قطر فشلت في تدويل الأزمة وستعود مجبرة إلى الحضن الخليجي

أخبار

إدارة الندوة: حبيب الصايغ

الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب رئيس تحرير «الخليج» المسؤول

أعدها للنشر: هاني عوكل

الأحداث التي شهدها الوطن العربي منذ العام 2011 والتي عرفت ب«الربيع العربي»، أثارت جدلاً كبيراً حول مجموعة من القضايا، من بينها الأدوار الخارجية، من حيث تأجيج الأوضاع واستغلال بعض الثغرات، فقد كان للإعلام، والتمويل دور بارز في ذلك الأمر، حيث تركز العمل الإعلامي على الإثارة والتحريض، بينما انهالت الأموال على الجماعات المتطرفة.

هذان البابان وإن كان لهما تأثير في مرحلة الإعداد للأحداث، إلا أنهما برزا أكثر في مرحلة ما بعد الانتفاضات العربية، وأثناءها، حيث بات الإعلام يتعامل مع التطورات بما يخدم تيارات على حساب تيارات أخرى، ولم تعد الأموال توجه لبعض منظمات المجتمع المدني فقط –المفترض أنها ليست أكثر من جماعات ضغط- ولا لتيارات وتنظيمات سياسية فقط، وإنما أصبحت الأموال تذهب إلى الميليشيات والجماعات الإرهابية، وانضم إلى المال والإعلام، السلاح لتقوية مواقف هذه الميليشيات على الأرض، ولنا أن نتصور تأثير كل ذلك على الأرض، ويكفي توجيه النظر إلى ما يحدث حالياً في كل من ليبيا وسوريا ومصر.

لم تكن قطر بعيدة عن هذه الصورة، بل إن ما يتم الكشف عنه في الآونة الأخيرة يكشف عن أنها كانت في قلب الأحداث تخطط وتدبر وتنفذ. وعندما أصبحت الأمور تسير في غير المسارات التي كانت تريدها قطر، انحازت الدوحة صراحة لتيارات معزولة، وهاجمت السلطات الرسمية بلا هوادة.

ستعرض هذه الندوة الدور القطري في الربيع العربي إعلامياً، ومالياً، وعسكرياً، عبر ثلاثة محاور:

المحور الأول: قطر ومقدمات «الربيع العربي»

المحور الثاني: قطر وتطورات «الربيع العربي»

المحور الثالث: قطر ونتائج «الربيع العربي»

حبيب الصايغ:

تعقد هذه الندوة في سياق مشروعنا الوطني لفضح قطر ونظامها، وكشف دورها في «الربيع العربي»، فمنذ تولى حمد بن خليفة مقاليد الحكم في قطر، منتصف تسعينات القرن الماضي، وهو يتبنى مشروعاً لزعزعة المنطقة، داعماً فكرة الإخوان المسلمين صاحبة المصالح الضيقة، وعملت قطر طوال العقدين الأخيرين على تعزيز هذا الجانب، ومع أحداث «الربيع العربي» ساهمت الدوحة في تأجيج الشعوب العربية ضد أنظمتها، وكان الثمن باهظاً، فقد سال دم، وخراب في الوطن العربي، وإذا نظرنا إلى الأمور بخواتيمها فإن الخواتيم كانت مكلفة كثيراً، ولقطر دور كبير في كل ذلك، في مصر وليبيا، ورأينا كيف اشترك قائد القوات الخاصة القطرية حمد بن فطيس المري، في قتل القذافي وهو يحمل العلم القطري، وشاهدنا دور قطر في اليمن، وغدرها بالتحالف، ودورها في إبلاغ تنظيم «القاعدة» بإحداثيات جنود الإمارات البواسل، وشاهدنا أيضاً الدور الإجرامي لنظام قطر في كل ذلك، وضمن المشروع الوطني كما أسلفت، لتسليط الضوء على جرائم قطر، تعقد هذه الندوة.

