الإمارات: الثقافة والفكر والإعلام أساس مواجهة الإرهاب

أخبار

أكّدت دولة الإمارات، خلال أعمال الدورة الـ 43 لمجلس وزراء الخارجية لمنظمة التعاون الإسلامي، التي اختتمت أمس العاصمة الأوزبكية طشقند تحت شعار: «التعليم والتنوير: طريق إلى السلام والإبداع»، على موقفها الثابت بضرورة نبذ التطرف والإرهاب والطائفية ومحاربة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأهمية أن تكون المحاور الثقافية والفكرية والإعلامية ركنا أساسيا من إستـراتيجية محاربة الإرهاب للتصدي للأيديولوجية الإرهابية ومنع الخطاب الدينـي المتطرف… في حين ناقش وزراء خارجية دول المنظمة القضية الفلسطينية، والأوضاع في سوريا واليمن وليبيا، إضافة سبل مكافحة الإرهاب..

وهنأت معالي د. ميثاء بنت سالم الشامسي وزيرة دولة، خلال المؤتمر، الذي استمر يومين، جمهورية أوزبكستان عـلـى توليها رئاسة الدورة الـ43 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي وشكرتها على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال، مؤكدة دعم دولة الإمارات للجهود التي ستبذل خلال فترة الرئاسة. كما أعربت عن تقدير دولة الإمارات العربية المتحدة لدولة الكويت الشقيقة وبشكل خاص النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي على الإدارة الحكيمة والناجحة لأعمال الدورة الـماضية.

وقالت د. ميثاء الشامسي، التي ترأّست وفد الإمارات: «نجتمع اليوم ونرى من حولنا العالم الإسلامي يمر بظروف دقيقة فالتطرف والإرهاب والطائفية أصبحت آفة عالمية تسعى إلى تقويض بناء الدولة الوطنية وتمزق النسيج الاجتماعي والتوافق المجتمعي وتهدد الأمن الوطني والأمن الإقليمي وتهدد السلم والأمن الدوليين فليس خافيا علينا ما تتعرض له دولنا من أخطار داهمة تنال من سيادتها وأمنها وتهز إستقرارها وسعيها نحو رفاهية شعوبها».

وأضافت أنّ «الأيام أثبتت عدم فاعلية الحلول القائمة على إدارة هذه الأزمات وأن جهودنا الـمشتركة وجهود الـمجتمع الدولي يجب أن تنصب علـى إيجاد الـحلول الناجحة هذه الصراعات وأن تقوم منظمة التعاون الإسلامـي بلعب دور أكبـر ومؤثر فـي هذه الصراعات والأزمات من خلال طرح الـمبادرات والسعـي لبذل الـمزيد من الـجهود لإحتواء الأزمات والإحتقانات».

وقالت د. الشامسي: «إننا فـي دولة الإمارات تؤكد دائما علـى موقفها الثابت بضرورة نبذ التطرف والإرهاب والطائفية ومحاربة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأهمية أن تكون المحاور الثقافية والفكرية والإعلامية ركنا أساسيا من إستـراتيجية محاربة الإرهاب للتصدي للأيديولوجية الإرهابية ومنع الخطاب الدينـي المتطرف«.

وأشارت إلى أن دولة الإمارات اعتمدت فـي هذا الصدد من الآليات والوسائل ما يسعى إلـى حماية شبابنا من الوقوع فـي براثن التطرف والعنف فأنشأت مركزا لـمكافحة التطرف العنيف هو مركز»هداية«وتأسيس مركز»صواب«إلى جانب عرض الأليات على الأمانة الـعامة للمنظمة للإستفادة منها».

ولفتت إلى أن دولة الإمارات تؤمن إيمانا عميقا بقيم العدالة والقانون وتوفير مناخ متزايد من السعادة لمواطنيها والمقيمين فيها ويقترن هذا الإيمان بسياسات واقعية قامت بإعتمادها إنطلاقا من قناعتها بأن التنمية الحقيقية لا تعني الجانب الإقتصادي فقط وإنما تعني وبالدرجة الأولـى الإستثمار فـي البشر إستثماراً مبنيا علـى تطوير التعليم والاهتمام بمخرجاته فهو مصدر أساسي في ترسيخ قيم التسامح وقبول الآخـر كما يعد تمكين المرأة في بلادنا يمثل سياسة جوهرية إيمانا بدورها الإجتماعـي الرائد وإسهامها الفاعل فـي بناء الأجيال.

