سلطان: مشروع «المعجم التاريخي» للنهوض بـ «العربية» والحفاظ عليها

أخبار

أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس مجمع اللغة العربية في الشارقة، أن مشروع «المعجم التاريخي للغة العربية»، جاء للنهوض بهذه اللغة والارتقاء بها وخدمتها والحفاظ عليها للأجيال القادمة، مشيراً سموه إلى أن مجمع اللغة في الشارقة لم يوجد ليكون قطباً من أقطاب المجامع في العالم العربي، لكن من أجل دعم تلك المجامع مادياً ومعنوياً والنهوض بها؛ وذلك بالتنسيق والتواصل مع اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية في جمهورية مصر العربية، كما بارك سموه تأسيس «مجمع اللغة العربية» في موريتانيا، وانضمامه لعضوية اتحاد المجامع، وأعلن سموه عن تكفله بإقامة المشاريع الوقفية، التي ستوجد دخلاً ذاتياً وريعاً دائماً للمجامع العربية في مختلف أقطار الوطن العربي.

جاء ذلك في كلمة صاحب السمو حاكم الشارقة، التي ألقاها في اجتماع أعضاء اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية، وبحضور المهندس جمعة مبارك الجنيبي سفير الإمارات لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، لمناقشة المقترح الأولي لقواعد المنهج والتطبيق لمشروع «المعجم التاريخي للغة العربية» الذي عقد، صباح أول أمس الثلاثاء، في مقر الاتحاد بمدينة 6 أكتوبر في العاصمة المصرية القاهرة.

وقال سموه في البداية، «أرحب برئيس الاتحاد وأمينه العام وممثلي المجامع والمراكز اللغوية والحضور جميعاً، في هذا اللقاء الأخوي، الذي يجمعنا جميعاً في محبة هذه اللغة، لغة القرآن ولغة الأنبياء، ويسرني أن أوضح لكم بأنه قد تم بدء العمل في مجمع اللغة العربية في الشارقة، الذي جاء من أجل النهوض بالمجامع اللغوية في العالم العربي، وقد لاحظنا أن هناك كثيراً من الأمور التي تحتاج لدعم معنوي أو دعم مادي، ونحن نقوم بذلك، وقد فتحنا مجمع الشارقة ليس لأن نكون قطباً من أقطاب هذه المجامع، لكن خدمة للغة، وليكون هذا المجمع الموجود في الشارقة هو همزة الوصل بيني وبين اتحاد المجامع في القاهرة وباقي المجامع في العالم العربي، ولن نتواصل مع الآخرين إلا من خلال اتحاد مجامع اللغة العربية».

وأضاف سموه: «المشروع الأساسي الذي قدمنا للحديث حوله هو المعجم التاريخي للغة، وهدفنا منه النهوض باللغة العربية، والتعريب والترجمة العربية، وإيجاد الألفاظ الجديدة المتوائمة والمتماشية مع هذا العصر، كل ذلك يريد منا جهداً كبيراً سواء من جانبنا نحن أو من جانبكم أنتم علماء اللغة، نحن لا نستطيع أن نشرّع في هذه اللغة، لا نستطيع أن نضيف عليها شيئاً من عندنا بدونكم أنتم، فأنتم العلماء الذين نعقد عليهم العزم؛ بحيث نتحرك سوياً إلى الارتقاء بهذه اللغة».

وتابع سموه: «نقول ربما يكون هذا جهداً شخصياً، والأشخاص زائلون، ويجب أن يكون لهذا الاتحاد وللمجامع الأخرى ريع دائم في صورة وقفيات لكل المجامع حتى تستمر هذه المجامع في عطائها وتقديم ما يجب عليها في خدمة اللغة، ويجب أن يكون لها دخل ذاتي وهذا أنا أعدكم بالتكفل به، وضمان الاستمرارية والتواجد في هذه المجامع يريد له الكثير، ولكن نقول: نحن زائلون، وإن شاء الله، تكون هذه المجامع بإدارتكم أنتم وبفهمكم وبإمكاناتكم اللغوية تستطيعون أن ترتقوا بهذه اللغة، اليوم البداية وبهذه المناسبة نرحب بالمجمع اللغوي في موريتانيا، الذي ولد حديثاً نبارك للإخوة في موريتانيا على هذا الإنجاز السريع، الذي تجاوبت له الحكومة الموريتانية بكل سرعة، نقول كذلك إن هناك كثيراً من المجامع تحتاج إلى وجود في بلدانها، لما يعتريها من عدم استقرار وتهديد، وتلك المجامع تحتاج إلى الاستقرار ليس بالدعم المادي فحسب، بل الدعم المعنوي أكثر تأثيراً في تحقيق الاستقرار لها».