علي عبيد الهاملي:

نحن نعطي قطر أكبر من حجمها إذا اعتقدنا أنها هي من خطط ل «الربيع العربي»، ومعروف للجميع ما حصل في الوطن العربي أواخر 2010، بداية في تونس مع حركة إحراق محمد البوعزيزي، ثم انتقال الموضوع إلى مصر، وأقطار أخرى، وعليه يمكن القول إن دور قطر السلبي برز بشكل أساسي في دولتين، هما مصر وليبيا، لكن تركيز الدوحة على مصر بالدرجة الأولى مع وصول «الإخوان المسلمين» إلى الحكم، لكون قطر تدعم هذه الحركة وتتبناها منذ سنوات طويلة، وتؤوي الهاربين من قادتها منذ سبعينات القرن الماضي، لكن لا نستطيع القول إن قطر لعبت دوراً بالتخطيط في «الربيع العربي»، في مصر على وجه الخصوص، لأن 25 يناير ليست أول حركة تحدث في مصر، فقبلها بعامين تقريباً بدأت حركة شباب 6 إبريل، والمعرف للجميع عملية إضراب عمال المحلة، ومنها نشأت حركة 6 إبريل 2008، ثم تطورت هذه الحركة وكانت مكونة من مجموعة من الشباب، ربما كان هدفهم إصلاحياً، نوعاً ما، في مصر، لكن وكما بدا لنا جميعاً، أن الدعوة لوقفة 25 يناير لم يكن لقطر دور فيها، إنما الدوحة استطاعت الاستفادة من هذه الموجة، وأن تركبها، وتستغلها أحسن استغلال في توجهاتها بعد ذلك، أو في توجيهها نحو مصلحة وخدمة جماعات إسلامية متطرفة على رأسها جماعة «الإخوان المسلمين»، وقطر استثمرت مثل هذه الحركات في الوطن العربي، وإعلامها لعب في هذا الاتجاه وكان له دور كبير في تسليط الضوء على هذه الحركات، وتوجيهها في مسار واحد، هو مسار حركة «الإخوان المسلمين»، وفي تصوري هذا هو الدور الأساسي الذي قامت به قطر، أكثر مما قامت بدور التخطيط لهذه الحركات قبل قيامها، أو في بداياتها.

محمد المزعل:

قطر كانت تخطط منذ ما قبل «الربيع العربي»، حيث أسست «حوار الدوحة» الذي يعتبر من أهم مقدمات «الربيع العربي»، باسم «الحوار الإسلامي الأمريكي»، ومن ثم توسع وأصبح «حوار الدوحة» في 2004، أي قبل الربيع العربي بسبعة أعوام، وكان الهدف من حوار الدوحة خلق حوار رسمي بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان، ذلك أن الحوارات جرت على الطاولة، وفي الغرف المغلقة، ونتذكر في تلك الأيام كان تنظيم «القاعدة» الإرهابي يعمل على أشده، ومنذ 2001 إلى 2005 قام هذا التنظيم بأكثر من تفجير في بريطانيا، وإسبانيا، وحاول تفجير طائرات أمريكية، والحكومة القطرية حاولت إقناع الإدارات الأمريكية السابقة بأن التعامل مع تنظيم إسلامي معتدل، حسب الوصف القطري، أفضل من التعامل مع عناصر «راديكالية»، مثل القاعدة، وغيرها. وهذا الأمر أخذه الأمريكيان في الاعتبار، وجرى حوار لأعوام، أسفر عن لقاءات رسمية بين السفارة الأمريكية وجماعة الإخوان في القاهرة، قبل عام أو عامين من 25 يناير، ثم إن الإعلام القطري وقناة «الجزيرة» الأداة الإعلامية الضخمة، ركزا كثيراً على مصر، لتيقنهما أن ما يحدث في مصر يحدث فينا كلنا، لذلك كان ملاحظاً تركيز «الجزيرة» على كبائر الأمور، وصغائرها في القاهرة، سواء الجوع، الفقر، البطالة، وتبنت حملة «لا للتوريث»، وأنشأت قناة خاصة في مصر، وبالتالي قطر مارست دوراً بالوكالة عن قوى أخرى لتمهد المجال لمثل هذه القلاقل في «الربيع العربي».