وذكرت أن دولة الإمارات العربية المتحدة إذ تجعل من البناء السليم للإنسان وسيلة وغاية سياسة وتشريعا فإنها تؤمن بأن الإطار اللازم لتحقيق هذا الـهدف يتمثل فـي الـحفاظ علـى الدولة الوطنية وتحصينها من عوامل التطرف والطائفية وحماية مؤسساتها وكفالة الإستقرار فيها. وقالت: «لا يمكن أن تشغلنا أزمات المنطقة عن قضيتنا الوطنية الرئيسية الـمتمثلة فـي سيادة دولة الإمارات عـلـى جزرها الثلاث: طنب الكبرى وطنب

الصغرى وأبوموسـى والـتـي تمت السيطرة عليها من جانب جمهورية إيران مخالفة لأحكام القانون الدولـي وميثاق الأمم الـمتحدة».

وأشارت إلى أن»الإمارات دعت ولا تزال الجارة الإيرانية لرد الـحقوق إلـى أصــحابها إما طواعية وإما باللـجوء إلـى الوسائل السلمية لـحل النـزاعات الدولية وعلـى رأسها اللجوء إلـى القضاء أو التحكيم الدوليين.. لافتة إلى أن ذلك من شأنه الحفاظ علـى العلاقات الودية وحسن الجوار فـي منطقة الخليج العربي وأن الإمارات لن تتخلى أبدا عن حقها فـي السيادة عـلـى هذه الجزر وفـي توجهنا هذا ما يؤكد تمسك دولة الإمارات بمرتكزات القانون الدولي«.

قلوبنا تدمي

ونوهت معاليها إلى أن فشل مجلس الأمن الدولي فـي إتخاذ قرار بشأن سوريا والقيام بواجباته المنوطة به فـي إيقاف ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق ساهم في إستمرار آلة القتل من دون أفق سياسي للخروج من هذه الأزمة الممتدة.. وقالت:»ن قلوبنا تدمى إذ نرى أبناء الشعب السوري الشقيق يهربون من الموت إلى الموت.. شعب تضطره ظروف القتال إلـى الإرتماء في مصير غامض يعرفون بدايته ولكن لا يدركون نهايته فضلا عن إمتهان كرامته«.

وأضافت:»إننا ندعم الحل السياسي للأزمة في سوريا القائم علــى أساس متطلبات بيان جنيف الأول بشأن الأزمة السورية ويما يحقق تطلعات الشعب السوري في تشكيل سلطة إنتقالية بصلاحيات كاملة تدير إنتقالاً للسلطة ينهـي دوامة القتل والعنف والتدمير ويوفر أرضية وطنية شاملة لبناء سوريا تستوعب كل مكوناتها الوطنية وتحارب الإرهاب وداعش والتطرف والطائفي”.

التوافق ودعم الشرعية

وأشارت د. الشامسي إلى أن الوضع في اليمن يتطلب منا عملا جادا ومتواصلا لتمكين الــحكومة اليمنية الشرعية من إستكمال العملية الإنتقالية والعبور بالشعب اليمنــــي الشقيق إلــى التوافق خروجا من الأزمة التي يعيشها.. مؤكدة أهمية الإلتزام الكامل بدعم الشرعية الدستورية وإحترام سيادة اليمن وإستقلاله ورفض التدخل في شؤونه الداخلية وأهمية الحل السياسي الذي يجب أن يستند على أسس ومرجعيات واضـــحة تتمثل في مظلة الشرعية والمبادرة الخليجية وإعلان الرياض ومخرجات الحوار الوطنــــي وقرارات جامعة الدول العربية ومجلس الأمن وبالأخص القرار 2216. وعبرت عن دعم الإمارات لـــجهود المبعوث الأممــــي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لإيجاد تسوية سياسية للأزمة اليمنية و كذلك دعم مبادرة اللــــجنة الرباعية التـــي عقدت في جدة.. مؤكدة أن الحل السياسي الذي يجمع اليمنيين دون تهديد بالمليشيات والسلاح هو الإطار السوي للخروج من أزمة هذا البلد الشقيق.

