قطر تشهد 5 انقلابات سياسية خلال 50 عاماً

أخبار

على الرغم من كونها شبه جزيرة صغيرة متاخمة للمملكة العربية السعودية، فإن قطر تفعل أشياء أكبر من حجمها بسبب ثروتها الهائلة من الغاز الطبيعي. وحيث إن عدد مواطنيها لا يتجاوز 250 ألف شخص، لايزال هذا البلد يثير الجدل على العديد من المستويات، لاسيما على المستوى السياسي المحلي ومستوى تمويل الإرهاب على الصعيد الإقليمي. وقد وصل هذا الجدل أخيراً إلى نقطة الغليان، بسبب الدعم المزمن الذي تقدمه قطر للإرهاب الإقليمي والدولي. واضطرت الدول المجاورة وعدد من الدول العربية أخيراً لقطع جميع علاقتها الدبلوماسية مع قطر، بما فيها السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر واليمن وموريتانيا وجزر المالديف، مع المزيد من البلدان التي يحتمل أن تتبعها.

– الإدارة الأميركية الحالية لديها موقف ثابت تجاه الجهات الفاعلة غير الحكومية والميليشيات الإرهابية، وهذا يختلف تماماً مع إدارة أوباما التي فشلت في مواجهة أي منظمة متطرفة ترعاها قطر أو إيران.

– شبكات التمويل الخاصة في قطر تعتمد بشكل متزايد على وسائل الإعلام الاجتماعية لطلب تبرعات للإرهابيين، والتواصل مع كل من المانحين والمتطرفين المتلقين لهذه المساعدات في ساحة المعركة.

– حاولت قطر تسويق تنظيم «جبهة النصرة» بعد أن غير اسمه إلى «جبهة فتح الشام»، واستضافت زعيمه على قناة «الجزيرة»، وخنقت الجهود الأميركية لتوحيد المعارضة المعتدلة في سورية.

– تعاملت دولة قطر بطريقة كما لو كانت ولاية أميركية لها الحق في حرية التعبير، على الرغم من أن حكومتها حكمت على مواطن في وقت سابق بالسجن مدى الحياة بسبب قصيدة ينتقد فيها أمير قطر.

وشهدت هذه الدولة الصغيرة خمسة انقلابات سياسية في 50 عاماً، بمعدل انقلاب واحد كل 10 سنوات، حيث أصبحت الصراعات والانقلابات داخل أسرة آل ثاني جزءاً لا يتجزأ من فلسفة سياسة البلاد الداخلية. وبدأت مشكلات قطر الخطيرة بعد أن خلع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والده في عام 1994.

ولا تسعى قطر فقط لوضع حد لموجة الانقلابات والصراعات السياسية الداخلية التي تعتريها، وإنما أيضاً تحاول تصدير مثل هذه القلاقل والممارسات إلى البلدان المجاورة في المنطقة، وهذا من شأنه، في رأيهم، أن يخلق مكانة قوية لدولة قطر في الإقليم، فضلاً عن حصولها على مركز من شأنه أن يوفر للبيت السياسي القطري نفوذاً أكبر.

مراهنة على الإسلاميين

وراهنت قطر ولاتزال على نجاح الإسلاميين في العالم العربي، وقدمت في وقت لاحق دعماً لا لبس فيه إلى جماعة الإخوان المسلمين، حيث شكل الإخوان أكبر حركة سياسية إسلامية في الذاكرة الحديثة. في التسعينات كانت وسائل الإعلام السياسية العربية ضعيفة وغائبة نوعاً ما عن المشهد السياسي، واستغلت الدوحة هذا التقصير في الحضور الإعلامي العربي، واغتنمت الفرصة لإطلاق قناة الجزيرة، التي تعمل بشكل مكثف وتسوق لنفسها بقوة، زاعمة أنها منصة لدعم الشعوب، بينما هي في الواقع داعمة حصرية للثورات والاضطرابات السياسية لزحزحة الحكام العرب واستبدالهم بحكام إسلاميين، خصوصاً من جماعة الإخوان المسلمين.

