بترايوس: المعركة حققت «المفاجأة التكتيكية».. وستستمر شهوراً طويلة

أخبار

وصف الجنرال ديفيد بترايوس، القائد السابق، للقوة متعددة الجنسيات في العراق ومدير الاستخبارات الأمريكية الأسبق أن معركة الموصل ستكون «بالغة الصعوبة» وأنها ستستمر ل«شهور طويلة» مشيراً إلى أنه يختلف مع قائد القيادة الأمريكية المركزية في الشرق الأوسط الذي قدر مدة المعركة بأكثر من عام، وأن العامل الحاسم فيها يعتمد إلى أي مدى سيكون «داعش» مستعداً للمقاومة، بدلاً من الانسحاب في ظل الخلافات والقتل والتصفيات التي تجري داخل التنظيم.

وأكد باتريوس أن المعركة حققت عنصر «المفاجأة التكتيكي» عبر استمرارها في فتح جبهات متعددة من اتجاهات مدينة الموصل كافة عوضاً عن خسارتها لعنصر «المفاجأة الاستراتيجي» الذي يعني مباغتة العدو، ولفت في الوقت نفسه إلى أن داعش أعدت نفسها جيداً عبر حفر الأنفاق والخنادق لكنه يرى أن القوات العراقية ستكسب المعركة في النهاية.

حذر الجنرال بترايوس الذي كان القائد العسكري الذي أسقط مدينة الموصل عند غزو العراق وصار حاكماً لها لسنوات قبل قيادته للقوات الأمريكية في بغداد، من عدم وضوح الرؤية حول ما بعد تحرير الموصل، وطريقة إدارتها تبعاً للتعقيد الاثني والمذهبي الموجود في محافظة نينوى، معتبراً أن عدم الاتفاق على هذه النقطة، سيوفر أرضا خصبة لنمو بذور التطرف من جديد في المنطقة والعراق بأكمله.

وقال الجنرال ديفيد بترايوس في مقابلة مع جودي ودفورد على قناة «بي بي اس» الأمريكية عن معركة الموصل التي انطلقت قبل أيام قليلة: بطبيعة الحال «ستكون مواجهة ومعركة صعبة جداً جداً، وليست مماثلة للمعارك السابقة التي خاضها الجيش العراقي في السابق نظراً لأن مدينة الموصل هي أكبر بكثير من المدن التي تم تحريرها من داعش على مدى العامين الماضيين»، على الرغم أننا ساعدناهم – أي الجيش العراقي – على إعادة تشكيل قواتهم، وتجهيزها وتدريبها، وهناك أسطول من العربات العسكرية لديهم الآن إلى جانب تبادل المعلومات الاستخبارية وتقديم النص والمشورة.

وحول انتقادات مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب لخطة تحرير الموصل كونها كانت مكشوفة، والأعداء من داعش يعلمون كل مراحلها ما جعلهم مستعدين بشكل جيد، قال الجنرال باتريوس «هناك خلط في المعاني، يجب أن نميز بين ما يسمى عنصر المفاجأة الاستراتيجية، وهو أمر غير ممكن، عندما تكون متحركاً بعشرات الآلاف من الجنود والآلاف من المركبات والخدمات اللوجستية وكل شيء آخر، والمفاجأة التكتيكية، التي أعتقد أنها تحققت على الأرجح إلى حد ما في الموصل، عندما شنت القوات العراقية العملية قبل عدة أيام، واستمرت في فتح هجمات جديدة، إذا صح التعبير، من الشمال والشمال الشرقي، بالإضافة إلى تلك التي كانت في اليوم الأول والتي أتت من الجنوب ومن الجنوب الشرقي ومن الشرق، هنا نجد أن عنصر المفاجأة التكتيكي حدث على أرض المعركة».

لكنه الجنرال بترايوس عند سؤاله عن تقييمه للمعركة عاد وقال «ستكون مواجهة صعبة للغاية، عبر قتال عنيف في المدينة خاصة أن المعارك في المدن الحضرية صعبة بطبيعتها، كما لا ننسى أن العدو كان موجوداً هناك لسنين، وحفر أنفاقاً لإدارة المعركة وحفر الخنادق المليئة بالنفط المشتعل لإعماء قواتنا، وسوف يستخدم القناصة، حيث نتوقع أنهم سيكونون في كل بيت وفي كل حي وهو ما سيعقد عملية تطهير الأحياء»

وأضاف الجنرال بترايوس: هناك المدنيون الموجودون داخل المدينة يشكلون عائقاً، مشيراً إلى أنه عندما كان يقود الفرقة المجوقلة 101 في الموصل كان عدد السكان نحو مليوني شخص، ولكن مع حالة الفرار التي حدثت فإن العدد المتبقي يقدر ب 1.2 مليون مواطن حالياً، وقال: «صحيح هناك من رحل وذهب إلى معسكرات اللاجئين، ولكن الكثير منهم ما زالوا محاصرين في المدينة ويستخدمهم داعش دروعاً بشرية، وهو ما يشكل عاملاً معقداً لقوات الأمن العراقية والبشمركة وبالفعل يؤثر على عناصرنا التي تدعمهم في المعركة».