وأعربت الوزيرة عن استنكار دولة الإمارات العربية المتحدة وقلقها الشديدين من الإعتداء المتكرر للحوثيين على السفن في المياه الدولية في محاولة واضحة لإستهداف حرية الملاحة وتأجيج الوضع في المنطقة واليمن بشكل خاص.

الاحتلال يغذّي العنف

وأكّدت كلمة الإمارات على أنّ «التوصل إلى تسوية سلمية في منطقة الشرق الأوسط مسألة حيوية لمواجهة التوترات في المنطقة»، وعلى أن تحقيق السلام يتطلب إنسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ العام 1967 وتمكين الشعب الفلسطيني من بناء دولته الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية والإمارات العربية المتحدة تؤيد الوصول إلى تسوية سلمية قائمة على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وأضافت أنّ «الإجراءات الإسرائيلية التي تستهدف تهديد المسجد الأقصى الشريف وبناء الـمستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية لن تؤدي إلا إلى تغذية عوامل العنف والتطرف في المنطقة وإذكاء الصراع في الشرق الأوسط ونحن كدول إسلامية مطالبين أكثر من أي وقت مضى بالعمل الجاد على دعم صمود المواطنين الفلسطينيين في القدس الشريف ومساعدتهم على مقاومة سياسة التهويد الإسرائيلية والانتصار عليها».

وأشادت وزيرة الدولة د. ميثاء الشامسي بإرادة الـحكومة الصومالية والشعب الصومالي الذي حقق إنجازا علـى الصعيد السياسي عندما إعتمد منتدى القيادة الوطني فـي الصومال الخطة التي تحدد الجدول الزمني للإنتخابات.. مشيدة بجهود فخامة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود.. وأكد أهمية الوقوف إلـى جانب الشعب الصومالـي ودعم مشاريع التنمية فـي الصومال.

وفـي هذا الإطار شددت معاليها علـى إلتزام دولة الإمارات بتقديم الدعم الكامل للصومال من خلال تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية والإقتصادية والإنسانية لمصلحة الصومال وشعبه من أجل بناء مستقبل الصومال وتحقيق تطلعاته وآماله فـي الاستقرار والأمن والتنمية.

قلق على الروهينغيا

ولفتت إلى ما يتعرض له اللاجئون الروهينغيا والذي يبعث على القلق الشديد.. داعية فـي هذا الإطار جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى إتخاذ كل ما يلزم لمعالجة الوضع الإنساني الرهيب الذي يتعرضون له.

مبادرتان

وكانت جلسات الاجتماع تضمنت كلمة للرئيس الانتقالي لجمهورية أوزبكستان شوكت ميرزيوييف طرح خلالها مبادرتين أولاهما تأسيس مركز الإمام البخاري الدولي للأبحاث والذي سيكون مقره في مجمع الإمام البخاري في مدينة سمرقند على أن يعمل في إطار منظمة التعاون الإسلامي والثانية إنشاء كرسي خاص للعلوم الإسلامية في الجامعة الإسلامية في طشقند.

جدول أعمال ضخم

واستعرض الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي د. إياد أمين مدني في كلمته الأوضاع في العالم الإسلامي وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وما يعانونه من السياسة الإسرائيلية العدائية وفرض الحصار عليهم. وتطرق إلى معاناة الشعب السوري وتواصل القصف على المدن السورية والأوضاع في العراق واليمن ومالي وأفغانستان وأفريقيا الوسطى وجامو وكشمير وإقليم ناوغونو كاراباخ في أذربيجان ومأساة الروهينغيا المسلمة في ميانمار وأوضاع المسلمين في الفلبين وتايلند.