وركزت قطر من خلال «قناة الجزيرة» على ليبيا واليمن، غير أن تركيزها على مصر وتخطيطها هناك كان منذ سنوات، وقمة الدوحة الاقتصادية التي عقدت عام 1997 واحدة من عناوين استهداف قطر لمصر، ولذلك فإن مقدمات «الربيع العربي» بالنسبة للدوحة واضحة، من حيث إعداد حركة «الإخوان المسلمين» عبر قبول أمريكي، ورأينا أن إدارة أوباما لم تكن معادية للإخوان وإنما صديقة، وفي تصوري أن الحكومة القطرية كانت تركز على ثلاث دول، ربما لأبعاد تاريخية أو أحقاد، هي مصر وسوريا والبحرين، والهدف كان إثارة الشارع وتهويل الأمور ولأسباب جزء منها إقليمي، وجزء منها شخصي، كما هو الحال بين قطر والبحرين، بسبب الخلافات التقليدية بين البلدين، وبالتالي قطر لم تأخذ بيد الناس إلى الشارع، لكنها ساهمت في القلقة وزعزعة وإثارة الشارع منذ 1997.

ضرار بالهول الفلاسي:

الشرارة بدأت أيام حرب الخليج، حين اجتمع عدد من الدول من أجل البحث في تحرير الكويت، وتدخل حمد بن خليفة، وكان وقتها ولي العهد، وطالب بالحديث عن موضوع الجزر، والحوار مع البحرين، وأعتقد أن أطماع الحمَدين: حمد بن خليفة، وحمد بن جاسم، بدأت منذ تلك الأيام، وبعد انقلاب حمد بن خليفة على والده بعام، أسست قناة «الجزيرة» التي تعمدت تشويه الحقائق، وعليه لم تهيئ قطر لما يسمى «الربيع العربي»، وإنما كان هناك تخطيط أمريكي، وأفضل مثال على ذلك حديث كوندوليزا رايس عن الفوضى الخلاّقة التي أسميها فوضى غير خلاّقة، لأن الكثير من الناس قتلوا، وشردوا، وبالتالي ركبت الدوحة الموجة، وبدأت تأخذ دوراً أوكله الأمريكان لها عن طريق المال والإعلام، وهذا الدور كان واضحاً جداً في مصر، كما لعبت «الجزيرة» دوراً كبيراً في اليمن والتأجيج الذي حصل هناك، إلى جانب الدور الذي لعبه حمد بن خليفة حين اندلعت الحرب بين علي عبدالله صالح والحوثيين، وكان وقتها صالح متقدماً لإنهاء الحرب، غير أن حمد بن خليفة تدخل، وأوقفها، ومن وجهة نظري أن الطريق كان مهيأ من قبل، ومخططاً له وبالذات ما حدث في مصر خطط له من قبل الأمريكان، وقطر ركبت الموجة، وكان معروفاً أنها دربت عدداً من الشباب في صربيا، وتهيئة فرق لإحداث القلاقل، وجرى عمل افتراضي لتدافع هؤلاء بين المتظاهرين، فضلاً عن تدريبهم على استخدام الهاتف والكمبيوتر كأداة إعلامية، وإخراج الصورة بطريقة مضللة، والعملية برمتها عبارة عن «دومينو»، بحيث إنه لو سقطت دولة ستسقط دول أخرى.

ومن التسجيلات الواضحة أن قطر اعترضت على تدخل «درع الجزيرة» في البحرين، لأن حمد بن جاسم كان يريد تغيير النظام هناك، وحين كان «الربيع العربي» مندفعاً فإن الإمارات كسرت أمواج «الربيع العربي» الذي بدأ ينهار ويسقط، والآن في مقاطعة قطر نلحظ أن «داعش» انهار، والوضع في سوريا هدأ، وفي ليبيا تقدم خليفة حفتر، ويجوز القول إن قطر منذ عام 2010 إلى 2016 صرفت ما يزيد على 60 مليار دولار في إحداث القلاقل، ولو أنها صرفت 10% من هذا المبلغ على بنيتها التحتية لكانت تغيرت إلى الأفضل بدلاً من إراقة الدماء.

رائد برقاوي:

في أعقاب تفجيرات نيويورك الإرهابية بعام، أو عامين، جاء وفد كبير من مراكز الأبحاث الأمريكية وزار المنطقة، وقابل إعلاميين والتقى بهم، وكان سؤالهم الأساس يدور حول لماذا تكره هذه المنطقة الأمريكان؟ كان الجواب الذي استشفوه من زياراتهم لكل دول المنطقة، وتحديداً مصر والسعودية والإمارات، أن سبب الكره في شقين، الأول يتعلق بوجود بعض أنظمة الحكم المستبدة أو الفاسدة التي تتحكم في دول عربية، فيما السبب الآخر هو الدعم الأمريكي المفتوح ل «إسرائيل».

