رحلة إلى الأصالة على جناح السعودية

أخبار

«أرض الإمارات ملتقى الحضارات».. بهذا الشعار يستقطب مهرجان زايد التراثي 17 دولة تشارك بثقافاتها وعاداتها وتقاليدها، وعند البوابة رقم «2» يقف الزائر بالقرب من جناح تفوح منه رائحة البخور والعطور، يستقبل زواره بالقهوة الممزوجة بالهيل، ومشهد الصناعات والحرف التقليدية.. هو جناح المملكة العربية السعودية الذي يقع ضمن الحي الخليجي في مهرجان زايد التراثي، حيث تم تنظيمه بشكل جذب أنظار الزائرين بحرفه التقليدية وأكلاته الشهية، وورد الطائف برائحته المتطايرة الفواحة، كأنها إشارة إلى موقع الجناح السعودي.

هناء الحمادي (أبوظبي)

التجول داخل الجناح السعودي رحلة من الاستكشاف تبعث البهجة والسرور بين زائريه في المهرجان ليتعرفوا خلالها على ثقافات المملكة وشعبها والاطلاع على أهم ما يميزها من حرف يدوية وفنون تراثية وأطعمة ومنتجات وملابس تحاكي الموضة وغيرها من ألوان التراث التي تعكس الإرث الحضاري الكبير التي تتمتع به المملكة العربية السعودية.

فن التطريز

وتتمتع معروضات الجناح السعودي بإقبال كبير من زوار مهرجان زايد التراثي، فمع تنوع المنتجات تتنوع الصناعات والحرف التقليدية فيها، لكن من يقترب من نفلاء النفيعي التي تمارس مهنة صناعة النسيج وفن التطريز وخياطة الملابس والمشغولات من الماضي إلى الحاضر منذ 35 عاماً، والحاصلة على جائزة للتميز في العمل الاجتماعي، فقد استطاعت أن تشارك في مهرجان زايد التراثي للعام الثاني على التوالي بأعمالها التي تميزت بالطابع التراثي بعد أن تتلمذت على يدي والدتها في حرفة التطريز، بتطريز منتجاتها بين البُسط المطرزة والميداليات واللوحات الجدارية وأعمال السدو، كما دربت بناتها على الحرفة نفسها حتى استطعن إتقان العمل وساعدنها في أعمالها اليدوية البديعة، وكانت نفلاء قد بدأت ممارسة حرفة فن التطريز بمهارة.

وتقول: فن التطريز هو التزيين بالغرز على القماش باستخدام إبرة الخياطة والخيوط المنوعة، والتطريز لا يقتصر على نوع معين من الرسوم التي لا حد لها، وتستخدم في التطريز أنواع مختلفة من الأقمشة والخيوط والإبر ذات الأنواع والأحجام المختلفة، ويُستخدم في التطريز أيضاً عدد من ماكينات للتطريز الآلي، ومن أهم الغرز التي أعتمد عليها في تصميم مشغولاتي (الغرزة الرومانية والتي تسمى «الحشو» وكذلك غرزة السلسلة والبطانية ورجل الغراب والشبكة والتي كانت تسمى قديماً «بطن الحية» والنبتة والسراجة».

وتؤكد أنه «يدخل في التطريز الخرز واللؤلؤ والمعادن ليُنتج منها قطعاً فريدة ومبتكرة، بالإضافة إلى ذلك يدخل التطريز في تزيين الملابس والمفارش بأنواعها والقبعات والمعاطف والشنط والسلال، وفي الوقت الحالي تم دمج التطريز مع السعف والسدو والجلود، مما طوَّر منتجاتي بشكل عام مع حفاظها على الأصالة لتصبح معاصرة لوقتنا الحالي، فكل منتج كان يستخدم قديماً لغرض واحد معين».

حياكة السدو

ومن فن التطريز يستطيع الزائر التعرف على حرف أخرى أيضاً، دمجت بين الماضي والحاضر وحافظت على أصالتها وعكست مهارة الحرفيات السعوديات اللاتي أبدعن في الكثير من منتجاتهن اللاتي حرصن خلال مشاركتهن في المهرجان على إظهارها براعتهن فيها.

نُوير العتيبي المشاركة للمرة الأولى في مهرجان «زايد التراثي» التي تجيد فن السدو وتعمل بحرفية وإتقان أمام كل من يقترب من أعمالها، والتي أتقنت فن حياكة السدو والنسيج، تقول عن تلك الحرفة «تطلق كلمة السدو على الحرف السائدة عند أهل البادية خصوصاً على عملية حياكة الصوف وعلى نول الحياكة أيضاً وهو من المعاني المستوحاة من البيئة الصحراوية وتراث البادية».

