شعر مدعم بالفيتامينات!

أخبار

يسألني أحدهم مستهزئاً عن فوائد الشعر، وكأن القصيدة عشبة أو حبة فاكهة وعلى خده أن يحمر قليلا، أو يزداد الشعر بضع سنتميترات بعد القراءة.

حينها لم أصب بالدهشة لكن شيئا ما منعني من الجواب. ربما لم يكن السؤال متوقعا أو أنني فقط لم أستطع الإجابة. كل ما أذكره أنني بدأت بالتفكير جديا بفوائد الشعر وفكرت أكثر، ما الذي دفع ذلك الرجل ليسأل ذلك السؤال. وبعد تفكير طويل أدركت أنني بعالم يسوده تفكير مادي يفرض على معتنقيه البحث عن كل فائدة محسوسة أو ملموسة. كما أن هناك دراسات تثبت فوائد الشاي الأخضر أصبح علينا أن نجري دراسات نخضع فيها عددا من الأشخاص تحت تجربة سماع أو قراءة قصائد شعرية. وقد نحتاج لأن نقيس معدل نبضات القلب، مستوى بعض الهرمونات ربما وأشياء أخرى علنا نصل إلى نتيجة تثبت أن للشعر فوائد جمة والابتعاد عن قراءته هي خسارة كبيرة.

هي كذلك، الخسارة فعلا كبيرة، ولأنها غير ملموسة لن تعرف حتى تجرب الاستمتاع بقراءة ما جادت به أرواح قبل أقلام الشعراء. الشعر نزف روحي لا حبري، رحلة طويلة إلى أعماق الذات المنسية، عالم بحد ذاته ننصر به من نحب وندحر من نراه على باطل. بهذا العالم نحق الحق ونبطل الباطل، وننتصر ألف مرة وننهزم أكثر من ذلك. ولأن العقل لا يميز بين الوهم والحقيقة، فنحن نشعر بنشوة ذلك الانتصار وننطوي أحيانا حين ننهزم بالقصيدة أو أمامها. يقول مثل إنكليزي “لن تدرك قيمة القهوة حتى تفقدها في صباحك”. وكذلك هو الشعر وكل شيء جميل. قد تمر به دون أن تشعر أنك أضعت شيئا وقد لا تكترث لإهماله، لكنك بالضرورة ستشعر بفقدان قيمة ذلك الشيء بعد أن تجرب العيش معه أو بدونه.

نعم هناك فيتامينات بقراءة الشعر، أنا لا أهذي، هناك فيتامينات في الشعر، أكثر من الأعشاب والفاكهة، وإذا أردت أن تعرف، اسأل مجروحا عالجته قصيدة عبرت عن دواخله، اسأل عاصيا ضالا أهدته قصيدة إلى سبيله، اسأل التاريخ عن قصائد أشعلت حروبا وأطفأت أخرى، اسأل شاعرا عن لحظة ولادة قصيدة، سيخبرك بعضهم عن لحظات انفجار لا كتابة، لحظات سيل وانجراف لا تعبير. لا أجزم أن كل الشعراء سواء، ولا كل من كتب الشعر شاعر بما كتب، ولطالما قيل “ما أكثر الشعراء وأقل الشعر”، إلا أن ما صلح منه ليس بقليل وكما للجسد منزل يأويه، فالروح تحتاج لمنزل تأوي إليه، وهو بالنسبة لي على الأقل، بيت من الشعر.

حنين عساف

‫لمزيد من المعلومات عن الكاتب انقر هنا