كان أمام الأمريكان خياران للتعامل مع ما وصلهم من المنطقة للتعاطي مع دعهم ل«إسرائيل»، وبعض الأنظمة العربية الفاسدة آنذاك، أما الأول فاشتغلوا فيه عبر مفاوضات «أوسلو»، وساروا في عملية سلام طويلة الأجل ونتائجها معروفة، والثاني عملوا فيه على محاولة تغيير بعض الأنظمة العربية، وهنا كانت حاجة واشنطن إلى من ينفذ إقليمياً، حيث بحث الأمريكيون وقتها عن جهة لديها الاستعداد لتنفذ المخطط تكون قادرة على الدفع بمبالغ ضخمة، ويمكنها إحداث التأثير السلبي في الشؤون الداخلية للدول العربية.

وجد الأمريكان في الأمير السابق حمد بن خليفة، الرغبة في لعب هذا الدور، وكان حمد بن جاسم صلة الوصل، وعراب الأمر مع الإدارات الأمريكية السابقة، للمضي قدماً في تغيير، وتحسين بيئة الحكم في الدول العربية، ومن هنا جاء الحديث عن بدائل طرحتها قطر، تتمثل في تسويق «الإخوان المسلمين» باعتبارهم يمثلون احد تيارات الإسلام السياسي الأكثر تنظيماً في المجتمعات الإسلامية، مقابل التيارات الأخرى

كان تسويق المشروع القطري عند الغرب من خلال نظام «الحمَدين» أن «الإخوان المسلمين» إذا حكموا فإنهم يستطيعون استيعاب التنظيمات الإرهابية على غرار «القاعدة، وإن لم يستطيعوا فيدخلون في مواجهات معهم تصب في النهاية لمصلحة أمريكا، واستخدمت الدوحة لتمرير أجندتها سلاحي «الجزيرة» للسيطرة على العقول، والمال للسيطرة القلوب، حيث امتلكت فائضاً مالياً حاولت توظيفه في الفائض الديني المتطرف عند «الإخوان المسلمين» والجماعات الإرهابية الأخرى، وفي تلك الفترة، وقبل الأزمة الاقتصادية العالمية، كان هناك أزمة فراغ سياسي في المنطقة العربية بشكل عام، فمصر منشغلة بمراكز القوى والتوريث، ودول الخليج منشغلة بالبناء والتنمية مستفيدة من أسعار النفط، حيث كان آنذاك 130 دولاراً.

وجاءت الأزمة المالية عام 2008 /‏‏‏‏‏‏‏‏2009 وجرى الانشغال بشكل أكبر على لملمة الجروح في الدول النفطية، في حين أصبح لدى الدول غير النفطية أزمات أكبر، وزادت البطالة، ومعدلات الفقر، وكانت الفرصة متاحة لقطر للعمل في شوارع عندما بدأت التظاهرات في بعض الدول في ما يسمى «الربيع العربي».

أما لماذا فعل النظام القطري ذلك، فالأمر يعود إلى أن الدوحة لديها «عقدة الجغرافيا»، ودائماً عندها هواجس غير حقيقية من السعودية تحديداً، باعتبارها دولة كبيرة، وضخمة، ولديها إمكانات كبيرة، وحمد بن خليفة كان لديه قناعة بأن تفتيت المنطقة يعني بقاء قطر قوية، ووجد القطريون أن موضوع «الجزيرة» والإعلام هو وسيلة مناسبة جداً للسيطرة على العقول، ولديهم المال للسيطرة على التنظيمات، وبدأ التدخل في مصر، حيث حكم «الإخوان المسلمين» آنذاك، وفي الوقت نفسه اتجهت قطر إلى ليبيا وفعلت ما فعلته من خراب، والى سوريا، وضخت الأموال بالتزامن مع نقل المتشددين الإرهابيين من هناك إلى شمال سوريا بالتعاون مع تركيا.

