Arabs Got Talent يا أسد – سامح كعوش

أخبار
لا أدري لماذا تستوقفني بعض العبارات التي تتكرر يومياً في أذهاننا وأبصارنا وعلى مسامعنا، ولا نقف عندها أبداً، ومن هذه العبارات الذهبية التي طال حضورها في وجودنا العربي عبارة “للعرب مواهب” أو “arabs got talent”، حتى صارت مفتاحاً سحرياً للضحك والمرح والاهتمام في أي حوار يجتمع فيه الأهل والأصدقاء، ويتفقون على كثير من مفرداته ودلالاته رغم اختلافهم في كثيرٍ من أنماط التفكير واللباس والشراب والطعام.

أعترف أن العبارة استوقفتني فعلاً، ومطولاً، عبارة أن للعرب مواهب، ولهم سبقٌ في الاكتشاف لم يسبقهم إليه أحد، سبق في الإشارة إليه كثيرون، ولا ننسى القائل “الصفر كشف جليل من اكتشافات العرب، يظل برهان ودليل على الشروق اللي غرب، نقدر نقول إن الصفر انجاز تعدى وقته، في وقت غابر أوجدوه ومن يومها وهم تحته”.

آه من مواهب العرب التي يظهرها البرنامج التلفزيوني الشهير “arabs got talent”، ومع هذه الآه وقعت في أزمة التفكير بما لم أكن أتصوره مطلقاً، كأن أقرر فعلاً أنني أحل محلَّ الثلاثة المحكّمين في البرنامج نجوى كرم، علي جابر وناصر القصبي، لأستبدل المتأهلين الان ولاحقاً كشمة حمدان الإماراتية، والفريق المغربي أوفر بويز والفريق المصري والجميع من مشاركين متأهلين وخاسرين، أستبدلهم بشخصية ذات مواهب عديدة لم يسبقها إليها أحد.

أما عن هذه الشخصية فهي شخصية كاريكاتورية تماثل المعاني الحقة للعبث كواقع حياة وحكم ونمط تفكير وتصرف وتدبير في أمور الحكم ورعاية خلق الله وعباده بالسوط والبسطار كما أشار محمد الماغوط وآخرون كثر، إنها شخصية الحاكم بأمر الله الأسدي، بشار بن حافظ، ولا أدري لماذا قررتُ فعلاً أن أتخيل تصوراً عبثياً أو صورة كاريكاتورية لهذا العربي ذي المواهب، لأعادل هذا الكم الكبير من الحزن والموت الذي نعانيه يومياً كلما سمعنا خبراً أو رأينا صورةً من صور المجازر في سوريا أو قبلها في ليبيا حصراً، كنموذج واضح لعملية استبدال الشعب أو القضاء عليه تطبيقاً لشعار “النظام يريد تغيير الشعب”، ليليق شعبٌ قليلٌ بما لدى هذا النظام من “فكر طليعي نخبوي مستقبلي رائد”، عاش النظام وفني الشعب، وكلّ حولة وقبير وأنتم بخير.

هي أبهى موهبة أن يتفوق حاكمٌ عربيٌّ في لعبة الشطرنج كما فعل قبله القذافي تماماً مستخدماً جيشه العربي الذي خزنه سنيناً لتحقيق التوازن الإستراتيجي المزعوم، كبيادق وفيلة وقلاعاً لا في وجه عدوٍّ خارجي بل ضد شعبه، وأن يفاخر رجلٌ عربيٌّ وهو في كامل قواه العقلية بتسببه بمقتل أكثر من 14100 ضحية من أبناء الشعب السوري لا لسبب بل نتيجة أخطاء فردية كما أسماها، هو موهوب حقاً وجداً، موهوبٌ ومتميزٌ في “خواطر الظلام”، لا كما أبدعها فريق سعودي متميز أشهد له ببراءة اختراع الفكرة في محيط عربي لا يعرف إلا الظلام، ظلام القلوب والأذهان والأفكار، ظلام منقّب بسلفية تحاكم ماضينا وتبشر بمستقبل أشد ظلاماً، وملطّخ بأيديولوجيات جماهيرية وجمهورية لم تخلق إلا كيانات مسخية يحكمها الفرد الواحد، والعائلة الواحدة والطائفة الواحدة والفكرة الواحدة، والرسالة الخالدة طبعاً.

سامح كعوش للهتلان بوست


سامح كعوش
شاعر و كاتب فلسطيني يقيم في أبو ظبي