تجربة الإمارات في الإصلاح الإداري رائدة ويحتذى بها عالمياً

أخبار

تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، انطلقت صباح أمس فعاليات المؤتمر العربي الرابع للإصلاح الإداري والتنمية تحت عنوان «الإدارة بين القطاعيين الحكومي والخاص: نحو التميز المؤسسي»، بفندق باب القصر في أبوظبي بمشاركة نحو 300 مشارك ينتمون إلى 15 دولة عربية. 

حضر المؤتمر كل من أحمد محمد الحميري، الأمين العام لوزارة شؤون الرئاسة، والدكتور الصادق الهادي المهدي، وزير تنمية الموارد البشرية في السودان، رئيس الجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، وسليمان بن عبد الله الحمدان وزير الخدمة المدنية في السعودية، رئيس المجلس التنفيذي للمنظمة، ومحمد بن عبد القادر، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بتحديث الإدارة وبالوظيفة العمومية في المغرب، عضو المجلس التنفيذي للمنظمة، وموسى محمود أبو زيد رئيس ديوان الموظفين العام بدولة فلسطين، عضو الجمعية العمومية للمنظمة، وأحمد أبو العزم رئيس مجلس الدولة في مصر، وعمر محمد صالح أمين عام مجلس الوزراء في السودان.

أكد عدد من الخبراء والمختصون في المؤتمر أن دولة الإمارات قطعت شوطاً كبيراً في مجال الإصلاح الإداري وتحديثه، حيث حققت من خلاله نقلة نوعية من الإبداع والابتكار والتميز في أدائها الحكومي، مشيرا إلى أنها تجربة الإمارات تجرية رائدة عالميا ويحتذى بها بين الدول العربية والعالمية.

وأشاروا إلى أن تطبيق طموحات وسياسة الدولة وتوجهاتها في مجال الارتقاء بالأداء في الخدمة العامة وتنمية عناصرها البشرية على أرض الواقع، هو بمثابة اجتياز كافة التحديات التي تواجه القطاعين العام والخاص، حيث إن الإمارات في فترة وجيزة حققت نقلة تاريخية في تطبيق أهدافها في تدعيم ركائز التنمية الإدارية.

وأشاد الدكتور الصادق الهادي المهدي، بجهود سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، الدائمة ورعايته الكريمة لمثل هذه المؤتمرات المهمة، التي تؤكد حرص دولة الإمارات على اهتمامها الدائم في الإصلاح والتطوير، مشيراً إلى أنه ليس بالشيء الغريب على أصالة الشعب الإماراتي الذي اشتهر منذ فجر التاريخ الإنساني على الكرم وحسن الضيافة.

وقال: إن الإصلاح صنو التنمية بين القطاعين الحكومي والخاص، وهما متلازمان تلازم الحقوق والواجبات، ووجهان لعملة واحدة، حيث إن الإصلاح الإداري يمثل رأس الرمح وذروة سنام الإصلاح بمفهومه الشامل، والإدارة هي القاطرة التي تقود السياسة والاقتصاد والاجتماع والتنمية في المحطة النهائية للمنظومات الثلاث.

ومن جانبه، ثمّن الدكتور ناصر هتلان القحطاني مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية في بداية حديثه، جهود دولة الإمارات ورعايتها ودعمها اللامحدود لهذا المؤتمر، مشيرا إلى أن هذا الدعم يعكس اهتمام دولة الإمارات وقيادتها الكريمة بما يخدم التنمية العربية، وما يعكس الدور الكبير لدولة الإمارات في دعم منظومة العمل العربي المشترك في إطار جامعة الدول العربية ومؤسساتها بما في ذلك المنظمة العربية للتنمية الإدارية.

وأضاف: قيل إن فشل الدول ونجاحها هو انعكاس لنجاح الإدارة أو فشلها ونحن نقول إنه لا تنمية شاملة ومستدامة بدون تنمية إدارية فاعلة وأنه لا تنمية إدارية بدون إصلاح حقيقي ولا إصلاح بدون عمل مؤسسي يضمن مشاركة الجميع، ويضمن المساءلة والمحاسبة وما تتطلبه الحوكمة من إجراءات وضمانات.