ومع انشغال النظام العربي في تلك الفترة، والحاجة إلى من يملأ الفراغ، رأت قطر أن في استطاعتها ملء الفراغ بعد أن سيطرت على مصر من خلال نظام مرسي، إلى أن وقفت الإمارات والسعودية معاً في وجه هذا المشروع، وسيذكر التاريخ أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أفشل مشروع الإخوان في مصر.

حقيقة قبل موضوع «الربيع العربي» لم يكن لدى الإمارات اهتمام بلعب أي دور إقليمي، وكانت مهتمة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وملتزمة بسياسات تعتقد أنها مناسبة لها، لكن حينما وصل الخطر إلى عمق المنطقة العربية، وإلى عمقها الاستراتيجي، قالت لا، وأخذت هذا القرار مع الحليف السعودي، والآن وصلت الأمور مع قطر إلى مستوى لا يمكن القبول به بعد نقد اتفاق 2014، وبعد ذلك أعطيت فرصاً كثيرة لها، غير أنها تكابر، لكنها لا يمكن مواصلة مكابرتها، وستعود للحضن الخليجي والعربي عاجلاً، أم آجلاً.

محمد الحمادي:

حينما نتحدث عن قطر و«الربيع العربي»، فإننا نتحدث عن شخص ودولة، أما الشخص فهو حمد بن خليفة المعزول في منطقته، بشكل أو بآخر، بعد انقلابه على والده، وأما الدولة فهي الولايات المتحدة الأمريكية، وهي المجروحة بسبب أحداث 11 سبتمبر 2001، وبالتالي أرادت أن تنتقم، وأن تصحح من الوضع، وهناك ظروف خدمت الطرفين، والدوحة في هذه اللحظة حاولت اقتناص الفرصة وعرضت نفسها كدولة تستطيع أن تقدم شيئاً، وهي التي روجت لمشروع الإسلام السياسي المعتدل، ودعمت هذا الخيار لدى الأمريكان، وبلا شك كان الأمريكيون يبحثون عن بدائل ويسعون للخروج من الأزمة الكبيرة التي كانوا يعيشونها بسبب كره العالم لهم، وقطر رفعت يدها، وتبرعت بأن تكون الدولة التي تساعد الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الأمر، وإذا ربطنا هذا بأحداث «الربيع العربي»، فإنه لم يكن من تصور بأن يكون هناك شيء من هذا الربيع، وإنما مشروع آخر هو الشرق الأوسط الجديد، وكان هنالك مخطط، وثمة من عمل على هذا الأمر، وحقيقة كل الظروف هيأتها قطر، والثروة الكبيرة التي امتلكتها الدوحة كانت تحت أمر هذا المشروع، ولاحظنا وجود عمل ممنهج في الإعلام، وأن قطر بدأت تدخل في المؤسسات والجمعيات الحقوقية والبحثية، وبدأت تدخل في مشروعات التعليم وتعقد الكثير من المؤتمرات في الدوحة وخارجها لكي تبدأ هذا التغيير، وحمد بن خليفة لديه مشكلة كبيرة، فهو يريد أن يغيّر، ويريد أن يؤكد أنه حاكم شرعي، وأنه لم ينقلب على والده، وعندما نتحدث عن «الربيع العربي» وقطر، فلا نستطيع أن نقفز عن الأزمة التي نعيشها اليوم، إذ إن حمد بن خليفة، وحمد بن جاسم، والقرضاوي، والنائب العام القطري، جميعهم اعترفوا بالصوت والصورة بأن قطر كانت وراء التغيير في الوطن العربي، وبالتالي كان هناك دور واضح وممنهج، والدور القطري كان يقوم على التمويل ودعم جماعة الإسلام السياسي، وبالتحديد «الإخوان المسلمين»، ولذلك استطاعت قطر تغيير المعادلات، وأن تكون الذراع التنفيذية للحكومة الأمريكية السابقة إدارة أوباما التي كانت تؤمن بهذا التغيير الإيمان الكبير، وهذا ربما يفسر مع بداية الأزمة التي حصلت مع الدوحة، حينما صرح بعض المسؤولين القطريين وقالوا إننا نتعامل في واشنطن مع الديمقراطيين، ولا نتعامل مع البيت الأبيض، في إشارة إلى أنهم لا يهتمون لموقف ترامب، ولا إدارته، وإنهم يتعاملون مع الديمقراطيين الذين هم كانوا الشركاء الحقيقيين لقطر في هذا المشروع، وهذا يفسر تعنت قطر وإصرارها على موقفها إلى يومنا هذا، وهي تعتقد أن لديها دعم قوي من الخارج، ومن الولايات المتحدة، وأصدقائها، غير أنها تشعر اليوم بأنها في موقف صعب جداً، حيث إن مشروعها الكبير ينهار، و«الربيع العربي» تم إجهاضه، والإمارات كان لها دور في إجهاض هذا المشروع، خاصة أن لها رؤية واضحة بعيدة المدى حول ما يحدث في «الربيع العربي»، والإمارات تؤكد للعالم أنها ليست لها مصالح، ولا أطماع، وإنما تعمل من أجل استقرار وأمن هذه المنطقة.

