«تنظيــم الحمدين» يخنـق القطـريين بالقواعد العسكرية الأجنبية

أخبار

في ظل اللغط المثار حول ما تردد بشأن اعتزام الدوحة إقامة قاعدة عسكرية إيرانية على أراضيها لتنضم إلى القاعدتين الأميركية والتركية الموجودتين على الأراضي القطرية، يصف محللون وخبراء استراتيجيون وعسكريون قطر بأنها منقوصة السيادة، مع وجود تلك القواعد على أراضيها وفي ظل صغر مساحتها، بينما الشعب القطري لا حول له ولا قوة، يعيش حالة اختناق، ويقف مكبل اليدين أمام سياسات «تنظيم الحمدين» التي تركت القرار القطري بيد الآخرين.

وكشفت الأزمة، التي تعانيها قطر في ضوء مقاطعتها من الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، مدى هشاشة الدوحة وضعف سياسييها وعجزهم عن اتخاذ القرار بمفردهم، وفشلهم في المواجهة، حتى إن أول الخيارات كانت بالنسبة إليهم هي اللجوء إلى دول أخرى للاستقواء بها، لا سيما تركيا وإيران، بما يؤكد تلك السيادة المنقوصة، في ظل ضعف الخبرة السياسية لحكام الدوحة.

ويثير استغراب المراقبين السياسيين والعسكريين موضوع انتشار القواعد الأجنبية في قطر، وهل هي لـ«حماية البلد»، أم لأغراض أخرى، ومنها تدمير المنطقة.

السعودية

وأجمع خبراء عسكريون سعوديون على أنه على القيادة القطرية ألّا تتشدق بأن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تريد أن تنتقص من سيادتها الوطنية، مؤكدين أن هذه السيادة منقوصة أصلاً بوجود القواعد العسكرية الأجنبية، سواء الأميركية أو التركية، أو ما تردد عن وجود عناصر من الحرس الثوري في الدوحة واعتزام إقامة قاعدة إيرانية هناك، موضحين أن النظام القطري لا يستطيع حالياً أن يحوّل دولاراً واحداً إلى الخارج إلا بعلم الأميركيين، ما يجعل حديثها عن السيادة مثيراً للسخرية.

وأكدوا لـ«البيان» أن قطر تخضع حالياً لوصاية أجنبية انتقصت من سيادتها الوطنية، من خلال السماح لقوات تركية وإيرانية بحمايتها مما تتوهم به من تهديدات إقليمية، ما يمثل عبثاً حقيقياً بالأمن القومي العربي والإقليمي، بعد أن تأكد جيرانها من أنها تستخدم القواعد العسكرية المنتشرة على أراضيها قواعد في لعبة سياسية قذرة.

وقال الخبير العسكري حسين بن عبد الله الزهراني إن قطر هي آخر دولة يمكن أن تتحدث عن السيادة المنقوصة، وهي الوحيدة في كل المنطقة العربية التي تستضيف عدداً كبيراً من القواعد العسكرية الأجنبية ومن دول مختلفة ومتباينة في سياساتها تجاه المنطقة، مثل تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وإيران، مشيراً إلى أن قطر تضم على أراضيها عساكر من كل حدب وصوب يأمرون القطريين ويوجهونهم يمنياً ويساراً بذريعة التدريب.

وأوضح الزهراني أن قطر رسمياً توجد فيها «قاعدة العديد» في غربي الدوحة، وهي قاعدة جوية عسكرية ضخمة تستوعب أكثر من 100 طائرة على الأرض، ما جعل بعض العسكريين يصنفونها أكبر مخزن استراتيجي للأسلحة الأميركية في المنطقة، كما أن بها أطول مدرج للطائرات في العالم، وتضم مقراً للقيادة المركزية الأميركية، ومقراً لمجموعة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.

وأضاف أن «سيادة قطر لم تنتقصها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، بل تنتقصها قواعد العديد والسيلية، والقاعدة التركية، والإيرانية المنوي إقامتها»، مشيراً إلى أن «النظام القطري واثق في قرارة نفسه بأن سيادته محفوظة من جهة أشقائه في دول التعاون الخليجي، التي سبق أن تدخلت عسكرياً لحماية السيادة الكويتية إبان الغزو العراقي للكويت.