وقال: لقد كانت المقارنات في الماضي بين التجارب العربية وغيرها من التجارب في أقصى الغرب أو أقصى الشرق ضربا من المبالغات واللاواقعية واليوم، نشهد تجارب عربية رائدة لفتت الانتباه عربياً ودولياً وفي مقدمها تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة ليتأكد لنا أن الفرصة متاحة للجميع وأن الكل يستطيع تحقيق الإنجاز عندما تتوافر القيادة الطموحة والرؤية الواضحة والإرادة الجادة والإدارة الفاعلة ضمن شروط أخرى.

وقال سليمان بن عبدالله الحمدان وزير الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية: لا يمكن أن ننكر أن القطاع العام على الأقل في دولنا قد أخذ على عاتقه خلال الأعوام الماضية القيام بالدور الرئيسي في إدارة التنمية، إلا أنه من جانب آخر اعتقد أن الوقت قد حان لأن تتواكب قدرات هذا القطاع مع حجم المسؤوليات الجسيمة التي يجب أن يضطلع بها في التنمية المستدامة، خاصة بعد أن تنوعت مهام الوظيفية وتغيرت متطلباتها ودخلت فيها التقنية بشكل كبير، وأهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص خصوصا في ظل تغير مفهوم الدولة للخدمات.

وأشار إلى أهم 8 شروط أساسية يرتقي من خلالها القطاع العام من أهمها ترشيد وضبط الجهاز الإداري الحكومي في حدود الحاجة الفعلية بما يحقق الكفاءة والفاعلية في الأداء ويواكب المستجدات والتغيرات في جميع المجالات، وتقنين التوظيف الحكومي والاستعاضة عن ذلك بتنمية الموارد البشرية عن طريق الارتقاء بكفاءة الموظفين وتطوير مهاراتهم والتوسع في استخدام التقنية والعمل على هندسة الإجراءات، والعمل على زيادة درجة التوافق بين حجم الجهاز الإداري والحكومي وبين متطلبات العمل وظروفه، ونشر ثقافة التميز في الأداء بين مختلف العاملين وتعميقها والاستفادة من الأساليب الحديثة، وتنمية الموارد البشرية عن طريق التخطيط للقوى العاملة وأساليب اختيارها، وتبني المفاهيم الحديثة في توصيف العلاقة بين كل مقدم خدمة، وتبني المفاهيم الحديثة في توصيف العلاقة بين كل مقدم خدمة في القطاع العام، وإقرار الأنظمة والتشريعات التي تساعد على تطبيق مبادئ الحوكمة، والانفتاح على القطاع الخاص والتوسع في عملية الخصخصة المتوازنة.

وأوضح الدكتور عادل عبد العزيز السن مستشار المنظمة العربية للتنمية الإدارية، والمنسق العام للمؤتمر أن المؤتمر يأتي امتداداً للجهود والمبادرات التي تنظمها المنظمة في عقد منتديات تعالج القضايا والاتجاهات الجديدة التي تربط بين الإدارة والتنمية حيث تناولت النسخ الثلاث السابقة لمؤتمر الإصلاح الإداري والتنمية دور قوانين الوظيفة العامة والخدمة المدنية والموارد البشرية في تحقيق التميز المؤسسي.

وقال: يناقش المؤتمر خلال جلساته كيف يمكن تقييم التقدم المحرز في جهود التنمية والإصلاح المؤسسي، حيث يغطي جلسات المؤتمر مجموعة من الخبراء الدوليين والعرب المتخصصين والممارسين في مجالات الإدارة العامة وإدارة الأعمال والاقتصاد والقانون والقضاء، إضافة إلى ممثلي عدد من المنظمات الدولية المعنية وهي: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (ESCWA)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).

وكشف أن عدد المشاركين والمشاركات في المؤتمر ما يقرب من 300 مشارك ينتمون إلى 15 دولة عربية، مشيرا إلى أن مسيرة التميز المؤسسي تتطلب إرادة مجتمعية قوية ورؤية مستقبلية طموحة ولدينا مصادر وخبرات عالمية في التفوق التنموي والتميز المؤسسي يمكن أن ننهل ونستفيد منها.

أكد الدكتور أحمد عبد الله النصيرات المنسق العام لبرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز حديثه بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي،رعاه الله،«لو كانت الإدارة العربية جيدة لكانت السياسة العربية جيدة والاقتصاد العربي جيداً والإعلام العربي جيداً والخدمة الحكومية جيدة».

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «الإدارة والتحديات الجديدة للتنمية»، ترأسها عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق في جمهورية مصر العربية، وشارك فيها كل من الدكتور أحمد عبدالله النصيرات وأحمد صقر عاشور مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية الأسبق، والدكتور رفعت الفاعوري، رئيس جامعة اليرموك في المملكة الأردنية الهاشمية.