وتتابع العتيبي: «السدو نسيج مسطح وجه النسيج وظهره متشابهان باستثناء نقوش مثل ضروس الخيل، والعويرجان والمدخر والشجر والتي تميز كل وجه عن غيره، وهذه النقوش يكون وجه النسيج مختلفاً عن ظهره، حيث تُسقط الناسجة الخيوط التي لا تستعملها في وجه النسيج لتدلى في الخلف، ومن أهم النقوش التقليدية في حياكة السدو: العين، الضلعة، ضروس الخيل، العويرجان، الشجرة والرقم، والذي يعتبر أسلوباً مختلفاً من الحياكة بحيث يحاك عن طريق ربط أو لف مجموعة من خيوط السدو بعضها مع بعض بخيط اللحمة».

وتقول: «نستعمل في السدو الألوان كالأحمر والبرتقالي في المنسوجات لإضفاء البهجة على من حولنا، ويستعمل للحياكة نول السدو الذي هو عبارة عن نول أرضي مسطح وبسيط يسهل طيه ونقله، وكان يتوافق وطبيعة الترحال في البادية قديماً كما يستعمل السدو اليدوي للغزل».

وغير السدو تتقن العتيبي أيضاً حياكة الصوف، إذ توضح «الصوف هو أساس مكونات بيت الشَّعر الذي يسكنه أهل البادية خصوصاً في شبه الجزيرة العربية، فلقد تأقلم الإنسان مع البيئة القاسية وانتفع بما تجود به البيئة المحيطة به، فبيت الشَّعر -مسكن الصحراء المتنقل- مصنوع من شعر الماعز وصوف الأغنام ويتمتع في المنسوجات الزاهية بألوانها ونقوشها الجميلة والتي تختلف عندما نقارنها مع بساطة الأمور المادية المتوافرة في تلك البيئة وجمال القطعة التي يتكون منها بيت الشعر، والذي يرجع إلى نوعية النسيج من حيث النعومة والخشونة وجودة الغزل والنسيج عند نساء البيت».

ورد الطائف

وتحت «أنغام وردك يا زارع الورد».. التي صدح بها الفنان الراحل طلال مداح، ينهمك أحد المشاركين في الجناح السعودي ببيع قنينة «ورد الطائف» الذي يعتبر من أجمل الورد رائحة، حيث لا أجمل من الطائف عند أهل الطائف إلا وردها، وإن كان الورد سهلٌ طريقه ويسيرٌ قطافه، فالورد الطائفي يأبى أن تتفتق أكمامه إلا على جبال السروات في محافظة الطائف التي تبعد عن مكة المكرمة ثمانين كيلومتراً.

ويعتبر عطر ورد الطائف من أغلى عطور الورد في العالم، لان أبناء الخليج يحجزون مسبقاً كميات كبيرة من المعامل التقليدية العريقة قبل عرضها.. وتتراوح سعر تولة دهن الورد الأصلي من المعمل مباشرة بين 1500 و2000 درهم، ويباع عند بعض تجاره بفارق سعر كبير جداً، وفي الوقت ذاته الطائف تحتضن ما يربو على 900 مزرعة و36 مصنعاً تستقبل هذه الأيام بدايات قطاف الورد وتقطيره.

صناعة الفخار

وبعد أن يشم الزائر ورد الطائف لا بد أن يتوقف قليلا أمام أحد المشاركين المنهمك في عمل مجسمات وأشكال بأحجام مختلفة من الفخار، حيث يشتهر الجناح السعودي بهذه الحرفة التي تعتبر من الصناعات الأقدم والأكثر شعبية، ورغم تطور الأدوات والآلات المصنِّعة للفخار، فإن الطرق القديمة لا تزال هي الأكثر جودة وأصالة. ويتطلب العمل في تصنيع الفخار قدرة عالية من التركيز والإتقان والسرعة، وذلك لأن المادة الطينية التي تُستخدم تحتاج إلى أن تُوضع تحت الشمس أو في فرن خاص لتأخذ القالب المصمم عليها. وللقيام بذلك، يحتاج الشخص إلى سرعة في نقش تصنيع الأداة ونقشها وتعريضها للحرارة في زمن قياسي، وأبرز الأدوات الفخارية التي يقوم بتصنيعها وإتقانها هي المبخرة والجرة والمزهرية وأطباق الأكل، والتنور الخاص بالمندي.

«كليجا القصيم»

وتبقى رائحة «الكليجا» عند هياء عبدالله التي تعمل في هذه المهنة منذ 17عاماً في صناعته، مختلفاً في المذاق والنكهة، تقول: «الكليجا واحدة من أهم المأكولات الشعبية التي تجاوزت في شهرتها النطاق المحلي إلى العالمي وأصبحت مجالاً للتقليد والمحاكاة بوصفها واحدة من الصناعات الغذائية الواعدة».