وتدخلت في البحرين عندما تعرضت سيادتها للتهديد، وهي مستعدة للتدخل في قطر لحماية سيادتها من أي تهديد خارجي، وفقاً لمواثيق الدفاع الجماعي لمجلس التعاون الخليجي، ولكن قطر أرادت أن تخالف وتشاكس أشقاءها الذي لا يريدون منها سوى الالتزام بمواثيق المجلس، وبالمعايير التي تحفظ أمن المنطقة واستقرارها».

من جهته، اعتبر العميد متقاعد د. معيض العوفي أن «قطر هتكت سيادتها بيدها من خلال الوجود العسكري الأجنبي غير المبرر على أراضيها، وقبلت طواعية، بسبب عنادها لأشقائها، بأن تكون تحت الوصاية الأميركية والألمانية والتركية، حيث أعلنت الأخيرة عن رغبتها في نشر 3000 جندي في القاعدة التركية التي تشكل أول وجود عسكري تركي من نوعه في الشرق الأوسط، فلماذا تفتح قطر المجال للأطماع التركية التاريخية في المنطقة؟».

وأضاف أن «قطر لم تنتقص من سيادتها الوطنية فقط بالقاعدة العسكرية التركية، بل هددت أمن المنطقة على اعتبار أن هذه القاعدة ستجعل لتركيا نفوذاً في المنطقة، وذلك لأول مرة منذ الحقبة العثمانية، وهو ما لم تكن تحلم به أنقرة في يوم من الأيام، حيث ظلت تتطلع إلى أن يكون لها نقطة ارتكاز في منطقة الخليج العربي، إذ إنها تريد تأمين مصالحها في الغاز القطري.

وفي الوقت ذاته تنفذ أجندتها «الإخوانية» المشتركة مع قطر في تهديد وتغيير التركيبة السياسية في المنطقة، من خلال سيناريو مختلف عما سمي كذباً بـ«ثورات الربيع العربي» التي فشلت، بل دمرت دولاً عدة».

البحرين

في البحرين، أعرب عدد من السياسيين عن شجبهم اتجاه الحكومة القطرية إلى تأزيم الأوضاع، وفتح الأبواب للتدخلات الأجنبية وعسكرة الأزمة، موضحين أن «وجود القواعد العسكرية سيدفع المنطقة إلى المزيد من الاحتقان».

وأكدوا لـ«البيان» من العاصمة البحرينية المنامة أنه «لا مخرج من الأزمة إلا بتجفيف منابع الإرهاب القطري، ووقف التمويل والإعلام المساند، لأن الدول الأربع ثابتة على مطالبها الشرعية، ولن تساوم عليها».

وأوضح الكاتب والمحلل السياسي صلاح الجودر أن «المتابع لتطورات الأحداث في الخليج يرى أن ردود الأفعال عند الحكومة القطرية تسير في اتجاه التأزيم، فالوساطة الكويتية قوبلت بالرفض، والتحرك الأميركي والفرنسي رأى السلبية في الموقف القطري».

وعن تنامي القواعد الأجنبية بقطر، قال إن «وجودها سيدفع الأوضاع إلى مرحلة الاحتقان، وتساؤلي هنا: لماذا هذا الكم الهائل من القوات الأجنبية على الأراضي القطرية الصغيرة؟ وهل يستدعي الموقف كل ذلك؟».

وأضاف أن «الأزمة في الخليج تنحصر في وجود قواعد للتنظيمات الإرهابية على الأراضي القطرية، والدعم والمساندة المالية والإعلامية التي توفرها قناة الجزيرة، ومن هنا فإن السلوك القطري يكشف عن الارتباط المباشر مع الميليشيات التي ترمي إلى زعزعة استقرار المنطقة، ولا مخرج للأزمة إلا بتجفيف منابع الإرهاب».

ويقول الكاتب عثمان الماجد إن «الغريب أنه عندما يدور الحديث عن ضرورة استجابة قطر لمطالب الدول الأربع ترتفع عقيرة إعلامها بالحديث عن السيادة وما تمثله هذه المطالب، بحسب زعمهم، من انتهاك لها، في الوقت الذي تسمح هي لنفسها بالتمادي في انتهاك سيادة الدول الأخرى، وتقديم الدعم المالي إلى المنظمات الإرهابية، وتؤمّن لها الملاذ الآمن، فضلاً عن القواعد العسكرية الأجنبية».

