عبدالله بن زايد: أبناؤنا يتفوقون علينا ومهمة المعلم مشاركتهم تجاربهم

أخبار

أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان عضو مجلس الوزراء وزير الخارجية والتعاون الدولي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، أن التكنولوجيا غيّرت في شكل وأسس التعليم وغيّرت من مهمة المعلم وطبيعة علاقته مع الطلبة، مشيراً إلى أن ثورة الاتصالات أتاحت لأبنائنا أن يتفوقوا علينا في المعرفة وفي استخدام أدواتها الحديثة.

واعتبر سموه أن مهمة المعلم في هذا العصر الذي يزخر بمتغيرات كبيرة طالت كافة نواحي الحياة بما فيها نظريات التعليم وأسسه وأساليبه، تتمثل في أن يكون المعلم محاوراً للطلبة وشريكاً لهم في تجاربهم ومحاولات إبداعهم.

جاء ذلك خلال افتتاح سموه لمنتدى المعلمين الدولي «قدوة 2017» الذي يقام بدورته الثانية على مدى يومين في قصر الإمارات بأبوظبي، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي.

واستهل سموه كلمته بتساؤل للمعلمين والمعلمات قائلاً: «كم مرة حاولتم فِعْلَ شيء في جهاز بالبيت واستعنتم بابنكم أو ابنتكم؟ كم مرة ساعدَكم أبناؤُكم على تعلم مهارة جديدة في هواتفكم الذكية؟ ومتى كانت آخر مرة شعرتم بأنكم قمتم بتعليم أبنائكم شيئاً جديداً في الحياة؟.

وأضاف سموه رداً على هذه التساؤلات «إنهم يعرفون كل شيء»، هذه إجابة أغلبيتنا، لكنها ليست مزحة هم فعلاً يعرفون أشياء كثيرة.

وأكد سموه أن هذا العصر الذي نعيشه يختلف عن كل ما عرفته البشرية من قبل إنه عصر انتهت وستنتهي فيه مفاهيم ترسخت في حياة البشرية منذ آلاف السنين وبدأت مفاهيم جديدة بالبزوغ.

وأضاف سموه: من كان يعتقد بأن الرسائل الورقية ستَنتهي لصالح الإلكترونية؟ ومن كان يظن بأنه سيتسوّق ويشتري ما يريد من خلال هاتف صغير؟ ومن كان يظن بأن العملة الإلكترونية ستحل محل الورقية؟ مشيراً سموه إلى أن «القادم أكثر تحدياً والتعليم ليس بعيداً عن هذه المتغيرات الهائلة فنحن على عتبات عصر جديد سيتغير فيه مفهوم التعليم والمعلم والمدرسة»

وقال سموه: «التعليم لن يكون من خلال المنهج بل من خلال التجارب بحيث سيكون البيت للقراءة والاطلاع والمدرسة لتطبيق ما تعلمه الطالب بشكل عملي وسيقضي الطالب ثلاث أو أربع ساعات ربما خمس ساعات فقط في المدرسة التي ستتحول من مبنى مليء بفصول للتدريس إلى مكان أشْبَه بالنادي الرياضي أو الفني المليء بالمرافق المختلفة لكي يمارس فيها الطلاب أنشطتهم التعليمية».

وأضاف سموه «سينتهي الحفظ في عصر غوغل وويكيبيديا والهواتف الذكية وستذوب المناهج تدريجياً في يوتيوب وخان آكاديمي وتطبيقات الهواتف المتخصصة في المعرفة والتعليم».

وتابع سموه: «أعرف أن مِن بينكم من يتساءل الآن وكيف سيتعلم الطلبة؟ وماذا سيتعلمون؟ أبشركم، أبناؤنا اليوم يعرفون أكثر منا ويفهمون ربما أكثر منا.. ولكن ليس أكثر منا عندما كنا في عمرهم بل أكثر منا الآن».

وقال سموه: «في ظل هذه المتغيرات الهائلة التي صارت واقعاً حولنا سؤالي لكم هو ما هو دور المُعلّم؟ حتى نجيب على هذا السؤال علينا أن نكون واقعيين ونبتعد قليلاً عن العاطفة قليلاً ونعترف أن المعلم سيفقد دوره لصالح التكنولوجيا وشاشة الهاتف والذكاء الصناعي الذي بدأ يجتاح أهم مجالات الحياة اليوم كالصحة والنقل والتعليم ليس بعيداً عنه.