وتضيف: «الكليجا عبارة عن قرص مصنوع من دقيق البُر والسكر وخليط من المقادير الطبيعية الخاصة. وتتميز بمذاقها الحلو اللذيذ كما تتميز بطول فترة صلاحية استهلاكها ما يجعلها مناسبة لكل الفصول والأوقات، وعلى خلاف الكثير من الأكلات الشعبية القديمة التي تراجعت أهميتها وحلت محلها الوجبات الجديدة، فإن الكليجا سجل تزايداً في مكانتها وأهميتها ولم تعد أكلة شعبية محلية وإنما أصبحت بفضل مذاقها المميز والفريد مطلباً للكثيرين ومادة للإهداء وعنواناً للكرم والضيافة».

عروض النافورة.. بانوراما تبهر زوار المــــــــــهرجان

أبوظبي (الاتحاد)

في إطلالة ساحرة على ساحة مهرجان زايد التراثي في الوثبة، ومع انعكاس الأضواء المثيرة على بحيرة كبيرة، تتوسطها سارية علم خفاقة يعلوها علم دولة الإمارات بألوانه الأربعة ومصابيح ضوئية عدد سبع قواعد لسبع مصابيح تمثل عدد سبع إمارات، يتجمهر زوار المهرجان من مختلف الجنسيات ليتشاركوا لحظات استثنائية لا تنسى، وسط عروض النافورة الموسيقية التي صممت وبرمجت لتصاحب مختلف المعزوفات الموسيقية والأغاني الوطنية.

النافورة بالأرقام

ومع المياه المندفعة مع النافورة وحيوية الأجواء الذي يشكل لوحة فنية باهرة من حيث عروضها الموسيقية الساحرة التي اختيرت أغانيها من قبل اللجنة المنظمة للمهرجان منها الوطني ومنها من أشعار المغفور له بإذن الله الشيخ زايد ، طيب الله ثراه ، تتراقص المياه وسط روح الإبداع والابتكار.

ويقول ناصر الهاملي عضو اللجنة العليا المنظمة للمهرجان ورئيس اللجنة الإعلامية «تحتوى النافورة على 5 أصناف من المضخات منها الأقواس العملاقة التي يصل ارتفاعها 20 متراً ويتم التحكم بقوة الضخ بها بحيث لا تتجاوز ارتفاع العلم، أما النافورة المستقيمة الكبيرة فعددها وتبلغ قوتها من 0-20 مترا، ويتم التحكم بقوة الضخ بها بحيث لا تتجاوز ارتفاع العلم، بينما النافورة المستقيمة الصغيرة وقوتها من 0-12 مترا، بينما النافورة الهرمية بالغة الضخامة، ولكل واحدة على 10 تأثيرات.

ويضيف الهاملي» المياه المختلفة كبيرة مثمنة الزوايا والأضلاع، متوسطة الحجم مثمن الزوايا والأضلاع، ومثمنة الزوايا والأضلاع الصغيرة، بالإضافة إلى ذلك توجد هناك نافورة مستقيمة، نافورة راقصة للفالس اليسرى، نافورة راقصة للفالس اليمنى، نافورة القوس الضلع المنحرف، النافورة الطاووسية الصغيرة، نافورة توازنية، كما تحتوى على أكثر من 130 فوهة ارتفاع تأثيرات المياه من 0-12 مترا.

عروض بانورامية

مع تلك الصورة الجمالية التي تخطف الأبصار والتي تدفع بالكثير من الزوار لمشاهدة هذه العروض البانورامية التي تميزت بها النافورة، في تناغم جميل يقول جمال الطنيجي «عروض النافورة تعتبر من المشاهد الجميلة التي أضيفت هذا العام للمرة الأولى ، حيث بعد أن تنطفئ مجموعة الأنوار تتصاعد الإضاءات الضوئية لتنصب وسط سارية العلم التي تندفق منها المياه المتدفقة وسط ذهول وإعجاب الكثير من الزوار.

منى الحوسني كانت برفقة أبنائها وزوجها وحجزت لها مكان بالجلوس فوق الكراسي الخشبية التي صممت بالطراز الإماراتي القديم فقد انبهرت بالعرض الموسيقي للنافورة مع الإضاءة الجميلة التي تصاحبها..

إضاءات مبهرة

أما الطفل سالم المرزوقي «11عاماً» الذي كان منشغلا بتصوير لقطات من عروض النافورة الموسيقية فقد استطاع أن يتصيد الكثير من اللقطات الجميلة في هاتفة وذلك لإرسالها لأصدقائه، بينما علي عبدالله 20عاما الذي جاء مع صديقه فيقول: للهواء هنا طبيعة مختلفة من المتعة الحقيقة في مهرجان زايد التراثي، حيث تتحول النافورة ليلا مع سارية العلم التي تعلوها عمل دولة الإمارات إلى مشاهد جميلة.

المصدر: الإتحاد