وأضاف أن «حديث القطريين عن انتهاك السيادة فيما يتعلق بالمطالب فيه غش وتدليس، ثم هل لنا أن نطرح على حكام قطر هذا السؤال: هل يجوز الحديث عن السيادة، والمبالغة في توظيف هذه المفردة في الإعلام، في حين أصبح عدد أفراد القواعد الأجنبية في قطر يقارب عدد سكانها».

وأردف الماجد أن «هناك في قطر قاعدة أميركية عملاقة، وهي الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، وأخرى تركية، ويدور الحديث عن اتفاق على إنشاء قاعدة ثالثة إيرانية، وإيران كما نعلم في عداد الدول المعادية لدول مجلس التعاون بالتأكيد. ولها آثار ملموسة تتمثل في احتلالها جزراً إماراتية ثلاثاً، ودور واضح في الأعمال الإرهابية في كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية».

من جهتها، ترى الكاتبة فاطمة الصديقي أن «قطر أصبحت كالقارب الذي فقد بوصلته وسط أمواج متضاربة، يجهل قائد السفينة إلى أين يتجه، قارب يحمل شعباً وعناصر إرهابية متطرفة وانقلابيين».

وتقول إن «القرارات القطرية منذ الأزمة عشوائية وغير متزنة، ففي الوقت التي ترفض مطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بذريعة أنها انتهاك للسيادة، تترك القارب بما حمل للسيادة التركية والإيرانية في تحديد المصير القطري من خلال إنشاء قواعد عسكرية، وهذا يؤكد تماماً أن السيادة القطرية بيد الإرهاب والتطرف».

وأكدت الصديقي أن «من حق الشعب القطري أن يشارك في تحديد مصيره، خصوصاً مع فتح الأبواب للقواعد العسكرية، التي يهدف من هم وراءها إلى استنزاف الثروات القطرية وتفتيت المنطقة. وفي الوقت الذي تضيق فيه الدول الأربع الخناق على الإرهاب الإيراني، تفتح حكومة الدوحة ذراعيها مرحّبةً به».

مصر

تساؤلات عن الحاكم الفعلي لقطر يطرحها مؤسس المخابرات القطرية الخبير العسكري والاستراتيجي المصري اللواء محمود منصور، الذي يعتقد بأن قطر «بلا سيادة على الإطلاق، ذلك أن قرارها ليس بيدها في الأساس، ولا يُعرف من يُحرك الدوحة ويتخذ قراراتها على وجه التحديد ومن يحكمها فعلياً، فهل هو أحد الحمدين؟ أم أنه تميم؟ أم القرارات تأتيهم من القاعدة العسكرية الأميركية أو من الحرس الثوري الإيراني أو من الأتراك؟!».

ويشدد منصور لـ«البيان» على أن «قطر وإن كان لا يُمكن تمييز طبيعة اتخاذ القرار بداخلها ومن الذي يحكمها فعلياً، فإننا نميز حقيقة الخوف والرعب غير المحدودين اللذين دفعا أحد الحكام المفترضين لهذه الدويلة إلى أن يستدعي كل من هب ودب لنجدته في الأزمة التي يعانيها حالياً».

ويرى مراقبون أن الدوحة ارتمت في أحضان الأتراك والإيرانيين عقب انكشاف أمرها وفضح سياساتها الداعمة والممولة للإرهاب، ووجدت الدول الثلاث ضالتها، في الوقت الذي تمسك فيه الولايات المتحدة العصا من المنتصف، وتتعامل مع الملف من منطلق براغماتي بحت، ما عكس تناقض مواقفها وتصريحات مسؤوليها عن الأزمة الراهنة.

ويعتقد وكيل جهاز المخابرات الأسبق الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء نبيل ثروت بأن قطر تحاول أن تستقوي وتستنجد بقوى أخرى في مواجهة دول المقاطعة، ومن ثم جاءت القاعدة التركية، ويدور الحديث عن قاعدة إيرانية كذلك، جنباً إلى جنب قاعدة العديد الأميركية غربي الدوحة، في إطار مساعٍ قطرية لإثبات أن لها ثقلاً ووجوداً في المنطقة، برغم أن دول المقاطعة، ولربما كل دول العالم، بدأت تدرك دون شك حقيقة أن قطر دولة حامية وراعية للإرهاب.

ويوضح الخبير المصري أن سياسة قادة قطر هي «الكذب» دائماً، تماماً مثل سياسة الإعلام القطري وقناة الجزيرة، ويسعى حكام قطر لإقناع الشعب القطري بأن وجود مثل تلك القواعد هي لأمنه ولمصلحته وللحفاظ عليه، برغم أن تلك القواعد بلا شك تمثل انتقاصاً من السيادة القطرية على أرض الواقع، مشيراً إلى احتمالية نقل القاعدة الأميركية من قطر خلال المرحلة المقبلة، إن اتخذت الولايات المتحدة قراراً نهائياً بذلك في ضوء الأزمة الراهنة.

وبينما يشكك الخبير العسكري المصري اللواء جمال مظلوم في إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية إيرانية على الأراضي القطرية، لا سيما أن الولايات المتحدة التي لديها قاعدة عسكرية في قطر لن تقبل بذلك، ومن ثم فالأمر مستبعد عملياً وسياسياً، فإنه يؤكد، في السياق ذاته، أن السيادة القطرية منقوصة على أراضيها منذ سنوات عديدة، لا سيما في ضوء القاعدة الأميركية، وأخيراً القاعدة التركية.

ويشير إلى أن البلد الذي يحتوي على قواعد عسكرية لبلد آخر أياً كان، عادة ما يكون منقوص السيادة، لا سيما أنه في الغالب ليس مسموحاً لهذا البلد أن يعرف ما يدور داخل القاعدة، مشدداً على اعتبار قطر منقوصة السيادة بصورة واضحة تماماً، كما يعتبر أنه في ظل صغر مساحة قطر تخنق القاعدتان القطريين، واصفاً القطريين بأنهم «شعب مغلوب على أمره، تتحكم فيه فئة حاكمة مستبدة».

كما يوضح الخبير المصري أن الشعب القطري المغلوب على أمره ينعم بالود والحب من أشقائه وجيرانه في الخليج العربي، ولن تزيده مثل تلك القواعد العسكرية أمناً، بل إنها تزيد خنقه واستفزازه.

ووفق مراقبين، أفرزت الأزمة التي تعانيها الدوحة تساؤلات عن ماهية الحاكم الفعلي لدولة قطر في ضوء تداخل المصالح، وفي ظل اعتماد الدوحة على الأتراك والإيرانيين في الأزمة الراهنة، إضافة إلى الدور الذي تؤديه قطر في خدمة المخططات الصهيوأميركية.

ويرى الخبير المصري اللواء طلعت مسلم أن قطر منقوصة السيادة منذ وجود القاعدة الأميركية على أراضيها، مشدداً على أنه «لا سيادة كاملة لدولة لديها قاعدة أميركية أياً كانت تلك القاعدة، سواء أميركية أو تركية أو حتى إيرانية كما يتردد أخيراً، كل ذلك يمثل انتقاصاً من السيادة القطرية بشكل واضح».

ويؤكد الخبير العسكري أن الدوحة منذ بدء المقاطعة كان من الواضح جداً أنها تتخذ خطوات للجوء إلى دول أخرى للاستقواء بها، فكان خيارها في هذا الإطار إيران وتركيا، برغم الخلافات السياسية في بعض الملفات بين البلدين، لكن مصلحة قطر اقتضت ضرورة الجمع بينهما للاحتماء بهما، والاستقواء في مواجهة الدول الداعية لمحاربة الإرهاب، على نحو مثير للجدل.

العراق

وبرغم أن العراق لم تكن علاقاته متوترة مع قطر، فإن عمليات تدمير هذا البلد في حرب 2003 انطلقت من قطر، إذ كانت الطائرات الأميركية والبريطانية التي قصفت العراق تنطلق من قاعدة العديد، غربي قطر، وبالتنسيق مع قاعدة السيلية، قرب الدوحة.

ويثير شكوك العراقيين «التعاطف الشكلي» الذي تبديه حكومة الدوحة معهم، في حين أسهمت هي، بشكل فعال، في تدمير البنى التحتية العراقية، وما تلا ذلك من احتضان لمجموعات إرهابية تحت غطاء «محاربة الاحتلال»، وهي طرف أساسي فيه.

ويرى العقيد الركن المتقاعد، نافع الرافعي، أن أكثر ما يثير الاستغراب هو ادعاء الحكومة القطرية تبني «المقاومة الوطنية» العراقية، وهؤلاء لو كانوا وطنيين حقاً، لما تم استدراجهم إلى ذلك المستنقع، ولأدركوا منذ البداية أن القواعد الأجنبية في قطر ليست لحماية ذلك البلد الصغير غير المهدد من أحد، وإنما للعدوان، والاستقواء على دول الجوار والمنطقة عموماً، من جراء معاناة عقدة النقص الجغرافية والتاريخية.

ويقول أستاذ التاريخ في جامعة البصرة د. سامي السعيد إن قطر، التي تبلغ مساحتها 17/‏1 من مساحة البصرة، البالغة 194 كيلومتراً مربعاً، أصبحت الآن تضيق بسكانها، فهي برغم ضآلة حجمها تضم قاعدة العديد، التي تعد أكبر القواعد العسكرية في المنطقة، إضافة إلى قاعدة السيلية العسكرية التي تستخدمها القيادة المركزية الأميركية مقراً لإمداد وتهيئة المعدات العسكرية واللوجستية اللازمة للاستخدام في دول عدة، منها العراق.

ويضيف السعيد أن «قطر لا تمتلك ولن تمتلك أي بعد تاريخي أو جغرافي، إلا من خلال البعد الخليجي العربي، أما شراء الدعم الخارجي والإرهابي، فهو ينتزع كلياً هوية قطر كدولة».

ولعل حكام الدوحة أسعدهم وجود قوات وقاعدة تركية شمالي بلدهم، بحسب المحلل السياسي، أكثم الألوسي، إلا انهم، على ما يبدو، يستمتعون بــ«اللعب على الحبال»، من خلال نظرية «التوازن»، التي تفترض قاعدة إيرانية مقابلة في الجنوب، ما ينذر بخطر تصادم قوى، وليس توازن قوى، والخاسر الأكبر هو الشعب الشقيق في قطر، الذي تبلغ مساحته 11 ألفاً و500 كيلومتر مربع، تشغل القواعد الأجنبية معظمها.

ولا يستبعد الألوسي أن يكون الهدف من انتشار القواعد الأميركية والتركية والإيرانية في قطر، ليس حمايتها من خطر «وهمي»، وإنما العبث بالأمن القومي العربي والإقليمي، وأن تكون الجسر الذي تعبر من خلاله قوى إقليمية إلى الدول العربية، مشيراً إلى أن الدوحة سبق أن وقفت قبل أشهر عدة ضد الجامعة العربية، حينما حاولت التحذير من خطورة التدخل التركي في العراق، كما أن سياستها تقوم على أسس المتناقضات، كالتعاون مع أميركا والجهات المسلحة المعادية لها في العراق.

وكذلك العلاقة مع إيران والولايات المتحدة، وبين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لأنها تريد أن تخلق كيانات «تحميها» من عدو وهمي غير موجود إلا في أذهان تنظيم الحمدين، وعلى حساب الشعب الشقيق الذي يخسر الأرض والمال، وقبل كل شيء «السيادة».

ليبيا

في ليبيا، أكد خبراء عسكريون ومحللون سياسيون أن قطر دولة بلا سيادة، ومع ذلك تسعى لاختراق سيادة دول أخرى، ومنها ليبيا التي طالما عانت التدخل المباشر من قبل «تنظيم الحمدين».

وقال الناطق باسم الجيش الوطني الليبي العقيد أحمد المسماري أن قطر أباحت أراضيها للقواعد الأجنبية، بما فيها الأميركية والتركية والإيرانية، لتكون منطلقاً لدمار المنطقة العربية.

وأضاف أن «تنظيم الحمدين» يحكم بلداً فاقداً للسيادة، ومع ذلك سعى بكل قواه لانتهاك سيادة ليبيا، من خلال دعمه كل مخططات التخريب وضرب المؤسسات وتمزيق البنية المجتمعية، مردفاً أن «حكام الدوحة دعموا الجماعات الإرهابية وقوى الإسلام السياسي التي لا تعترف عقيدتها بسيادة الدولة الوطنية».

