نساء يناضلن لإيجاد موطئ قدم في «الفضاء»

أخبار

رغم سيادة الفكرة النمطية القائلة إن قطاع الفضاء حكر على الرجل، إلا أن دولاً كسرت هذه القاعدة، ودخلت النساء الشغوفات بعلوم الفيزياء والرياضيات وعلوم الكمبيوتر المجال من بابه الواسع، وهذا ما تؤكده التجربة الإماراتية، حيث تمثل النساء العاملات بقطاع الفضاء 35% من مجموع العاملين بوكالة الإمارات للفضاء، متخطية دولاً رائدة في صناعة الفضاء.

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

الريادة الإماراتية في مجال الفلك، والإصرار على تقاسم التجربة مع دول أخرى، من خلال جهود وكالة الإمارات للفضاء، التي تسهم في تأهيل الكوادر المواطنة، تشمل شابات مواطنات، نجحن في عرض ابتكاراتهن على هامش مؤتمر الفضاء العالمي، الذي استضافته أبوظبي مؤخراً، مؤكدات أن قطاع الفضاء، ليس حكراً على الرجل، بل هو مجال متاح لجميع من يمتلك الذكاء وحب الاستكشاف والنبوغ في المواد العلمية.

دعم الإقبال

تقول بشرى النقبي، التي تدرس الهندسة المعمارية وماجستير هندسة إدارة النظم، في معهد مصدر، إن ما يوفره المعهد من دعم في إطار بيئة علمية تحت إشراف خبراء عالميين يساعد في الإقبال على هذا المجال، موضحة أن الملاحة الفضائية تحتاج إلى كوادر إماراتية مؤهلة. وتلفت إلى أنها اختارت هذا المجال المليء بالتحديات لرغبتها في التميز، موضحة أنها تستفيد من المختبر الخاص بالفضاء بالمعهد، والذي يدار بيد خبراء أكفاء يسهمون في تسهيل استيعاب المواد العلمية عن طريق التجارب. وعن المشروع الذي تشارك به النقبي ومجموعتها من معهد مصدر، تقول إنه عبارة عن قمر صناعي تم تصنيعه بالمعهد بهدف أخذ صور للإمارات من الفضاء.

من جهتها، تقول زميلتها مهول الحمادي، التي تدرس ماجستير علوم الكمبيوتر تخصص هندسة الفضاء، إنه رغم التحديات التي تواجه القطاع، إلا أن صعوباته استهوتها لتستكشف هذا العالم الذي لا تصله إلا نخبة قليلة، موضحة أن جدية المرأة في العلم وحبها للاستكشاف يدفعها لاقتحام هذا المجال الذي يتطلب الجمع بين علوم عدة. وتشير إلى أنها استفادت من التدريب في «الياه ياسات»، واكتسبت خبرة كبيرة في أساسيات هندسة الأقمار الصناعية. وتأمل الحمادي في إنجاز بحث الدكتوراه في علوم الفضاء. في حين تقول هدى اليماحي، من معهد مصدر أيضاً تخصص ماجستير علوم الكمبيوتر، إن دخول المرأة لدراسة علوم الفضاء يتطلب دعم الأهل والدولة وهذا ما يحققه المعهد الذي يوفر إلى جانب البيئة والمختبرات الخبرات العالمية الرحلات الدولية لمختلف المحطات لاكتساب تجارب أعمق.

مقومات الالتحاق

تقول سلوى هيثم، الطالبة في قسم الفيزياء والفلك بجامعة الشارقة، إن دخول قطاع الفضاء يتطلب مهارات في الفيزياء والرياضيات. وترى أن التدريبات والبحوث المستمرة تسهم في إحراز مراكز متقدمة فيه، مؤكدة أن المرأة تتمتع بقدرات تنافسية عالية. وتذهب إلى أن هذا القطاع يتطلب الصبر والعمل والدعم من الجامعات بتوفير خبراء عالميين، موضحة أن جميع الطلاب المنخرطين في دراسة الفضاء يستفيدون من دعم لا محدود لتحقيق الريادة سواء من خلال توفير البعثات الدراسية، أم المشاركة في الورش والمؤتمرات العالمية.

وتذكر أنها إلى جانب 14 طالباً من جامعة الشارقة ومركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك يتدربون على إطلاق «كيوب سات»، وهو نموذج يعملون على بنائه وتطويره بإضافة الحساسات والكاميرات وأجهزة الاستشعار عن بعد، ليتمكن من رصد جغرافية مدينة الشارقة وطقسها، بالإضافة إلى استعمالات أخرى، لافتة إلى أنه قمر صناعي قليل التكلفة وكبير الفاعلية مع سهولة التحكم فيه.

من جهتها، تقول زميلتها المشاركة في المشروع نفسه، هدى الزعبي، إن دخول المرأة عالم الفلك، يتطلب منها المهارات والشغف، والتميز في الفيزياء والرياضيات وعلوم الكمبيوتر، فضلاً عن الصبر والاستمرارية، والمواظبة على حضور الورشات والمؤتمرات.

وتضيف «أنا كطالبة بقسم الفيزياء والفلك أصبحت أمتلك خلفية جيدة عن هذا القطاع، وكل يوم يزداد شغفي باستكشافه، مع العلم بأنه في البداية لم تكن لي دراية به، ولكن عندما فهمته، ودرست علومه زاد إصراري على التميز فيه».

