5 رؤساء وزارة في 5 أعوام.. انتخابات أستراليا محاولة للخروج من الأزمة السياسية

أخبار

تقبع أستراليا في ركن قصي من العالم قارة – جزيرة في شكل دولة، وخلال السنوات الماضية ظلت تشهد أكبر حالة تقلب سياسي وعدم استقرار، إذ تناوب على رئاسة حكومتها 5 رؤساء وزارة خلال خمسة أعوام، كان آخرهم رئيس الوزراء المنتهية ولايته مالكولم تورنبول، الذي أطاح رئيس حزبه والوزارة السابق توني آبوت في سبتمبر/ أيلول الماضي. وتولى ابوت رئاسة الحكومة في 2013 بعد فوز ساحق لحزب الأحرار الليبرالي المحافظ في الانتخابات التشريعية، وهو ما عزز شعوراً متزايداً بعدم الاستقرار السياسي في البلاد، خاصة بعد مكوثه لسبعة شهور شكل من خلالها حكومات عدة، أعلن بعدها في مايو/أيار الماضي عن الدعوة لانتخابات مبكرة تعقد اليوم السبت لاختيار أعضاء لمجلسي الشيوخ والبرلمان ومن ثم اختيار رئيس الوزراء الجديد.

تشتد المنافسة بين حزب الأحرار الذي يقوده المحامي والمصرفي الثري تورنبول، مع حزب العمال الذي يقوده بيل شورتون بعد أن تسلم قيادة الحزب بعد هزيمة حكومة حزبه بقيادة جوليا غيلارد في انتخابات 2013، إلى جانب حزب الخضر الذي يعد فرس الرهان في هذه الانتخابات.

وهيمنت على الحملات الانتخابية مواضيع اقتصادية مثل: الضرائب وتمويل قطاعي التعليم والرعاية الصحية، إلى جانب سياسة اللجوء الصارمة التي تتبعها أستراليا. تهدف الانتخابات إلى الاستفادة من خطة جديدة للميزانية الحالية للبلاد، وذلك لخلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي، وتتطرق الخطة إلى معاقبة الشركات التي تقوم بنقل أرباحها إلى الخارج بغرض التهرب من الضرائب، ومعاقبة المذنبين بعقوبة ضريبة أعلى من الضريبة المعتادة، حيث تدفع الشركة المتهربة ضريباً 40%بدلاً من 30% الضريبة النمطية المعتادة.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن الحكومة المحافظة تخوض منافسة شرسة مع حزب العمال المعارض، إذ يحظى كل واحد من الحزبين بتأييد 50% من المستطلعة آراؤهم، مما يعكس ضراوة المنافسة وضبابية الرؤية حول رئيس الوزراء المقبل، ويشير إلى أن البرلمان القادم ربما يكون (معلقاً) بمعنى أن أياً من الحزبين الكبيرين لن يستطيع تشكيل الحكومة إلا بعد التحالف مع حزب الخضر لتشكيل حكومة ائتلافية، وهو ما يسعى الحزبان الكبيران لعدم حدوثه بأي حال في الأيام القادمة.

انقلاب أبيض

رغم أن الراهب الكاثوليكي السابق، والمحب لرياضة الملاكمة والمؤيد للملكية زعيم المعارضة المحافظة توني ابوت اكتسح انتخابات 2013، وإطاح رئيس الوزراء العمالي كيفن راد بعد الفوز الكاسح للتحالف الليبرالي/‏القومي ب 89 مقعداً في مجلس النواب المؤلف من 150 مقعداً، مقارنة مع 56 مقعداً للعمال، تأهل ابوت لتشكيل الحكومة نتيجة لقيادته لحملة انتخابية منضبطة، بعد أن حصل على دعم مجموعة روبرت مردوخ الإعلامية التي تتمتع بنفوذ كبير في أستراليا، ومستفيداً من الخلافات داخل حزب العمال التي أدت إلى إطاحة رئيسة الوزراء جوليا غيلارد، وتولي كيفن راد زعامة الحزب والوزارة.

لكن نجاحات ابوت بعد توليه الحكم لم تمض كما يشتهي إذ تعرض لضغوط شديدة، بعد أكثر من عام على توليه السلطة في أعقاب الهزيمة في انتخابات ولاية كوينزلاند، التي وصفت بالكارثية، وكانت نتيجة محرجة لحزب الأحرار المتحالف مع الائتلاف الوطني الليبرالي، وتراجع معدلات التأييد الشعبي له بعد أن وصلت نسبة تأييد الناخبين لأبوت إلى 27% مقارنة بزعيم المعارضة بيل شورتن الذي بلغ معدل التأييد له 44% في فبراير/‏شباط 2015.

كل ذلك دفع ترنبول، لأن يعلن بشكل مفاجئ في سبتمبر 2015، تخليه عن حقيبة الاتصالات لينافس أبوت في تصويت على رئاسة الحزب، وأنه اختار مواجهة رئيس الحكومة لأن الأحرار تعرضوا لخطر خسارة الانتخابات المقبلة، ليحصل بعدها على 54 صوتاً من نواب الحزب، العضو في الائتلاف المحافظ الحاكم، مقابل 44 صوتاً لرئيس الوزراء الذي فقد شعبيته، وهو ما قاد لإعلان فوز ترنيول برئاسة الحزب وبالتالي رئاسة الوزراء، كما انتخبت وزيرة الخارجية جولي بيشوب نائبة لرئيس الحزب.