وتضمّن جدول الأعمال الوزاري العديد من القضايا من أهمها: القضية الفلسطينية وسوريا واليمن وليبيا إضافة إلى النزاعات في العالم الإسلامي وسبل مكافحة الإرهاب، ووضع الجماعات والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء بالمنظمة إضافة إلى القضايا الثقافية والاقتصادية، والتحديات التنموية التي تواجه العالم الإسلامي. ونظر وزراء الخارجية في 109 قرارات.. سبعة منها تتعلق بقضية فلسطين ومدينة القدس الشريف، و54 بالشؤون السياسية، في مقدمتها الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا ومالي والصومال وأفغانستان وجامو وكشمير وجمهورية أفريقيا الوسطى، إضافة إلى قضايا الجماعات المسلمة في الدول غير الأعضاء، خاصة ميانمار، ومكافحة الإرهاب والتطرف.

وفد الدولة

ضمّ وفد دولة الإمارات إلى جانب معالي د. ميثاء بنت سالم الشامسي كلاً من: سعادة محمد سعيد محمد الظاهري سفير الدولة لدى المملكة العربية السعودية، وسعادة يعقوب يوسف الحوسني مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون المنظمات الدولية، وسعادة محمد عبيد المزروعي المدير التنفيذي للشؤون الإسلامية في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وحمد عبيد الزعابي مدير إدارة المنظمات الدولية في وزارة الخارجية والتعاون الدولي، ود. خالد الملا رئيس قسم منظمة التعاون الإسلامي في وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وراشد المزروعي سكرتير ثالث في سفارة دولة الامارات في طشقند، وفضيلة الشيخ د.أحمد الحداد كبير المفتين ومدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، وعلي المرزوقي مدير ادارة شؤون الزكاة والصدقات في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي.

إعلان طشقند

نحن وزراء الخارجية ورؤساء وفود الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، المشاركين في الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، المجتمعين في العاصمة الأوزبكية طشقند يومي 17 و18 محرم 1438 ھ (18 و19 أكتوبر 2016)؛ تقديراً منا للدور الريادي لمنظمة التعاون الإسلامي في توحيد الجهود من أجل تقوية التعاون لما فيه الصالح المتبادل للدول الأعضاء، وذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية والتربوية والعلمية وغيرها من المجالات الحيوية، وإذ نرحب بمبادرة جمهورية أوزبكستان لعقد الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء الخارجية تحت شعار “التعليم والتنوير – طريق إلى السلام والإبداع”.

وإذ نقر بأنه في سياق تزايد حدة التوتر وعدم الاستقرار في مناطق عدة في العالم، واستفحال الأزمات القائمة، والمحاولات المتعمدة لتشويه صورة الدين الإسلامي الحنيف، وخلق جو من الصدام بين العالم الإسلامي وباقي الثقافات والديانات، تزداد الحاجة إلى تعزيز وعي المجتمع الدولي بأكمله بالجوهر الإنساني الحقّ للإسلام وسماحته وريادته في مجال التنوير الروحي.

وإذ نأخذ بعين الاعتبار ونقدر تقديراً عميقاً أهمية الإرث العلمي التَّليد الذي خلفه كبار العلماء والمفكرين من العالم الإسلامي، والدور القيِّم الذي أدّوه والدرجة الرفيعة التي بلغوها في تاريخ الحضارة المعاصرة خاصة وفي تاريخ الإنسانية جمعاء، ومساهمتهم القيمة في تحقيق النهضة العلمية والفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية عبر العالم.

وإذ نعرب عن بالغ تقديرنا للاهتمام الكبير الذي توليه قيادة جمهورية أوزبكستان للحفاظ على الإرث العلمي والثقافي والروحي وتعزيزه، وقيم الإسلام الأصيلة، ومنها الحق في العيش في جو يسوده السلام والطمأنينة والتسامح بين الناس على اختلاف أعراقهم وأديانهم وفي إطار الاحترام المتبادل والوئام، وكذلك تطوير النظام التعليمي وتحسين جودته، وتنشئة الجيل الصاعد على الجمع بين استيعاب القيم الإسلامية الإنسانية وامتلاك ناصية التطور العلمي.

