«وطنيون».. وقت الأزمات!

آراء

وقت الأزمات والأحداث الإقليمية المرتبكة، تظهر حولنا جماعات تظن أنها وحدها الوطنية وغيرها مجرد “قطيع” من الخونة.
لغتهم شاتمة مشككة في النوايا ولا يسلم من أذاهم إلا من رحم ربك. يظنون أنهم من يدافع عن الوطن فيما هم أسوأ من يسيء له.

في الأشهر القليلة الماضية تعرض العشرات من المثقفين في الخليج لبذاءات هذه الفئة التائهة في جهلها بالوطنية.

هل من الدفاع عن الوطن أن تتبرقع بالاسم المستعار في مواقع التواصل الاجتماعي وتمارس القذف والشتيمة باسم الوطنية؟ وهل يخدم الأوطان من يسخر من أشكال المثقفين وأسمائهم وأصولهم فقط لأنهم آمنوا بالنقد من أجل تحسين أحوال أوطانهم؟ هذه الفرقة من محترفي الشتيمة تزايد – بقلة أدبها وجهلها – في “وطنيتها” حتى على بعضها البعض.

لكن أدواتها لا تخرج عن تهم التآمر على الوطن والطعن في وطنية رموز تنويرية محترمة لأن تلك الرموز غالباً ما تتحدث لغة لا يفهمها هؤلاء البواسل المقنعين.
الحمد لله أن هذه الفئة هي القليلة في الساحة وإلا قلنا مسكين وطن هؤلاء من يدافع عنه! إنهم يريدون اختزال الوطن في فكرة واحدة. وفي فريق واحد. ورأي واحد. يصادرون كل رأي ناقد.

لا يفهمون أن النقد ضرورة وطنية تزداد أهميتها في زمن كثرت فيه التحديات والمخاطر. من حقك أن تمتدح ما شئت من مشروعات وأفكار وسياسات. لكن ليس من حقك أن تجبر الآخرين على رؤية ما تراه أنت وإلا فإنهم “خونة”، “تغريبيون”، و”أعداء” للوطن، وبقية قاموس الشتيمة! من حقك أن تدافع عن قناعاتك ورؤاك الوطنية. لكنك لا تملك أي حق في شتيمة من يملك رؤية وطنية مختلفة.

وإن كنت تظن أنك بأساليب “البلطجة” في التعاطي مع الرأي الآخر تخدم وطنك وتدافع عنه فإنك إنما تروج للفرقة والفتنة وحروب داحس والغبراء!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٩٥) صفحة (٣٦) بتاريخ (٠٨-٠٣-٢٠١٢)