خيارات تقشفية أمام «القطرية» لمواجهة نزيف الخسائر

أخبار

فقدت الخطوط الجوية القطرية نحو ربع رحلاتها الأسبوعية حول العالم، كما أنها مرشحة لتراجع إيراداتها بنسبة 30% حال استمرت المقاطعة التي تضع الدوحة أمام خيارات تقشفية لا بديل لها لمواجهة نزيف الخسائر الحالي الذي تعاني منه خطوط الطيران بعد المقاطعة، من بين تلك الخيارات هو اللجوء إلى تأجير طائراتها المتوقفة عن العمل وكذا تسريح موظفيها، ذلك عقب أن تستنزف الحكومة القطرية بدائلها المتاحة من خلال تمويل وتغطية تلك الخسائر بنفسها في محاولة لـ«حفظ ماء الوجه» في ظل حالة «العناد السياسي» التي تتبعها حالياً.

وما يزيد من صعوبة الأوضاع بالنسبة لقطر هو موقعها الجغرافي الذي يعمق التداعيات السلبية لغلق المجال الجوي من قبل دول الجوار المقاطعة لها، وكذا منع رحلات الطيران، ما يكلف الدوحة زيادة في تكلفة التشغيل والطيران لاضطرار طائراتها لتغيير مسار الطيران وقطع مسافات أطول تحرق خلالها كميات أكبر من الوقود ما دفع شركة «فوريست آند سوليفان» للاستشارات المتخصصة في قطاع الطيران، لأن تصدر تقديرات بخسائر تصل نسبتها لـ 30% تراجعا في إيرادات الشركة القطرية حال استمرار المقاطعة، وذلك في ظل إلغاء 50 رحلة يوميا للخطوط القطرية.

خسائر باهظة

وقال خبير الطيران كبير طياري مصر للطيران سابقًا هاني جلال لـ«البيان» إن خسائر باهظة تعاني منها الخطوط الجوية القطرية على خلفية المقاطعة؛ انطلاقا من توقف الكثير من الرحلات التي كانت تقوم بها إلى الدول التي أعلنت المقاطعة وكذا انطلاقا من غلق المجال الجوي من قبل تلك الدول أمام الطيران القطري، الأمر الذي يضع الشركة القطرية في مأزق شديد تواجه خلاله نزيف خسائر مرتفع بصورة كبيرة جدا، ما يضطرها إلى اتخاذ حلول تقشفية لوقف الخسائر.

وأفاد بأن غلق المجال الجوي يؤدي إلى إطالة وقت رحلات الطيران ما يستنزف وقودًا بكميات أكبر، فضلا عن ارتفاع تكلفة رسوم المرور في أقاليم الطيران للدول الأخرى، وليس أمام قطر حاليًا سوى تمويل ذلك «من جيبها الخاص» من خلال الدعم الحكومي لتغطية تلك الخسائر، وهو أمر لن تستطيع الدوحة على المدى المتوسط والطويل الصمود أمامه، في ظل ارتفاع تكلفة خسائر الطيران، ما قد يضطرها إلى اتخاذ العديد من الإجراءات من بينها تأجير الطائرات كحل وحيد لتلك الطائرات التي لا تعمل.

ضعف العوائد

ونوه خبير الطيران المصري في معرض تصريحاته لـ«البيان» بأن هنالك قاعدة في الطيران المدني تقول إن الطائرات طالما بقيت على الأرض فهي تؤدي لنزيف خسائر، لاسيما أنها تستنزف مصروفات صيانة وخلافه، وهو ما يعمق الأزمة لدى الشركة القطرية في ظل زيادة مصروفات التشغيل دون وجود عوائد، مشددا على أنه من بين الخيارات كذلك أن تقوم بتسريح العاملين كإجراء حتمي في ظل تلك الخسائر.

وقد لا تلجأ الدوحة لذلك في الوقت الحالي انطلاقًا من حالة «العناد السياسي» التي تتبعها على أن تقوم بتعويض تلك الخسائر من ميزانيتها، لكن مع ارتفاع التكلفة والخسائر الأمر سوف يضطرها لاتخاذ مثل تلك الإجراءات؛ فلن تستطيع قطر تحمل الخسائر لفترة طويلة.

ورجح محللون المزيد من الخسائر للشركة القطرية حال استمرار المقاطعة، مؤكدين أن الدولة القطرية سوف تلجأ على المدى القصير لتغطية تلك الخسائر ثم عندما تجد كلفتها باهظة في ظل الأوضاع التي تعاني منها قطر حاليا سوف تضطر للجوء لقرارات تقشفية توقف من خلالها ذلك النزيف الحاد.

حرق الوقود

وبدوره، ذكر الخبير الاقتصادي المصري الدكتور مختار الشريف، أن المقاطعة يتضح تأثيرها بشكل مباشر وكبير على الخطوط الجوية القطرية التي كانت من أفضل خطوط الطيران، إلا أنه في ظل المقاطعة صارت عرضة لتكبد المزيد من الخسائر عقب توقف الرحلات إلى الدول المقاطعة وكذا تأثر رحلات الترانزيت، إضافة إلى آثار غلق المجال الجوي لتلك الدول أمام الطيران القطري في زيادة توقيت الرحلات ما يؤدي لحرق الوقود بصورة أكبر. ولم يصبح لقطر سوى منفذ وحيد شرقاً ما يجعل الدوحة أشبه بالجزيرة المنعزلة.

وتابع أن المقاطعة يتضح تأثيراتها على الشركات القطرية كلها وليس على شركة الطيران القطرية فقط، موضحا أن الدوحة تحاول أن تبدي تماسكا من جانبها وتعويض تلك الخسائر على المدى القصير على أمل نجاح أية محاولات وساطة بينها وبين الدول المقاطعة وعودة الأمور إلى ما كانت عليه.

لكنها حال رأت أنها تجاوزت حد الأمل المتوسط أو الآمن فإنها سوف تلجأ إلى قرارات لوقف نزيف الخسائر مثل تأجير الطائرات أو تسريح العمالة في بعض الشركات، وسيكون ذلك بمثابة «مشكلة كبيرة» في كل المؤسسات القطرية حال وصلت الخسائر لمرحلة أكبر في ظل زيادة التكاليف وتراجع العوائد.

المصدر: البيان