وإذ نجدد التأكيد على الالتزام الكامل بأهداف ومبادئ منظمة التعاون الإسلامي، بما يحقق مصلحة الدول الأعضاء ويدعم السلم والاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة ويسهم في تطوير العلوم والتربية وفي التنوير في البلدان الإسلامية، وذلك في إطار التضامن الإسلامي وتنسيق العمل المشترك، نعلن ما يلي:

ــ تعرب منظمة التعاون الإسلامي والعالم الإسلامي أجمع عن عميق الأسى للرحيل المفاجئ للرئيس الأول لجمهورية أوزبكستان، فخامة السيد إسلام كريموف،السياسي المرموق المتشبع بروح الحداثة وأحد عظماء الأُمة الأوزبكية.

ــ نعرب عن تقدرينا الكبير للإسهامات العظيمة التي قدمها الرئيس الراحل إسلام كريموف في حياته لضمان وحدة صف الأمة الإسلامية، وصون وتدعيم السلم والاستقرار في منطقة آسيا الوسطى والعالم بأسره، إلى جانب جهوده في الاعتناء بالإرث الذي خلفه علماء ومفكرون أجلاَّء في العالم الإسلامي، والذود عن حياض الإسلام في المحافل الدولية باعتباره دين سلام وإبداع، فضلاً عن مساعيه في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على نحو متواصل ومستدام، وتربية النشىء على احترام القيم الحقَّة للدين الإسلامي الحنيف، وتطوير نظام تدريب الكوادر، وتكوين جيل من الشباب زاده التعليم الجيد والتوازن الفكري، وتقوية التفاهم والاحترام المتبادلين بين بلدان منظمة التعاون الإسلامي من خلال تعزيز مستوى التعاون الثقافي والإنساني في ما بينها.

ــ نؤكد أن منظمة التعاون الإسلامي استطاعت منذ إنشائها أن تتموقع بجدارة بين مصاف المنظمات الدولية المرموقة والمؤثرة، وأضحت أحد المنابر الأساسية للحوار للحفاظ على السلم الدولي والتصدي التحديات والتهديدات التي تواجهها الدول الأعضاء في وقتنا المعاصر. وفي هذا السياق، نحث الأمين العام على تكثيف الجهود من أجل الارتقاء بمستوى الأنشطة التي تنفذها المنظمة من أجل صون وحدة الأمة الإسلامية، وترسيخ أركان السلم والأمن على نحو دائم، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في الدول الأعضاء.

ــ نؤكد مجدداً على أهمية ضمان أمن الدول الأعضاء وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها وعلى احترام حقوقها، وعلى ضرورة حل المشكلات والنزاعات القائمة أو الناشئة عبر المفاوضات السلمية، مع استخدام الآليات الدولية السياسية والدبلوماسية والقانونية القائمة على المبادئ والمعايير المعترف بها عالميا في إطار القانون الدولي. وفي هذا الصدد، ندعم الهيكل الجديد الذي أحدثته منظمة التعاون الإسلامي في مجال السلم والأمن، كما ندعم الجهود التي يبذلها الأمين العام في هذا الاتجاه.

ــ نلاحظ أنه في ظل الظروف الحالية للقرن الحادي والعشرين الذي بات يُطلقُ عليه عصر العولمة وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والإنترنت، المتَّسم بتزايد وتيرة المنافسة بين دول العالم واتساع السوق العالمية، أضحى من اللازم إيلاء الأهمية القصوى للرفع من حجم الاستثمارات والمدخلات في تطوير الرأس المال البشري، وبناء جيل متعلم ومثقف، لما يشكله هذا الأمر من قيمة مهمة وقوة حاسمة في بلوغ أهداف التنمية الديمقراطية والتحديث والتجديد.

ــ ندعو الدول الأعضاء والمؤسسات المعنية في منظمة التعاون الإسلامي، في ضوء شعار هذه الدورة ” التعليم والتنوير – طريق إلى السلام والإبداع”، إلى مواصلة وزيادة توسيع نطاق برامجها وأنشطتها في مجال التعليم العالي، ولا سيما في إطار برنامج التبادل التربوي، وبذل الجهود لتحسين مستوى البرامج والدورات التدريبية، وتقوية الروابط بين مؤسسات التعليم العالي، وتعزيز المشاريع العلمية والبحثية المشتركة، وتوفير منح دراسية وبرامج للتدريب المهني.