وقال الدكتور حسن الشافعي رئيس اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية، «إن هذا اليوم لمشهود في الأيام العربية، وهذا المبنى محظوظ، وللمباني والأشخاص والأزمنة والأماكن قدر مكتوب، وقد شاء الله -تعالى- أن يشرف هذا المبنى الذي أقامه وشيده حصناً للعربية والثقافة وللهوية والوحدة العربية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، مأمون الأمراء العرب الرجل المتفق على أمانته وإخلاصه لأمته ولغته ودينه».

جاء منذ عامين ليفتتح هذا المكان افتتاحاً رسمياً، لكن الافتتاح الحقيقي هو اليوم عند إطلاق العمل في أهم مشروعات الاتحاد، فاتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية كما تعلمون ويعلم سموه، مشغول ومنوط به تنسيق العمل بين المجامع العربية، لكن الأمة قد أناطت به أيضاً مشروعاً تاريخياً يمثل نقلة نوعية في تاريخ الثقافة العربية، واللغة العربية، وهو صدور المعجم التاريخي للغة العربية. مضيفاً أن المهمة ضخمة وهي تسجيل كلمات اللغة العربية وتطوراتها على مدى هذه القرون ال18، مع الشواهد والأدلة وتطور الكلمة والدلالة، لكن الهمة الكبيرة، لصاحب السمو حاكم الشارقة المجمع على محبته وتقديره وتكريمه العالم الشيخ، هونت على المشتغلين فيه أن ينهضوا بهذا المشروع، ورغم أن الأمم الأخرى قد أخذت أحياناً قرناً كاملاً في إصدار المعجم التاريخي، إلا أن الأمة العربية الآن بعد الثورة المعلوماتية، والتقنيات الحديثة ومع وجود 13 مجمعاً على امتداد العالم العربي في مشارقه ومغاربه يأمل أن يصدر هذا العمل خلال ربع قرن أو أقل بإذن الله، ولو أمكن خلال 20 عاماً أو نحو ذلك، واليوم هو يوم الافتتاح لهذا المشروع الكبير بجهد ورعاية وبركة ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ولا أقول ضيف هذا المكان، بل هو صاحبه، وحق عليَّ أن أقول فيه:

أقام لسان العرب في نهارِهِ

ولولاه حقاً ما أقيمت عواثرُ

على الناس دينُ ثنائك لازِمٌ

يؤدونه ما يذكر الحق ذاكِرُ.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد صافي المستغانمي أمين عام مجمع اللغة العربية في الشارقة الإجراءات العملية التي اتخذت واتبعت في تنفيذ وتطبيق ما تم الاتفاق عليه من قبل أعضاء المجلس العلمي، ومن بين أهم تلك الإجراءات تشكيل لجنة تنفيذية تشرع في البدء في تنفيذ المشروع؛ وذلك بالتواصل اليومي سواء عبر تحديد لقاءات مباشرة أو عبر استخدام وسائل الاتصال الحديثة حتى يتحقق إنجازه في أسرع وقت ممكن.

واختتم الاجتماع بقصيدة للدكتور الخليل النحوي رئيس مجلس اللسان العربي بموريتانيا، كانت مسك ختام الاجتماع، مثنياً فيها على جهود صاحب السمو حاكم الشارقة في خدمة اللغة العربية ومبرزاً دور مجمع اللغة العربية في الشارقة؛ حيث قال:

بسموكم تزدان يا سلطان

للضاد في أوطانها أوطان

تزدان بالعلم النضير وتزدهي

بالشعر، ذان الدر والمرجان

الضاد جوهرة اللغات بك ازدهت

فدنت لقاطف ثمرها أغصان

آليت تخدُمها ولست بحانث

وظهيرك الإيمان والفرقان

والهمة القعساء ماضية الشبا

والصدق والإخلاص والإتقان

ويدان بيضاوان فاض جداهما

فهما لكل فضيلة عنوان

ورجال صدق آزروك فكلهم

للضاد، في حلباتها فرسان

بيد صناع شدت من أبراجها

حيطان عرفان لها آذان

الحرف عامرها وفيه مناعة

والوقف حارسها به تصطان

عش للمكارم واسع بين ربوعها

سعي السحابة غيثها هتان

سلطان َمعرفة، أمير ثقافة

حقاً، لعمري، ذلك السلطان.

المصدر: الخليج