«حقوق الإنسان» تتدخل .. إيقاف برنامج سعودي والتحقيق مع طاقمه

أخبار

هيفاء الزهراني من جدة

أوقفت هيئة الإذاعة والتلفزيون أمس، برنامج “مقالب مذيع” الذي تعرضه قناة أجيال السعودية للأطفال، وإحالة فريق عمل البرنامج إلى المساءلة، وتقديم اعتذار للطفلة المشاركة في الحلقة الثالثة من البرنامج.

واعتبر المهندس صالح المغيليث المتحدث باسم هيئة الإذاعة والتلفزيون أن المواقع الاجتماعية التي أثارت ردود فعل قوية تجاه جزء من الحلقة الذي انتشر للطفلة، كانت سببا إضافيا لإيقاف البرنامج وإحالة القائمين عليه للمساءلة وإنذارهم رسميا، إلى جانب السلبية والقسوة التي عوملت بها الطفلة المشاركة, متحفظاً على المبالغة التي حفلت بها المواقع، وأكد المغيليث لـ “الاقتصادية” أن جميع البرامج في القنوات السعودية تخضع للرقابة قبل بثها على الشاشات، لاقتاً إلى أن “الرقيب أحيانا قد يخطئ وقد ينسى”، وقال متحدث الإذاعة والتلفزيون “لا بد أن نعيد دراسة البرامج القادمة في القناة بشكل خاص ونشدد على رقابتها أكثر، وسنستعين بالمتخصصين وأصحاب الخبرات في المجال النفسي للأطفال”.

ردة فعل الطفلة في البرنامج أظهرت خطورة البرنامج.

وأوضح المهندس صالح بن عبد العزيز المغيليث، المتحدث الرسمي باسم هيئة الإذاعة والتلفزيون في بيان نشره على حسابه الخاص في “تويتر”، أن إيقاف البرنامج جاء إثر الحلقة التي عرضت فيها القناة طفلة وهي تجيب عن تساؤلات وجهت إليها بلهجة حادة وغير مقبولة من مذيعة البرنامج ومساعديها، وكشف المغيليث مساءلة فريق العمل، مع توجيه الاعتذار للطفلة وأسرتها ولجميع مشاهدي القناة من الأطفال, وأشار إلى أن عبد الرحمن الهزاع رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون تلقَّى اتصالاً من الدكتور بندر العيبان رئيس هيئة حقوق الإنسان استنكر فيه ما عرضه البرنامج، ووجه بأن تقوم هيئة الإذاعة والتلفزيون باتخاذ كافة الإجراءات التي تمنع تقديم مثل هذه البرامج، والاعتذار عن كل ما حصل للطفلة، كون ذلك يتنافى مع حقوق الطفل والتي تؤكد عدم جواز تعرض الاطفال لمثل هذا النوع من المعاملة، سواء كان في برامج تلفزيونية أو غيرها.

وكانت قناة أجيال عرضت في دورة برامجها الرمضانية برنامجاً بعنوان “مقالب مذيع”، حيث تقوم فكرة البرنامج على مشاركة طفل أو طفلة وتعريضه لـ”المقالب” التي أعدتها القناة ومعدو البرنامج لهم, ونال البرنامج انتقادات واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي، وطالب عدد من نشطاء الموقع ومهتمون بحقوق الإنسان والطفل بإيقاف العرض، نظراً لما يحويه من سلبيات فادحة، وانتهاكه الصارخ لحقوق الطفل وتعزيز العنف اللفظي والتوبيخ والكذب.

صفحة المغيليث على ” تويتر”.

من جهته أكد الدكتور خالد العوفي استشاري الطب النفسي والمدير الطبي في مستشفى الأمل في جدة ورئيس وحدة الطب النفسي في المديرية العامة للشؤون الصحية في جدة لـ”الاقتصادية” أن ما حدث في هذا البرنامج هو شيء مؤسف ويدعو للشجب، كما أوضح مدى جهل المخرج بأهمية النواحي النفسية وتأثيرها لدى الأطفال واستخدامهم كنوع من التسلية والترفيه عن النفس، وأضاف: “هذا الموقف قد يتسبب في حدوث عقد نفسية لدى هذه الطفلة الصغيرة عند كبرها، فقد واجهت توبيخاً حاداً وناقداً وساخراً وبصوت مرتفع، وصدور هذا التوبيخ الحاد من شخصين يكبرانها في السن، لا قدرة لها عليهم ولا مواجهتهم بالرد أو المقاومة، بدليل اندهاشها وانعقاد لسانها في الرد، وظهور أعراض التنفس السريع وزيادة ضربات القلب وربما التعرق وانفجارها أخيراً بالبكاء، ناهيك عن الرسائل المتناقضة التي استقبلتها الطفلة بأن يطلب منها شيء وعند فعله تلام على ذلك، وما زاد الموضوع سوء ا إخبارها بغياب والدها من قبل المذيع ما أثار قلقها المتزايد”.

وتابع: “في مثل هذه الحالات يحدث لدى الأطفال ما يسمى بالاقتران الشرطي (Classical Conditioning) وهذا يعتبر في حد ذاته عقدة نفسية ينتج عنها مستقبلاً نوع من الخوف أو الفوبيا من مواقف المواجهة بسبب ضعف الثقة بالنفس، مما يؤدي إلى تجنبها المستمر لمواقف المواجهة، وربما تسبب ذلك في اضطراب نفسي مستقبلاً كالرهاب الاجتماعي أو القلق العام أو أي اضطراب نفسي آخر، وأشارت إحدى الدراسات النفسية للعالم “بتيسون” حول نظرية “الارتباط المزدوج” التي أوضحت أن الأطفال الذين يستقبلون رسائل متناقضة “كما حدث في البرنامج” من الوالدين أو غيرهما من الكبار تؤدي إلى إصابة الطفل باضطراب الفصام العقلي.

وأضاف: “الموضوع لم ينته عند بكاء الطفلة ومن ثم مراضاتها، فالموقف قد تم تسجيله وتخزينه في العقل الباطن ( العقل اللاواعي )، وعليه فإنني أهيب بالمسؤولين في الإعلام لتصدي لمثل هذا النوع من البرامج غير الواعية ووضع حد لمثل هؤلاء المتساهلين في تكوين شخصية الطفل.

المصدر: الإقتصادية