ــ نسجل ضرورة نشر المعرفة بدين الإسلام المستنير، باعتبار ذلك وسيلةً مهمة لمحاربة إيديولوجيا الإرهاب والتطرف العنيف والتعصب الديني. ونقدر كذلك تقديراً بالغاً الجهود المبذولة على نطاق شامل لمناهضة التشدد والتطرف استناداً إلى القيم الحقَّة للإسلام وإقامة نظام تعليمي موسع يشمل المجال الديني. وفي هذا الصدد، نسجل الدور الإيجابي لأنشطة الجامعة الإسلامية في طشقند، والتي ارتقت إلى مصاف المؤسسات التعليمية الرائدة في آسيا الوسطى في مجال تدريب رجال الدين والعلماء الأكفاء.

ــ شدد على أن أساسَ تطور البلدان، من الناحيتين المادية والروحية، احترامُها العميق لتاريخها وإرثها الثقافي. وفي هذا الصدد، نقدر تقديراً بالغاً العمل الذي تقوم به الدول الأعضاء في مجال دراسة الإرث التاريخي والعلمي والثقافي والروحي والحفاظ عليه لفائدة الأجيال القادمة.

ــ نقر بضرورة تعميق فهم أعمال كبار العلماء والمفكرين المسلمين فهماً عميقاً، وتقييم الدور والمكانة التي يحتلونها في تاريخ الحضارة المعاصرة. ونؤمن أيضاً بأهمية إعطاء دفعة جديدة وقوية لتعزيز البحث الشامل والتعريف بالإرث العلمي القيم الذي خلفه هؤلاء، وتسليط الضوء على الأهمية البالغة لاكتشافاتهم ومناسبتها للعلوم والتنمية في الوقت الحاضر. وعلاوةً على ذلك، نرحب بجهود الدول الأعضاء، بما فيها جمهورية أوزبكستان، في مجال إحداث بنية حديثة تمكن من إخضاع هذا الإرث العلمي المعاصر والقيِّم للدراسة الشاملة وإشاعته. ونعرب كذلك عن بالغ تقدرينا لتشييد بناية جديدة لإيواء مكتبة “مركز المخطوطات الشرقية في معهد طشقند للدراسات الشرقية” بمساعدة سلطنة عمان.

ــ نجدد دعمنا الكامل لقضية فلسطين والقدس الشريف ولحقوق أبناء الشعب الفلسطيني الشرعية وغير القابلة للتصرف، بما فيها حقهم في تقرير مصيرهم وعودتهم إلى ديارهم. وفي هذا السياق، نعرب عن دعمنا لمبادرة السلام العربية للشرق الأوسط ولإيجاد حل عادل ومُنسَّق لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وذلك طبقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ووفقاً للقانون الدولي.

ــ نؤكد على ضرورة العمل من أجل تحقيق استقرار سريع للأوضاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأنحاء أخرى من القارة، بإيجاد حل سياسي عاجل للأزمات وفقا للمبادئ المنصوص عليها في ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، وانسجاماً مع المعايير الدولية المعترف بها عالميا، من أجل وضع حد لمعاناة الأشخاص وما ينجم عنها من هجرة وتشرد السكان المتضررين.

ــ نلاحظ أن التحقيق العاجل للسلام والاستقرار في أفغانستان عنصر مهم في المحافظة وتعزيز الأمن ليس في القارة الآسيوية الشاسعة فقط، بل أيضا في جميع أرجاء العالم. وإذ نؤكد مجدداً عدم وجود حل عسكري للمشكل الأفغاني، فإننا نؤيد تسوية النزاع الأفغاني من خلال تشجيع عملية تشاركية للمصالحة الوطنية والانطلاق من حقيقة أن هذه الجهود ينبغي أن تبذل بقيادة الأفغان ومن طرف الأفغان أنفسهم، دون وضع أي شروط مسبقة، وفي إطار الدور التنسيقي المحوري للأمم المتحدة في عملية التعاون الدولي بشأن أفغانستان. ونشيد بالمجهودات التي تبذلها منظمة التعاون الإسلامي من أجل عقد مؤتمر دولي للعلماء يهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية وإعادة السلام والأمن والاستقرار إلى أفغانستان.

