السعودية: 80 مليار دولار حجم الأعمال المدارة من قبل سيدات

أخبار

كشفت سيدات أعمال سعوديات لـ«الشرق الأوسط»، عددا من التحديات التي تعرقل نمو مشاريع استثمارية تدار بعقلية سيدات الأعمال تتجاوز الـ80 مليار دولار، التي تتمثل في عدد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومراكز التدريب.

وقالت سيدة الأعمال نشوى طاهر لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من أن أعمال سيدات الأعمال في السعودية تتنامى بمعدل 50 في المائة منذ عشرة أعوام، فإنها للأسف لا تزال تعرضها لكثير من التحديات».

وأضافت أن أبرز التحديات تتمثل في غياب خطة عمل واضحة من قبل بعض الجهات الحكومية ذات الصلة تجاه عمل المرأة، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن بعض الجهات الحكومية والمؤسسية خصصت أقساما للمرأة، فإنها تفتقد للاستقلالية الكافية لتسيّر متطلباتها، حيث إنه لا يزال الرجل يتولى الأمر نيابة عنها.

وتعتقد أن تعدد مرجعية إصدار القرارات المتعلقة بعمل المرأة، خلق نوعا من التضارب، الذي كبّد قطاع الأعمال النسائي في السعودية خسائر مادية كبيرة، وحدّ من انطلاقه بالشكل المأمول.

وأكدت أن هناك على سبيل المثال إطلاق مسميات على مجالات عمل مثل المشاغل والكوافير والأندية الصحية، غير أنها لم تبت في تعريفها بشكل واضح، بل لم تستطع أن تصل فيها لاسم متفق عليه حتى الآن، مما جعل هناك ضبابية في تحديد مجالات عمل المرأة.

وشددت طاهر على أن حتى الجهات المعنية بتقديم القروض لصاحبات المنشآت الصغيرة سواء البنوك أو الصناديق المخصصة لذلك، تمارس نوعا من المماطلة في تمويل المرأة، ونوعا من التفرقة بين الجنسين في ذلك، حيث إنها تفضل تمويل الرجل على المرأة.

أما سيدة الأعمال رانية سلامة رئيسة لجنة شابات الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية بجدة، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن شريحة صاحبات الأعمال اللاتي يملكن منشآت ويدرنها تحت الـ40 عاما، يتراوح حجمها بين متناهية الصغر وصغيرة، أي لا يتجاوز عدد موظفيها 50 موظفا، ولا يتجاوز رأسمالها مليون ريال.

وأرجعت الأسباب وفق تقرير لصعوبة الحصول على تراخيص أو أحيانا الجهل بآلية الحصول عليها، وكذلك صعوبة المنافسة على الفرص المتاحة في السوق والوصول إليها بسبب وجود صاحب القرار في القطاع الحكومي أو الخاص في القسم الرجالي بالمنشآت الكبيرة في القطاع الخاص.

وكذلك الشيء نفسه في القطاع الحكومي وفق سلامة، عوضا عن الارتباطات الاجتماعية بالزوج والأسرة، في حين أن التعليم العام غالبا لا يحتوي على برامج تساعد على تشكيل المهارات الشخصية والريادية لدى الفتاة من وقت مبكر لتكون مؤهلة بمهارات التواصل والمنافسة ومواجهة التحديات.

وقالت سلامة: «هذه التحديات، أفرزت كثيرا من مشاريع الفردية الصغيرة التي توجد دون منافسة حقيقية أو إضافة إلى الاقتصاد المحلي، ويصعب حصولها على التمويل من الصناديق الحكومية أو البنوك، لذا توجد حاجة ماسة إلى العمل على تنمية المشاريع القائمة وتأهيلها بالأدوات اللازمة، ومن جهة أخرى التفكير في نشر ثقافة الاندماج وعقد الشراكات فيما بينها لتشكل قوة في السوق وتتجه تدريجيا نحو المنافسة بخطى ثابتة ومدروسة».

وقالت هدى الجريسي رئيسة اللجنة الوطنية النسائية بمجلس الغرف السعودية لـ«الشرق الأوسط» إن عدد المشاريع الاستثمارية والاقتصادية التي تمتلكها سيدات أعمال سعوديات تجاوز الـ100 ألف مشروع يتجاوز حجمها الـ300 مليار ريال (80 مليار دولار).

وأكدت أن عدد سجلات سيدات الأعمال بمجلس الغرف حسب إحصائية 2012 بلغ 72494 سجلا، بينما عدد المنتسبات للغرف التجارية السعودية عامة بلغ 38750 منتسبة.

