إسرائيل تحول الأراضي الحدودية بغزة إلى مسرح لقتل المزارعين وتدمّر السلة الغذائية

أخبار

40 دقيقة أمضاها المزارع الفلسطيني عبدالكريم وهدان، وهو منبطح على الأرض، ولا يستطيع رفع رأسه، نتيجة إطلاق النار المتواصل من قبل القناص الإسرائيلي المتمركز داخل برج المراقبة المعروف “بموقع النصب التذكاري” شمال شرق مدينة بيت حانون، في مشهد أصبح يتكرر بشكل شبه يومي ويعيشه مزارعو الأراضي الحدودية، ضمن سياسة إسرائيلية تهدف لتدمير مهنة الزراعة والسلة الغذائية التي تنتجها تلك الأراضي.

ويقول وهدان الذي تفصل أرضه أمتار قليلة عن المنطقة المحظورة التي عينتها إسرائيل على طول الشرط الحدودي بين القطاع والأراضي المتحلة، ولا تسمح بدخولها وتقتل من يحاول الاقتراب منها: “نحن كمزارعين للأراضي الحدودية نعاني بشكل كبير من حرماننا من الوصول لأراضينا وزراعتها، وإن تمكنا من الوصول إلى جزء منها نتعرض لإطلاق النار”.

وأضاف خلال حديثه لـ”اليوم”: “أرضي يقع جزء كبير منها في المنطقة المحظورة والجزء الباقي هو قليل جداً يقع خارج المنطقة المحظورة، وإن زرعته بأي محصول يدمره الجيش قبل موسم حصاده”، متابعاً: “في كل مرة يحرق الجيش محصولي كأنه يحرق قلبي”.

وأوضح المزارع وهدان أن أرضه كانت واحدة من أكثر الأراضي التي تصدر منتجاتها من الحمضيات للخارج في وقت سابق، لكنها حالياً لا تمكنه من الحصول على قوت أطفاله الذي بات مغمسا بالدم وفقاً لوصفه.

وأشار إلى أن الاحتلال جرف أرضه ثلاث مرات، واكد أنه لن يتوقف عن زراعة أرضه رغم كل الانتهاكات الإسرائيلية.

ويبدي وهدان تخوفا شديدا على محصول الخضراوات الحالي الذي زرعه قبل أيام، خاصة وأن الطائرات الإسرائيلية رشت جزء منه بالمواد الحارقة وأفسدته، مؤكداً أنه يعيش ظروفاً غاية في الصعوبة لا يستطيع تأمين حياة كريمة لأسرته، موضحاً أنه وكل العاملين معه في الأرض يعتمدون على منتجاتها كمصدر رزق أساسي لهم، مشيراً إلى أنهم يتعرضون بشكل دائم للخسارة نتيجة الممارسات الإسرائيلية.

ولم يكتف الاحتلال بتدمير أرض وهدان في كل مرة يزرعها، حيث دمر منزله ومنازل العشرات من عائلته خلال العدوان الأخير وسقط من بين أفراد عائلته حوالي 13 شهيداً.

وبدوره، اعتبر تحسين سعادات نائب رئيس اتحاد جمعيات المزارعين الفلسطينين أن تدمير الأراضي الحدودية من قبل إسرائيل يهدف بالدرجة الأولى إلى تهجير الأسرة الزراعية التي تسكن بالقرب من الأراضي المحظور دخولها، والحد من قدرات المزارعين على زراعة أراضيهم وتقليص المنتجات عبر استخدام سياسة القتل والتدمير المستمر.

وأوضح سعدات خلال حديثه لـ”اليوم” أن أغلب الأسر الزراعية هجرت أراضيها، فيما تزرع الأسر المتبقية محاصيل موسمية لا تحتاج إلى الرعاية اليومية كالقمح والشعير، لتفادي تعرضهم للقتل على يد جنود الاحتلال، ومع ذلك يحرق ويدمر الاحتلال تلك المحاصيل عند اقتراب موسم الحصاد.

مشيراً إلى أن المحاصيل التي تحتاج إلى متابعة يومية لا تزرع لأن الجيش يطلق النار باتجاه المزارعين؛ ما يدفعهم لمغادرة الأراضي والنظر عن بعد لمحاصيلهم وهي تموت.

وبين أن مزارعي الاراضي الحدودية يستعينون في بعض الأوقات بالمتضامنين الأجانب، والمؤسسات الدولية من أجل الوصول إلى أراضيهم وفلاحتها، لكنهم أيضا يتعرضون للاستهداف المباشر، مؤكداً أنهم وثقوا عددا كبيرا من حالات قتل واستهداف المزارعين. منبها إلى أن منع الاحتلال تصدير منتجات القطاع للخارج ساهم أيضا في تكبيد المزارعين مزيداً من الخسائر، مؤكداً أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط كافة المواثيق والاتفاقيات.

وطالب سعدات بضرورة تدخل المجتمع الدولي لتوفير الحماية الدولية للمزارعين، وفقا لنصوص ومبادئ القوانين الدولية، والضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على المدنيين بغزة وتحمل مسؤوليتها.

ودعا الدول العربية إلى اعادة النظر في علاقاتها مع الاحتلال، سيما وأن العلاقات لا تنسج مع دولة تواصل ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين وانتهاكات للقانون الدولي الانساني.

ومن جانبه، أوضح سعد زيادة، مسؤول اللجان الزراعية في اتحاد لجان العمل الزراعي، أن المنطقة المحظورة غير قانونية لأن أراضيها ملك للفلسطينيين، وفرضتها إسرائيل بقوة السلاح، منذ انتفاضة الاقصى عام 2000، وحدتتها بـ300 متر على طول الشريط الحدودي بالكامل، لكنها تتجاوز فى بعض المناطق 1500 متر.

وأكد خلال حديثه لـ”اليوم” أن المنظة المحظورة تحرم المزارعين من أراضيهم ومصادر رزقهم، مشيراً إلى أن تلك الأراضي تشكل 25% من مجمل الأراضي الزراعية في قطاع غزة، والتي كانت تعد مصدراً للسلة الغذائية لسكان القطاع، إضافة لكونها مصدر رزق أساسيا واستثماريا، بمعنى “أن القطاع في السابق كان يصدر 95 % من الحمضيات إلى الخارج، والآن بعد تدمير هذه الأراضي أصبح يستورد الحمضيات”.

ويقع قطاع غزة بين منطقتين محظورتين: الأولى شمالي شرق غزة، تخص الأراضي الزراعية والثانية غرب القطاع وتخص البحر، وكلا المنطقتين تعدان مصدرا للغذاء في قطاع غزة.

المصدر: صحيفة اليوم