ــ نؤكد مجدداً أن مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بجميع أشكالهما وتجلياتهما، والإنتاج غير المشروع للمخدرات والاتجار فيها، والاتجار غير القانوني في البشر والأسلحة والذخيرة والمواد المتفجرة، وانتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها ينبغي أن تظل من أولويات منظمة التعاون الإسلامي. ونحن مقتنعون أن هذه الظواهر الخطيرة لا يمكن التغلب والقضاء عليها إلا من خلال العمل المشترك، بصياغة تدابير لمعالجة أعراض المشكلة وجذورها في آن واحد. ونقدِّر تقديراً بالغاً إطلاق “مركز منظمة التعاون الإسلامي للمراسلات من أجل دحض الادعاءات الباطلة للجماعات المتعصبة والمتطرفة”، ونواصل الدعوة إلى تعزيز التعاون الوثيق في مجال الحرب على الإرهاب وفي مواجهة انتشار الفكر المتطرف، لاسيما في أوساط الشباب.

ــ نرحب بدخول معاهدة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا الوسطى حيز التنفيذ بتاريخ 21 مارس 2009، وهي المعاهدة التي أطلقها رئيس جمهورية أوزبكستان فخامة السيد إسلام كريموف في 28 سبتمبر 1993 خلال الدورة الثامنة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، لتصبح بذلك أول منطقة من هذا النوع تتكون من دول أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وفي هذا الصدد، ندعو جميع المناطق الأخرى من العالم إلى الاستفادة من هذه التجربة الإيجابية لإنشاء مناطق مماثلة في أقاليمها، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط.

ــ نعتقد أن دخول البروتوكول المتعلق بالضمانات الأمنية السلبية المقدمة لمعاهدة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا الوسطى حيز التنفيذ بصورة عاجلة بالنسبة لكل طرف في البروتوكول سيساهم إسهاماً كبيراً في تعزيز النظام العالمي المتعلق بحظر انتشار الأسلحة النووية، وضمان السلم والاستقرار الإقليمي والدولي.

ــ نعرب عن تقديرنا البالغ لاعتماد “برنامج العمل العشري لمنظمة التعاون الإسلامي حتى عام 2025” الجديد، ونحن واثقون أن تنفيذه سيسهم في زيادة تنمية التجارة والاستثمار، ونقل التكنولوجيا المتطورة، والنهوض بالقطاع الخاص، والتصنيع، والمجالات العلمية والتعليم في البلدان الإسلامية في القرن الحادي والعشرين.

ــ نؤكد مجدداً على الدور الرائد للجنة الدائمة للتعاون العلمي والتكنولوجي (كومستيك) في توحيد الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء في مجال تطوير العلوم، والابتكار والتكنولوجيا، وتشجيع البحث والبرامج المشتركة، ونناشد الدول الأعضاء المشاركَة بشكل فعّال في قمة منظمة التعاون الإسلامي حول العلوم والتكنولوجيا عام 2017.

ــ نؤكد على أهمية تبادل التجارب بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في ما يتعلق بمعالجة قضايا الكساد الاقتصادي، واستخدام التكنولوجيات المبتكرة، وتوفير مناخ ملائم للاستثمار والأعمال، وتنفيذ المشاريع المتبادلة النفع طويلة الأمد في المجالات ذات الأولوية والمتمثلة في التعاون وتطوير البنى التحتية. وفي هذا الصدد، نشيد بالدور الذي تضطلع به اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (الكومسيك) والمؤسسات الأخرى التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي في تشجيع التجارة والتبادل بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.

ــ ندعم الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي من أجل تنفيذ برامج وطنية للطاقة المتجددة وبناء اقتصاد مبتكر، وندعو إلى الاستمرار في دراسة الممارسات الدولية المثلى في هذا المجال.