وكان تقرير اقتصادي تناول الصعوبات والمعوقات الاستثمارية، التي تواجه سيدات الأعمال في السعودية، من خلال ما رصدته الأقسام النسائية والإدارات المعنية بالغرف التجارية.

ولفتت هدى الجريسي إلى أن التقرير الذي أعدته اللجنة، تناول الصعوبات التي تواجه سيدات الأعمال في مجال السياسات، والتنظيمات الإجرائية، وتخطيط القوى العاملة النسائية، والتعامل مع الأقسام النسائية في الجهات الحكومية، بجانب صعوبات عامة.

وتمثلت الصعوبات المرتبطة بالسياسات وفق الجريسي، في عدم تفعيل بعض الجهات المعنية للبند الأول من قرار مجلس الوزراء الخاص بتوجيه الجهات الحكومية، التي تصدر تراخيص لمزاولة الأنشطة الاقتصادية لاستقبال طلبات النساء من أجل استخراج التراخيص اللازمة لمزاولة تلك الأنشطة، التي تمنحها هذه الجهات وإصدارها وفقا للأنظمة والضوابط الشرعية.

كما تمثلت أيضا في صعوبة إصدار التراخيص للمنشآت الموظفة للنساء على الشوارع العامة، مثل المطاعم والمقاهي النسائية ومراكز خدمات الطالبات، وصعوبة التنقل لعدم وجود وسائل نقل عامة.

بينما انحصرت الصعوبات المتعلقة بالتنظيمات الإجرائية في طول إجراءات استخراج التراخيص الخاصة بالاستثمارات النسائية، ومحدودية الأنشطة النسائية المسموح بفتحها على الشارع العام، وعدم السماح بمزاولة عدد من الأنشطة النسائية المرتبطة تحت سقف واحد، كمراكز التدريب والتوظيف واللغات وغيرها.

ومن الصعوبات أيضا، تباين تطبيق الإجراءات البلدية من منطقة لأخرى وعدم وضوح آليات تنفيذ المشاريع من قبل مسؤولي البلديات، وتضارب متطلبات استخراج مزاولة العمل التجاري للمرأة من قبل الجهات ذات العلاقة، وعدم تفعيل قرار مجلس الوزراء القاضي بتخصيص أراض ومناطق داخل حدود المدن وتهيئتها لإقامة مشاريع صناعية تعمل فيها النساء.

كذلك عدم وجود ربط إلكتروني للجهات المصدرة للتراخيص فيما بينها لتسهيل وتسريع إجراءات استخراج التراخيص، بالإضافة إلى عدم تفعيل الحكومة الإلكترونية لدى كثير من الجهات المصدرة للتراخيص، ومطالبات أصحاب المشاريع بتفويض معقبين ومراجعات لمتابعة معاملاتهم شخصيا.

واستعرض الصعوبات المرتبطة بعدم إشراك سيدات الأعمال في تخطيط القوى العاملة النسائية، ومن أبرزها نقص الكوادر النسائية المؤهلة المطلوبة في سوق العمل، في حين حدد التقرير الصعوبات الخاصة بالتعامل مع الأقسام النسائية في الجهات الحكومية، في عدم تفعيل قرار مجلس الوزراء القاضي بإنشاء أقسام نسائية حكومية في جميع المدن.

وتضمنت الصعوبات العامة تعدد الرسوم على صاحب العمل من قبل الجهات الحكومية المختلفة، وضعف المبالغ المخصصة لدعم المشاريع النسائية، وصعوبة الحصول عليها، إضافة إلى صعوبة الحصول على تأشيرات للكوادر النسائية.

ونادين بتشكيل لجنة عليا من الجنسين، لمتابعة تنفيذ القرارات المتعلقة بالاستثمارات النسائية وعمل المرأة في القطاع الخاص، وحث صناديق التنمية على تقديم المزيد من التسهيلات التمويلية والائتمانية لجذب الاستثمارات النسائية، وتوسيع قاعدة الإنتاج للعنصر النسائي بحيث لا يقتصر دور المرأة على الاستهلاك فقط.

وشددن على ضرورة تعاون هيئة المدن الصناعية مع الغرف التجارية الصناعية لتوفير مراكز معلومات خاصة بالاستثمارات والمشاريع النسائية، وتسليط الضوء على التجارب النسائية الناجحة، ورصد جائزة سنوية لأفضل المشاريع النسائية، إضافة إلى إيجاد قسم نسائي في الهيئة، لتسهيل عملية التواصل بين الهيئة والمستثمرات والعاملات في المجال الصناعي.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط