سيف بن زايد: القيم الأخلاقية الأساس الأمتن لاستدامة الأوطان

أخبار

بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قال الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، في كلمته التي ألقاها مساء أمس، أمام القمة العالمية للحكومات، إن من أولويات صانعي القرار في دول العالم السعي الحثيث لتحقيق الاستدامة الشاملة لشعوبها، لاسيما جانب القيم الأخلاقية، والتي هي الأساس الأمتن لاستدامة الأوطان.

وأكد سموه أن الإمارات تعتبر رائدة في هذا المجال، منذ نشأتها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حتى وصلت اليوم إلى عمل مؤسسي ونهج سياسي ومجتمعي شامل.

وتحدث سموه في كلمته، التي ألقاها أمام القمة في يومها الثاني، تحت عنوان «استدامة وطن» حول الاستدامة بمنظور استراتيجي شامل، مستنداً إلى الشرائع السماوية ومرتكزات الفلاسفة والمفكرين، كما استعرض سموه أمثلة لأبرز التحديات التي تواجه استدامة الأوطان على مختلف الصعد، متطرقاً إلى أمثلة واقعية لمثل هذه المصاعب والتحديات التي واجهتها مسيرة الإمارات، في سعيها لتعزيز الاستدامة الشاملة وكيفية تغلبها عليها بفضل قيادتها الحكيمة، ووعي شعبها الأصيل وموروثاته العربية والحضارية الراسخة.

حضر الجلسة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وسمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، وسمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، ووزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس القمة العالمية للحكومات محمد بن عبدالله القرقاوي، وعدد من الشيوخ والوزراء والمسؤولين.

وابتدأ سموه بعرض رسمة توضيحية لحدث يمثل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع عدد من أنجاله نهاية الثمانينات وهم يحملون معاول وفؤوساً لاكتشاف ما بدا لهم (أثراً) تاريخياً في جزيرة صير بني ياس، أثناء رحلة لهم هناك، وبدأ الحفر المتواصل بنفسه موجهاً العمل تحت لهيب حرارة شهر يوليو الحارقة، وتم بالفعل لاحقاً تحديد الموقع لأول مرة عام 1992، خلال المسح الأثري لجزر أبوظبي، والكشف عن بناء تاريخي لدير مسيحي يعود إلى القرن السابع الميلادي قبل كنيسة الشرق المعروفة أيضاً باسم الكنيسة السريانية الشرقية، ويعد من المواقع التاريخية التي تكتسب أهمية كبيرة في الإمارات.

ودلل سموه بهذا الاكتشاف على عمق وتأصيل المنطقة وشعوبها لإرثهم الحضاري الطويل، وعراقة قيم التسامح والتعايش والسلام الضاربة بجذورها في هذه الأرض، التي أصبحت اليوم مركز جذب لجميع الحضارات والثقافات والديانات.

وأكد سموه أن الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، تؤكد أهمية القيم والأخلاقيات الإنسانية في بناء واستدامة الأوطان والمقترنة ببعضها، كالقوة والخير والأخلاق والعدل، والتي أكدها مفكرو وفلاسفة العالم الذين لم يخرجوا عن هذا الإطار القيمي والأخلاقي في بناء آرائهم ومعتقداتهم حتى أن بعضهم أرجع انهيار كثير من الحضارات والمجتمعات لوجود خلل يمس المنظومة الأخلاقية فيها.

وتطرق سموه إلى تعريف الاستدامة وأنواعها، مثلما تناولها علماء الاقتصاد والبيئة والأعمال كمفهوم علمي بحت، موضحاً سموه أن كل هذه التعريفات والأنواع من وجهة نظر استراتيجية، تهدف لتحقيق استدامة راسخة وهي استدامة الأوطان المستندة إلى عناصر شتى أهمها القيم والأخلاقيات.

واستعان سموه بالشابة الإماراتية ريم النقبي، التي تدرس باليابان، للحديث عن تجربة إنسانية مهمة باللغة اليابانية، وهي تجربة الشعب الياباني، مستدلة على أن التطور الحضاري والمعرفي يجب أن يستند إلى قيم وأخلاقيات راسخة ودونها لا مجال للتقدم أو التطور، ولا معنى لهما حيث أثبتت التجربة اليابانية أن الحداثة لا تتناقض مع الأخلاق بل كل منهما يشترط وجود الآخر.