وأضاف سموه، على المُعلّم الذي يريد أن يواكب العصر أن ينتقل من كونه معلماً يُلقي الدروس ويُصحح الواجبات ليكون مُوجّها أو Mentor يحاور الطلبة يبحث معهم ويمارسون أنشطة جماعية تساعدهم في تنمية مهاراتهم وأساليب تفكيرهم مشيراً إلى أن الشركات اليوم توقفت عن تدريب موظفيها وبدأت بإرسالهم لبرامج توجيهية مع محترفين ومتخصصين في مختلف القطاعات لأن التوجيه يعني بأن يتعلم الإنسان خبرات حقيقية من واقع الحياة، وليس فقط من بطون الكتب.

وأوضح سموه بأنه في القطاع التعليمي صارت قدرة الأطفال والطلبة على التعلم تفوق قدرة معلميهم ومخزونهم المعرفي لأن هؤلاء الصغار يبحثون عن كل معلومة جديدة تقدمها لهم الحياة بمختلف وسائطها المفيدة والمسلية في الآن نفسه.

وأضاف سموه: أما بالنسبة للمناهج فنحتاج أن ندرك بأن ما بين أيدينا اليوم لم يعد صالحاً لهم وبالتأكيد ليس لنا وأنا هنا لا أتحدث عن دولة الإمارات فقط بل عن المنطقة والعالم ما عدا بعض الدول التي أخذت على عاتقها مهمة التخلص من التعليم التقليدي وإشراك الطلبة في تصميم المناهج مع المعلم كُلٌّ حسب قدراته وميوله وإمكاناته الخاصة به، فعاشق التاريخ سيدرس منهجاً يختلف عمّن يهوى الحسابات الرياضية ومَن لديه ميول فنيّة سيكون في مجموعة لا شأن لها بمجموعة اللغات أو البرمجة.

وأكد سموه أن الهدف من المنظومة التعليمية الجديدة التي بدأت تجتاح العالم ليس تلقين الطلاب نظريات فيثاغورث وحساب نصف قطر الدائرة والجدول الدوري للعناصر الكيميائية بل تعليمهم كيف يفكرون وكيف يبحثون ويستنبطون وكيف يمتلكون أدوات تمنحهم القدرة على المساهمة في تنمية مجتمعاتهم والمشي في ركب الحضارة الإنسانية. وأضاف سموه «أساتذتي لم آتِ اليوم لأُنظّر عليكم حول مستقبل التعليم فأنتم أهله وأدرى به ولكن جئتُ لأتحدث إليكم كأب وأقول لكم إن العالم خارج جدران المدرسة قد اتسع كثيراً hellip وعالم أبنائنا صار أكبر مِنّا كأولياء أمور ومنكم كمعلمين ومشرفين على العملية التعليمية.

وقال سموه: دعونا نعمل سوياً لنفهم هذا الجيل الجديد لنسعى ونكون على قدر المسؤولية الحضارية التي تواجهنا كمربين في القرن الحادي والعشرين.

واختتم سموه كلمته الافتتاحية بكلمات لجبران خليل جبران تقول:أنتم الأقواس، وأولادكم سهامٌ حيةٌ، قَد رَمَتْ بها الحياةُ عن أقواسِكم.

«قدوة» خطوة تستشرف الغد بكل ثقة

أكد محمد سالم الظاهري المدير التنفيذي للعمليات المدرسية بدائرة التعليم والمعرفة، أن مثل هذا المنتدى الذي يشارك فيه 1056 شخصاً من مختلف مدارس الدولة وخارجها، إضافة إلى نخبة من المحاضرين الذين اختيروا بعناية من جميع دول العالم، سيكون إضافة فارقة، وقفزة نحو مستقبلٍ زاهرٍ مشرق، وخطوة تستشرف الغد بكل ثقة، وتعطي لنا جيلاً معنياً بالإبداع، مختزلاً بالفكرة، ماضياً نحو أفق النجاح والتطلعات البناءة، مضيفاً أنه إلى جانب المنتدى ورش عمل تعطي أكثر فاعلية ودافعية لما وصل إليه التعليم على مستوى العالم، حيث إنها تساهم في تبادل الخبرات ونقل الثقافات التعليمية ما بين المعلمين، وبعد ذلك بإمكانهم نقل خبراتهم إلى بلدانهم ومدارسهم التي ينتمون إليها وشرح كل ما استفادوه من منتدانا التعليمي «قدوة».

