مساءلة قانونية للآباء المساهمين في تزويد مركبات أبنائهم

أخبار

واصلت شرطة دبي و«الإمارات اليوم» بمشاركة النيابة العامة في دبي، حملتهما للحد من ممارسات تزويد المركبات برعاية القائد العام لشرطة دبي اللواء عبدالله خليفة المري، تحت شعار «لا تفقد ابنك بتزويد مركبته»، التي تركز في جانب منها على توعية الآباء بمخاطر تشجيع أبنائهم على هذه الهوايات الخطرة، حيث أكد مسؤولون أمنيون أن هناك مسؤولية قانونية على الآباء الذين يسهمون في تزويد مركبات أبنائهم.

واجب أخلاقي

قال رئيس نيابة السير والمرور المستشار صلاح بوفروشة الفلاسي، إنه بغض النظر عن التبعات القانونية لإسهام أولياء الأمور في تعديل مركبات أبنائهم، فإن هناك واجباً أخلاقياً مفروضاً عليهم، ومن باب أولى أن يتصدوا لأبنائهم في حالة قرروا تزويد المركبات، وليس مساعدتهم على ذلك، سواء بالتمويل أو المباركة.

وقالوا لـ«الإمارات اليوم»، إنه حين يقع حادث يؤدي إلى وفاة أو إعاقة، يلقي أولياء الأمور اللوم على الشرطة وغيرها من الجهات، فيما لا يسألون أنفسهم لماذا مولوا تعديل مركبات أبنائهم، مؤكدين أن هذه الإشكالية لا ترتبط فقط بالتبعات أو العواقب القانونية، ولكنها تمس فئة مهمة من أبناء الوطن، وهم الشباب الذين يعتبرون عماد المجتمع ومستقبله، لذا تحرص الأجهزة الأمنية على التوعية قبل القيام بعمليات الضبط أو الردع.

وقال رئيس نيابة السير والمرور المستشار صلاح بوفروشة الفلاسي لـ«الإمارات اليوم»، إن كثيراً من الآباء يغفلون عن المسؤولية القانونية في ما يتعلق بالتزويد غير الشرعي للمركبات خصوصاً لو نجم عنه حادث أسفر عن وفيات أو إصابات. وأوضح أن الإسهام في تزويد المركبة يندرج في إطار المشاركة الإجرامية، ويترتب عليه عواقب لاحقة بحسب القانون المدني، منها الديات المقررة للمتضررين من حوادث تتسبب فيها المركبات المزودة.

وأكد أن هناك ما يعرف بالمشاركة الإجرامية، التي تعتمد على الإسهام بأي شكل من الأشكال في فعل غير قانوني مثل عمليات التزويد غير الشرعية للمركبات، مشيراً إلى أن تمويل المركبات من قبل بعض أولياء الأمور يندرج في هذا الأمر.

وأشار إلى أن المسؤولية تترتب على الآباء في حالة تسبب الابن في حادث أدى إلى وقوع وفيات أو إصابات، بحسب القانون المدني الذي يحدد الديات الناجمة عن ذلك، وفي هذه الحالة تنظر النيابة العامة إلى موقف أولياء الأمور وما إذا كان لديهم دور في شراء المركبة المتسببة في الحادث أو الإسهام في تزويدها بشكل غير شرعي، نتج عنه وقوع حادث، مؤكداً ضرورة انتباه الآباء إلى هذه النقطة.

ولفت إلى أن النيابة العامة تعاملت مع حالات مماثلة تحمّل فيها الآباء سداد الديات باعتبارهم مشاركين بشكل غير مباشر فيما ارتكبه أبناؤهم وصدرت أحكام قضائية بذلك، مشيراً إلى أن هناك ضعفاً في الثقافة القانونية لدى فئة منهم في هذه الزاوية.

من جهته، قال مدير الإدارة العامة للمرور العميد سيف مهير المزروعي: «لدينا عشرات الحالات التي تؤكد دعم أولياء أمور لأبنائهم في تزويد المركبات والاستعراض بها، بل إن البعض يتصدى لعمليات الضبط، وفي حال تم حجز المركبة أو اتخاذ موقف ضد الأبناء يأتي الأب للتوسط لابنه أو يشكو الإجراءات القانونية، غير مدرك أن تصرفه هذا لا يقل فداحة عما قام به الابن ذاته، ولا يرتدع إلا بعد حدوث مأساة.

وأشار إلى أن البعض يلقي باللوم على الشرطة حين يتعرض أبناؤهم لحوادث بليغة ويسألون عن دور رجال المرور ولماذا لم يخالفوهم، دون أن يحاسبوا أنفسهم، ويفسروا سبب غيابهم أو تغاضيهم عن سلوكيات أبنائهم.

وأكد أن الشرطة لا يمكن أن تخصص دورية لكل مركبة أو منزل، وبالتالي هناك مسؤولية مجتمعية على عاتق أولياء الأمور باعتبارهم خط الدفاع الأول، ولو أنهم يقومون بأدوارهم كما ينبغي فإن الوضع لن يتفاقم.

وكشف أن كثيراً من الشباب لديهم كراجات في منازل ذويهم يقومون بتزويد المركبات فيها، وهذا أمر خطير من ناحيتين؛ الأولى أنه مهما كانت خبراتهم في هذا المجال فلن يصلوا إلى الاحترافية اللازمة لتعديل المركبات بطريقة آمنة، والثانية أن كل هذه الممارسات تقع تحت عين وسمع الأسرة دون أن يردعها أحد، بل أن أولياء أمور يتجاهلون غالباً شكاوى الجيران من الإزعاج الناجم عن التزويد في كراجات المنازل.

وأشار إلى أن أغلبية مزودي المركبات طلبة من فئة عمرية تراوح من 18 إلى 30 عاماً، ما يدل على أن أغلبية عمليات التزويد تتم بتمويل من الآباء، وهذا سلوك غريب وغير مفهوم، وتظهر عواقبه بكل أسف حين يتعرض الشاب لحادث، ويعض والده أو أمه على أصابع الندم غير مصدقين أنهم كانوا سبباً غير مباشر في وفاته حين أعطوه أموالاً طائلة لتحويل مركبته إلى وسيلة قتل وليست وسيلة نقل.

من جهته، قال مدير إدارة مرور أبوظبي العميد خليفة محمد الخييلي، إن التركيز على الآباء من خلال الحملة أمر مهم في ظل سيطرة العاطفة الأبوية على فئة منهم واستجابتهم لطلبات الأبناء الراغبين في التزويد، مؤكداً أن أجهزة الشرطة في الدولة تفتح ذراعيها للجميع بهدف التوعية من هذه المخاطر، والتواصل مع أولياء الأمور لشرح عواقب التهاون في عملية التزويد.

وأكد أن الشرطة تتعامل بحسم مع هذه الممارسات لأن الشباب هم عماد المجتمع، ووفاة شاب واحد في حادث بسبب التزويد تُعد خسارة كبيرة، مشيراً إلى أن هناك حلبات وأماكن مخصصة لهواة السرعة والاستعراض، لكن لا يمكن السماح بذلك في الطرق العامة حفاظاً على سلامة مستخدمي الطريق.

وأكد الخييلي: «يجب على كل أب أن يفكر بالعاطفة ذاتها تجاه الأبرياء الذين يسيرون في الطرق العامة، ويتعرضون لتهديد من مركبة يقودها ابنه، مؤكداً أن الشرطة لا يمكن أن تعمل بمعزل عن أفراد المجتمع، ولو قام كل طرف بدوره فسوف يختفي مثل هذه الممارسات الخطرة».

المصدر: الإمارات اليوم