وأعلن المسماري أن الجيش الليبي لا يحارب الإرهابيين فقط، ولكنه يواجه إمدادات الدول اللوجستية للميليشيات، وعلى رأسها قطر التي جعلت ليبيا مسرحاً للجريمة.

وقال: «في بنغازي لم نحارب داعش والقاعدة والإخوان فقط، ولكن حاربنا قطر وحلفاءها ممن انتهكوا سيادة بلادنا، وقدموا دعماً لوجستياً للإرهابيين»، مبيناً أن «تنظيم الحمدين»، الذي يدعي اليوم أن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تعمل على الاعتداء على سيادة بلاده، هو في الواقع من فرّط في سيادة قطر عندما فتح الباب أمام القوات والقواعد الأجنبية، معتقداً أنه بذلك يحمي نفسه من عاقبة مخططاته الإرهابية ومؤامراته ضد الدول العربية.

ويوضح رئيس أركان الجيش الليبي اللواء عبد الرازق الناظوري أن قطر انتهكت سيادة بلاده، فهي متورطة في اغتيال رئيس الأركان الأسبق عبد الفتاح يونس، ضمن خطتها للسيطرة على البلاد عبر الجماعات الإرهابية، مشيراً إلى أن قطر وفرت دعماً مباشراً عام 2014 للجماعات الإرهابية في البلاد.

ويضيف الناظوري أن «تنظيم الحمدين» لا يدرك معنى أن تكون دولة ذات سيادة، لذلك فتح بلاده للقواعد الأجنبية، وجعلها مأوى للمرتزقة من كل الجنسيات، وحاول منذ 2011 أن يجعل ليبيا ساحة للسيطرة على المنطقة، حيث وفر دعماً مباشراً للجماعات الإرهابية، وقد توالت الطائرات القطرية على مطاري معيتيقة ومصراتة، لتزويد المسلحين المتطرفين بالعتاد، كما دأبت الدوحة على إقناع بعض القبائل في الجنوب من أجل تقسيم البلاد.

وأكد الناطق السابق باسم الحكومة الليبية المؤقتة عبد الكريم معتوق أن قطر التي فرطت في سيادتها منذ سنوات عدة، تواصل اليوم الطريق ذاتها، باستقبال قواعد تركية وإيرانية إلى جانب القاعدة الأميركية، وهي لا ترى مانعاً من أن تستهدف شعبها بقوات أمنية عسكرية من المرتزقة، بينما تعمل على انتهاك الدول ذات السيادة، كليبيا ومصر وسوريا والعراق واليمن والبحرين، وتتآمر على أشقائها في الخليج عبر دعم الجماعات الإرهابية كجماعة الإخوان التي تعتبر حصان طروادة لـ«تنظيم الحمدين».

وأضاف معتوق أن فاقد الشيء لا يعطيه، وبالتالي فإن قطر لا يمكنها الحديث عن السيادة الوطنية، ولا عن استقلالية القرار الوطني، وهي التي لا سيادة لها، ولا قرار يمكن أن تتحدث عن استقلاليته، بعد أن تحولت إلى أداة للخراب تحركها أجندات أجنبية.

وأشار المحلل السياسي الليبي عبد الكريم العجمي إلى أن قطر تزعم أن موافقتها على شروط الدول الداعية لمكافحة الإرهاب يُفقدها سيادتها، لكنها تنسى أو تتناسى أنها تخلت عن سيادتها عندما قررت أن ترهب شعبها بقوات أجنبية تتجول في شوارع الدوحة وتقف عند المعابر والحدود بشعارات تركية وإيرانية، وتحاول أن تنفي عن نفسها التبعية المطلقة لأجندات إخوانية وإيرانية وتركية وغربية هدفها الأول نشر «الفوضى الخلاقة» في المنطقة بتدمير الدول وتمزيق المجتمعات والسيطرة على مقدرات الشعوب.

وأضاف العجمي أن قطر لا تحافظ على سيادتها إلا بالتعاون الفعّال مع أشقائها الخليجيين والعرب، والتراجع عن دورها التخريبي، وطرد القواعد الأجنبية، والاعتماد على أبناء شعبها، لا على المرتزقة الأجانب.

المصدر: البيان