لغز مقتل كوكس يحاصر مونديال الإرهاب

أخبار

استيقظت الدولة التي ترعى الإرهاب أمس على وقع حملة جديدة، بعد أن انتظمت في بريطانيا حملة إعلامية، بغرض الضغط على الحكومة القطرية من أجل كشف ملابسات وفاة المواطن البريطاني زاك كوكس الذي كان يعمل ضمن فريق عمل تطوير استاد خليفة إحدى منشآت السخرة التي كانت تعدها الدولة الراعية للإرهاب من أجل استضافة مونديال 2022.

وحدثت الواقعة في يناير، عندما سقط البريطاني – النيوزلندي زاك كوكس، المتخصص في إعادة تجديد الأسقف في الملاعب والبنايات العالية، من أعلى قمة استاد خليفة، من غير أن تعرف الأسباب التي أدت إلى سقوطه، لتعلن لجنة «الإرث والمشاريع» التي تدير ملف مونديال الإرهاب، بأنها ستقوم بالتحقيق في الأمر وتصل إلى الأسباب التي أدت إلى الوفاة وتعلن عن نتائج التحقيق في موعد أقصاه الأول من مارس الماضي وهو ما لم يحدث.

إذ تضاربت نتائج التحقيقيات التي قامت بها لجنة الإرث، مع أخرى قامت بها الشركة التي عمل لديها كوكس، وكذلك تلك التي تتولى تنظيم أعمال كوكس بشكل عام، إذ يعمل كمقاول مستقل مع شركة فايبر الألمانية، التي تعد جزءاً من شركة ميدماك البلجيكية القطرية.

وهي أحد التحالفات التي تخفي خلفها الدولة الراعية للإرهاب، الحقائق المؤسفة التي يتعرض لها العمال الذين يواجهون أسوأ الظروف وضغطا رهيبا من الدولة التي ترعى الإرهاب من أجل إكمال أعمال الاستادات والفنادق قبل موعد افتتاح مونديال 2022، وعلى الرغم من أن أفضل التقديرات تشير إلى تأخر أعمال البناء والتشييد عن المخطط له على الأقل بثلاث سنوات، مما يعني مزيدا من الضغط على العمال، من أجل أن يكتمل العمل في الوقت الذي يتوقعه الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا».

مما سيؤدي إلى المزيد من الإهمال في حياة وطرق معيشة هؤلاء العمال الذين سيدفعون حياتهم ثمنا من أجل أن تنجح الدولة الراعية الإرهاب في إكمال منشآت مونديال الفساد الذي تم شراؤه بعد أن تلاعب الدولة التي ترعى الإرهاب بالذمم.

ضغط

وفي حملة موحدة بين أكبر الصحف البريطانية، على المستوى الكبير للجزيرة البريطانية، في إيرلندا وويلز وإنجلترا وإسكتلندا، اتفقت الصحف الكبرى على تناول موضوع وفاة كوكس وغياب الحقيقة في موته، وتناولت الصحافة البريطانية أمس هذا الموضوع، ويبدو أنها كانت تنتظر أن تنتهى تداعيات الانتخابات البرلمانية المبكرة، ثم تتفرغ كلها لمتابعة هذه الحملة.

وكشفت مصادر متطابقة في الصحافة البريطانية أمس، أن الأزمة الكبرى اندلعت بعد أن رفضت شركة فايبر الألمانية نتائج التحقيق التي قدمتها شركة ميدماك، والتي ناقضت ما قدمته لجنة الإرث، وحرصت الشركة الألمانية على إصدار نتائج تحقيق خاصة بها تتناقض تماما مع ما قدمته ميدماك ولجنة الإرث.

وأصرت الشركة الألمانية في تقريرها على نفي الإهمال من قبل موظفها الراحل، مؤكدة أن اختصاصي في العمل على ارتفاعات عالية، لا يمكن أن لا يتأكد من أدوات الأمان عنده قبل أن يبدأ عمله، وسخر تقرير الحالة الذي قدمته الشركة الألمانية من ذلك المقدم من شركة ميدماك.