د. حبيب الملا:

الموضوع ليس موضوع قطر، وإنما موضوع المنطقة العربية برمتها، وهناك نظام عربي أنشئ بعد الحرب العالمية الأولى، ووصل إلى مرحلة كبيرة من الترهل، ولم يستطع تحقيق الحد الأدنى من طموحات مواطنيه، مع بعض الاستثناءات، مثل دول الخليج والمغرب، وجاء غزو الكويت، ثم جاء ما سمي «الربيع العربي»، وهدّ أركان هذا النظام، والذي لا خلاف عليه أن قطر لديها مشروع، غير أن مشروعها هدّام وتخريبي، وقطر تلعب دوراً أكبر بكثير من مكانتها، ولا أظن أن الدوحة تتبنى فكر الإخوان، وإنما بتصوري أنه التقاء مصالح بين الطرفين، فهما يلتقيان خاصةً عند الخطر، لكنها سيتحاربان، أو كانا سيتحاربان عند توزيع الغنائم، والإمارات لديها مشروع، ومشروعها إصلاحي، وربما هو الوحيد الموجود اليوم لحماية والحفاظ على المنطقة العربية، والسعودية تشهد في عهد الملك سلمان تغيرات كبيرة جداً، والإمارات أخذت قراراً استراتيجياً صحيحاً للوقوف مع المملكة والاستثمار في هذه العلاقة.

محمد خلفان الصوافي:

فوضى قطر بدأت في عام 1996 عندما أنشأت قناة «الجزيرة» التي ضخت فبركات إعلامية، ومست قيادات سياسية، ورموزاً دينية، إلى أن وصلنا إلى ما يسمى «الربيع العربي» في نهاية 2010، وقطر دخلت صدفة إلى هذا الربيع، وكان لها أهداف تتصل ببروز إقليمي في الدول العربية بعد أن شعرت بوجود ثغرة، أو تراجع للدور العربي، ممثلاً بجامعة الدول العربية، غير أن خطيئة الدوحة في كونها دخلت في وساطات ما بين الدول والتنظيمات السياسية في الوطن العربي، في لبنان وفلسطين، والتقريب بين السودان وتشاد، ولم تكن تمارس دور الوسيط النزيه، وظهر دورها السلبي جلياً في مقدمات «الربيع العربي».

د. عمر عبدالعزيز:

