قلق من انقلاب يدبره المالكي بعد اختيار العبادي خلفا له

أخبار

الرئيس العراقي فؤاد معصوم يصافح حيدر العبادي بعد تكليفه

في خطوة يفترض أنها حسمت الجدل السياسي والدستوري بشأن الحكومة العراقية المقبلة بعد نحو ثلاثة شهور من إجراء الانتخابات في العراق، أصدر الرئيس فؤاد معصوم مرسوما جمهوريا أمس بتكليف القيادي البارز في حزب الدعوة النائب الأول لرئيس البرلمان حيدر العبادي بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

وجاء ترشيح العبادي خلفا للمالكي بعد أقل من 24 ساعة على آخر تمديد للمهلة الدستورية وهو ما عده رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بمثابة خرق دستوري مؤكدا تقديمه شكوى ضد رئيس الجمهورية إلى المحكمة الاتحادية. وبينما جرت الرياح بما لا تشتهي سفن المالكي وائتلاف دولة القانون بعد انشقاق كل من كتلتي (مستقلون) برئاسة حسين الشهرستاني و(الدعوة) برئاسة حيدر العبادي بالإضافة إلى تيار الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري والفضيلة بزعامة محمد اليعقوبي، فإنه وطبقا للمؤشرات فإن قيادات ائتلاف دولة القانون بدأت تتحدث عن انقلاب العبادي الذي لا يمثلها.

وكان الرئيس معصوم طلب من العبادي أن يشكل الحكومة وفقا للمدة الدستورية وهي شهر. وقال معصوم في كلمة له في حفل التنصيب بحضور رئيس البرلمان سليم الجبوري ورئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري وعدد من قيادات التحالف الوطني «نأمل تشكيل الحكومة وفق الدستور بقاعدة عريضة، والعراق أمانة في عنقك وضرورة العمل الجاد لإعادة الأوضاع الطبيعية في البلاد».

من جانبه، قال العبادي «سأكون عند حسن ظن الكتل السياسية والشعب العراقي». كما تعهد العبادي في تصريحات له بعد تكليفه بالتعاون مع القوى السياسية للقضاء على تنظيم «داعش»، داعيا الجميع إلى التوحد.

وفي أول رد فعل له على تكليف العبادي، وصف المالكي التكليف بأنه «خرق دستوري». كما هاجم الولايات المتحدة واتهمها بـ«المساهمة في خرق الدستور» وبـ«إطاحته».

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، حيا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين، خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس معصوم، تسمية رئيس حكومة جديد للبلاد الأمر الذي وصفه بـ«الخطوة الحاسمة»، مؤكدا رغبة الرئيس باراك أوباما بتعزيز التعاون مع حكومة عراقية جديدة والقوات الأمنية العراقية لاستعادة كل ما سيطر عليه تنظيم «داعش».

في سياق متصل بحث زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر هاتفيا مع كل من الرئيس معصوم والجبوري والجعفري والعبادي الاستحقاقات السياسية وتشكيل الحكومة المقبلة. وقال مكتب الصدر في بيان بأنه «تم خلال الاتصالات مناقشة الوضع العام الذي يمر به بلدنا الحبيب وخصوصا الاستحقاقات السياسية وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة».

وبينما دعت الكتل السياسية العراقية، فضلا عن الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، دعت بقوة إلى دعم الشرعية التي يمثلها الرئيس معصوم فإن المخاوف التي لا تزال تساور الجميع بشأن الصلاحيات شبه المطلقة التي يملكها المالكي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية والأمن الوطني بالوكالة بالإضافة إلى إشرافه على أجهزة المخابرات والاستخبارات وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات النخبة (سوات) الأمر الذي طرح الكثير من التساؤلات في الشارع ولدى الكتل السياسية والمراقبين بشأن الخطوات المقبلة للمالكي فيما لو استخدم هذه الصلاحيات بالضد من خصومه السياسيين.

وفي هذا السياق أكد القيادي الكردي مؤيد طيب، الناطق السابق باسم كتلة التحالف الكردستاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما صدر عن المالكي بشأن رئيس الجمهورية هي ليست أكثر من اتهامات باطلة لأن المحكمة الاتحادية كانت قد حسمت منذ عام 2010 الكتلة الأكبر وهي لم تسم كتلة بعينها بل تحدثت عن تفسير لمادة دستورية بهذا الخصوص». وأضاف أن «من الخطورة بمكان أن يقوم المالكي بانقلاب على الدستور باسم الدستور»، مبينا أن «الكرة هي في ملعب التحالف الوطني الذي يرشح ويتولى الرئيس تكليفه وبالتالي فإن الرئيس معصوم مثّل الشرعية الدستورية وأن المالكي هو من يقوم بخرقها بما يملكه من صلاحيات ومن ثم يتحدث عن احترام الدستور».

من جهته أكد حسين فوزي المستشار السياسي في البرلمان العراقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مغريات السلطة ربما تكون عاملا في دفع المالكي لأمور كثيرة وكلها لا تحفظ وحدة الموقف السياسي إلى الحد الذي بات فيه من الصعوبة عليه استعادة الثقة من الأطراف السياسية». وأبدى فوزي أسفه من أن «يضيف المالكي خصومة مع رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم تضاف إلى خصوماته القديمة لا سيما أن تفعيل الخلاف بهذه الطريقة التحريضية يؤدي إلى زيادة التوتر في الشارع العراقي في وقت نحتاج فيه جميعا إلى وحدة موقف لمواجهة الهجمة الظلامية». وأوضح فوزي أنه «في الوقت الذي يحق فيه للمالكي أن يرفع شكوى للمحكمة الاتحادية بشأن ما يراه مناسبا دستوريا فإنه لا يجب التمادي أكثر من اللازم خصوصا مع كون معصوم هو رئيس الجمهورية الذي يمثل حلقة وصل بالنسبة لجميع الأطراف».

المصدر: بغداد: حمزة مصطفى أربيل: دلشاد عبد الله – الشرق الأوسط