وحول تصريحات قائد القيادة المركزية الأمريكية بأن معركة الموصل يمكن أن تستمر لعام كامل قال الجنرال بترايوس «لا أعتقد ذلك مع احترامي له أعتقد أنها ستستغرق شهوراً. لكن مفهوم بالنسبة لي أنه بنى توقعه على أسوأ الاحتمالات، وأعتقد أنها بالفعل تتحرك أسرع من المتوقع» وأضاف «لقد قلت لك إن مقاتلي داعش المتبقين في المدينة ربما يصل عددهم إلى 5000 أو 6000 ويدركون أنهم أشخاص ميتون لا محالة، وليس هناك شك في أن القوات العراقية مع كل المساعدات التي وفرناها لهم قادرين على السير وتحرير المدينة».

ولكن بترايوس واصل في القول: إن السؤال الذي يفرض نفسه هو إلى أي مدى مقاتلي داعش سيستميتون في المقاومة ؟.. وهناك تقارير بالفعل تتحدث عن حالات فرار كبيرة في أوساط التنظيم كما هناك كثير منهم أعدم والقادة يحاولون مغادرة المدينة كذلك.

وأضاف: في الواقع.. أن واحداً من الأسئلة الكبيرة هو، أين البغدادي زعيم التنظيم ؟ هل هو من المحاصرين هناك مع أحد خبراء المتفجرات أم أنه في الواقع يحاول الهرب إلى الغرب والعودة عبر الحدود إلى سوريا «واستطرد قائلا: ولكن، مرة أخرى، لا شك أن قوات الأمن العراقية هي التي ستسيطر، ولكن السؤال الأكبر هو ما سيلي ذلك وقال «لقد أوضحت في كتابة لي قبل بضعة أشهر، على سبيل المثال، أن التضاريس البشرية في محافظة نينوى وعاصمتها الموصل هي الأكثر تعقيداً في كل العراق، هناك أغلبية من العرب السنة، ولكن هناك أيضاً جيوب من العرب الشيعة وهناك التركمان منهم سنة وشيعة، والجميع لديهم أحزاب سياسية وهي ليست على اتفاق مع بعضها، وهناك أعداد كبيرة من المسيحيين الذين عوملوا بشكل فظيع من داعش ويرغبون في العودة إلى مناطقهم وهناك اليزيديين وهناك الشبك».

وواصل بترايوس القول: كل من هذه المجموعات يريد العودة ويريد أن يكون له دور في الحكم الذي يلي التحرير ويريدون تعهد اًواضحاً بضمان حقوقهم وتمثيلهم كأقلية إذا لم يكونوا من العرب السنة بالإضافة إلى الأغلبية السنية العربيةالتي تبحث عن حقها في الحكم، وقال، إن هذا سيكون صعباً جداً جداً. لقد فعلت ذلك في وقت مبكر من عام 2003 عندما كنت القائد هناك ولكن كان لدينا 28000 جندي أميركي و 254 طائرة هليكوبتر. وكانت لدي سلطة كوني قائد احتلال بموجب اتفاقية جنيف، ولم أتردد صراحة في استخدام هذه السلطة، وأضاف «ليس هناك الآن قوة تعادل هذه القوة والسلطة في هذه المرحلة، لذلك ستكون طريقاً طويلة جداً من المفاوضات السياسية المكثفة والمعقدة مع الأفراد والمجموعات التي لديها مخاوف وعواطف وآلام حدثت طوال الطريق إلى الموصل».

وحول دور الولايات المتحدة في حل هذه المعضلة بالمقارنة مع مقترح ابتعادها عن بحث هذه النقطة الشائكة قال الجنرال بترايوس «من الضروري أن الولايات المتحدة يقع عليها دور يجب أن تلعبه فشاهدنا السفير وقائد القوات الجنرال بريت ماجورك قد أمضيا وقتاً في التنقل بين بغداد وأربيل في محاولة للمساعدة في تعزيز هذا المفهوم»، لكنه عاد وقال: ولكن هذا يعتمد على أي مدى يمكن أن نقوم بذلك، نحن يمكن أن نشجع، يمكننا أن ندفع، بل يمكننا أن نتملق، لكن لا يمكننا إجبار أحد، لأن العراقيين هم الذين سيبقون جنباً إلى جنب في آخر المطاف، مع الاعتراف أننا إذا لم نستطع حل هذه المعضلة، ستظل هناك أرض خصبة وسيتم زرع حقول منها ببذور التطرف، بل عودة داعش نفسها».

المصدر: الخليج