لابد أن نعود قليلاً إلى الوراء، لكي نتعرف إلى دور المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية حول كل ما جرى في العالم العربي خلال الفترة الماضية، وهذا الدور ليس بمستغرب، فأية دولة كبيرة على وجه الأرض لابد أن تكون لها أجندة واستراتيجية في ما يجري في العالم المحيط، والمحافظون الجدد تبنوا الفوضى الخلاّقة وهذا ما حصل مع انبثاقة «الربيع العربي»، وهذه التسمية لم نسمها نحن، وإنما استنبطت من ربيع براغ الذي كان منطلقاً لهد النظام الموازي للنظام الأمريكي العالمي، ممثلاً في الاتحاد السوفييتي، وحلفائه آنذاك، ونعلم أنه من عهد جورج بوش الأب، وما تلا ذلك، كان هنالك عديد من الإشارات المرتبطة بالمنطقة العربية بالمعنى الواسع للكلمة، ومن هذه الإشارات ما كانوا يسمونه بالنصائح للأنظمة العربية، من حيث عمل إصلاحات أو تغييرات، ومن المحزن أن النظام العربي العام لم يستوعب المغزى من هذه النصائح، بمعنى آخر لم يستوعب النظام العربي بجملته المرتبط بالعمق الديموغرافي الكبير كما هو الحال في مصر واليمن وغيرها من الدول العربية، لم يتم استيعاب أن كل متغير عاصف في التاريخ لابد أن يوافقه متغير في الجهاز المفاهيمي السياسي لكيفية التعامل مع هذا المتغير، ولهذا السبب ما حصل في الانتخابات الرئاسية المصرية دليل قاطع على أنه ليس هناك إدراك للمتغير، وإذا نقلنا هذه المسألة إلى قناة «الجزيرة» أو النظام القطري، فإن الأخير منذ انقلاب حمد اعترفت به الولايات المتحدة الأمريكية خلال عشر دقائق، وفي الفترة التمهيدية لإطلاق قناة «الجزيرة» فإن أدوات المعايير التي استخدمت في تلك القناة من الناحية التحريرية والبصرية والترويجية لم تكن مألوفة في الفضائيات العربية الأخرى، ونتحدث هنا عن لحظة مهمة في أثر الفضائيات، ثم إن «الجزيرة» تبنت الخطاب الوجداني في المستوى الديني، وتكرر في شبكة قنوات «الجزيرة»، وخلال هذه الفترة حاولوا الاستفادة من ثقافة التدوين التاريخية في المنطقة العربية، وحاولوا أن يمارسوا نوعاً من التعبئة العاطفية للجماهير في العالم العربي، وهذا ما حصل أثناء «الربيع العربي»، وللأسف الشديد الأنظمة العربية تعاملت ببساطة مع جماعات الدين السياسي.

خليل العلي:

قطر تبنت منذ 2004 مشروع التغيير في الدول العربية، حتى تكون بعيدة عن التغيير، وتحمي بيئتها الداخلية، واعتمدت الدوحة في مشروع التغيير على مشروعين أساسيين، الأول هو مشروع النهضة بقيادة جاسم سلطان الإخواني القطري، وتقضي الفكرة بتجميع الإخوان بعيداً عن الظروف الجغرافية، والثاني أكاديمية التغيير التي تعتبر نموذجاً تطبيقياً لتطبيق التجربة الصربية في الشرق الأوسط، ومنذ 2006 قامت تلك الأكاديمية بتدريب الشباب من دول عربية مختلفة بشكل منظم، وفتحوا مقراً في قطر عام 2009 وآخر في النمسا عام 2010، وهناك اتفاق مرسوم ومقيد بين قطر والأمريكان، بحيث إذا جرى تجاوز هذا الدور فإنه سينعكس على قطر، وهذا ما حصل عام 2013 حين تغير الحكم ووصل تميم إلى السلطة، وهذا نتيجة إملاء خارجي، وليس بسبب تطورات داخلية.

ناعمة الشرهان:

قطر صدمت العالم بأسلوبها، ولم يكن يتوقع أحد من دولة صغيرة الحجم أن تمارس أدواراً سلبية في مصر وليبيا واليمن، والأذرع المتمثلة بالإعلام والتمويل كان لها أدوار هدّامة، إلاّ أن قطر تعيش الآن تذبذباً في أوضاعها الداخلية، ونواياها السيئة انعكست على هذا الداخل، إضافة إلى أن تغير الإدارة الأمريكية جعل قطر تعيش في حالة صدمة.

د. أحمد الهاملي:

قطر جزء من مشروع اجتاح المنطقة العربية منذ تولي حمد بن خليفة الحكم، حيث لم تكن تعمل الدوحة وفق مؤسسات الدولة المتعارف عليها، ولا معايير العلاقات الدولية، ومنذ تولى حمد بن خليفة الحكم وهي ليست قطر التي كنا نعرفها سابقاً، حيث تتحرك بطريقة مختلفة، وتوعد وتخلف وعودها، وتعمل في الظاهر وفي المؤتمرات العالمية، وهناك عمل آخر في الغرف المغلقة، ولذلك تمتلك الدوحة أجندات خفية، والنظام القطري غير واضح وصريح، وهو جزء من عملية تخريبية تجتاح المنطقة.