وأضاف سموه أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أرجع أسباب تميزه عند سؤاله عن ذلك إلى ثلاثة أشياء رئيسة هي: التعليم في الكُتَاب والسنع من مجالس الرجال وأسفارهم، وإلى الأم المدرسة، موجهاً تحياته إلى «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، قائلاً سموه إن هذه الإجابة للمغفور له الشيخ زايد تؤكد أن منبع أخلاقنا في الدولة هو ديننا وتقاليدنا وتاريخنا ومناهجنا التربوية العامة، وهي الأساس في إطار الحديث عن أي مشروعات استدامة، لافتاً إلى أن الأم هي عمود البيت ومرتكز البيئة الأخلاقية للأبناء، مقدراً سموه الدور الذي لعبته أمهات الأمس في بناء منظومة قيم الأسرة والمجتمع.

وتطرق سموه في حديثه إلى التجربة الإماراتية في النمو والازدهار وبناء الاستدامة الحقيقة، دون الإخلال بالمرتكزات والأساس الأخلاقي، حيث عملت الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، على بناء مشروعات وبرامج لترسيخ الأخلاقيات بهدف تحويلها إلى عمل مؤسسي لضمان استدامة الأوطان، مشيراً سموه إلى برامج الدولة المعززة للأخلاقيات وأهمية هذه البرامج في تعزيز مسيرة التنمية والاستدامة، عبر تحصين أبنائنا وتعزيز ملكاتهم وقدراتهم الفكرية والتعليمية.

وأضاف سموه أن دولة الإمارات قدمت وأطلقت مبادرات وبرامج استراتيجية، تهدف لتعزيز وغرس القيم الإيجابية الأصيلة في صفوف أبنائها بكل أعمارهم، معرجاً سموه على عدد من هذه البرامج، من بينها مبادرات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات)، في تمكين المرأة الإماراتية، ومبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذين وضعوا رؤية متكاملة لتحويل منظومة الأخلاقيات إلى عمل مؤسسي لضمان استدامة الأوطان.

وعدد سموه بعض أهم هذه المبادرات كاستحداث وزارات التسامح والسعادة وشؤون الشباب، ووثيقة قيم وسلوكيات المواطن الإماراتي، لرسم التوجه العام للدولة وبرنامج خليفة لتمكين الطلاب (أقدر)، والمسرعات الحكومية التي تظهر ثقتنا بالقيادة وإيمانها بالشباب وإلغاء مفردة «المستحيل» من القاموس الإماراتي، عندما قرر مجلس الوزراء إضافة تحدٍّ إلى تحدٍّ قائم بأن أصبحت الفترة الزمنية المطلوب فيها إجراء التسريع ثلاثة أشهر بدلاً من سنوات.

وتابع سموه الحديث عن منجزات الدولة الحضارية، وأشار إلى إطلاق مادة التربية الأخلاقية، لتكون جزءاً رئيساً من مناهج تربية أبنائنا وتعميمها على كل مدارس الدولة العامة والخاصة، لأهميتها الإنسانية لكل الشعوب وتستهدف ترسيخ وتعزيز استدامة تاريخ الإمارات الإسلامي الإنساني الأصيل بين أبنائها.

وأكد سموه أن حادثة قندهار مثال بارز، حيث استهدفت أيدي الشر والظلام يد الخير الإماراتية، عبر بعثتها الإنسانية ووقت افتتاحها مشروعات تستهدف الأيتام والمساكين، فأسفر عدوانهم عن استشهاد كوكبة من أبنائنا المتسلحين بقيمنا وأخلاقنا العربية الإسلامية فكان الرد من قيادة الدولة وشعبها وبصوت واحد بأننا ماضون في نشر قيم الخير والتسامح والسلام.

ثم عرض سموه فيلماً كمثال آخر على استمرارية النهج الساعي إلى استدامة الأوطان، رغم التحديات عبر النموذج الفردي يشرح قصة نجاح شاب إماراتي من ذوي الإعاقة بحث عن الاستثمار الحقيقي وليس عن فرص التحسين المادية فقط، وتغلب على المصاعب والتحديات التي تواجهه، مواصلاً عمله في وزارة الخارجية، حيث تم تكريمه أخيراً من قبل صاحب السمو نائب رئيس الدولة، بعد أن كشف برنامج سموه للمتسوق السري تميز هذا الشاب وأخلاقه الرفيعة وتجسيده لقيمه وأخلاقه ومبادئه، التي تربى عليها.

المصدر: الإمارات اليوم