ــ نلاحظ أنه في ظل ظروف استنفاذ الموارد الطبيعية وتفاقم المشاكل في مجال حماية وصون النظم الإيكولوجية والتنوع البيئي، فإن من الضروري إجراء بحوث وتجارب علمية واسعة النطاق في عدة اتجاهات من أجل استكشاف العالم من حولنا.

ــ نؤكد على الأهمية الخاصة لتطوير السياحة، باعتبارها أحد القطاعات الاقتصادية التي تساهم في تحقيق نمو مستدام وطويل الأمد، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم تقوية التفاهم المتبادل وتعزيز التسامح بين الشعوب والأمم.

ــ نرحب باختيار مدينتي المدينة المنورة (المملكة العربية السعودية) وتبريز (إيران) عاصمتين للسياحة الإسلامية في عامي 2017 و2018، على التوالي، خلال الدورة التاسعة للمؤتمر الإسلامي لوزراء السياحة، المنعقدة خلال الفترة من 21 إلى 23 ديسمبر 2015 في نيامي بجمهورية النيجر.

ــ نؤكد على الأهمية القصوى للرعاية الصحية في ضمان المستويات المعيشية المرتفعة ورفاهية المجتمعات ككل. وفي هذا السياق، ندعو إلى التنفيذ الفعلي والكامل لـ ” برنامج عمل منظمة التعاون الإسلامي الاستراتيجي المتعلق بالصحة 2014-2023″. ونرحب كذلك بتعزيز التعاون بين منظمة التعاون الإسلامي والشركاء الدوليين في مجال الرعاية الصحية.

ــ ندعم “برنامج عواصم الثقافة الإسلامية” الذي وضعته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) باعتباره عاملا مهما في حماية الإرث الثقافي وإحيائه، وتبادل الممارسات المثلى في مجال تعلم وتعليم اللغات، وتاريخ البلدان الإسلامية وثقافتها. وفي هذا الصدد، نرحب بإعلان مدينة بخارى في أوزبكستان “عاصمة للثقافة الإسلامية” عام 2020.

ــ نرحب بالمجهودات التي يبذلها معالي الأمين العام لمواصلة تعزيز تعاون منظمة التعاون الإسلامي وتفاعلها مع المنظمات الإقليمية والدولية، ولاسيما الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها.

ــ نرحب بتوقيع مذكرات بشأن التزامات الهند وباكستان قصد السعي للحصول على صفة دولة عضو في منظمة شنغاي للتعاون خلال اجتماع القمة لمنظمة شنغاي للتعاون المنعقد في 24 يونيو 2016 بطشقند، مما يعني انطلاق عملية انضمام هذين البلدين إلى عضوية منظمة شنغاي للتعاون؛ ونعرب عن أملنا في أن تسهم هذه العملية في تعزيز الثقة بين باكستان والهند، وفتح حوار بناء وتعاون فعلي متعدد الجوانب، وضمان الأمن والاستقرار في منطقتي جنوب آسيا وآسيا الوسطى.

ــ نعرب عن تقديرنا للجهود التي تبذلها دولة الكويت بصفتها رئيسة الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، من أجل تعزيز التضامن الإسلامي وتطوير الشراكة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. ونهنئ صاحب السمو أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بمناسبة حصوله على لقب قائد إنساني من الأمين العام للأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2014 اعترافاً بالدور الفعال الذي يضطلع به سموه في مجال العمل الإنساني، وكذلك على اختيار دولة الكويت مركزاً إنسانياً عالمياً.

ــ نرحب بالاقتراح الذي تقدمت به الكوت ديفوار من أجل استضافة الدورة الرابعة والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في أبيدجان، في شهر يونيو 2017.

ــ نعرب عن امتناننا للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، معالي السيد إياد أمين مدني، على دوره في خدمة مصالح الأمة الإسلامية والعمل الإسلامي المشترك قصد تحقيق الأهداف المحددة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.

ــ وفي ختام الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء الخارجية، نعرب عن تقديرنا العميق لشعب وحكومة أوزبكستان على حسن الضيافة وعلى التنظيم الجيد لهذا المؤتمر، مما ضمن نجاح الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء الخارجية المنعقد تحت شعار “التربية والتنوير – طريق إلى السلام والإبداع”.

المصدر: البيان