وهي الشركة البلجيكية القطرية، وكذلك المقدم من لجنة الإرث، وألمح تقرير بريطاني أمس إلى أن لجنة الإرث تعمد إلى إصدار تقرير مناقض دائما عن التقرير الذي تصدره الشركة التي تتولى العمل على الأرض، وأن هذا التناقض مقصود به عدم السماح للحقيقة بالظهور، ففي جميع حالات الوفاة التي حدثت خلال التحضيرات لمونديال الإرهاب، فإن تقرير لجنة الإرث كان يمضي في اتجاه بعيد جدا عن الحقيقة، بل وكانت بعض اللجان المحلية في قطر تصدر نتائج أقرب إلى الواقع، إلا أن الحكومة القطرية منحت السلطة المطلقة في الأمر إلى لجنة الإرث.

أمر مباشر

ومضى مصدر بريطاني إعلامي أمس أن لجنة الإرث تلقت توجيهات مباشرة من الحكومة القطرية بعدم الكشف عن أسباب وفاة المواطن البريطاني زاك كوكس، وأن على لجنة الإرث أن تستخدم كل الوسائل التي تملكها من أجل إنهاء هذه المسألة بعيدا عن «الخطوات الواجب اتباعها قانوناً» في إشارة إلى منح الحكومة القطرية لجنة الإرث والمشاريع السلطة الكاملة لرشوة وشراء ذمم الشركة الألمانية التي يعمل لديها كوكس، وكذلك أسرة العامل النيوزلندي الأصل البريطاني الجنسية.

من أجل أن يتوقف البحث عن الأسباب التي أدت إلى سقوط اختصاصي من الأسقف المرتفعة، وسبق له العمل من قبل في أكثر من 31 استاداً حول العالم من غير أن يصاب بخدش، لكنه سقط من فوق استاد خليفة القطري، لأنه حسب تقرير لجنة الإرث والمشاريع القطرية، «نسي» أن يؤمن عدة الأمان الخاصة به.

وكانت لجنة الإرث قد تعهدت بتقديم تفاصيل كاملة عن الحادث، والتزمت بأن تكشف حقيقة الواقعة في الأول من مارس الماضي بعد شهرين من حدوثها إلا أنها لم تقم بذلك حتى الآن مما دفع الصحافة البريطانية إلى المطالبة بتقرير واضح عن أسباب رحيل زاك كوكس، الذي بات واحدا من مئات العمال الذين لقوا حتفهم وهم يعملون في مونديال الإرهاب.

هجوم عنيف

وكان اتحاد نقابات عمال العالم قد شن هجوما عنيفا على ظروف العمل التي يعاني منها العمال الذين يعملون في منشآت مونديال الإرهاب، بينما كان اتحاد نقابات عمال هولندا مبادرا لدعم خطوات قضائية لإيقاف استغلال العمال في منشآت مونديال 2022، خاصة بعد رفع دعوى قضائية من أحد هؤلاء العمال.

حيث رفع عامل من بنغلادش، دعوى يؤكد فيها أنه تعرض للاستغلال أثناء عمله في منشآت خاصة ببطولة كأس العالم لكرة القدم، المقرر إقامتها في قطر عام 2022، ورفع العامل الدعوى القضائية ضد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، لما يقول إنه إخفاقه في ممارسة نفوذه لضمان معاملة العاملين بشكل عادل.

والدعوى التي رفعت في زيوريخ، حيث مقر الفيفا بمساندة من أكبر اتحاد للعمال في هولندا، تدعو الفيفا لإجبار قطر على تطبيق «الحد الأدنى من معايير العمل» على العمالة المهاجرة، التي تقوم بالتحضيرات للبطولة بما في ذلك على الأقل الحق في ترك العمل أو مغادرة البلاد.

ورفع الدعوى في زيوريخ، نديم شريف العلم (21 عاما)، ويطلب تعويضا قدره نحو 11500 دولار عن عقد عمل دفع أربعة آلاف دولار للحصول عليه من شركة توظيف.