واستعرض النصيرات الفترة التي عاشتها دبي في المرحلة السابقة قائلا: «كنا حكومة تقليدية لا يوجد بها مرجعيات وكانت الأمور تمشى بالبركة إلى أن أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد برنامج التميز الحكومي في العام 1997، وبفضل ذلك البرنامج أصبحت الإمارات دولة عالمية في التفكير والمبادرات والبرامج والإنجازات، وصارت البلاد يقودها وزراء للذكاء الاصطناعي والسعادة والتسامح وهي وزارات ليست للاستعراض، وإنما لديها عمل كبير، ويحاسب الوزراء على أدائها.

وقال إن دبي في طريقها لتصبح الأولى عالميا في مجال تطوير قطاع المال والأعمال من خلال مؤشرات الأداء الحكومي التي تدلل على جودة الخدمات، ومن بين تلك الخدمات رخص البناء والتسهيلات الجمركية، وكهرباء ومياه دبي التي أصبحت الأولى عالميا في تقديم خدمات الطاقة، ومطار دبي الذي استقبل 90 مليون مسافر، موانئ دبي العالمية التي تشرف على 263 ميناء في العالم وهناك 3 دول تأخذ تجربتها من جمارك دبي، ويأتي ذلك نتيجة وجود رؤية واضحة من الحكومة الرشيدة يطبقها الجميع.

وأكد أن مؤشرات القياس حول رضا الناس هي التي تساعد على تقدم الدول، مشيراً إلى أن 92% هي نسبة رضا الناس عن الأداء الحكومي، و81% رضا الموظفين عن أدائهم في المؤسسات الحكومية في دبي، موضحاً أن الشكاوى تتركز على قطاع البنوك والشركات ولكن القطاع الحكومي يخلو من تلك الشكاوى.

وأشار إلى أن الحكومة بدأت في إعداد برامج تدريبية لنقل المعرفة للموظفين عبر تطبيقات ذكية يتلقى الموظف خلالها تدريبا كاملا، مشيراً إلى تلقى 10 آلاف موظف في حكومة دبي لتلك التدريبات، كما تم تطبيق برنامج الجيل الرابع الحكومي باستقدام خبراء من خارج الدولة، مضيفا «مؤسساتنا صارت تتنافس على الخير والابتكار».

ومن جانبه، حذر البروفيسور رفعت الفاعوري رئيس جامعة اليرموك بالأردن في ورقته التي قدمها بعنوان «المتوالية الهندسية للتنمية في المستقبل» من الخطر القادم الذي يواجهه العالم العربي وقال إن التكنولوجيا ستجتاح العالم وستقلل من الوظائف القائمة وبحلول 2030 ستختفى الوظائف بنسبة 50% بينما ستزداد اختفاء في العام 2050 بنسبة 70 %، أما قطاع الصناعات فإن السيارات ستتحول إلى سيارات كهربائية بنسبة 70% متسائلاً: «هل نحن مستعدون لهذه التغييرات؟».

ودعا إلى ضرورة أن تتحول الدراسة بالجامعات لتصبح «عن بعد» باعتباره التعليم المستقبلي، مشيراً إلى أن الأردن بعد عامين ستتحول جامعاتها لذلك النوع من الدراسة مشدداً على ضرورة تعلم اللغة الانجليزية.

من جانبه قال الدكتور بدر عثمان مال الله مدير عام المعهد العربي للتخطيط بدولة الكويت في ورقته «حوكمة الإدارة العامة والتحديات التنموية» أن الدول العربية لم تحقق ما حققته دول شرق آسيا في إطار الموارد البشرية، بسبب ضعف المؤسسات الحكومية التي ساهمت في إعاقة النمو والتقدم الاقتصادي والاجتماعي.

وأوضح الدكتور أحمد صقر عاشور أستاذ الإدارة الاستراتيجية والموارد البشرية بجامعة الإسكندرية في ورقته بعنوان «روافع التنمية العبقرية» التي قال إنها مصطلح جديد يعزز من مفاهيم التنمية المستدامة، حيث إن التقدم التنموي لم يعد يعتمد على المزايا النسبية، وإنما يعتمد على المزايا التنافسية التي تقوم على عوامل جديدة قائمة على الابتكار والكفاءة وجودة البشر.

المصدر: الخليج