م. عزة سليمان:

اختيار عنوان «قطر والربيع العربي» يلخص الحقيقة المرة التي انكشفت للشعوب العربية، ولم نكن نتوقع أن لقطر علاقة ب«الربيع العربي»، وقد أعطيت لها الفرصة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي حتى تغير من موقفها، إلا أنها لا تزال متمسكة بمواقفها، ولم تتوقف عن الممارسات الداعمة للإرهاب والتدخل في شؤون الدول وزعزعة الاستقرار والأمن في دول عربية متعددة، وقطر حقيقة مستمرة في العبث بأمن المنطقة، ومن وجهة نظري، وأتفق مع المشاركين على أن قطر تبرعت للعب دور وتمرير أجندات لمصلحة دول أخرى، وفي البداية ضخمت الأحداث ووظفت إعلامها وقناة «الجزيرة» لنشر الفوضى في الوطن العربي، مستترة تحت ستار الحرية الإعلامية، ونقل الحقائق، بينما هي كانت تضلل الحقائق وتوظفها لدعم الإرهاب، وعدم الاستقرار في المنطقة، ثم إنها قدمت نفسها على أساس أنها وسيط نزيه، إنما كانت تستخدم سلاح المال في تمرير أجنداتها، والشعوب تعي حقيقة التدخل القطري في تمويل الإرهاب ودعم الجماعات الإرهابية.

خالد عمر بن ققة:

قطر عبارة عن دولة خليط بين الإعلام والأيديولوجيا والمصالح، وهي ظاهرة إعلامية بالأساس، ونحن مشكلتنا الأساسية أننا لا نفكر بصوت عال، ولا نقول الحقائق كما هي، أي أننا الآن نقف في خندق واحد ضد قطر التي هي مَن وراء الإرهاب والكوارث، وهي نفسها التي كانت في عام 1996 ضد الإرهاب، ولأن الأمر لم يكن يمس الأنظمة بشكل مباشر، فقد كانت تتغاضى عن دوافع قطر وإعلامها.

د. علي القحيص:

قطر مثل البكتيريا لا تعيش إلا على جرح، ومشكلتنا ليست مع قطر كشعب ودولة، وإنما مشكلتنا بعد انقلاب حمد بن خليفة على والده، ومورست علينا ضغوط دولية للاعتراف به، وأصبحت المشكلة مع الحمَدين، ومن حسن حظ قطر أن نسيجها الاجتماعي الخليجي واحد، لذلك لم نسمع عن تظاهرات ضدها.

جميلة الهاملي:

منتدى المستقبل الذي عقدته قطر كان يخصص ورش عمل للشباب تركز على التغيير وتدعو إليه، وإلى الديمقراطية بالوصفة الغربية، والناس وقتها لم يكونوا يعلمون ما الهدف من ذلك، إلى أن جاء عام 2010 وتمكنت قطر عبر أكاديمية التغيير من غسل أدمغة الشباب.

المشاركون حسب ترتيب الأحرف الهجائية:

1- د. أحمد الهاملي: رئيس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان

2- جميلة الهاملي: المدير العام لجمعية الإمارات لحقوق الإنسان

3- د. حبيب الملا: رئيس مجلس إدارة «بيكر مكنزي حبيب الملا»

4- خالد عمر بن ققة: كاتب وإعلامي جزائري

5- خليل العلي: مستشار إعلامي

6- رائد برقاوي: رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «الخليج»

7- ضرار بالهول الفلاسي: مدير عام مؤسسة وطني الإمارات

8- م. عزة سليمان: عضوة المجلس الوطني

9- علي عبيد الهاملي: مدير مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام

10- د. علي القحيص: مدير المكتب الإقليمي لجريدة الرياض

11- د. عمر عبدالعزيز: مدير الدراسات والنشر بدائرة الثقافة

12- محمد الحمادي: رئيس تحرير صحيفة الاتحاد

13- محمد خلفان الصوافي: كاتب في صحيفة الاتحاد

14- محمد المزعل: مدير تحرير صحيفة «غلف نيوز»

15- ناعمة الشرهان: عضوة المجلس الوطني

المصدر: الخليج