مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

لأنه “ذيب”

آراء

ـ 1 ـ
للذئب في المخيال العربي حضور مدهش منذ بدأ زمن الحفظ مشافهة أو تدويناً، وما زالوا حين يصفون شخصاً بالجرأة وعدم الخوف يقولون إنه “ذيب”. ولعل ذئب الشاعر الصعلوك الشنفري أشهر “ذيب” جاهلي وهو الذي جاء ذكره في لامية العرب:
ولي دونكم أهلون: سيدٌ عملّسٌ
وأرقط زهلولٌ وعرفاء جيألُ

ـ 2 ـ
استمر حضور الذئب بعد زمن الجاهلية، مثل حضور بيت الأحيمر السعدي في الأذهان، وهو ممن عاشوا في العصرين الأموي والعباسي، وفيه يقول:

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصوَّت إنسان فكدتُ أطـيرُ
ولا تقل قصيدة الفرزدق عن الذئب شهرة عن بيت الأحيمر، خاصة لو تأملنا الحوارية البديعة التي نسجها مع الذئب:
وأطلسَ عسّالٍ ، وما كان صاحباً
دعوتُ بناري موهناً فأتاني
فلما دنا، قلت: ادنُ دونكَ، إنني
وإياك في زادي لمشتركانِ
ومع تلاحق العصور يظل الذئب مصاحباً للشعراء، كما هو حال البحتري بقوله:
تسربلته والذئبُ وسنانُ هاجعٌ
بعين ابن ليل ما له بالكرى عهدُ

ـ 3 ـ
وبرغم أن الذئب في المنام ليس فألاً حسناً في مخيال العرب لكن ذكره يأتي إيجابياً على الأغلب في وصف أحدهم لآخر، فابن سيرين يفسر الذئب في الحلم بأنه “عدو ظلوم كذاب لص غشوم من الرجال غادر من الأصحاب مكار مخادع، فمن دخل داره ذئب دخلها لص”.

ـ 4 ـ
أما حكايات الطفولة الوعظية، فكثيراً ما جاء فيها ذكر الذئب ليعتبر الناس كما في قصة الراعي وعدم إنقاذه لأنه كذب أكثر من مرة، وتناسى من تناقلوا الحكاية المأزق الأخلاقي للناس بترك الراعي فريسة للذئب مقابل تصدير الموعظة.

ـ 5 ـ
وحكاية ليلى مع الذئب بكل خزعبلاتها غير المنطقية التي يخيفون بها الأطفال ويمجدون ليلى، هي في جوهرها لا تقنع طفلاً لو أعمل ذهنه قليلاً، لكنه الذئب هو الذي يشد لأنه “ذيب”.

ـ 6 ـ
هذه الأيام، يمارس من أطلق على نفسه اسم “ذيب الإمارات” طقوسه على المتعاطفين مع الإخوان المسلمين أو مؤيديهم، فيهكر حساباتهم على “تويتر” ويسرب رسائلهم الخاصة، وأغلبها فضائح، وما أطلق على نفسه ذلك الاسم المستعار إلا لأن “الذيب” لا يهاب.

ـ 7 ـ
مع مرور الأيام والسنين.. لن يفارق الذئب الذهنية العربية.. لأنه “ذيب”.

المصدر: الوطن أون لاين