الأمم المتحدة تحذر من كارثة غذائية في سوريا بحلول 2014

أخبار

قالت الأمم المتحدة أمس إن 4 ملايين سوري أي خمس السكان لا يستطيعون إنتاج أو شراء ما يكفي من الغذاء لاحتياجاتهم وإن الوضع يمكن أن يتدهور العام القادم إذا استمر الصراع الذي بدأ منذ عامين في سوريا. وذكرت المنظمة الدولية أن المزارعين السوريين لا يجدون البذور والأسمدة التي يحتاجونها لزراعة المحصول التالي.

وعقب زيارة لسوريا بين مايو (أيار) ويونيو (حزيران) قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» وبرنامج الأغذية العالمي في تقرير إن الإنتاج المحلي على مدى الأشهر الـ12 القادمة سينخفض بشدة على الأرجح. وقدرت المنظمتان أن سوريا ستحتاج إلى استيراد 5.‏1 مليون طن من القمح في موسم 2013 – 2014.

وتعبر سوريا إحدى الدول العربية القلائل التي انتهجت استراتيجية الأمن الغذائي والدوائي، وتقول الإحصائيات الرسمية أن القطاع الزراعي في سوريا كان يرفد الخزينة العامة بنحو 25% من الناتج الإجمالي، ويشكل قرابة 22% من مجمل الصادرات، إذ تعتبر رابع منتج في العالم لمادة زيت الزيتون، وهي رابع منتج للفسق الحلبي، وهي كذلك من الدول المتقدمة في إنتاج الخضراوات ومشتقات الحليب، الذي تنتج منه قرابة 3 ملايين طن سنويا. أما الجانب الدوائي فتنتج سوريا ما يقارب 95% من احتياجاتها من الدواء محليا، وتمتلك قرابة 3 ملايين طنا من القمح احتياطي.

إلاّ أنه بعد عامين من الاحتراب الذي قتل ما لا يقل عن مائة ألف، تصاعد نقص الغذاء نظرا لعمليات النزوح الجماعي للسكان وتعطل الإنتاج الزراعي والبطالة والعقوبات الاقتصادية وارتفاع أسعار الطعام والوقود، إضافة إلى حرق المحاصيل الزراعية من قبل قوات نظام الرئيس بشار الأسد.

وقالت المنظمتان إن «الفرصة ضئيلة لضمان ألاّ تفقد الأسر المتضررة من الأزمة مواردها الحيوية من الطعام والدخل». وطلب برنامج الأغذية العالمي 7.41 مليون دولار لتقديم العون لنحو 768 ألفا لكنه لم يتلق حتى الآن سوى 3.‏3 مليون دولار. وذكرت المنظمتان أن هذا المبلغ يجب أن يتوفر قبل أغسطس (آب) لتوفير الأسمدة والبذور للمزارعين حتى يتمكنوا من زرع محاصيل أكتوبر (تشرين الأول) وإلا لن يتمكنوا من جني أي محصول للقمح قبل منتصف عام 2015.

وجاء في التقرير أيضا أن الصراع أثر بشدة على الثروة الحيوانية وأن إنتاج الدواجن انخفض بنسبة تزيد على 50% مقارنة بعام 2011 كما انخفضت أيضا أعداد رؤوس الأغنام والماشية. وذكرت المنظمتان أن إنتاج القمح انخفض إلى 4.‏2 مليون طن أي أقل بنسبة 40% من متوسط المحصول السنوي قبل الصراع الذي كان يتجاوز 4 ملايين طن.

وقال برنامج الأغذية العالمي الشهر الماضي إن الأسر السورية تلجأ بشكل متزايد للتسول طلبا للطعام نتيجة لنقص الغذاء وارتفاع أسعاره. وحذرت المنظمتان أيضا من مخاطر انتقال أمراض الماشية والأغنام إلى الدول المجاورة وقالتا إن الفلاحين يحتاجون إلى أمصال لمنع ذلك من الحدوث.

يشار إلى أن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي أصدر الأسبوع الماضي قرارا بـ«منع المغادرين من كل الأمانات الجمركية من إخراج أي مواد غذائية بصحبة مسافر؛ سواء أكانت هذه المواد سوريا المنشأ أم أجنبية سبق استيرادها إلى سوريا تحت طائلة مصادرة المواد المصطحبة والملاحقة بمخالفة التصدير تهريبا». ووفقا لوكالة الأنباء السورية (سانا) فإنه سيتم تطبيق الأحكام القانونية النافذة بشأن ملاحقة ومعاقبة المخالفين لأحكام منع اصطحاب المواد الغذائية، وتكليف مديرية الجمارك العامة بتنفيذ مضمونه والتقيد به، وذلك في أعقاب الصعود المطرد لسعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، والذي يتجاوز هذه الأيام سقف مائتي ليرة سوريا مقابل الدولار الواحد.

ويعاني السوريون من شح في توفر المواد الغذائية الأساسية في الأسواق، مع ارتفاع باهظ في الأسعار، وهناك نقص في مواد الحبوب والقمح والحليب والألبان عموما، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه واللحوم، بسبب الأوضاع الأمنية بالبلاد والتي انعكست سلبا على الإنتاج وعلى النقل. وتعمل الحكومة السورية حاليا على احتواء الأزمة عبر تفعيل خط الائتمان الإيراني لتمويل المستوردات من المواد الأساسية.

وفقدت آلاف العائلات السورية منازلها ومورد دخلها في مناطق واسعة من البلاد التي تعرضت للتدمير، ونزح قسم كبير منهم إلى مناطق أخرى في الداخل، وتوزعوا على منازل، وهؤلاء غير مسجلين لدى أي جهة، وقسم إلى مراكز الإيواء التي تشرف عليها الحكومة، وقسم ثالث يقيم في الحدائق العامة والشوارع، وينتشرون بكثافة في العاصمة دمشق، وتتلقى محافظة دمشق يوميا 18 طلبا من النازحين للإقامة في مراكز الإيواء، وتلبي المحافظة 5 أو 6 طلبات يوميا حسب توفر الشواغر في تلك المراكز البالغ عددها 23 مركز إيواء في مدينة دمشق فقط، وتفرض الحكومة شروطا على النازحين للسماح لهم بالإقامة في مراكز الإيواء التي أقيمت في مدارس ومنشآت حكومية، غير مجهزة للسكن، وتنفق محافظة دمشق شهريا 16 مليون ليرة، كمعونات غذائية للنازحين في مراكز الإيواء بحسب تقرير لجريدة «تشرين» (الحكومية).

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط