فُرسان الحزم والأمل.. أشاوس فخر في أشعار محمد بن راشد

أخبار

الشعر ذاكرة الأمم، والقصيدة روح التاريخ ونفسهُ الحي ونقشه الخالد على دفتر الأيام، تلامس القلوب وتحرك الوجدان، وتلهبُ الحواس، على خط النار، وفي جبهات الظفر اليمنية، كانت قصائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تبث الحماس وتشد الأزر، رايات مجد ورسائل فخر وحماس وعز وكرامة، مليئة بالحزم والأمل والثبات والعزم، إلى فرسان الاتحاد البواسل، إلى جانب إخوانهم من قــوات التحالف في «عاصفة الحزم» و«إعـــادة الأمل»، فصاغت «أسود الجزيرة» بقوة جزالة الشعر وجدارته كفاعل قوي وحافظ للأمجاد، وقدمت «كلنا جنود الوطن» ملحمة للوفاء والإخلاص والبذل والتضحية في سبيل الوطن، وفي «الفاتحين» نثر أكاليل الغار والفخر على هامات الأبطال، من صبروا على الأذى وصابروا ورابطوا، ورأوه يختال حول عرينهم، فكانوا أسود الميدان، وحماة الدار الأشاوس، وفي «يوم الشهيد» احتفى بمن يزهو بهم الزمان ويورق؛ جنود الوطن الذي قضوا في سبيله فداءً، من استلوا سيوفهم صقيلة ونقية، من رونق العطاء والبذل، وهبوا أرواحهم خالصة لعز الوطن ونصرة الإخوة والحق في اليمن، وترجلوا خالدين على درب الكرامة والمجد.

أسود الجزيرة

في قصــــيدة «أسود الجزيرة» نقش سموه بأحرف مضيئة عميقاً في زاد ذاكرة المآثر، وروى رونــق القصيدة فبدت خصبة بهية المطلع والسمت، من خلال عشرين بيتاً صاغـــت بـــقوة جزالة الشعر وجدارته كفـــاعل قـوي وحافظ للأمجاد، وقد نشر سمـــوه هذه القصيدة النبطية في يوم 28 أغسطس 2015، فبثت شعرية الحماس، ورفعت بنود العزم والتضحيات والشهامة والكرم، خفاقة الرايات في جبهات الظفر، وجاء مطلع هذه القــــصيدة قوياً ذا تنغـــيم موسيقي حماسي وقافية ذات جرس متدفق:

زادِنـــا كثِــــرْ الخِطَـــرْ عَـزمْ وعِنـادْ

وكِلّمـا يزيـــدْ الخطـــرْ نَرويـهْ دَمْ

نرفَــعْ الرَّايـاتْ ونمـدْ الأيــادْ

لأهلنــا أهـلْ الشَّـهامِهْ والكَـــرَمْ

وعبر معان ثرية وأفكار من وحي الحرب والصمود، استحضر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، كلمات عنوانها الفخر والإقدام، ومآثر الشهداء، الذين رووا بدمائهم معركة نصرة الوطن والأهل في الخط المشترك الواحد على حدود الديار، لا تزيدهم الأخطار المحدقة التي تتربص بهم الدوائر إلا قوة وبسالة وعناداً، يزفون الأرواح الغالية، ويمدون العون للأهل وللإخوة، يعدد المناقب ويبث الحماس، ويصف أصحاب التضحيات الكبيرة في هذه المعركة، وأسودها الأشاوس، وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، من إليه يرد الأمر في الحكم، رجل على ظهر قلبه يجتمعون، وتحت إمرته يتحركون، وهو نعم القائد في رأيه ومشورته وعزمه وهمته وإقدامه:

يا أسـودٍ للجزيــرهْ باعتمادْ

عنــدْ بوخالدْ لكـم قَـــدرْ وأسِــمْ

ننعمْ بـهْ قايـــدْ علــىَ جيــشْ وبلادْ

لـهْ يـردِّ الأمــرْ ويـردِّ الحكِــمْ

كلنا جنود الوطن

وجاءت القصيدة الثانية لسموه مُؤازرة لقواتنا الباسلة في اليمن بتاريخ 7 سبتمبر 2015، تحت عنوان «كلنا جنود الوطن» في وقت استثنائي، برزت فيه أنبل صور اللحمة الوطنية، بعد أيام قليلة من الاعتداء الغادر في حادثة مأرب، وما فقدته البلاد من أبنائها الأوفياء، الذين قضوا نحبهم شهداء في ساحة الشرف، برؤوس عالية، وجاء العنوان مُباشراً وقوياً يعبر عن استعداد وهمة لا تلين وتأكيداً لقوة اللحمة الوطنية وتماسك أهل الدار الواحدة في وقت الشدة، يمد فيها يد التعاضد ويوجه بشكل مباشر رسائل المساندة إلى أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة:

الخِلاصهْ يازعيمْ المرجِلِهْ

أنْ كِلْ الشَّعبْ في أمركْ يثورْ

ولي بديتهْ يا محمدْ كَمِّلهْ

وكِلِّنا ويَّاكْ ياصَقْر الصِّقورْ

فكلنا جنود للوطن، كلنا حماة للدار، حصنها وسورها المنيع، وتهون الأرواح والأنفس في سبيلها، ويرخص كل غالٍ في دار الشهامة وفي سبيل الشهامة، فالشهادة تسمو حين تكون في سبيل الوطن، فهي نور العلا الساطع الذي لا يعلوه نور:

دولتكْ باللِّي إستوىَ متْيَمِّلهْ

والشهادهْ نورْ ساطِعْ فوقْ نورْ

ومنْ جَرَحْ سبعْ الفلا يتحَمِّلهْ

والأسَدْ إذا إنجِرَحْ صارْ إمخَطورْ

الشَّهامهْ فْ شَعبنا متأصِّلهْ

ديرةْ الشِّجعانْ وافينْ الشبِّورْ

قصيدة «الفاتحين»

في قصيدة «الفاتحين» نثر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أكاليل الفخر على فرسان المجد بمناسبة عودة دفعة قواتنا الأولى من جبهات اليمن، مرحباً بجنودنا الأخيار أسُــــود الجزيرة وحُماة الدّار وعرين العرب، ونشرت القصيدة بتاريخ 7 نوفمبر 2015، وأعادت الصور الشعرية في هذه القصيدة ما ترويه لنا كتب التاريخ دائماً عن مشاهد عودة الجنود من الحروب والمعارك، وما يحيط بالأبطال لحظات استقبالهم من ألق المجد والبطولة:

أسُـودْ الجزيـرهْ حماةْ الدّيارْ

قِضوُا شَفِّنـا وإرجِعَـوْا للحِمَـىَ

عريـنْ العَـرَبْ دارنـا بإفتِخـارْ

ومِـنْ شَعْبِنــا النَّـاس تِتْعَلِّمَــا

سِقُوا المِعْتـدي كاسْ مـوتْ ودِمَارْ

وخَلِّوهْ عَ اللَّي فَعَلْ يَنْدِما

وفي هذه الملحمة الشعرية الترحيبية برجال الدار والوطن وحماته وأسود الجزيرة، وصف سموه في 25 بيتاً شعرياً قيم الفداء المتجلية في تضحيات هؤلاء الفرسان، وما قدموه من دروس الإيثار والتضحية، التي خطوها بدمائهم، وكتبوها في دفتر الوطن العطاء، بعد أن سقوا المعتدي الجبان والغادر كأس الموت والدمار. فقواتنا المسلحة في مهمتها خلال عاصفة الحزم وإعادة الأمل إلى الشعب اليمني الشقيق، ضمن قوات التحالف العربي في اليمن، قدمت روحاً عسكرية عالية ومثالاً يحتذى في البطولة فكان جنودها رجال الجبهة، منحوا أعمارهم، ورموا بأقدارهم لا يهابون الموت في سبيل نصرة الوطن ورفعته، وصانوا أسواره بأرواحهم وبدمائهم، فاليمن منا، وأهله أهلنا، نعرفه ويعرفنا، وسدّه العالي الشهير في مأرب روتهُ الإمارات مراراً بماء الحياة، وفي ذلك إشارة لأيادي الغوث التي منحها القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكل شعب الإمارات من أبنائه الكرام، لهذا الشعب الأبي:

فيا سَــدْ مـأربْ عــداكْ إنْــدثارْ

لأجلْ اليِمَنْ كَـمْ مَلينــاكْ مَـا

ولأهلْ اليمَنْ لي عَليهمْ نِغـارْ

بنملاكْ يــا سَـدْ مأربْ دِمـا

بناخذْ لـكْ الحَــقْ فِعـلْ الحَـرارْ

وبَتْردْ فَرحـانْ تِتْبَسِّـــما

يوم الشهيد

واختار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لقصيدة «يوم الشهيد» أن تكون فصيحة، وأهداها سموه إلى أبطال يزهو بهم الزمانُ ويورقُ، ونشرت في يوم الشهيد 30 نوفمبر 2015، وصف فيها تضحيات الشهداء بالمفاخر، التي يتأنق بها الوطن والأمة، والمآثر لا يصنعها إلا الأبطال والأبناء الأوفياء، يكتبون بدمائهم تاريخاً للوطن، ووهبوا دماءهم زكية وعطاءهم جلياً للأرض فكانوا الأوفياء، فالوطن هو البيت الكبير، أسواره الأبناء الأوفياء، وسقفه القيم الوطنية الخالصة:

عيدُ الشَّهيدِ لهُ المَحَلُّ المُشرقُ

بجلالهِ يزهوُ الزَّمَّانُ ويورقُ

بدمائهِ وعطائهِ ووفائهِ

وطنٌ يتيهُ وأمَّةٌ تَتَأنَّقُ

ويصف سموه في بلاغة شعرية كيف تسمو القيم، ومثل هؤلاء الجنود حماة الدار وطوق الوطن؛ أبناء زايد من عاهدوه في قسم عظيم فكانوا أُمناء القسم، وقفوا ببسالة، وسكبوا الدماء بحراً متدفقاً على أديم الثرى، تنبتُ العزة في ميادين الشرف من رحم الأرض، ويولد فيلق إثر فيلق، فقيم العزة والشهامة والإباء ومحبة الوطن والذود عن حِماه لا تمــوت أبداً، ولولا رجال أوفياء أفذاذ مثل هـــؤلاء الأبطال، لكان اليوم اليمن الشقيق في صورة أسوأ، مُحطم الأركان مُمزق الربوع، لكن الله قيـــض له نُصرة وعزة من جيش «الفاتحين»:

لولاهُ فاليمَنُ العزيزِ مُحَطَّمٌ

وحِماهُ لولا الفاتحينَ مُمَزَّقُ

منْ تضحياتِ الأوفيا ودمائهمْ

أرضُ الكرامةِ بالشهادةِ تعبَقُ

فيوم الشهيد يوم مُختلف، لا يشبه الأيام، فهو يوم الشرف والبطولة والبذل والسخاء والعطاء والكرامة والبسالة، ويوم الإيثار والتضحية والإقدام والشجاعة والوفاء، والصدق والعهد والثبات والصبر، يوم يحيي كل القيم الجميلة في النفس، وكل الصفات والمحامد الأثيرة.

اليمنُ منا

في حرب تتهدد الإخوة وأبناء العمومة والدم، تُساق المودة إلى أهلها، وتُبادل المحبة بالمحبة، أصدق تعبير لها، الجنود البواسل، يحملون أرواحهم على أكفهم، يُجرعون الأعادي علقم الصفعات، ذوداً عن الدار والجار على تخوم الجزيرة، وقد تعددت هذه الصور في قصائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وفي ذلك تعبير عن قوة الأواصر مع أهل اليمن، مثل قوله في «أسود الجزيرة» اليمنُ منا ونحن شعب واحد:

نحنْ وإنتوا شعبْ واحدْ بالوكادْ

يجتمْع فَأنسابنا دَمْ ورحَـمْ

واليمْن منَّـا وفالأيامْ الشِّدادْ

يومْ نادانـا فلهْ قلنا نَعَمْ

المصدر: صحيفة البيان