حاكم الشارقة: «المهندسون قالوا: كل شيء إلا الجبل.. فقلت: بيني وبينه تحدٍّ»

أخبار

افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أمس، بحضور سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد نائب حاكم الشارقة رئيس المجلس التنفيذي، المرحلة الأولى من طريق خورفكان، البالغ طوله 89 كيلومتراً، بكلفة إجمالية بلغت خمسة مليارات و500 مليون درهم.

افتتح صاحب السمو حاكم الشارقة استراحة سد الرفيصة، التي أمر بإقامتها على طريق خورفكان الجديد. وتجول سموه والحضور في أروقة ومرافق الاستراحة، واطلع على المرافق وما تضمه من خدمات ومقومات ترفيهية يحتاجها المسافر عبر الطريق إلى جانب أهل المنطقة. وتبلغ المساحة الإجمالية للاستراحة 10 آلاف و684 متراً مربعاً بكلفة بلغت 37 مليون درهم. وتمثل البحيرة المقامة على ضفافها الاستراحة إحدى المميزات السياحية الرائعة لها، وتبلغ مساحتها 82 ألفاً و280 متراً مربعاً، ويصل عمق البحيرة إلى 13 متراً. كما عرّج سموه على حصن شيص، الذي يعد من الحصون التاريخية، ويعود بناؤه إلى أكثر من ثلاثة قرون.

ويعد طريق خورفكان من أضخم المشاريع الحيوية والتنموية التي تبنتها إمارة الشارقة، وسيخدم شريحة كبيرة من أفراد المجتمع، ويربط مدينة خورفكان بمدينة الشارقة بصورة مباشرة، ما ينعكس إيجاباً على سهولة التنقل والنمو الاقتصادي، إضافة إلى إسهامه بقفزة عالية في تطوير المناطق المجاورة الواقعة على امتداده.

وأكد صاحب السمو حاكم الشارقة، أن المواطن وأمنه وسلامته في مقدمة أولوياته، فمن أجله سخرت الإمارة إمكاناتها كافة في إنشاء الطرق وإقامة المشاريع الحيوية، منها طريق خورفكان الجديد، حيث كان أهالي شيص في حاجة ملحة لطريق يخدمهم، و«رغم الكلفة الكبيرة للمشروع وصعوبة العمل فيه، كونه في منطقة جبلية شاهقة ووعرة، لكن وضعنا هدفاً أساسياً هو خدمة المواطن والمقيم».

وبارك صاحب السمو حاكم الشارقة لأهالي المنطقة وزوارها والسياح من إمارة الشارقة وخارجها، افتتاح المرحلة الأولى من طريق خورفكان، وتحدث عن بدايات التأسيس لمرحلة إنشاء هذا الطريق.

وقال سموه: «منذ ما يقارب 14 سنة كنت هنا في شيص، وكانت المعاناة كبيرة لأهل شيص، لأنهم كانوا ينقلون مرضاهم، ولا يستطيعون الوصول إلى المدن أو المستشفيات، إلى جانب عدم توافر الخدمات. وكنت أصل إلى هذا المكان دائماً، حيث كانت لي زيارة مرة في كل سنة، وكان والي منطقة شيص خميس النقبي – الله يعطيه الصحة والعافية – معنا دوماً، وكانت القرية على الجبل، وكنا نتسلق الأحجار الكبيرة المهتزة، فقلت لخميس النقبي: سوف نبني سلالم هنا حتى يسهل عليكم وعلينا الوصول إلى القرية في قمة الجبل، فرحب بالفكرة، وقال: (لعله خير)».

وأضاف سموه: «قلت له: المرة المقبلة لن آتيك من الطريق المعروف، بل سآتيك من هذا الجبل، فقال: يا شيخ سلطان لم يمر أحد من هنا من قبل، وما وطئت أقدام البشر هذا الجبل من قبل، فقلت: بإذن الله وبقدرته سوف ننجح، ولو شققنا الطرق في الجبال التي تفصل شيص عن باقي المناطق سنكون قد وصلنا إلى خورفكان، فأجابه والي شيص: ستكون كلفة عالية، فقلت: مهما كانت الكلفة، والله لو وضعنا كل ميزانية الشارقة».