وأشار الظاهري إلى أن مثل هذه المنتديات تبيّن لنا ما المستوى الذي وصل إليه التعليم في دول العالم، وأهم وسائله، وما الاستفادة منها من حيث النسب والمقارنات والمقترحات والمعطيات بالأدلة التعليمية فكل ذلك جاء في مكانٍ واحد، وتحت سقفٍ واحد، مما يجعل تبادل الخبرات التعليمية أكثر فائدة وتصب في مصلحة الجميع.

وأضاف: اليوم التعليم أصبح مختلفاً عن السابق، فالمعلم يعطي الفكرة، والطالب يبحث عن المعلومة، أي أن التعليم أصبح كفريق عمل واحد.

«أصحاب الهمم» يشاركون في تنظيم «قدوة 2017»

تشارك مجموعة من الأولمبياد الخاص – أصحاب الهمم – في تنظيم فعاليات منتدى المعلمين الدولي «قدوة 2017». وتأتي مشاركة الأولمبياد الخاص – في المنتدي الذي تعقد فعالياته على مدى يومين في قصر الإمارات – ترسيخاً لقدرتهم على العطاء والمساهمة في مختلف الأنشطة الاجتماعية والعلمية والرياضية، وإيماناً بإمكاناتهم الفاعلة والمنتجة لخدمة المنتدى وغيره من الأنشطة، حيث قام أصحاب الهمم بمعاونة المنظمين في تسجيل وإرشاد الحضور، إضافة إلى خدمات إدارية أخرى. ويتطلع «قدوة» إلى تمكين المعلمين ودعم مسيرتهم المهنية وتقدير رسالتهم النبيلة، ويجمع ضمن فعالياته أكثر من 900 مشارك من معلمين وخبراء ورواد في قطاع التعليم من الإمارات، وأكثر من 80 دولة لتبادل التجارب والرؤى التي تلهم معلمي المستقبل، وترتقي بمسيرة التعليم. ويناقش «قدوة» قضية التعليم من أجل المستقبل من خلال جلسات تفاعلية ونقاشات وورش عمل مع خبراء ومؤثرين ورواد في قطاع التعليم من كل أنحاء العالم.

«معلم كفيف» يدرس الإنجليزية للفقراء

أعرب مانيل ماهارجان، «كفيف» من النيبال عن سعادته بتواجده في منتدى «قدوة»، وهو ما يعطيه حافزاً إيجابياً ويؤثر على حياته للأفضل.

ويدرس مانيل اللغة الإنجليزية لعدد كبير من الطلاب الفقراء وأثبت جدارته في مهنته بالتغلب على إعاقته وإعطاء دافع كبير لكل من حوله بالآمل، وخاصة أنه يقصد المناطق الفقيرة لتدريس الأطفال فيها ومساعدتهم على التعلم، ويقول: «بعد الانتهاء من دراستي سألت نفسي ما هي الخطوة التالية في حياتي، فبدأت بالبحث عن الفرص حتى سمعت بالصدفة عن إعلان يتحدث بريقة شيقة عن كيفية المساهمة في تطور المجتمع انطلاقاً من كل شخص، وباعتباري مدرساً قررت مساعدة الطلاب الذين يعيشون في المجتمعات الفقيرة، وتطوير قدراتهم ومنحهم حقهم في التعلم، وأنا اليوم أقوم بمساعدة هؤلاء الطلاب.

ويعبر مانيل عن فخره بكونه يعمل في مجال التدريس، ويضيف: «أنا أحب هذه المهنة وقادر على تعليم طلابي بكل سلاسة باستخدام برنامج بويربوانت، وجهاز العرض، حيث اجتهدت في الاستفادة من التطور التكنولوجي وطورت ذاتي من خلال العمل على جهاز مخصص.

ويتابع: إن طلابي قد يكون لديهم مشاكل اجتماعية وأهمها المعاناة من الفقر، لكن ليست لديهم إعاقات جسدية، فهم طلبة أسوياء، لذا فإن المستقبل لديهم كبير».

ويقول: إن التكنولوجيا ستكون داعماً أساسياً لأصحاب الهمم، ولابد من استخدامها على نطاق واسع، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تهتم بأصحاب الهمم، وأن اختيار هذا المسمى يدل على رقي دولة الإمارات، وتوفير التعليم لكل الفئات وعدم حرمانهم أو التقصير بحقهم بسبب أمور خارجة عن إرادتهم.

المصدر: الاتحاد