الإمارات تقدم مليار دولار وديعة مالية لمصر

أخبار

قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة وديعة مالية لجمهورية مصر العربية قدرها مليار دولار لدى البنك المركزي المصري لمدة 6 سنوات.

وقع الاتفاقية محمد سيف السويدي المدير العام لصندوق أبوظبي للتنمية وطارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، بحضور جمعة مبارك الجنيبي سفير الدولة المعين لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، وراشد الكعبي مدير إدارة الاستثمارات في صندوق أبوظبي للتنمية، وفاطمة خميس المزروعي الوزير المفوض بالسفارة، ونواب محافظ البنك المركزي المصري.

يأتي هذا الدعم في إطار التعاون والتنسيق الاستراتيجي بين البلدين، ومن منطلق موقف دولة الإمارات الثابت في دعم مصر وشعبها الشقيق، لتعزيز مسيرة البناء والتنمية، وتقديراً لدورها المحوري في المنطقة.

روابط تاريخية

وقال السويدي: «إن هذه الوديعة تأتي تعزيزاً للروابط التاريخية الوثيقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، والتي جاءت بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة».

وأضاف أن العلاقات بين الإمارات ومصر نموذج مشرف للعلاقات الأخوية بين الدول العربية، مشيراً إلى أن الإمارات قدمت خلال السنوات الماضية حزمة من المساعدات الاقتصادية للحكومة المصرية، لتمكينها من تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتجاوز التحديات التي يمر بها اقتصادها.

وأشار إلى أن وديعة الصندوق في البنك المركزي المصري سيتم استغلالها في تمويل مشاريع تنموية في القطاعات الأساسية التي تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية، في إطار استراتيجيات الحكومة المصرية التنموية في هذا المجال.

من جانبه، أشاد طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري بالجهود الكبيرة والبناءة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة، في سبيل مساعدة الحكومة المصرية على النهوض بالاقتصاد الوطني، وتمويل المشاريع الإنمائية التي تنعكس أثارها الإيجابية على حياة الشعب المصري.

وأضاف «وديعة صندوق أبوظبي للتنمية في البنك المركزي جاءت في الوقت المناسب»، لافتاً إلى أنها ستعمل على دعم الاحتياطي النقدي في البلاد، كما أنها ستساهم في استقرار سعر صرف الجنيه خلال الفترة المقبلة.

استثمارات مباشرة في مصر

وأوضح أن دولة الإمارات من أهم الدول التي لديها استثمارات مباشرة في مصر، وهناك العديد من الشركات الإماراتية تعمل بمصر في قطاعات اقتصادية متنوعة، وتعتبر الإمارات أيضاً من أهم الدول التي تقدم دعماً غير مشروط للاقتصاد المصري.

كما أعرب عن شكره وتقديره للتعاون الذي أبداه صندوق أبوظبي للتنمية، ورغبته في المساهمة بتمويل المشاريع التنموية في مصر، مؤكداً أهمية دور الصندوق في تمويل المشاريع التنموية بمصر، وذلك ضمن قطاعات أساسية مثل، الإسكان والطرق والتنمية الزراعية، وغيرها من المشاريع المهمة في البلاد.

ويشار إلى أن صندوق أبوظبي للتنمية ساهم ومنذ عام 1974 في تمويل نحو 17 مشروعاً تنموياً في جمهورية مصر العربية ضمن قطاعات متنوعة، والتي انعكست بشكل مباشر وفعال على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وساهمت في تحقيق أهداف ورؤية الحكومة المصرية وخططها وبرامجها التنموية المتنوعة.

صندوق أبوظبي للتنمية

يذكر أن «صندوق أبوظبي للتنمية» هو مؤسسة وطنية تابعة لحكومة أبوظبي، تأسس عام 1971، بهدف مساعدة الدول النامية عن طريق تقديم قروض ميسرة لتمويل مشاريع تنموية في تلك الدول، إضافة إلى استثمارات ومساهمات مباشرة طويلة الأجل، كما يقوم الصندوق في الوقت ذاته بإدارة المنح الحكومية التي تقدمها دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال الإشراف والمتابعة المباشرة على آلية تنفيذ وسير المشاريع، حيث قدم وأدار الصندوق منذ تأسيسه أكثر من 73 مليار درهم إمارتي لتمويل برامج ومشاريع تنموية تزيد على 481 مشروعاً تنموياً في 78 دولة حول العالم.