انتخابات مبكرة

لم يكن حظ الثري المحافظ ترنبول كرئيس للوزراء بأحسن من الذين سبقوه إذ سرعان ما تعرقلت خططه بخصوص تمرير مشروع قانون يحيي هيئة مراقبة على العلاقات الصناعية، كانت حكومة حزب العمال برئاسة غيلارد قد حلتها، إلى جانب الأزمة السياسية التي أحاطت بحكومته ليعلن في فبراير الماضي الدعوة لانتخابات مبكرة، وقام بحل لمجلسي النواب والشيوخ في مايو محملاً المسؤولية للمستقلين المتعنتين الذين يعرقلون جدول أعمال الحكومة.

تأتي هذه الانتخابات بينما تحاول أستراليا إعادة التوازن إلى اقتصادها بعيداً عن طفرة قطاع التعدين الذي يعاني جراء تراجع أسعار السلع الأولية، كما يحاول تورنبول تجديد التفويض لحكومته في انتخابات اليوم، مستغلاً الصدمة التي أحدثها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لتأكيد أهمية وجود حكومة مستقرة لضمان فرص العمل والنمو الاقتصادي والسيطرة على الحدود.

وقال تورنبول في خطاب في سيدني «هذه مرحلة تتطلب حكومة أغلبية مستقرة» ووضع رئيس الوزراء ميزانية اقتصادية طويلة المدى. وقال «إننا نعيش في زمن الفرص الرائعة»، وأضاف «يجب أن ننطلق في هذه الأوقات، ونتبنى هذه الفرص، ونواجه هذه التحديات بخطة، وقد وضعنا خطة اقتصادية واضحة تمكنا من النجاح».

العمال في الميدان

حزب العمال صاحب التوجه اليساري لم يكن حاله بأحسن من غريمه الأحرار المحافظ، إذ دارت في أوساط الحزب معارك وخلافات سياسية قادته للهزيمة في انتخابات 2013، وبدأ التأرجح داخل الحزب منذ أن كان العمالي راد رئيساً للوزراء من 2007 إلى 2010، لكن حزبه قام بإقصائه بعدما مل من طباعه الصعبة، وعين بدلاً منه غيلارد التي أطاح بها حلفاؤها أيضاً في يونيو 2013 بسبب تراجع كبير للحزب في استطلاعات الرأي.

وبعد هزيمة الحزب في سبتمبر 2013 قال زعيم الحزب ورئيس الوزراء المهزوم راد «لن أتنافس مرة أخرى على زعامة حزب العمال. وأعتقد أن الشعب الأسترالي يستحق بداية جديدة لقيادتنا». وقدم استقالته من رئاسة الحزب.

وقال رئيس الوزراء العمالي السابق بوب هوك الذي فاز بأربع انتخابات متتالية في الثمانينات والتسعينات، إن «المماحكات الشخصية والحرص على المصلحة الخاصة هيمنت أكثر من اللازم على العملية بينما تراجع التركيز على القيم والمبادئ».

جاء اختيار وزير علاقات التوظيف والعمل السابق بيل شورتن لزعامة العمال، لأنه يعد أكثر قادة الحزب اعتدالاًَ على مر تاريخه، ومؤيداً ل «الجمهورية الأسترالية»، وتربطه علاقات جيدة مع نقابات العمال، خاصة أنه بدأ حياته السياسية عبر النقابات، وارتفع صيته أثناء انهيار منجم بيكونزفيلد، حيث لعب دوراً بارزاً كمفاوض ومعلق على التطورات في أعقاب عمليات الإنقاذ التي تلت ذلك، التي سبقت انتخابات 2007 ليتم انتخابه في 24 نوفمبر من السنة نفسها عضواً في مجلس النواب، كما شغل مناصب وزارية عدة، مثل: وزير الخدمات المالية والتقاعد ووزير التعليم، مع مسؤولية خاصة لتنفيذ التمويل والإصلاحات في المدارس.

فرصة شورتن ليكون رئيس الوزراء القادم كبيرة وتبدو مضمونة، فضلاً عن قاعدته في النقابات التي ترتبط عادة مع اليسار مثل اتحادات الاتصالات والكهرباء والسباكة. إلى جانب ذلك يحظى شورتن بحماسة وسط النساء الناخبات بسبب موقفه المؤيد والداعم للمرأة.

الهجرة تلقي بظلالها على الانتخابات

سيطرت قضايا كالهجرة واللاجئين على العملية الانتخابية في استراليا، كما جرت اشتباكات في ملبورن بين متظاهرين مناهضين للهجرة وآخرين مناهضين للعنصرية، ووفقاً لسياسة الحكومة يجري إرسال طالبي اللجوء الذين يصلون بقوارب إلى مخيمات احتجاز في ناورو وبابوا غينيا الجديدة بالمحيط الهادي، ويعتبرون غير مؤهلين لإعادة التوطين. 

وكان وزير الهجرة الأسترالي بيتر داتون حذر في مايو الماضي من أن إعادة التوطين للاجئين «أميين يجهلون الحساب» سيزيد الضغط على شبكة الضمان الاجتماعي وعلى الوظائف .

وأثارت تصريحاته ردود فعل حادة من حزب العمال وحزب الخضر المعارض، الذي يدعو إلى زيادة الحصة السنوية إلى 50 ألف شخص.

وانتقد زعيم العمال شورتن، داتون ورئيس الوزراء ترنبول للتدني بنبرة الحوار، وقال «لم يُهن اللاجئين فقط بهذه التصريحات، وإنما أهان ملايين المهاجرين الذين أسهموا في بناء هذه الدولة العظيمة بحق».

وتعهدت حكومة المحافظين العام الماضي باستقبال 12 ألف لاجئ من سوريا،

ويقول حزب العمال المعارض، إنه سيضاعف الحصة السنوية إلى 27 ألفاً بحلول 2025 إذا فاز في الانتخابات اليوم.

المصدر: الخليج