من قبل القوات الإيرانية. وسبب التجاهل الأميركي الآن هو الرغبة في إتمام مشروع أوباما للاتفاق النووي مع إيران. وما أشبه الليلة بالبارحة، حيث تجاهل أوباما العنف الإيراني في أربع عواصم عربية، وتجاهل الثورة الخضراء بإيران، رغم كل الضحايا، واليوم يحدث الأمر نفسه مع الإدارة الأميركية الحالية. اليوم نحن أمام عنف إيراني مستمر داخلياً وخارجياً، ورغبة أميركية ملحة لتجاهل ذلك العنف، وإن حصل في الأحواز، أو حتى محاولة اختطاف ناشطة إيرانية من الأراضي الأميركية نفسها. رغم كل ذلك، فإن الإدارة الأميركية مصرة على المضي قدماً لإبرام اتفاق نووي من دون الالتفات للحقائق على الأرض، في إيران والمنطقة، وحتى الحقائق المتوافرة بالداخل الأميركي عن الإرهاب الإيراني. وما لا تدركه الإدارة الأميركية، أو قل التيار الأوبامي، أن سجل إيران الحالي، وليس القديم، يوجب شروطاً مختلفة للتفاوض مع طهران، ومنها ضرورة وقف العنف والإرهاب الإيراني في إيران نفسها، والمنطقة، والعالم. وما لا يدركه التيار الأوبامي أنهم لا يتعاملون…

نعم هو «سد» النهضة

الأربعاء ٠٧ يوليو ٢٠٢١

عندما تتأمل اسم «سد النهضة» الإثيوبي، وتصرفات إثيوبيا تجاه مصر والسودان، تدرك أن السد فعلاً اسم على مسمى، فهو سد يحول دون النهضة بأفريقيا، وتحديداً في مصر والسودان، وما لذلك من تداعيات. «سد النهضة»، ووفقاً لتصرفات إثيوبيا يعني أنه سد يمنع نهوض دول أفريقيا، وتحديداً السودان وما يواجهه بعد إسقاط حكم البشير الإخواني الذي دمر السودان، وعطّله نحو ربع قرن. كما أن «سد النهضة»، وإدارة إثيوبيا للأزمة، تعني جر مصر لحرب لا تريدها، ولا العقلاء، لأن مصر في طور إعادة بناء المؤسسات، وإعادة تأهيل مفاصل الدولة، والاقتصاد الخاص والعام، والتعليم، والطرقات، والبنية التحتية هناك. والواضح، للأسف، أننا نقترب من الحرب بسبب الموقف الإثيوبي أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً بعد إشعار وزارة الري الإثيوبية لنظيرتها المصرية بشروع إثيوبيا بالبدء بالملء الثاني للسد، ما يعني دفع مصر والسودان لاتخاذ قرارات صعبة. ولا أعتقد بأنه سيعول على الجلسة المنتظرة بمجلس الأمن حول قضية «سد النهضة» التي قد تدشن مرحلة حروب المياه بالقارة الأفريقية، وكذلك بالنسبة لدولتين عربيتين. ولا أعتقد بأن هناك مجالاً للتفاؤل خصوصاً بعد تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد بأن حكومته قادرة بكل سهولة على تجنيد مليون مقاتل جديد، على خلفية الأزمة المسلحة بمنطقة تيغراي. وقال آبي أحمد: «يمكن خلال أسبوع أو أسبوعين أو 3 أسابيع تعبئة 100 ألف عنصر…

السعودية.. وتجار الغضب

الأحد ٢٠ يونيو ٢٠٢١

من يتأمل المشهد السعودي يلمح بوضوح حملة ترويج مستمرة للغضب، من قبل من أسميهم «تجار الغضب»، عبر وسائل التواصل، والأكثر وضوحا وخطورة «الوتساب». أمر يلحظه المتخصص. ومما تعلمته، بهذه الصنعة، خشية العقل الجمعي! القصة أن في السعودية حملة شبه يومية منظمة لتصعيد «ترند»، بلغة تويتر، اعتراضا على أمر ما، أو «على أي شيء»، تارة كتاب، وأخرى «تغريدة»، ناهيك من محاولات الاغتيال المعنوي. ويتضح ذلك بحالة أي حدث اجتماعي تكون ردود الفعل فيه متباينه ليس لحق النقد، وإنما لعدم التخصص والمعرفة المفصلة، وأبسط مثال موضوع مكبرات الصوت بالمساجد، وهي مسألة ليست بالجديدة، وإنما من ثلاثة عقود، وعطلت بسبب التحشيد، والتعطيل المبطن، الذي يحاول البعض إعادته للسعودية الآن عبر هذه الحملات. وهذه الحملات لا تعكس وجهة نظر حقيقية بقدر ما أنها عمل حركي منظم الهدف منه إدارة الغضب، وتصعيده، وبحال لم تؤت الحملات أكلها، فإنها بمثابة التمارين التعبوية اليومية لتجويد العمل الحركي الخفي بالسعودية، ومن خارجها، على أمل الوصول للهدف. ويخطئ من يقلل من خطورة حملات ترويج الغضب هذه. ولاستيعاب خطورتها علينا تأمل مثالين هنا، الأول من فيلم وثائقي لفهم «الشعبوية» في الغرب، ومعرفة أدواتهم في تحريك الرأي العام. في الفيلم الوثائقي «ذا برينك»، أو «الحافة»، وهو من أهم الوثائقيات التي تشرح ذلك من خلال رصد عميق لمنظر الشعبوية ستيف بانون، المدير…

هل تعتذر إيران للسعودية؟

الأحد ١٣ يونيو ٢٠٢١

يقول الرئيس الإيراني حسن روحاني، المشارف على انتهاء فترته الرئاسية: «لا يغفر الله لمن لم يسمحوا لنا بإقامة علاقات طيبة مع بعض جيراننا، لقد قاموا بأشياء طفولية وغبية، هاجموا المراكز الدبلوماسية». مضيفاً: «لولا هؤلاء لكنا في ظروف أفضل اليوم»، مجدداً التأكيد على ضرورة إقامة علاقات دبلوماسية بين إيران وجيرانها. ومن الواضح أن المقصود بخطاب روحاني، الذي لم تنقله وكالات الأنباء الإيرانية، وحتى كتابة المقال، هو العلاقات مع السعودية. والقصة، لمن لا يتذكر، هي عندما اقتحم في الثاني من يناير (كانون الثاني) 2016 أفراد من قوات «الباسيج»، و«الحرس الثوري»، السفارة السعودية بطهران، وكذلك القنصلية السعودية في مشهد، ما نتج عنه قطع العلاقات. وعليه بحال كانت تصريحات روحاني دقيقة، والتي لم تنقلها الوكالات الإيرانية، كما أسلفنا، فنحن هنا أمام عدة أسئلة، وقبل الشروع بمناقشتها لا بد من تذكر أن السياسة شأن مختلف براغماتي مبني على المصالح. ولا بد، مثلاً، من وجود قنوات خلفية للاتصال بالعدو، ولو بحالة حرب، فما بالك بعلاقات بين دولتين كالسعودية وإيران! ولا ضير بذلك، وهو ليس المهم، فالأهم هو الأفعال، واليقظة السعودية الدائمة... يقظة الحزم، لكي لا نلدغ من الجحر نفسه. المنهج الإيراني الثابت، وبالأدلة، هو استهداف السعودية، حيث فعلت إيران بحق السعودية ما لم تفعله إسرائيل طوال تاريخها بحق السعودية، أمنياً، وسياسياً، واقتصادياً. وعليه، أول الأسئلة هنا،…