هدى الخميس كانو: للمؤسسات الثقافية الدور الأكبر في التصدي للتطرف

مقابلات

على مدى ما يزيد على 20 عاماً؛ استطاعت مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، برئاسة مؤسِّستها هدى إبراهيم الخميس كانو، أن تلعب دوراً مهماً في تعزيز العمل الثقافي والفني في أبوظبي ودولة الإمارات عموماً، وبناء جسور التواصل وخلق منصات اللقاء الثقافي والتبادل المعرفي بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودول وشعوب العالم، من خلال مهرجان أبوظبي والعديد من الفعاليات البارزة. عن المجموعة والمهرجان أجابت كانو عن الأسئلة التالية:

1 كيف ترين ما حققته مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون منذ تأسيسها وحتى الآن؟

أعتقد أننا في مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون استطعنا أن نحقق الكثير، إلا أن المقبل أكثر، والكثير الذي أمامنا يتمثل في مواكبة الرؤية الثقافية الخلاقة لأبوظبي.

استطعنا في المجموعة، بالتعاون مع شركائنا الاستراتيجيين، أن نرسّخ وعياً مجتمعياً بأهمية الفنون ودورها في الارتقاء بالإنسان، وتعزيز قيم التسامح، وبات للمجموعة ومبادراتها وبرامجها الثقافية والفنية والمجتمعية قاعدة جماهيرية كبيرة تغطي الإمارات السبع مع أكثر من 50 ألفاً من أفراد المجتمع الإماراتي، من مواطنين ومقيمين، ومن جميع الثقافات والجنسيات حول العالم، كما أصبحت المجموعة منصة إبداع وابتكار إماراتي في جميع أشكال التعبير الفني والثقافي، من فنون أداء، وفن تشكيلي، وصناعة أفلام، وتصميم، وتخصص في الصناعات الثقافية والإبداعية، وابتعاث لاستكمال الدراسات العليا والأدب وصناعة الكتاب والنشر، وغيرها الكثير، فهناك مبادرات عديدة رائدة كان لنا شرف تقديمها لأول مرة في الدولة، كرواق الفكر، ورواق الأدب والكتاب، ومنبر التأليف الموسيقي والإبداع، وجهود توثيق الموسيقى العربية ورواد الطرب، وأعمال التكليف الحصري للفنانين التشكيليين، ومنحة التميز الثقافي وبرنامج القيادات الإعلامية الشابة، وغيرها الكثير الذي لا يتسع المجال هنا لحصره.

2 على مدى أكثر من 20 عاماً في العمل الثقافي ما أهم العقبات التي واجهتكم؟ وكيف تم التغلب عليها؟

التحدي الأول هو مدى صدقية عملنا مع جميع فئات المجتمع، ومدى اقتناع المجتمع بما نقدّمه له في مجالات الثقافة والفنون، هذه المجالات التي باتت اليوم في صلب اهتمام المجتمع الإماراتي، قيادةً وشعباً، لكنها في بدايات عملنا الأولى تطلّبت منا الجهد الكثير في سبيل إقناع الأهل وأولياء الأمور بأن الموهبة قد تكون أحياناً أهم من المهنة، وأن الإبداع يوازي الاختصاص العلمي والطبي والمهني، وأن التميز في الفنون بحد ذاته سمة المتميزين الطموحين من أبناء الإمارات. لكن التحدي الأساسي الذي تواجهه كل جمعية ومؤسسة ذات نفع عام، هو الدعم المالي والكلفة اللوجستية والتنظيمية، والحمد لله اجتزنا كل هذه العقبات بفضل الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة. يبقى التحدي الذي لا نغفل عنه وهو تقديم الأجود كل عام، والتنافسية مع أنفسنا قبل الآخرين في سبيل استقطاب فعاليات جديدة وفنانين استثنائيين، وتقديم فعاليات تعليمية ومجتمعية أكثر التصاقاً باهتمامات المجتمع واحتياجاته.

3 في ظل ما تشهده المنطقة من صراعات وتطرف؛ هل ترين أنه مازال هناك دور يمكن أن تلعبه المؤسسات الثقافية للتصدي لهذا التشدد؟ وكيف؟

للمؤسسات الثقافية الدور الأكبر في التصدي للتشدد والعنصرية والتطرف والكراهية، فهي بالثقافة والفنون ترقى بذائقة الإنسان، وتوحّد الشعوب والجنسيات في الشعور بالجمال والاستمتاع به، وكل ما نشهده اليوم من صراعات عائد إلى نظرة خاطئة للثقافة تقوم على الانغلاق، وتحارب الآخر في ما يعتقده، وما يمارسه من سلوك حياة، ومن هنا تبرز ضرورة الاهتمام بالتعليم والتثقيف على مبادئ الانفتاح على الآخر واحترام رأيه، لذا يجب علينا في المؤسسات الثقافية أن نعمل على زرع قيم المحبة والتسامح بين الأجيال الناشئة منذ الصغر، بل أن نهذّب نفوسهم بالموسيقى والفنون والتشكيل والرسم والنحت، حتى يكونوا في الغد رجالات الإمارات الذين يحملون رسالة المحبة منها إلى العالم.

4 حمل مهرجان أبوظبي هذا العام شعار «الثقافة والتسامح».. كيف يمكن أن يسهم الفن في نشر التسامح بين أفراد المجتمع؟

الثقافة بجوهرها رسالة تسامح وتقارب، وعلى عاتق أهلها تقع مسؤولية نشر قيم التسامح لقدرتهم على الوصول إلى الناس والتأثير فيهم، فالتسامح يعني الانفتاح والحوار الثقافي، وهذه القيم هي نفسها التي ورثناها عن الآباء المؤسسين لاتحاد الإمارات، فالثقافة الإماراتية العربية والإسلامية قوية بجذورها، تتغذى بها، تحفر في كنوز التراث، وتوثّق منجز الزاهر، وتقوى باستدامة الحراك والشراكة في نظام عالمي أوسع، ولا يتعزز هذا الحراك إلا بالتسامح كمبدأ إنساني يوجّه البشرية نحو خير وتكاتف أبنائها، وبالثقافة والفنون استطاع مهرجان أبوظبي، أن يُقيم حواراً عالمياً للثقافات على أرض الإمارات.

5 تولي مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ومهرجان أبوظبي أهمية كبيرة لاكتشاف وتبني المواهب الشابة.. ما مدى تجاوب الشباب مع مبادراتكم في هذا الاتجاه؟

الشباب الإماراتي يمتلك طاقات إبداعية هائلة تحتاج إلى من يقوم بتبنيها وصقلها وتوجيهها، ويحتاج إلى فرص التعرّف للتجارب العالمية، ووفرنا له هذا من خلال العمل مع كبار الفنانين والمفكرين من المشاركين ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي وبرامج المجموعة الأخرى، وهذا ما عشناه في تجربتنا بالمجموعة عاماً بعد آخر، إننا نعتبر الاستثمار في الشباب ثروة للأجيال، للوطن، للإمارات قيادةً وشعباً.

المصدر: الإمارات اليوم