أكدوا أن المبادرة تعكس مدى قوة العلاقات بين البلدين الشقيقين

خبراء ومحللون: الوديعة تعزز الثقة في الاقتصاد المصري

حسام محمد، أحمد مراد (القاهرة)

أشاد عدد من الخبراء والمحللين بقيام دولة الإمارات بإيداع وديعة بمليار دولار لدى البنك المركزي المصري، مؤكدين أن هذه الخطوة ستسهم في دعم الاقتصاد المصري، وتؤكد حرص الأشقاء الإماراتيين، قيادة وشعباً على دعم مصر.

وأكد الدكتور رفعت العوضي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر والخبير الاقتصادي المعروف، أن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم تلك الوديعة إلى البنك المركزي المصري يصب بلا شك في مصلحة الاقتصاد المصري، ويعد بمثابة دعم اقتصادي ضخم لا يتوقف على حجم المبلغ، ولكنه دلالة على وقوف الإمارات بقوة وراء مصر، وهو ما سيمنح الكثير من القوى الاقتصادية الدولية إشارة على أن مصر تسير في طريقها الصحيح، مشيراً إلى أن دوائر المال، عندما ترى دولة قوية اقتصادياً بحجم الإمارات تدعم المصريين بتلك الطريقة سيتوجهون باستثماراتهم إلى مصر بثقة كبيرة.

وأضاف العوضي: المبادرة الإماراتية إضافة إلى دعمها الجهود المصرية في مواجهة أزمة العملات الصعبة، فإنها تمنح المستثمر في الخارج ضوءاً أخضر بإمكانية المجيء والاستثمار في مصر بنوع من الأمان، وهو ما يعني أن المبادرة الإماراتية تؤكد حرص الأشقاء الإماراتيين، قيادة وشعباً على دعم مصر، والإشارة إلى العالم كله أن مصر بها الكثير من الإمكانيات الاستثمارية غير المستغلة.

وتابع: نأمل أن تسعى الحكومة المصرية إلى الاستفادة من تلك المبادرة القوية من أجل الترويج الجيد للاقتصاد المصري حول العالم، وتقديم الإمكانيات الاستثمارية التي تذخر بها مصر، مقرونة بثقة الاقتصاد الإماراتي، فمن الممكن مثلاً الترويج للاستثمار في مجال الطاقة، كذلك على الحكومة العمل وبجد على تذليل الاستثمارات في مصر، خاصة وأن المبادرة جاءت في توقيت جيد وسليم، ولابد من البناء عليها وبقوة.

عين الإمارات

من جانبه، أكد الدكتور ضياء رشوان نقيب الصحفيين المصريين الأسبق أن ما فعلته دولة الإمارات يؤكد عمق الأواصر التي تربط الشعبين الإماراتي والمصري وأن عين الإمارات الشقيقة دائماً على الواقع المصري، وتعمل على دفع مصر إلى الأمام بمختلف السبل بهدف أن تقوم مصر من عثرتها، وتتبوأ مكانتها الصحيحة بين الأمم، وقال: التاريخ يؤكد أن الإمارات تقف خلف مصر دوماً، ولم تتردد أبداً في تقديم يد المساعدة لمصر حكومة وشعباً، وبلا شك، فإن تلك المبادرة جاءت اليوم في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها المصريون لتمثل يداً حانية ترفع بعض المعاناة عن الاقتصاد المصري، وتقول لكل مواطن إن هناك أشقاء لك في الإمارات يدعمونك، ولن يتركوك وحدك في الملمات، وأنا أرى أن التاريخ المصري سيقف طويلاً بالتقدير والإعجاب للدعم الإماراتي غير المحدود لمصر والمصريين، وندعو الله أن يأتي يوم نتمكن فيه من رد جميل الإمارات، حكومة وشعباً.

