الدوحة تتاجر بالقطريين

أخبار

الجنسية من الحقوق الطبيعية غير القابلة للتنازل أو السحب إلا في حالة نادرة هي الخيانة العظمى بعد أن يصدر فيها حكم قضائي باتّ.

إلا أن «تنظيم الحمدين» في قطر لجأ أخيراً إلى اللعب بورقة جنسية مواطنيه من دون احترام للدستور القطري أولا، أو لحقوق الإنسان والقوانين والمواثيق الدولية ثانيا، ومن دون اعتبار للحقوق الولادية التي يكتسبها القطري بمجرد ولادته ثالثا.

والحق في الجنسية غير القابل للتنازل أو المزايدة تترتب عليه حقوق وواجبات على حامل الجنسية بصفته مواطنا، ولا يجوز أن تصبح الجنسية ورقة مساومة أو وسيلة ضغط أو ابتزاز تمارسه الدولة ضد مواطنيها. بل من باب أولى فإن الدولة -أياً كانت- مطالبة بتهيئة كل وسائل الحياة من الضروريات والمحسنات ما يزيد من رابطة الانتماء للبلد.

وإذا كان «تنظيم الحمدين» يسرف في تجنيس الأجانب من الرياضيين من لاعبي كرة القدم وألعاب القوى، وهم في غالبهم ليسوا عرباً ولا يحسنون النطق حتى باسم قطر، فكيف يستقيم الأمر بتجريد من يحمل بالأصالة لقب قبيلة المري والهاجري من جنسيته، وهو القطري القح، الذي ينتمي إلى التراب القطري بالفطرة.

أي الناس أحق بقطر من ولد على ترابها وترعرع فيها وتربطه أواصر الدم والرحم بغيره من المواطنين، أم شذاذ الآفاق الذين تحركهم شهوة المال، وتتغلب عليهم نوازع الثراء على مقتضيات الضمير والأخلاق؟

أسرف «تنظيم الحمدين» في انتهاك حقوق الشعب القطري، وبات يلعب بالنار التي ستحرقه في نهاية الأمر. إن استخدام النظام القطري لورقة الجنسية والتلاعب بها، في وجه المواطنين القطريين أمر خطر وغير مقبول. فالنظام يستخدم الورقة لقمع الشعب وإسكات صوت المعارضين الذين لا يتفقون مع توجهات النظام في تحويل البلاد إلى ملاذ آمن للإرهابيين وكناسة الإيديولوجيات التي عفا عليها الزمن، وصيادي الثروات والمنافقين وماسحي الجوخ و«المحبظاتية». والقطريون الأقحاح الذين ليس لهم وطن غير «قطر» يسوؤهم أن يعمل «تنظيم الحمدين» على مخاصمة الجغرافيا والتاريخ، والتباعد عن المحيط العربي الخليجي، والإغراق في الارتماء في أحضان الفرس والعثمانيين و«الإسرائيليين». فالقطري القح يجد نفسه قريبا وتجمعه القواسم المشتركة مع أشقائه في الخليج العربي والدول العربية الأخرى. ولا يمكن أن تكون إيران أو تركيا أو «إسرائيل» بديلاً مقبولاً أو منطقياً أو مريحاً عن الأخوة الخليجية والرابطة العربية.

لم تذنب القبائل القطرية الأصلية المغضوب عليها والمسحوبة جنسيات أفرادها إلا أنها صدعت بالحق، ورفضت الأباطيل والهرطقات التي يروج لها «تنظيم الحمدين» ضد الأشقاء في السعودية والإمارات والبحرين ومصر. فالقبائل القطرية أبعد نظراً وأكثر انتماءً من سدنة «تنظيم الحمدين»، وهي ترى أن ما أمر الله به أن يوصل لا يمكن أن يفصمه التنظيم المأزوم المضطرب التفكير الفاقد للتوازن والذي ما عاد يدرك ما يفعل، ولا إلى أين يسير.

الأنباء المؤكدة عن إيداع أكثر من عشرين شخصا من الأسرة الحاكمة (آل ثاني) السجن دليل آخر على التخبط والعزلة التي يعيشها «تنظيم الحمدين». فحتى العقلاء من آل ثاني يدركون أن التنظيم الحاكم أخطأ وأمعن في الخطأ، ولما نصحوا له أخذته العزة بالإثم، وقرر ألا يسمع إلا صوته، وأن يقمع من يجأرون بالحق والمناصحة، فيودع من يشاء منهم السجون، ويجرد الآخرين من جنسيتهم.

إيغال «تنظيم الحمدين» في نهجه الخاطئ لم يمزق اللحمة الخليجية فحسب، بل شق المجتمع القطري نفسه ومزق نسيجه الاجتماعي، ولم يعد النظام معبراً عن الشعب القطري، بل عن مصالح دمى على سدة السلطة.

المصدر: الخليج