كما أن القناة كانت أول منصة لنشر أشرطة تنظيم «القاعدة» الخاصة بالعمليات الإرهابية وخطب زعمائها بقيادة زعيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن. وأثارت القناة الرأي العام العربي ضد أميركا، وانتقدت الحكومة السعودية بشدة بسبب سماحها بإقامة قواعد عسكرية أميركية في المملكة العربية السعودية، واستطاعت القناة تحقيق هدف قطر في تأجيج المشاعر الإسلامية ضد السعودية من خلال الادعاء بأن الرياض خانت الأمة الإسلامية بسماحها بتواجد عسكريي أميركا في المنطقة.

دور الوسيط

وعندما أغلقت القواعد العسكرية الأميركية في السعودية أبوابها أقنعت قطر الأميركيين بنقل القاعدة إلى قطر، ومنذ ذلك الحين زادت قطر من وتيرة دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، والجهات الفاعلة غير الحكومية في المنطقة، وعلى هذا النحو طرحت قطر نفسها أمام الأميركيين كوسيط بينهم وبين هذه المنظمات. وما يجعل هذا الأمر غريباً على وجه الخصوص، هو أن قطر بعد أن انتقلت القواعد الأميركية إليها مارست أسلوب القوة الناعمة لشيطنة أميركا أمام الرأي العربي. وقد تعاملت دولة قطر بطريقة كما لو كانت ولاية أميركية لها الحق في حرية التعبير، على الرغم من أن حكومتها حكمت على مواطن في وقت سابق بالسجن مدى الحياة بسبب قصيدة ينتقد فيها أمير قطر.

في الوقت الحالي، وبعد فشل مخطط قطر في مصر، وبعد سقوط الرئيس المخلوع محمد مرسي، واصلت قطر تقديم الدعم المباشر إلى جماعة الإخوان المسلمين في مصر والجماعات المسلحة في سيناء، وكذلك حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في قطاع غزة. ومن المعروف أيضاً أن قطر تدعم «جبهة النصرة» التابعة لـ«تنظيم القاعدة» في سورية، والتي لا تصنفها قطر منظمة إرهابية. كما حاولت قطر تسويق المنظمة بعد أن غيرت اسمها إلى «جبهة فتح الشام»، واستضافت زعيمها على قناة «الجزيرة». وبدعم قطر لهذا الفصيل الخطير تم خنق الجهود الأميركية لتوحيد المعارضة المعتدلة في سورية.

دعم ميليشيات ليبيا

وفي ليبيا، قدمت قطر دعماً مالياً ودعائياً كبيراً لميليشيات الفجر التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي أحبط بدوره جميع الجهود السياسية لإيجاد حل في ليبيا. وقد أعربت إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، عن قلقها عبر وزارة الخزانة الأميركية والمؤسسات الأميركية الأخرى في ما يتعلق بتمويل الإرهاب في قطر. وفي الواقع، أعرب وكيل وزارة الخارجية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية السابق، ديفيد كوهين، عن اعتقاده بأن شبكات التمويل الخاصة في قطر «تعتمد بشكل متزايد على وسائل الإعلام الاجتماعية لطلب تبرعات للإرهابيين والتواصل مع كل من المانحين والمتطرفين المتلقين لهذه المساعدات في ساحة المعركة»، ما يجعل البلاد «بيئة متسامحة مع تمويل الإرهاب»، كما قدم السناتور الجمهوري مارك كيرك عريضة شكوى إلى وزير الخزانة السابق جاكوب ليو يعرب فيها عن قلقه الشديد من «البيئة القطرية المتساهلة مع تمويل الإرهاب».

ومن الواضح أن الإدارة الأميركية الحالية لديها موقف ثابت تجاه الجهات الفاعلة غير الحكومية والميليشيات الإرهابية، وهذا يختلف تماماً مع إدارة أوباما التي فشلت في مواجهة أي منظمة متطرفة ترعاها قطر أو إيران.

نحن بحاجة إلى التحلي بالصبر لنرى كيف ستتعامل واشنطن مع قطر، حيث إن فكرة عمل الطائرات الأميركية انطلاقاً من قاعدة العيديد الجوية في قطر لقصف تنظيم القاعدة مباشرة، والتي لاتزال تقدم لها قطر الدعم، أمر محير تماماً. وستكشف الأيام المقبلة عن مدى الضغط الذي ستمارسه واشنطن على الدوحة.

المصدر: الإمارات اليوم