ولدى وصوله إلى قطر أُخذ منه جواز سفره وأُجبر على العمل 18 شهرا تحت ظروف صعبة، وذلك وفق ما جاء في مسودة خطاب سيقدم إلى المحكمة التجارية في زيوريخ. وكان شريف العلم يقوم بتفريغ سفن تحمل مواد بناء، ويدفع أجر الوجبات التي يتناولها في مجمع العاملين الذي يقيم فيه.

ترحيل

وقال شريف العلم إنه بعد ذلك فصل من العمل، وتم ترحيله ولم يكن قد كسب سوى مبلغ ضئيل لا يكفي حتى لسداد قيمة رسوم عقد العمل.

وقال اتحاد نقابات العمال الهولندية إن الفيفا يجب أن يتحمل مسؤوليته إذ إن لديه سلطة منح أو حجب اتفاقات استضافة البطولات وله تاريخ من مطالبة الدول المضيفة بتقديم تنازلات.

وقالت ليزبيث زجفيلد المحامية لدى اتحاد نقابات العمال الهولندية: كيف يكون من الصعب على الحكومة القطرية القول بأن كل الشركات التي لا تدفع أجرا كافيا للعمال، أو التي تجبرهم على البقاء في البلاد إذا أرادوا الرحيل ستواجه غرامة كبيرة؟.. هذا كذب واضح الأمر مرتب بواسطة الحكومة القطرية نفسها.

ظروف عمل مأساوية ومرتبات زهيدة

أكدت شاران بورو، الأمين العام للاتحاد العالمي للنقابات أن العمال المشاركين في الأعمال التجهيزية والإنشائية الخاصة بمونديال قطر 2022، يعملون في ظروف مأساوية للغاية ويداومون لساعات طويلة وبمرتبات زهيدة.

وقالت بورو: زرت ملعب الوكرة في قطر وقابلت هناك العشرات من العمال الذين يبيتون تحت المدرجات في ظروف معيشية غاية في السوء.

وأضافت «الحكومة القطرية تكذب، إذ لم تُحسن ظروف معيشة العمال كما أعلنت، وتتعامل مع الأمر من دون وازع أخلاقي».

واتهمت بورو الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بعدم تحمل مسؤولياته في هذا الموضوع، وأرسلت رسالة إلى الأمير القطري، مفادها «إذا لم تلغ الحكومة القطرية نظام الكفالة، لن يكون هناك كأس عالم في قطر عام 2022».

وأثارت العديد من التقارير الصحافية حول الحوادث غير الإنسانية، التي طالت العمال في قطر، بمناسبة الإنشاءات والتجهيزات الخاصة بالمونديال، عاصفة من الإدانة الدولية. وأكدت صحيفة غارديان البريطانية، أن مئات العمال النيباليين لقوا حتفهم أثناء العمل في قطر.

382

ويذكر أن العدد الإجمالي للعمال الذين لقوا مصرعهم في مواقع تنفيذ الإنشاءات الخاصة بكأس العالم، وصل إلى 382 عاملاً خلال السنتين الأخيرتين. وتعتمد قطر بشكلٍ كبير على العمال ذوي الأجور القليلة، والقادمين في معظمهم من الهند، باكستان، نيبال، بنغلاديش، وأجزاء من أفريقيا، لمشاريع البناء الكبرى.

ويتوقع الاتحاد الدولي للنقابات أن قطر ستحتاج حوالي مليون عامل لتجهيز البنية التحتية اللازمة لكأس العالم، وسيتم إسكان العمال في مخيمات مخصصة لهم، وأحياناً يتم احتجاز جوازات سفرهم ضمن «نظام الكفالة».

وأصبح موضوع العمالة حساساً بالنسبة للدولة التي ترعى الإرهاب منذ صدور تقارير عن صحف السنة الماضية، مبينةً سوء التعامل مع العمال وموجهة الأنظار نحو العديد من الوفيات لعمال من نيبال.

المصدر: البيان