تحدٍ عالمي

تؤكد شيخة المسكري، الرئيس التنفيذي للابتكار في وكالة الإمارات للفضاء، أن خطط الوكالة تسعى إلى التركيز على تطوير مهارات المواطن، لاسيما العنصر النسوي في سبيل خدمة البشرية، لما يمثله هذا القطاع من أهمية ودعم لمختلف القطاعات في جميع المجالات، مشيرة إلى أن النساء يمثلن 35% من مجموع العاملين في الوكالة.

وتذكر أنهن يشغلن مناصب قيادية وقطاعات تخصصية، موضحة أن الوكالة لا تدخر جهداً في الترويج للصناعة الفضائية في الإمارات. وتوضح أن التحديات موجودة رغم الدعم غير المحدود الذي تحظى به المرأة في الإمارات بمختلف المجالات، مشيرة إلى أن القطاع تنقصه المهندسات.

وتذكر أنه «تحد عالمي لا يقتصر على الدولة، ونحن اليوم نمتلك منصة تمكن المرأة في هذا القطاع، وهذا دورنا في الوكالة، بحيث يجب أن نستقطب هذه الفئات ونركز على العلوم ونجذب ونستثمر من يتمتعن بحس استكشافي». وتشير إلى أن العمل في هذا القطاع يعلي الثقة بالنفس ويزيدها فخراً، معتبرة أن علوم الفضاء نادي النخبة، إذ إن له خصوصية كبيرة، ومن يعمل فيه يشعر أنه وصل إلى القمة، وسواء للرجل أو المرأة فهو يتطلب الالتزام والمسؤولية والوطنية العالية.

سيطرة الذكور

وإذا كانت المرأة في الإمارات تنخرط في جميع المجالات العلمية، وتتساوى مع الرجل في جميع القطاعات، إلا أن بعض الدول لاتزال تعاني سيطرة الذكور على بعض القطاعات، ومنها قطاع الفضاء، وهو ما تؤكده جاكلي كونواي، مديرة العلاقات المؤسسية والتواصل بشركة «إيرباص» للدفاع والفضاء بوكالة الفضاء البريطانية، التي عملت 30 سنة في المجال، موضحة أن هذا القطاع يسيطر عليه الذكور، خاصة في أماكن القرار. وتستدرك «لكن بإصرار العاملات في المجال بدأت الأمور تتغير، فهناك العديد من النساء بهذا القطاع، لكنهن بالمستوى الإداري»، موضحة أن 50% من العاملات في الوكالة البريطانية للفضاء من النساء. وتتابع: «يتطلب ذلك بعض الوقت حتى يتم إيصال عدد منهن إلى أماكن صناعة القرار، حتى لا ينحصر دورهن على المجال الإداري، مع الحرص على تشجيع الفتيات منذ الأعمار الصغيرة على دراسة العلوم»، مؤكدة أهمية تغيير الفكرة النمطية المتمثلة في أن قطاع الفضاء للرجل.

وعن المهارات المطلوبة، تؤكد أن «الإيمان بالقدرات والإصرار، وعدم الاستسلام من الأمور المهمة لدخول هذا القطاع والتميز فيه، إلى جانب امتلاك الذكاء، وحب الاستطلاع».

وتؤكد رائدة الفضاء اليابانية يامازاكي ناوكو أن صناعة الفضاء لاتزال تحت سيطرة الذكور، لافتة إلى أن إصرار المرأة على دراسة العلوم، وقدرتها على البحث يصنع الفرق. وتشير إلى أن قطاع الفضاء لا يقتصر على المهندسين ورواد الفضاء فقط، بل إن هناك مهناً على الأرض تتعلق به كالمهام الإدارية، وهي التي تستقطب النساء، فيما تشكل النساء ما نسبته 10% من مجموع العاملين في قطاع الهندسة الفضائية باليابان. وتؤكد يامازاكي، ثاني رائدة فضاء يابانية، أنه ليس هناك فرق بين الرجل والمرأة في أداء العمل، مصرة على أهمية تغيير هذه الصورة النمطية، ومن ثم تسهيل دخول النساء للمجالات العلمية في قطاع الفضاء بدل الاقتصار على المهام الإدارية.

مشروع واعد

لا تنفي لينا مصطفى، مهندسة طيران، وباحثة بجامعة خليفة أبوظبي، صعوبة دراسة علوم الفلك، إلا أن مشاركة عدد كبير من الفتيات في معرض ابتكارات الأقمار الصناعية، المنظم على هامش مؤتمر الفضاء العالمي بأبوظبي، دليل على شغف المرأة بالمجال، كما أن دعم الدولة وتوفير الإمكانات والكوادر الدولية لتدريب الطلبة يسهم في خلق جيل مدرب على ريادته. وتضيف أن جامعة خليفة من بين الجامعات الرائدة في تأهيل الطلبة في قطاع الفضاء من خلال «مختبر الفضاء»، التابع لقسم هندسة الطيران، موضحة أن الطلبة يعملون على مشاريع عدة منها قمر صناعي اسمه «كيوب سات» برعاية «بوينج» من المتوقع إطلاقه عام 2019.

المصدر: الاتحاد