مفاجأة

وقال عزت بدوي رئيس مجلس إدارة دار الهلال الأسبق: إن المبادرة الإماراتية جاءت في وقتها المناسب، ونتمنى أن تستفيد منها الحكومة المصرية بقوة في دعم الاقتصاد الوطني، خاصة وأن الدولة الشقيقة حرصت على تطويل فترة الوديعة بشكل غير مسبوق لتعطي لمصر الفرصة في الاستفادة منها بقوة، ونحن نقول لأهل الخير، أبناء زايد الخير، وإخوانهم من حكام الإمارات، إن الشعوب لا تنسى أبداً القادة الذين يدفعون الغالي والنفيس من أجل دعم إخوانهم، ولهذا احتل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مكانة كبيرة في قلوب المصريين حيث وقف دوماً خلف مصر في الظروف كافة، وأثبت أنه بحق الحاكم المسلم الغيور على دينه وأمته، وطبق الحديث الشريف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وقد ورّث أبناءه حب مصر، والحمد لله، والدليل أن مواقف الإمارات حيال كل القضايا تشهد أنهم لا يتأخرون أبداً عن دعم مصر التي وضعوها نصب أعينهم دوما، ونشهد الله أننا نفاجأ كثيراً بمواقف الإمارات التي تصب في مصلحة الشعب المصري.

ووصف الخبير الاقتصادي الدكتور محمد عبدالحليم عمر أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بأنه مبادرة طيبة تساهم في تخفيف حدة الأزمة التي يعانيها الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة، خاصة مع ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه المصري.

وقال: تأتي المبادرة الإماراتية الأخيرة، في إطار حزمة من المساعدات الاقتصادية التي قدمتها الإمارات لمصر في أعقاب ثورة 30 يونيو، وقد لعبت هذه المساعدات دوراً مؤثراً في الحفاظ على استقرار الاقتصاد المصري حتى الآن، خاصة في ظل ظروف اقتصادية صعبة يشهدها العالم كله، وليست مصر فحسب.

وأكد أن الوديعة من شأنها أن تزيد من حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، وهو في غاية الأهمية بالنسبة للاقتصاد المصري، مشدداً على ضرورة أن تتخذ الحكومة المصرية إجراءات سريعة من أجل إنقاذ الجنيه المصري من الانهيار أمام العملات الأجنبية المختلفة.

وأعرب عن تقدير الشعب المصري البالغ لقيادة وحكومة وشعب دولة الإمارات، والتي اعتاد منها الشعب المصري المواقف المساندة والداعمة له في الظروف الصعبة، وهو الأمر الذي ظهر جلياً في الفترة التي أعقبت ثورة 30 يونيو، والتي شهدت مصر فيها حالة من الارتباك الشديد أثرت بشكل سلبي على الأوضاع الاقتصادية.

وقال: إن الأمر الآخر الذي يجب الإشارة إليه، هو أن مصر شهدت في السابق أوضاعاً أسوأ من الوضع الراهن، وقد تجاوزت مصر هذه الأوضاع، وتحسنت مؤشرات الأداء، وبالتالي فإنه من المتوقع أن تتحسن مؤشرات الأداء مرة أخرى، ولاسيما مع الانتهاء من المشروعات القومية التي يجرى العمل فيها الآن، والتي ستضيف لمصر مكاسب اقتصادية مهمة تحسن من الوضع الاقتصادي.

وأشاد المحلل السياسي الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بالخطوة، مؤكداً أن هذه الوديعة تعكس مدى قوة العلاقات الإماراتية المصرية، والتي شهدت تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة.

وقال: إن الإمارات تعي جيداً أبعاد الوضع المصري، وهناك مشاورات ومباحثات دائمة تتم بين الجانبين على مختلف المستويات، وهناك رغبة إماراتية مؤكدة للوقوف إلى جوار مصر حتى تستعيد عافيتها من جديد، بعد سلسلة من الأزمات المتتالية التي ضربتها على مدى السنوات الخمس الأخيرة.

وأكد أن دولة الإمارات صاحبة مواقف طيبة تجاه القضايا المصرية، وهذا الأمر ليس جديداً عليها، حيث بدأ منذ أيام المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، والذي كانت مصر تحظى بمكانة كبيرة في قلبه، وقد قدم لها العديد من المبادرات، وهناك العديد من المعالم المصرية التي تحمل اسم الشيخ زايد.

المصدر: الاتحاد