وتحدث سموه عن الصعوبات التي واجهت فكرة طريق خورفكان الجديد، التي صاحبها تردد من شركات البناء لتنفيذ المشروع نسبة لوعورة المنطقة وصعوبة إنشاء أنفاق في وسط الجبال، فكانت إرادة وتحدي سموه الدافع الأكبر لإقامة هذا المشروع. وقال: «منذ عامين ونحن نتردد على هذا المكان، سواء كان من ناحية خورفكان أو من ناحية شيص، والمهندسون يترددون في الإقدام على البدء، ويقولون: هذا المشروع مستحيل، كل شيء ممكن إلا هذا الجبل، فقلت لهم: هذا الجبل أعرفه جيداً، يتحداني من الأرض ويتحداني من السماء. فخلال زياراتي السابقة عدة مرات، كنت آتي بطائرة مروحية تابعة لوزارة الداخلية، حتى إذا وصلنا إلى هذا الجبل، كان يمنعني من العبور، فتأتي رياح قوية تدفع الطائرة إلى الأعلى، هذا الجبل بيني وبينه تحدٍّ».

واستكمل سموه حديثه قائلاً: «بعد دراسة لمدة عامين كاملين، جال فيهما المهندسون في المكان كثيراً من كل الجهات من الأرض ومن الجو، استقر الرأي على أن نبدأ في المشروع، وكانت الكلفة عالية، وتوكلنا على الله في ذلك وبدأنا».

وأشار سموه إلى طريق خورفكان الجديد وأهميته، رغم الصعوبات التي واجهت العاملين والمهندسين في المشروع من حفر وبناء الأنفاق في الجبال الشاهقة، حيث تم بناء أطول نفق جبلي في منطقة الشرق الأوسط، والبالغ 2700 متر، لكن في المقابل سيقدم خدمات جليلة لأهالي شيص والمناطق التي حولها ومدينة خورفكان.

وثمّن سموه جهود العاملين والشركات القائمة على المشروع الذي يعد باكورة تعاون بين مؤسسات الإمارة والشركات العاملة فيه.

وقال: «هذا الطريق الذي بدأناه ليس بهمتنا نحن فقط، أود أن أقول للناس، من يسمعني، أو يشاهدني أو هو حاضر هنا الآن، تطورنا وتقدمنا ليس عن طريقنا فقط، بل شاركونا فيه أناس يخدمون ويعملون على المواقع وسط الجبال، بالله عليكم.. من يعمل في هذه الجبال؟ من يعمل في هذه الأنفاق؟ هؤلاء أشخاص سخرهم لنا الله سبحانه وتعالى، يقدمون لنا هذه الخدمات.. صحيح هم يعملون للقمة العيش، ولكن نقول لهم: وما جزاء الإحسان إلا الإحسان».

وأعلن سموه عن مكرمة جديدة للعاملين في حكومة الشارقة من غير المواطنين، حيث أمر بزيادة 10% على مرتباتهم على أن تبدأ بأثر رجعي من الأول من يناير 2018.

وكشف عن عدد من المشاريع التطويرية والحيوية التي تخدم أهالي خورفكان، والتي من المتوقع الانتهاء منها مع نهاية السنة، وتتضمن مشروعات الواجهة البحرية وتطوير كورنيش خورفكان وشاطئ اللؤلؤية والزباره.

وقال إن الإمارة سخرت كافة الإمكانيات لخدمة المواطنين وإسعادهم، حيث أمر سموه بتكفل حكومة الشارقة بدفع قيمة الإيجار السنوي للمواطنين القاطنين في منازل أو شقق إيجار في منطقة خورفكان والبالغ عددهم 300 من المستحقين لمنح من حكومة الشارقة حتى استلام منازلهم من الحكومة.

وبين أن الإحصاءات التي وصلته عن أهالي خورفكان تشير إلى أن عدد السكان القاطنين على أرض خورفكان يبلغ 21 ألفاً و500 فرد، وعدد الأسر ثلاثة آلاف و300 شخص، ونسبة الذكور والإناث متساوية 50%، ويبلغ عدد المتعلمين من أهالي خورفكان 1158 خريجاً يحملون شهادات الدبلوم والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه.

وتطرق سموه إلى رغبته وأمله في حل المشكلات التي تشغل بال أهالي خورفكان، واعداً بالعمل على حل هذه المشكلات ووضع الحلول المناسبة، منها عزوف الشباب والبنات عن الزواج، والتهرب من الدراسة، والصعوبات التي يواجهها الأهالي في تربية الأطفال المرضى أو المعاقين، مقدراً سموه جهودهم الكبيرة في الإسهام بدمجهم في المجتمع، إضافة إلى فئات المجتمع من الأيتام التي تحتاج إلى رعاية وعناية خاصة.

وكشف عن إقامة احتفال كل عام بيوم يسمى «عيد خورفكان» بمناسبة افتتاح هذا الطريق، وافتتاح مؤسسات ومرافق عامة، وهناك مفاجآت لأهل خورفكان سيتم الإعلان عنها نهاية العام.

المصدر: الإمارات اليوم